قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَنْوَارِ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ تَرَجُّحُ الرُّجُوعِ كَمَا فِي الْمُتَبَرِّعِ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ فِي بَابِ الضَّمَانِ: لَوْ أَفْلَسَ الضَّامِنُ وَالْأَصِيلُ وَأَرَادَ الْحَاكِمُ بَيْعَ مَالِهِمَا فِي دَيْنِهِمَا فَقَالَ الضَّامِنُ: ابْدَأْ بِمَالِ الْأَصِيلِ وَقَالَ رَبُّ الدَّيْنِ: أَبِيعُ مَالَ أَيِّكُمَا شِئْت بِدَيْنِي فَقَالَ الشَّافِعِيُّ إنْ كَانَ الضَّمَانُ بِالْإِذْنِ فَالْمُجَابُ الضَّامِنُ وَإِلَّا فَرَبُّ الدَّيْنِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَدْرَكَ هُنَا تَعَذُّرُ أَخْذِ الثَّمَنِ، وَلَمْ يَتَعَذَّرْ، وَثَمَّ شَغْلُ ذِمَّةِ كُلٍّ مِنْ الضَّامِنِ وَالْأَصِيلِ مَعَ عَدَمِ الْإِذْنِ فِي الضَّمَانِ (وَكَذَا) لَا يَرْجِعُ (لَوْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ يَفِي بِهِ وَلَوْ مُسْتَعَارًا) لِمَا مَرَّ فَإِنْ لَمْ يَفِ بِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا يُقَابِلُ مَا بَقِيَ لَهُ وَذَكَرَ مَسْأَلَةَ الرَّهْنِ غَيْرِ الْمُعَارِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَذَا التَّرْجِيحُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُعَارِ مَعَ قَوْلِهِ يَفِي بِهِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ.
(فَصْلٌ لَهُ الْفَسْخُ فِي كُلِّ مُعَاوَضَةٍ مَحْضَةٍ) لِمَا مَرَّ فَخَرَجَ بِالْمُعَاوَضَةِ الْهِبَةُ وَنَحْوُهَا، وَبِالْمَحْضَةِ غَيْرُهَا كَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ فَلَا فَسْخَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ لِانْتِفَاءِ الْعِوَضِ فِي الْهِبَةِ وَنَحْوِهَا وَلِتَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ فِي الْبَقِيَّةِ نَعَمْ لِلزَّوْجَةِ بِإِعْسَارِ زَوْجِهَا بِالْمَهْرِ أَوْ النَّفَقَةِ فَسْخُ النِّكَاحِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ لَكِنْ لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْحَجْرِ (فَيَفْسَخُ الْمُسْلِمُ) عَقْدَ السَّلَمِ (إنْ وَجَدَ رَأْسَ مَالِهِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ (فَلَوْ فَاتَ) بِتَلَفٍ أَوْ نَحْوِهِ (لَمْ يَفْسَخْ) كَمَا لَوْ فَاتَ الْمَبِيعُ فِي الْبَيْعِ (بَلْ يُضَارِبُ) الْغُرَمَاءَ (بِقِيمَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ ثُمَّ يَشْتَرِي لَهُ) مِنْهُ بِمَا يَخُصُّهُ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ نَعَمْ إنْ وَجَدَ فِي الْمَالِ صَرَفَ إلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هَذَا إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ الْمُسْلَمُ فِيهِ (فَلَوْ انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فَلَهُ الْفَسْخُ) لِثُبُوتِهِ حِينَئِذٍ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُفْلِسِ فَفِي حَقِّهِ أَوْلَى وَكَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ (وَ) لَهُ بَعْدَ الْفَسْخِ (الْمُضَارَبَةُ بِرَأْسِ الْمَالِ) كَسَائِرِ الْغُرَمَاءِ وَكَيْفِيَّةُ الْمُضَارَبَةِ إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ.
