بِأَحَدِهِمَا.
وَإِنَّمَا يَكُونُ دَلِيلًا فِي حَقِّ الْخُنْثَى إذَا كَانَ عَلَى فَرْجَيْهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (لَا) فِي حَقِّ (الْمُسْلِمِينَ) لِسُهُولَةِ مُرَاجَعَةِ آبَائِهِمْ وَأَقْرِبَائِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ الْكُفَّارِ وَلِأَنَّهُمْ مُتَّهَمُونَ فِي الْإِنْبَاتِ فَرُبَّمَا تَعَجَّلَهُ بِدَوَاءٍ دَفْعًا لِلْحَجْرِ وَتَشَوُّفًا لِلْوِلَايَاتِ بِخِلَافِ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُ يُفْضِي بِهِمْ إلَى الْقَتْلِ أَوْ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ وَهَذَا جَرَى عَلَى الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ، وَإِلَّا فَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى وَالطِّفْلُ الَّذِي تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ أَقَارِبِهِ الْمُسْلِمِينَ لِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ حُكْمُهُمْ كَذَلِكَ وَوَقْتُ إمْكَانِ إنْبَاتِ الْعَانَةِ وَقْتُ إمْكَانِ الِاحْتِلَامِ (لَا) إنْبَاتُ (شَعْرِ الْإِبْطِ وَاللِّحْيَةِ) فَلَيْسَ دَلِيلًا لِلْبُلُوغِ (لِنُدُورِهِمَا دُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ) سَنَةً، وَلِأَنَّ إنْبَاتَهُمَا لَوْ دَلَّ عَلَى الْبُلُوغِ لَمَا كَشَفُوا الْعَانَةَ فِي وَقْعَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ لِمَا فِيهِ مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ وَالتَّرْجِيحُ فِيهِمَا مَعَ التَّعْلِيلِ بِمَا قَالَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَفِي مَعْنَاهُمَا الشَّارِبُ وَثِقَلُ الصَّوْتِ وَنُهُودُ الثَّدْيِ وَنُتُوُّ طَرَفِ الْحُلْقُومِ وَانْفِرَاقُ الْأَرْنَبَةِ وَغَيْرُهَا (وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى الْعَانَةِ لِلشَّهَادَةِ) بِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى مَعْرِفَةِ الْبُلُوغِ بِهَا لِلضَّرُورَةِ (وَتَزِيدُ الْمَرْأَةُ) عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ السِّنِّ وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ وَنَبَاتِ الْعَانَةِ (بِالْحَيْضِ) لِوَقْتِ إمْكَانِهِ بِالْإِجْمَاعِ (وَبِالْوِلَادَةِ) ؛ لِأَنَّهَا مَسْبُوقَةٌ بِالْإِنْزَالِ، وَعَبَّرَ الْأَصْلُ بِالْحَبَلِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَيْسَ بُلُوغًا، وَإِنَّمَا الْبُلُوغُ بِالْإِنْزَالِ، وَالْوِلَادَةُ الْمَسْبُوقَةُ بِالْحَبَلِ دَلِيلٌ عَلَيْهِ وَلِهَذَا قَالَ (: وَيَحْكُمُ بِالْبُلُوغِ قَبْلَهَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَشَيْءٍ فَلَوْ أَتَتْ الْمُطَلَّقَةُ بِوَلَدٍ يَلْحَقُ الزَّوْجَ حَكَمْنَا بِالْبُلُوغِ) لَهَا (قَبْلَ الطَّلَاقِ) .
