بِهَوَاءِ مِلْكِهِ قَدْ يُوَافِقُ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْأَغْصَانِ أَيْ إبْقَائِهَا بِمَالٍ إنْ لَمْ تَسْتَنِدُ إلَى جِدَارٍ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ عَنْ مُجَرَّدِ الْهَوَاءِ (وَكَذَا لَوْ اسْتَنَدَتْ إلَى جِدَارٍ) وَهِيَ رَطْبَةٌ (لِزِيَادَتِهَا) فَلَا يُعْرَفُ قَدْرُهَا وَثِقَلُهَا (بِخِلَافِ الْيَابِسَةِ) وَالْمُرَادُ بِاسْتِنَادِهَا إلَيْهِ اعْتِمَادُهَا عَلَيْهِ بِثِقَلِهَا لَا مُجَرَّدُ اسْتِنَادِهَا إلَيْهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَانْتِشَارُ الْعُرُوقِ) فِي أَرْضِهِ (كَانْتِشَارِ الْأَغْصَانِ) فِي هَوَاءِ مِلْكِهِ (وَكَذَا مَيْلُ الْجِدَارِ إلَى هَوَاءِ الْجَارِ) فَيَأْتِي فِيهِمَا مَا تَقَرَّرَ فِي الْأَغْصَانِ، قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَيْسَ لَهُ إذَا تَوَلَّى الْقَطْعَ وَالْهَدْمَ بِنَفْسِهِ طَلَبُ أُجْرَةٍ عَلَى ذَلِكَ قَالَ: وَلَوْ دَخَلَ الْغُصْنُ الْمَائِلُ إلَى هَوَاءِ مِلْكِهِ فِي بَرْنِيَّةِ، وَنَبَتَ فِيهَا أُتْرُجَّةٌ، وَكَبِرَتْ قَطَعَ الْغُصْنَ وَالْأُتْرُجَّةَ لِتَسْلَمَ الْبَرْنِيَّةُ لِاسْتِحْقَاقِ قَطْعِهِمَا قَبْلَ ذَلِكَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ ثُمَّ قَالَا: وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَلَعَ حَيَوَانُ غَيْرِهِ جَوْهَرَةً لَهُ لَا يُذْبَحُ؛ لِأَنَّ لَهُ حُرْمَةً

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي التَّنَازُعِ)

(مَتَى ادَّعَى) شَخْصٌ (عَلَى اثْنَيْنِ دَارًا) فِي يَدِهِمَا (فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا) فِي أَنَّ نَصِيبَهُ لَهُ، وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ (وَصَالَحَهُ) الْمُصَدِّقُ (بِمَالٍ فَلِلْمُكَذِّبِ الشُّفْعَةُ) فِيهَا، وَإِنْ مَلَكَاهَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ كَإِرْثٍ وَشِرَاءٍ مَعًا؛ لِأَنَّا حَكَمْنَا فِي الظَّاهِرِ بِصِحَّةِ الصُّلْحِ، وَلَا يَبْعُدُ انْتِقَالُ مِلْكِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ، وَإِنْ مَلَكَا بِسَبَبٍ (إلَّا أَنْ صَدَرَ مِنْهُ) أَيْ الْمُكَذِّبِ (مَا يَقْتَضِي أَنَّ الشَّرِيكَ) الْمُصَدِّقَ (مَالِكٌ) لِنَصِيبِهِ (فِي الْحَالِ) فَلَا شُفْعَةَ لَهُ لِاعْتِرَافِهِ بِبُطْلَانِ الصُّلْحِ وَاسْتُشْكِلَ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ فِيمَا ذُكِرَ بِمَا يَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ فِي دَارٍ بِيَدِ اثْنَيْنِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا جَمِيعَهَا، وَالْآخَرُ نِصْفَهَا فَصَدَّقْنَا الثَّانِيَ بِيَمِينِهِ لِلْيَدِ ثُمَّ بَاعَ الْأَوَّلُ نَصِيبَهُ الثَّالِثَ، فَأَرَادَ الْآخَرُ أَخْذَهُ بِالشُّفْعَةِ، وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي مِلْكَهُ مِنْ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ وَيَمِينُهُ أَفَادَتْ نَفْيَ مَا يَدَّعِيهِ شَرِيكُهُ لَا إثْبَاتَ الْمِلْكِ لَهُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُنَا لَمْ يُنْكِرْ مِلْكَ الْمُكَذِّبِ، وَهُنَاكَ أَنْكَرَهُ لَكَ مُدَّعِي النِّصْفِ فَلَيْسَ لِمُدَّعِيهِ الْأَخْذُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ أَجَابَ بِذَلِكَ.