(فَلَوْ قَوَّمْنَا الْمُسْلَمَ فِيهِ) فَكَانَتْ قِيمَتُهُ (عِشْرِينَ وَالدُّيُونُ ضِعْفُ الْمَالِ فَأَفْرَزْنَا لَهُ) أَيْ لِلْمُسْلِمِ مِنْ الْمَالِ (عَشَرَةً وَرُخِّصَ السِّعْرُ) قَبْلَ الشِّرَاءِ (اشْتَرَى لَهُ) بِهَا (جَمِيعَ حَقِّهِ) إنْ وَفَتْ بِهِ وَإِلَّا قَبَضَهُ (وَالْفَاضِلُ) إنْ كَانَ (لِلْغُرَمَاءِ) وَإِنَّمَا اشْتَرَى لَهُ الْجَمِيعَ اعْتِبَارًا بِيَوْمِ الْقِسْمَةِ (؛ لِأَنَّ الْمُفْرَزَ) لَهُ صَارَ (كَالْمَرْهُونِ) بِحَقِّهِ وَانْقَطَعَ بِهِ حَقُّهُ مِنْ حِصَصِ غَيْرِهِ حَتَّى لَوْ تَلِفَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِشَيْءٍ مِمَّا عِنْدَ الْغُرَمَاءِ وَبَقِيَ حَقُّهُ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ (وَلَوْ ارْتَفَعَ السِّعْرُ) قَبْلَ الشِّرَاءِ فَلَمْ يُوجَدْ الْمُسْلَمُ فِيهِ إلَّا بِأَرْبَعِينَ مَثَلًا (لَمْ يَزِدْ) عَلَى مَا أُفْرِزَ لَهُ فَلَا يُزَاحِمُهُمْ اعْتِبَارًا بِمَا مَرَّ (وَإِنْ حَدَثَ لِلْمُفْلِسِ مَالٌ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَزَوَالِ الْحَجْرِ) عَنْهُ (ثُمَّ أُعِيدَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ وَقَدْ أُعْطِيَ الْمُسْلِمُ) قَبْلَ زَوَالِ الْحَجْرِ (قَدْرًا مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ) وَاحْتِيجَ إلَى الْمُضَارَبَةِ ثَانِيًا (قَوَّمْنَاهُ) أَيْ الْمُسْلَمَ فِيهِ لِيُعْرَفَ قَدْرُ مَا يَخُصُّ الْمُسْلِمَ مِمَّا بَقِيَ لَهُ مِنْهُ (بِقِيمَةِ وَقْتِ الْحَجْرِ الثَّانِي وَأَخْذِ حِصَّتِهِ) مِنْ الْمَالِ بِحَسَبِ تِلْكَ الْقِيمَةِ (وَإِنْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا) أَوْ غَيْرَهُ مِنْ سَائِرِ الْمُتَقَوِّمَاتِ (اشْتَرَى لَهُ) الْحَاكِمُ أَوْ مَأْذُونُهُ (بِحِصَّتِهِ شِقْصًا) مِنْهُ لِلضَّرُورَةِ وَهَذَا دَاخِلٌ فِيمَا مَرَّ وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِي لَهُ بَعْضَ الْمُتَقَوِّمِ لِلتَّشْقِيصِ وَلِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ) شِقْصٌ (فَلَهُ الْفَسْخُ فَلَوْ تَلِفَ بَعْضُ رَأْسِ الْمَالِ) وَكَانَ مِمَّا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ وَبَقِيَ بَعْضُهُ الْآخَرُ (رَجَعَ فِي الْبَاقِي) مِنْهُ (وَضَارَبَ بِبَاقِي الْمُسْلَمِ) فِيهِ.
(فَصْلٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ (إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً أَوْ أَرْضًا وَأَفْلَسَ) قَبْلَ تَسْلِيمِ الْأُجْرَةِ الْحَالَّةِ وَمُضِيِّ الْمُدَّةِ (فَلِلْمُؤَجِّرِ الْفَسْخُ) تَنْزِيلًا لِلْمَنَافِعِ مَنْزِلَةَ الْأَعْيَانِ فِي الْبَيْعِ (فَإِنْ أَجَازَ) الْعَقْدَ أَوْ فُسِخَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ (ضَارَبَ) الْغُرَمَاءَ (بِكُلِّ الْأُجْرَةِ) إنْ أَجَازَ (أَوْ الْبَعْضَ) إنْ فَسَخَ (وَيُؤَجِّرُ الْحَاكِمُ) عَلَى الْمُفْلِسِ (الْعَيْنَ) الْمُؤَجَّرَةَ إنْ كَانَتْ فَارِغَةً (لِلْغُرَمَاءِ) أَيْ لِأَجْلِهِمْ أَمَّا لَوْ كَانَ الْحَالُّ بَعْضَ الْأُجْرَةِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ الْمُسْتَحَقِّ فِيهَا أُجْرَةٌ كُلَّ شَهْرٍ عِنْدَ مُضِيِّهِ فَلَا فَسْخَ فِيهَا؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ كَوْنُ الْعِوَضِ حَالًّا، وَالْمُعَوَّضِ بَاقِيًا فَلَا يَأْتِي الْفَسْخُ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ لِعَدَمِ الْحُلُولِ، وَلَا بَعْدَهُ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ فَهُوَ كَتَلَفِ الْمَبِيعِ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمْ لَهُ الْفَسْخُ هُنَا مُطْلَقًا.