(فَرْعٌ لَوْ أَمْنَى الْخُنْثَى مِنْ ذَكَرِهِ وَحَاضَ مِنْ فَرْجِهِ حَكَمْنَا بِبُلُوغِهِ) ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرٌ أَمْنَى أَوْ أُنْثَى حَاضَتْ (لَا إنْ وُجِدَ) أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا (مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الْفَرْجَيْنِ فَلَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَظْهَرَ مِنْ الْآخَرِ مَا يُعَارِضُهُ قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَقَالَ الْإِمَامُ: يَنْبَغِي الْحُكْمُ بِبُلُوغِهِ بِأَحَدِهِمَا كَمَا يَحْكُمُ بِالِاتِّضَاحِ بِهِ ثُمَّ يُغَيِّرُ إنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَهُوَ الْحَقُّ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إنْ وَقَعَ ذَلِكَ مَرَّةً لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ، وَإِنْ تَكَرَّرَ حَكَمْنَا بِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ غَرِيبٌ انْتَهَى، فَإِنْ قُلْت: لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْحَيْضِ وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ الذَّكَرِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ، قُلْت: ذَاكَ مَحَلُّهُ مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا
(فَرْعٌ الرُّشْدُ إصْلَاحُ الدَّيْنِ وَالْمَالِ حَتَّى مِنْ الْكَافِرِ) كَمَا فُسِّرَ بِهِ آيَةُ {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] (وَيُعْتَبَرُ) فِي رُشْدِ الْكَافِرِ (دِينُهُ) ثُمَّ بَيَّنَ إصْلَاحَ الدِّينِ بِقَوْلِهِ (فَلَا يَرْتَكِبُ مُحَرَّمًا يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ) مِنْ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ، وَإِصْلَاحَ الْمَالِ بِقَوْلِهِ (وَلَا يُضَيِّعُ الْمَالَ) بِإِلْقَائِهِ فِي بَحْرٍ أَوْ بِصَرْفِهِ فِي مُحَرَّمٍ أَوْ (بِاحْتِمَالِ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ) فِي الْمُعَامَلَةِ وَنَحْوِهَا وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ كَبَيْعِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِتِسْعَةٍ (وَلَيْسَ صَرْفُهُ فِي الْخَيْرِ) كَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ (تَبْذِيرًا) ؛ لِأَنَّ فِيهِ غَرَضًا وَهُوَ الثَّوَابُ، وَلَا سَرَفَ فِي الْخَيْرِ كَمَا لَا خَيْرَ فِي السَّرَفِ (وَلَا) صَرْفُهُ (فِي الثِّيَابِ وَالْأَطْعِمَةِ النَّفِيسَةِ) وَإِنْ لَمْ تَلْقَ بِحَالِهِ (وَشِرَاءِ الْجَوَارِي وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهِنَّ) ؛ لِأَنَّ الْمَالَ يُتَّخَذُ لِيُنْتَفَعَ وَيُلْتَذَّ بِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ نَعَمْ إنْ صَرَفَهُ فِي ذَلِكَ بِطَرِيقِ الِاقْتِرَاضِ لَهُ فَحَرَامٌ كَمَا مَرَّ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ.
(فَرْعٌ لَا بُدَّ مِنْ الِاخْتِبَارِ) لِرُشْدِ الصَّبِيِّ فِي الْمَالِ لِيُعْرَفَ رُشْدُهُ وَعَدَمُ رُشْدِهِ (فَلْيُخْتَبَرْ وَلَدُ التَّاجِرِ فِي الْمُمَاكَسَةِ) فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِأَنْ يَنْقُصَ عَمَّا طَلَبَهُ مُعَامِلُهُ أَوْ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ (وَوَلَدُ الزُّرَّاعِ) وَفِي نُسْخَةِ الزَّارِعِ (فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْقُوَّامِ بِهَا)
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخِلَافِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ أَنْبَتَ الْكَافِرُ، وَقَالَ: اسْتَعْجَلْته بِالدَّوَاءِ فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ بُلُوغٌ لَمْ يُسْمَعْ قَوْلُهُ، وَإِنْ قُلْنَا: دَلِيلٌ حَلَفَ وَلَمْ يَحْكُمْ بِبُلُوغِهِ هَذَا فِي وَلَدِ الْحَرْبِيِّ إذَا سُبِيَ وَأُرِيدَ قَتْلُهُ فَادَّعَى ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ وَلَدُ ذِمِّيٍّ وَطُولِبَ بِالْجِزْيَةِ فَادَّعَى مِثْلَ ذَلِكَ فَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ كَذَا نَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَوَقْتُ إمْكَانِ إنْبَاتِ الْعَانَةِ وَقْتُ إمْكَانِ الِاحْتِلَامِ) ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ.