(وَإِنْ ادَّعَيَا عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ ادَّعَى اثْنَانِ عَلَى ثَالِثٍ (مِلْكَ دَارٍ فِي يَدِهِ بِالْإِرْثِ أَوْ الشِّرَاءِ) مَثَلًا (مَعًا فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِنِصْفِهَا اشْتَرَكَا) أَيْ الْمُدَّعِيَانِ (فِيهِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَوْرُوثِ وَالْمُشْتَرِي مُشْتَرِكٌ فَالْخَالِصُ مِنْهُ مُشْتَرَكٌ كَمَا لَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ، وَبَقِيَ بَعْضُهُ (لَا إنْ كَانَا ادَّعَيَا) مَعَ ذَلِكَ (الْقَبْضَ) لَهُ بِأَنْ قَالَا: وَرِثْنَاهُ أَوْ اشْتَرَيْنَاهُ مَعًا، وَقَبَضْنَاهُ ثُمَّ غَصَبْنَاهُ فَلَا مُشَارَكَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَصَلَ فِي يَدِهِمَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَابِضًا لِحَقِّهِ، وَانْقَطَعَ حَقُّهُ عَمَّا فِي يَدِ الْآخَرِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَيَاهُ وَتَعَرَّضَا لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ أَوْ أَطْلَقَا نَعَمْ إنْ رُوجِعَ الْمُقِرُّ لَهُ فِي الْأَخِيرَةِ فَادَّعَى اتِّحَادَهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ ادَّعَاهُ مَعَ صَاحِبِهِ أَوَّلًا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ: وَلَوْ اشْتَرَيَاهُ دَفْعَتَيْنِ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فَإِنَّ الشِّرَاءَ يَتَمَيَّزُ عَنْ الشِّرَاءِ تَمْيِيزَ الشِّرَاءِ عَنْ الْهِبَةِ، وَالتَّمْيِيزُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ وَيُقَاسُ بِمَا قَالَهُ الْإِرْثُ فَلَفْظَةُ مَعًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَاجِعَةٌ إلَى الْإِرْثِ وَالشِّرَاءِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَا فِي الْإِرْثِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْعِبْرَةُ فِي اتِّحَادِ الْإِرْثِ بِاتِّحَادِ الْمُورَثِ وَفِي اتِّحَادِ الشِّرَاءِ بِاتِّحَادِ الصَّفْقَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَإِنْ قَالَا: اتَّهَبْنَا مَعًا وَقَبَضْنَا مَعًا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ كَالْإِرْثِ.

وَالثَّانِي لَا مُشَارَكَةَ (وَحَيْثُ شَرِكْنَا) بَيْنَ الِاثْنَيْنِ (فَصَالَحَهُ) أَيْ الثَّالِثُ (الْمُصَدَّقُ بِإِذْنِ الْمُكَذَّبِ) بِفَتْحِ ثَالِثِهِمَا بِمَالٍ (صَحَّ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِهِ (بَطَلَ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ) الْمُكَذَّبِ (وَتَفَرَّقَتْ الصَّفْقَةُ، وَإِنْ أَقَرَّ) الثَّالِثُ (لِأَحَدِهِمَا بِالْكُلِّ وَقَدْ اعْتَرَفَ الْمُقِرُّ لَهُ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا) كَمَا قَالَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي التَّنَازُعِ]

ِ) (قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ فِيمَا ذُكِرَ بِمَا يَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُنْكِرَ هَاهُنَا مُعْتَرِفٌ لِلْمُقِرِّ بِالنِّصْفِ، وَمِنْ لَازِمِ اعْتِرَافِهِ بِصِحَّةِ الصُّلْحِ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ بِلَازِمِ قَوْلِهِ