(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: لَهُ الْفَسْخُ فِي كُلِّ مُعَارَضَةٍ مَحْضَةٍ) مِنْ شُرُوطِهِ - أَيْضًا - أَنْ لَا يَقُومَ بِالْبَائِعِ مَانِعٌ كَمَنْ أَحْرَمَ، وَالْمَبِيعُ صَيْدٌ فِي الْأَصَحِّ بِخِلَافِ الْكَافِرِ، وَالْمَبِيعُ مُسْلِمٌ كَمَا فِي الزَّوَائِدِ وَالْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَحَامِلِيِّ خِلَافًا لِمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ مُجَلِّيٍّ فَتَأَمَّلْ الْفَرْقَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّيْدِ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ، وَلَا يَزُولُ بِنَفْسِهِ قَطْعًا بِخِلَافِ الصَّيْدِ مَعَ الْمُحْرِمِ ع.
(قَوْلُهُ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً أَوْ أَرْضًا وَأَفْلَسَ فَلِلْمُؤَجِّرِ الْفَسْخُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَوْ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ كَالدَّارِ وَالْأَرْضِ، وَلَمْ يَخْلُفْ تَرِكَةً، وَلَمْ يَفْسَخْ الْمُؤَجِّرُ فَانْتَفَعَ الْوَارِثُ فَاَلَّذِي أَفْتَيْت بِهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ بِأُجْرَةِ مَا اسْتَوْفَاهُ لَا بِأَزْيَدَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي اسْتَوْفَاهُ هُوَ التَّرِكَةُ، وَالتَّرِكَةُ دَيْنٌ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ الْوَفَاءُ بِقَدْرِ التَّرِكَةِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ امْتَنَعَ الْوَارِثُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ وَلَهُ نَظِيرٌ فِي الْمُسَاقَاةِ ذُكِرَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عِنْدَهُ م (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ فَقَطْ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ فِي تَصْوِيرِهِمَا لِلْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِمَا قَبْلَ تَسْلِيمِ الْأُجْرَةِ أَوْ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَنَافِعَ بَاقِيَةٌ، وَأَنَّ الْأُجْرَةَ حَالَّةٌ، وَمِنْ قَوْلِهِمَا أَيْضًا: إنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ لَا يَحِلُّ بِالْحَجْرِ، وَالْأُجْرَةُ الْمُؤَجَّلَةُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ م (قَوْلُهُ: لِأَنَّ شَرْطَهُ كَوْنُ الْعِوَضِ حَالًّا) قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: يُتَصَوَّرُ الْفَسْخُ مَعَ كَوْنِ الْأُجْرَةِ كُلِّهَا لَيْسَتْ حَالَّةً بِأَنْ تَكُونَ مُقَسَّطَةً لَكِنْ لَمْ يُجْعَلْ كُلُّ قِسْطٍ فِي مُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنْ الْمُدَّةِ بَلْ جُعِلَتْ أُجْرَةُ السَّنَةِ مَثَلًا عَلَى قِسْطَيْنِ أَحَدُهُمَا بَعْدَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَالْآخَرُ سَلَخَ السَّنَةَ، وَلَمْ يُجْعَلْ الْقِسْطُ الْأَوَّلُ فِي مُقَابَلَةِ السِّتَّةِ الْأُولَى وَلَا الثَّانِي فِي مُقَابَلَةِ الثَّانِيَةِ فَإِذَا حُجِرَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ حُلُولِ الْقِسْطِ الْأَوَّلِ وَقَدْ بَقِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا يُقَابِلُ الْحَالَّ وَهُوَ نِصْفُهَا، وَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ فِي جَمِيعِهَا؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ الَّتِي حَلَّتْ وَاَلَّتِي