كَمَا سَيَأْتِي بَيْنَهُمَا (فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ دَيْنٍ لَمْ يَجِبْ) كَدَيْنِ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ سَيَقَعُ (وَكَذَا نَفَقَةُ مَا بَعْدَ الْيَوْمِ لِلزَّوْجَةِ وَخَادِمِهَا) وَإِنْ جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهَا لِأَنَّهُ تَوْثِقَةٌ فَلَا يَتَقَدَّمُ ثُبُوتَ الْحَقِّ كَالشَّهَادَةِ وَيَكْفِي ثُبُوتُهُ بِاعْتِرَافِ الضَّامِنِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ شَخْصٌ: لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو أَلْفٌ، وَأَنَا ضَامِنُهُ، فَأَنْكَرَ عَمْرٌو فَلِزَيْدٍ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ (وَيَصِحُّ) الضَّمَانُ (بِنَفَقَةِ الْيَوْمِ، وَمَا قَبْلَهُ) لِوُجُوبِهَا فَإِنَّهَا تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ نَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ أَمْ الْمُعْسِرِينَ (لَا بِنَفَقَةِ الْقَرِيبِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَتْ عَنْ الْيَوْمِ أَمْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ سَبِيلَهَا سَبِيلُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ؛ وَلِهَذَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَبِضِيَافَةِ الْغَيْرِ، وَالتَّرْجِيحُ فِي ضَمَانِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ عَنْ الْيَوْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَفِي كَلَامِ أَصْلِهِ إشَارَةٌ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ: بَلْ يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ، وَفِي نُسْخَةٍ لَا نَفَقَةِ الْقَرِيبِ لِمُسْتَقْبَلٍ وَلِيَوْمِهِ وَجْهَانِ فَعَلَيْهَا لَا زِيَادَةَ

(فَصْلٌ يَصِحُّ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ) وَيُسَمَّى ضَمَانَ الدَّرَكِ، وَهُوَ التَّبِعَةُ أَيْ الْمُطَالَبَةُ وَالْمُؤَاخَذَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَقٍّ ثَابِتٍ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَهُوَ ضَمَانُ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي إنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مَغْصُوبًا) أَيْ مُسْتَحَقًّا (أَوْ) إنْ (أُخِذَ بِشُفْعَةٍ سَابِقَةٍ) عَلَى الْبَيْعِ بِبَيْعٍ آخَرَ وَشَمِلَ قَوْلُهُ مَغْصُوبًا مَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ أُخِذَ بِشُفْعَةٍ (وَ) يَصِحُّ (ضَمَانُ نَقْصِ الصَّنْجَةِ) الَّتِي وُزِنَ بِهَا الثَّمَنُ (وَالرَّدَاءَةِ) أَيْ وَضَمَانُ رَدَاءَتِهِ (لِلْبَائِعِ) وَلَا يَخْتَصُّ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ بِالثَّمَنِ بَلْ يَجْرِي فِي الْمَبِيعِ فَيَضْمَنُهُ لِلْبَائِعِ إنْ خَرَجَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ مُسْتَحَقًّا، أَوْ أُخِذَ وَيَضْمَنُ لِلْمُشْتَرِي رَدَاءَتَهُ وَنَقَصَ الصَّنْجَةَ الَّتِي يُوزَنُ هُوَ بِهَا (وَلَوْ اخْتَلَفَ الضَّامِنُ وَالْبَائِعُ فِي نَقْصِهَا) أَيْ الصَّنْجَةِ (صُدِّقَ الضَّامِنُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ (أَوْ) اخْتَلَفَ (الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي) فِي نَقْصِهَا (صُدِّقَ الْبَائِعُ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْمُشْتَرِي كَانَتْ مَشْغُولَةً بِخِلَافِ الضَّامِنِ فِيمَا ذُكِرَ (فَلَوْ حَلَفَ) الْبَائِعُ (طَالَبَ) بِالنَّقْصِ (الْمُشْتَرِي لَا الضَّامِنُ) إلَّا إذَا اعْتَرَفَ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ (وَلَوْ ضَمِنَ عُهْدَةَ فَسَادِ الْبَيْعِ) بِغَيْرِ الِاسْتِحْقَاقِ (أَوْ) عُهْدَةَ (الْعَيْبِ أَوْ التَّلَفِ قَبْلَ الْقَبْضِ) لِلْمَبِيعِ (صَحَّ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَلَا يَنْدَرِجُ) ذَلِكَ (تَحْتَ ضَمَانِ الْعُهْدَةِ) بِأَنْ يَقُولَ ضَمِنْت لَك عُهْدَةَ أَوْ دَرَكَ الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ اسْتِحْقَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ الرُّجُوعُ بِسَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَسُمِّيَ مَا ذُكِرَ ضَمَانَ الْعُهْدَةِ لِالْتِزَامِ الضَّامِنِ مَا فِي الْعُهْدَةِ، وَهِيَ الصَّكُّ الْمَكْتُوبُ فِيهِ الثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ وَضَمَانُ الدَّرَكِ لِالْتِزَامِهِ الْغُرْمَ عِنْدَ إدْرَاكِ الْمُسْتَحِقِّ عَيْنَ مَالِهِ