الثَّانِي: أَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ هَا هُنَا قَدْ حَصَلَ ضِمْنًا؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلصُّلْحِ وَحُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِهِ بِخِلَافِ مَنْ فِي يَدِهِ الدَّارُ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ اعْتِرَافٌ، وَإِنَّمَا احْتَاجَ هُنَاكَ إلَى تَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ فِي الصُّلْحِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يَدَّعِيَ النِّصْفَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُكَذِّبِ لِثَالِثٍ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ وَبَطَلَ بِمُقْتَضَى دَعْوَاهُ أَنْ يَكُونَ لِثَالِثٍ انْحَصَرَ الْمِلْكُ فِي الْمُكَذِّبِ بِلَازِمِ قَوْلِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَكْلِيفُ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمِلْكِ لِيَأْخُذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ لَمْ يَعْتَرِفْ بِانْحِصَارِ الْمِلْكِ لِلْآخَرِ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ لِثَالِثٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ أَجَابَ بِذَلِكَ) هَذَا الْفَرْقُ إنَّمَا يَتَمَشَّى فِي صُورَةِ إقْرَارِ الْمُشْتَرِي بِصِدْقِ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ عَلَيْهِ دُونَ تَعَرُّضٍ فِي إقْرَارِهِ لِنَصِيبِ شَرِيكِهِ أَمَّا فِي صُورَةِ إقْرَارِهِ بِاسْتِحْقَاقِ الْمُدَّعِي مَا ادَّعَاهُ بِكَمَالِهِ فَقَدْ أَجَابَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ بِالْفَرْقِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ إنَّمَا ثَبَتَ لِلْبَائِعِ الْمِلْكُ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي وَبِشِرَائِهِ تَعَلَّقَ حَقُّ الشَّرِيكِ بِالشُّفْعَةِ فَلَا يُصْلَحُ إقْرَارُهُ الْمُثْبِتُ لِمِلْكِ الْبَائِعِ الَّذِي يَسْتَنِدُ إلَيْهِ الشِّرَاءُ أَنْ يَكُونَ مُثْبِتًا حَقًّا لَهُ فِي دَفْعِ الشُّفْعَةِ لِتَنَافِيهِمَا وَإِنَّمَا يَسْتَوِي الْمَعْنَيَانِ لَوْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُقِرِّ

(قَوْلُهُ أَوْ الشِّرَاءِ مَثَلًا) وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ وَسَتَأْتِي مَسْأَلَةُ الدَّيْنِ فِي آخِرِ الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَا فِي الْإِرْثِ مِنْ زِيَادَتِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَإِنْ قَالَا اشْتَرَيْنَا مَعًا (قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ كَالْإِرْثِ) أَيْ فَلَا يُشَارِكُهُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ وَحَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ: لِأَنَّ أَصْلَهُ إنَّمَا ذَكَرَهَا لِبَيَانِ الْخِلَافِ وَكَتَبَ أَيْضًا إلْحَاقَ الْهِبَةِ بِالشِّرَاءِ وَالْإِرْثِ نَازَعَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ: أَمَّا الْهِبَةُ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى فِيهَا إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ، فَإِنْ صَحَّ إجْرَاءُ الْخِلَافِ فِي الْمُشَارَكَةِ فِيهَا كَانَ بِلَا شَكٍّ مُفَرَّعًا عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْإِرْثِ وَالْبَيْعِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْمُشَارَكَةِ أَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ الْمُشَارَكَةِ فَلَا يَظْهَرُ إلْحَاقُ الْهِبَةِ بِهِمَا بَلْ يَجْزِمُ عِنْدَ نِسْبَتِهِمَا الْمِلْكَ إلَى هِبَةٍ وَاحِدَةٍ بِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ لَا جَرَمَ كَانَتْ طَرِيقَةُ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْقَاضِي تَخْصِيصَ مَحَلِّ الْخِلَافِ فِي الْمُشَارَكَةِ بِحَالَةِ عَدَمِ اعْتِرَافِهِمَا بِالْقَبْضِ وَالْجَزْمِ فِي حَالَةِ الِاعْتِرَافِ بِالْقَبْضِ بِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِيهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِذِكْرِ الْهِبَةِ لِوُضُوحِ حُكْمِهَا مِمَّا ذَكَرُوهُ اهـ وَلَعَلَّ هَذَا سَبَبُ حَذْفِ الْمُصَنِّفُ لَهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015