(قَوْلُهُ وَنَزِيدُ الْمَرْأَةَ بِالْحَيْضِ) لَوْ اسْتَعْمَلَتْ الْمَرْأَةُ دَوَاءً حَتَّى حَاضَتْ كَانَ ذَلِكَ بُلُوغًا عَلَى الْأَصَحِّ قِيَاسًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّهَا لَوْ شَرِبَتْ دَوَاءً حَتَّى حَاضَتْ لَمْ يَجِبْ الْقَضَاءُ (قَوْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ) وَاحْتَجَّ لَهُ أَيْضًا بِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَسْمَاءِ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ: إنَّ الْمَرْأَةَ إذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُرَى مِنْهَا إلَّا هَذَا وَهَذَا وَأَشَارَ إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ» فَعَلَّقَ وُجُوبَ السِّتْرِ بِالْمَحِيضِ وَذَلِكَ نَوْعُ تَكْلِيفٍ س (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا مَسْبُوقَةٌ بِالْإِنْزَالِ) وَلِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهَا لَا تَحْبَلُ إلَّا بَعْدَ حَيْضٍ (قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ الْأَصْلُ بِالْحَبَلِ إلَخْ) فِي كَوْنِ الْحَبَلِ بُلُوغًا حَقِيقَةً أَوْ دَلِيلًا عَلَيْهِ خِلَافٌ، وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ مَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ فَقَدْ وَهَمَ، وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ تُفْهِمُ الثَّانِيَ، قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ وَيُحْكَمُ بِالْبُلُوغِ قَبْلَهَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَشَيْءٍ) أَيْ لَحْظَةٍ.
(قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ الْحَقُّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ تَغْيِيرُ الْحُكْمِ فِيمَا يُمْكِنُ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ الَّتِي تَبْقَى مَعَهَا الْحَيَاةُ ظَاهِرٌ، لَكِنْ إذَا حَكَمْنَا بِالْبُلُوغِ رَتَّبْنَا عَلَيْهِ آثَارَهُ مِنْ الْقَتْلِ قَوَدًا وَرِدَّةً وَغَيْرَهُمَا مَعَ بَقَاءِ الشَّكِّ فِي الْبُلُوغِ، وَفِيهِ بُعْدٌ، وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالْبُلُوغِ بِذَلِكَ وَبَيْنَ حُكْمِنَا بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ بِهِ فَقَالَ: لَا نَحْكُمُ بِالْبُلُوغِ بِذَلِكَ، وَإِنْ حَكَمْنَا بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ بِهِ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ ذُكُورَتِهِ مُسَاوٍ لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ فَإِذَا ظَهَرَتْ صُورَةُ مَنِيٍّ أَوْ حَيْضٍ فِي وَقْتِ إمْكَانِهِ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ الذُّكُورَةُ أَوْ الْأُنُوثَةُ فَتَعَيَّنَ الْعَمَلُ بِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا غَايَةَ بَعْدَهُ مُحَقَّقَةٌ تُنْتَظَرُ، وَلَا نَحْكُمُ بِالْبُلُوغِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّبَا فَلَا نُبْطِلُهُ بِمَا يَجُوزُ أَنْ يَظْهَرَ بَعْدَهُ مَا يَقْدَحُ فِي تَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ لَنَا غَايَةً تُنْتَظَرُ، وَهِيَ اسْتِكْمَالُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً.
(قَوْلُهُ كَمَا فَسَّرَ بِهِ آيَةَ {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ وَهِيَ لِلْعُمُومِ (قَوْلُهُ أَوْ إصْرَارٌ عَلَى صَغِيرَةٍ) أَيْ وَلَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ صَرَفَهُ فِي ذَلِكَ بِطَرِيقِ الِاقْتِرَاضِ لَهُ) أَيْ وَهُوَ لَا يَرْجُو وَفَاءَهُ مِنْ سَبَبٍ ظَاهِرٍ بَلْ مِنْ الزَّكَاةِ.
(قَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاخْتِبَارِ لِرُشْدِ الصَّبِيِّ فِي الْمَالِ إلَخْ) أَمَّا فِي الدَّيْنِ فَبِمُشَاهَدَةِ حَالِهِ فِي الْعِبَادَاتِ بِقِيَامِهِ بِالْوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابِهِ الْمَحْظُورَاتِ