(فُرُوعٌ) أَحَدُهَا فِي كَيْفِيَّةِ ضَمَانِ الْعُهْدَةِ وَكَيْفِيَّتُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَنِ (أَنْ يَقُولَ لِلْمُشْتَرِي ضَمِنْت لَك عُهْدَةَ الثَّمَنِ أَوْ دَرَكَهُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِهَا (أَوْ خَلَاصَك مِنْهُ فَإِنْ قَالَ) ضَمِنْت لَك (خَلَاصَ الْمَبِيعِ لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِتَخْلِيصِهِ إذَا اُسْتُحِقَّ (وَإِنْ شَرَطَ فِي الْبَيْعِ كَفِيلًا بِخَلَاصِ الْمَبِيعِ بَطَلَ) الْبَيْعُ لِفَسَادِ الشَّرْطِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ كَفِيلًا بِالثَّمَنِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ ضَمِنَ الْعُهْدَةَ) أَيْ عُهْدَةَ الثَّمَنِ (وَخَلَاصَ الْمَبِيعِ مَعًا صَحَّ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ لَا) ضَمَانُ (خَلَاصِ الْمَبِيعِ) تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ (وَلَوْ خَصَّ ضَمَانَ الْعُهْدَةِ بِنَوْعٍ كَخُرُوجِ الْمَبِيعِ مُسْتَحَقًّا فَلَا يُطَالَبُ بِجِهَةٍ أُخْرَى، وَإِنْ عَيَّنَ) جِهَةً (غَيْرَ) جِهَةِ (الِاسْتِحْقَاقِ لَمْ يُطَالَبْ عِنْدَ) ظُهُورِ (الِاسْتِحْقَاقِ) لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ عَيَّنَ إلَى آخِرِهِ لِدُخُولِهِ فِيمَا قَبْلَهُ

(الْفَرْعُ الثَّانِي يُشْتَرَطُ أَنْ يَضْمَنَ مِنْ بَعْدِ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ) الَّذِي يُرَادُ ضَمَانُهُ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ مَا دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَلَزِمَهُ رَدُّهُ بِتَقْدِيرِ مَا ذُكِرَ (وَ) بَعْدَ (الْعِلْمِ) أَيْ عِلْمِهِ (بِهِ) وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْرُهُ فِي الْمُرَابَحَةِ مَعْلُومًا

(الْفَرْعُ الثَّالِثُ يَصِحُّ ضَمَانُ عُهْدَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ) لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ (بَعْدَ الْأَدَاءِ) أَيْ أَدَائِهِ لِلْمُسْلَمِ (إنْ اسْتَحَقَّ رَأْسَ الْمَالِ) الْمُعَيَّنِ فَلَا يَصِحُّ قَبْلَ الْأَدَاءِ لِمَا مَرَّ (لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ رَأْسِ الْمَالِ لِلْمُسْلَمِ إنْ اسْتَحَقَّ

ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ الدَّيْنُ الَّذِي لِلْمَرِيضِ الْمُعْسِرِ أَوْ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ يَصِحُّ ضَمَانُهُ وَلَا يَصِحُّ التَّبَرُّعُ بِهِ فس (قَوْلُهُ: كَدَيْنِ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ فَيَقَعُ) وَنُجُومُ كِتَابَةٍ وَدَيْنُهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الْأَصْلِ إشَارَةٌ إلَيْهِ) وَرَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَصْلٌ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ يَصِحُّ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَالْمَضْمُونُ فِي هَذَا الْفَصْلِ لَيْسَ هُوَ رَدَّ الْعَيْنِ، وَإِلَّا لَكَانَ يَلْزَمُ أَنْ لَا تَجِبَ قِيمَتُهُ عِنْدَ التَّلَفِ بَلْ الْمَضْمُونُ إنَّمَا هُوَ مَالِيَّتُهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّهِ حَتَّى لَوْ بَانَ الِاسْتِحْقَاقُ وَالثَّمَنُ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَا يُطَالَبُ الضَّامِنُ بِقِيمَتِهِ قَالَ: وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ عِنْدِي، وَإِنْ لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا (قَوْلُهُ بِبَيْعٍ آخَرَ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: اُحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: بِبَيْعٍ سَابِقٍ عَمَّا لَوْ ثَبَتَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْبَيْعِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الضَّامِنِ وَلَوْ ظَهَرَ مَرْهُونًا مَقْبُوضًا فَهَلْ هُوَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مِنْ فُرُوعِ الْوَجْهَيْنِ أَوْ يُقْطَعُ بِأَنَّ الضَّامِنَ غَارِمٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَبْسُ الْمَبِيعِ لِيَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ، وَيَكُونَ كَالشُّفْعَةِ بِالْبَيْعِ السَّابِقِ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهُ يَكُونُ غَارِمًا، وَفِي الْمَطْلَبِ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ مِنْ فُرُوعِ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ عِنْدِي غَيْرُ مُسَلَّمٍ

[فَرْعٌ فِي كَيْفِيَّةِ ضَمَانِ الْعُهْدَةِ وَكَيْفِيَّتُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَنِ]

(قَوْلُهُ بِخَلَاصِ الْمَبِيعِ) أَيْ أَوْ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ عَيَّنَ إلَى آخِرِهِ لِدُخُولِهِ فِيمَا قَبْلَهُ) لَيْسَ كَذَلِكَ لِشُمُولِهِ مَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ كَمَا لَوْ ضَمِنَ فَسَادَ الْبَيْعِ بِغَيْرِ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ عُهْدَةِ الْعَيْبِ أَوْ تَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ

(قَوْلُهُ: الثَّانِي: أَنْ يَضْمَنَ بَعْدَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ: بَعْدَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ مَا لَوْ ثَبَتَ دَيْنٌ عَلَى غَائِبٍ فَبَاعَ الْحَاكِمُ عَقَارَهُ مِنْ الْمُدَّعِي بِدِينِهِ، وَضَمِنَ لَهُ الدَّرَكَ شَخْصٌ إنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ لِعَدَمِ الْقَبْضِ، وَنَحْوُهُ مَا فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ لَوْ أَجَّرَ الْمَدْيُونُ وَقْفًا عَلَيْهِ بِدَيْنِهِ، وَضَمِنَ ضَمَانَ الدَّرَكِ، ثُمَّ بَانَ بُطْلَانُ الْإِجَارَةِ لِمُخَالَفَتِهَا شَرْطَ الْوَاقِفِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانَ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ لِبَقَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ أُجْرَةٌ بِحَالِهِ فَلَمْ يُفَوِّتْ عَلَيْهِ شَيْئًا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ ضَمَانِ الدَّرَكِ فِي الْإِجَارَةِ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ وَالسُّبْكِيُّ

(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ لِلْبَائِعِ: لَا أَعْرِفُك فَائْتِنِي بِمَنْ يَعْرِفُك فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا أَعْرِفُهُ ثُمَّ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي مُطَالَبَةُ الرَّجُلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015