(كَوْنَهَا ذَاتَ وَلَدٍ فَلَوْ اسْتَحَقَّ بَيْعَهَا بِيعَا مَعًا) حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا الْمَنْهِيِّ عَنْهُ (فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ غُرَمَاءُ) لِلْمُفْلِسِ أَوْ لِلْمَيِّتِ (وُزِّعَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهِمَا لِأَجْلِهِمْ أَوْ لِيَتَصَرَّفَ) أَيْ الرَّاهِنُ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غُرَمَاءُ (فِي ثَمَنِ الْوَلَدِ) لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَرْهُونٍ، وَلَوْ أَخَّرَ الشَّرْطَ عَنْ قَوْلِهِ قِيمَتَهُمَا لَسَلِمَ مِنْ إيهَامِ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْمَعْطُوفِ أَيْضًا (فَتَقُومُ وَحْدَهَا حَاضِنَةً) لَهُ لِأَنَّهَا رُهِنَتْ كَذَلِكَ (لَا مُنْفَرِدَةً) إيضَاحٌ لِمَا قَبْلَهُ (فَيُقَالُ) قِيمَتُهَا مَثَلًا (مِائَةٌ ثُمَّ تُقَوَّمُ مَعَ الْوَلَدِ فَيُقَالُ) قِيمَتُهُمَا مَثَلًا (مِائَةٌ وَعِشْرُونَ) فَالزِّيَادَةُ بِسَبَبِ الْوَلَدِ، وَهِيَ سُدُسُ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ (فَقِسْطُ الْجَارِيَةِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الثَّمَنِ) ، وَقِسْطُ الْوَلَدِ سُدُسُهُ، وَيَجُوزُ أَيْضًا رَهْنُ الْوَلَدِ وَحْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَيُقَوَّمُ مَحْضُونًا، وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ خَلَا الْعَيْبِ لِأَنَّ قِيمَتَهُ لَا تَنْقُصُ بِذَلِكَ بَلْ تَزِيدُ (وَإِنْ حَدَثَ الْوَلَدُ بَعْدَ لُزُومِ الرَّهْنِ) فِي أُمِّهِ (قُوِّمَتْ غَيْرَ حَاضِنَةٍ) لِأَنَّهَا رُهِنَتْ كَذَلِكَ.
(وَإِنْ رَهَنَهُ أَرْضًا فَنَبَتَ فِيهَا نَخْلٌ) لِلرَّاهِنِ بِأَنْ دَفَنَ نَوَاهُ فِيهَا أَوْ حَمَلَهُ إلَيْهَا سَيْلٌ أَوْ غَيْرُهُ بَعْدَ لُزُومِ الرَّهْنِ (لَمْ يَقْلَعْ) قَهْرًا فَلَعَلَّهُ يُؤَدِّي الدَّيْنَ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ (لَكِنْ إنْ نَقَصَتْ) قِيمَتُهَا (بِهِ) أَيْ بِالنَّخْلِ (وَقْتَ الْبَيْعِ، وَلَمْ تَفِ بِالدَّيْنِ فَلِلْمُرْتَهِنِ الْقَلْعُ) لِيَبِيعَ الْأَرْضَ بَيْضَاءَ (إلَّا أَنْ يَرْضَى الرَّاهِنُ بِبَيْعِ النَّخْلِ) مَعَهَا (أَوْ كَانَ مَحْجُورًا) عَلَيْهِ (بِفَلَسٍ فَيُبَاعَانِ مَعًا) ، وَلَا قَلْعَ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ (وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا) فَمَا قَابَلَ الْأَرْضَ يَخْتَصُّ بِهِ الْمُرْتَهِنُ، وَمَا قَابَلَ الشَّجَرَ لِلرَّاهِنِ أَوْ الْغُرَمَاءِ (فَإِنْ حَصَلَ) فِيهَا (نَقْصٌ) بِسَبَبِهِ (فَعَلَى الشَّجَرِ لَا الْأَرْضِ) لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي الْأَرْضِ فَارِغَةً، وَإِنَّمَا مَنَعَ مِنْ الْقَلْعِ لِرِعَايَةِ الرَّاهِنِ أَوْ الْغُرَمَاءِ فَلَا يُهْمِلُ جَانِبَهُ بِالْكُلِّيَّةِ (وَتُقَوَّمُ هُنَا الْأَرْضُ فَارِغَةً) لِأَنَّهَا رُهِنَتْ كَذَلِكَ (فَإِنْ ارْتَهَنَهَا) ، وَلَزِمَ الرَّهْنُ (وَقَدْ دَفَنَ فِيهَا النَّوَى) أَوْ حَمَلَهُ إلَيْهَا سَيْلٌ أَوْ غَيْرُهُ، وَكَانَ (عَالِمًا أَوْ عَلِمَ) بَعْدَ جَهْلِهِ (وَلَمْ يَفْسَخْ) أَيْ الْبَيْعَ الْمَشْرُوطَ فِيهِ الرَّهْنُ (قُوِّمَتْ مَشْغُولَةً) لِأَنَّهَا رُهِنَتْ كَذَلِكَ
(فَصْلٌ) يَصِحُّ (رَهْنُ مَا يَسْرُعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ إنْ أَمْكَنَ تَجْفِيفُهُ) كَرُطَبٍ وَعِنَبٍ يَتَجَفَّفَانِ، وَتَجْفِيفُهُ عَلَى الْمَالِكِ (أَوْ) لَا يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ لَكِنْ (رُهِنَ بِدَيْنٍ حَالٍّ أَوْ) مُؤَجَّلٍ لَكِنْ (يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ، وَلَوْ احْتِمَالًا) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فَسَادِهِ قَبْلَ الْحُلُولِ، وَتُفَارِقُ صُورَةُ الِاحْتِمَالِ رَهْنَ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ لَا يَعْلَمُ هَلْ تَتَقَدَّمُ أَوْ تَتَأَخَّرُ حَيْثُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّ سَبَبَ الْفَسَادِ ثَمَّ، وَهُوَ التَّعْلِيقُ مَوْجُودٌ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الرَّهْنِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَبِأَنَّ عَلَامَةَ الْفَسَادِ هُنَا تَظْهَرُ دَائِمًا بِخِلَافِهَا ثُمَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ ثَمَّ أَيْ بَعْدَ صِحَّةِ رَهْنِهِ إنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ أَوْ قَضَى مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ فَذَاكَ، وَإِلَّا بِيعَ، وَجُعِلَ ثَمَنُهُ رَهْنًا مَكَانَهُ، وَهَذَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ تَجْفِيفُهُ، وَرُهِنَ بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ أَوْ مَعَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَحِلُّ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ (لَمْ يَجُزْ) رَهْنُهُ (إلَّا إنْ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَهُ عِنْدَ خَوْفِ فَسَادِهِ، وَأَنْ يَكُونَ ثَمَنُهُ رَهْنًا) ، وَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ حِفْظًا لِلْوَثِيقَةِ، وَيَصِيرُ الثَّمَنُ رَهْنًا مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدٍ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ فِيمَا لَوْ شَرَطَ مَنْعَ بَيْعِهِ، وَبِهِ جَزَمَ الْأَصْلُ لِمُنَاقَضَتِهِ مَقْصُودَ الرَّهْنِ، وَلَا فِيمَا لَوْ لَمْ يَشْرِطْ شَيْئًا، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ.
وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَصْحِيحِ الْعِرَاقِيِّينَ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْهُ عِنْدَ الْحُلُولِ، وَالْبَيْعُ قَبْلَهُ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الرَّهْنِ، وَقِيلَ يَصِحُّ، وَيُبَاعُ عِنْدَ تَعَرُّضِهِ لِلْفَسَادِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ إفْسَادَ مَالِهِ، وَقَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إنَّهُ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ لِنَقْلِ الرَّافِعِيِّ لَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ قَالَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشْرِطْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ أَرَ لَهُمْ كَلَامًا فِيمَا لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ رَهْنًا عِنْدَ زَيْدٍ وَالْوَلَدُ عِنْدَ عَمْرٍو وَاحْتِيجَ إلَى بَيْعِهِمَا فِي الرَّهْنَيْنِ أَنَّهُمَا هَلْ يُبَاعَانِ مَعًا كَمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ رَهْنًا هَذَا مَعَ تَأَمُّلٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِالْجَمْعِ تَنْقِيصٌ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِيعَا جَمِيعًا وَإِلَّا بِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ وَحْدَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. اهـ. وَالرَّاجِحُ بَيْعُهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا) لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَقَدْ الْتَزَمَ بِالرَّهْنِ بَيْعَ الْمَرْهُونِ فَجُعِلَ مُلْتَزِمًا لِمَا هُوَ مِنْ لَوَازِمِهِ وَهُوَ بَيْعُ الْآخَرِ
(قَوْلُهُ وَتَجْفِيفُهُ عَلَى الْمَالِكِ) فَإِنْ تَعَذَّرَ أَخْذُ مُؤْنَتِهِ مِنْهُ بَاعَ الْحَاكِمُ جُزْءًا مِنْهُ وَجَفَّفَهُ بِثَمَنِهِ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ تَجْفِيفُهُ حَتَّى يَأْذَنَ الرَّاهِنُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ عِنْدَ إمْكَانِ الْمُرَاجَعَةِ عِنْدَ خَوْفِ فَسَادِهِ وَإِلَّا فَتَظْهَرُ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ وَجَعَلَ ثَمَنَهُ رَهْنًا لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ إذَا كَانَ تَجْفِيفُهُ يَنْقُصُهُ وَبَيْعُهُ أَوْفَرُ لِثَمَنِهِ أُجِيبَ طَالِبُ الْبَيْعِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صِحَّةُ الرَّهْنِ سَوَاءٌ أَشَرَطَ التَّجْفِيفَ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَرَهَنَهُ بِحَالٍّ أَمْ مُؤَجَّلٍ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُؤَجَّلُ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ إلَّا أَنَّ تَجْفِيفَهُ مَخْصُوصٌ بِالْقِسْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ وَيُبَاعُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى حَالِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ احْتِمَالًا) الَّذِي يَضْبِطُ أَنْ يُقَالَ إذَا اُسْتُكْمِلَتْ الشُّرُوطُ حَالَةَ الْعَقْدِ وَالْمُفْسِدُ مُنْتَظِرٌ فَلَهُ حَالَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مُحَقَّقَ الْحُصُولِ فَقَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ وَنَظِيرُهُ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ تَبْدُو مِنْهُ عَوْرَتُهُ عِنْدَ الرُّكُوعِ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ مِنْ الْآنِ أَوْ حَتَّى يَرْكَعَ وَلَا يَجْرِي هُنَا الْقَوْلُ بِالْإِبْطَالِ مِنْ أَصْلِهِ لِإِمْكَانِ بَيْعِهِ وَجَعْلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا الثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ مُحَقَّقَ الْحُصُولِ وَلَهُ حَالَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ إذَا وَقَعَ فَاتَتْ الْمَالِيَّةُ أَصْلًا فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ كَرَهْنِ الْمُدَبَّرِ وَتَارَةً لَا تَفُوتُ أَصْلًا كَرَطْبٍ لَا يَعْلَمُ هَلْ يَفْسُدُ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ لَا فَيَصِحُّ فِي الْأَظْهَرِ.
(قَوْلُهُ وَبِأَنَّ الْفَسَادَ هُنَا يَظْهَرُ دَائِمًا إلَخْ) وَبِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمَالِكِ إرَادَةُ بَيْعِهِ عِنْدَ إشْرَافِهِ عَلَى الْفَسَادِ فَيُبَاعُ إذْ الْعَاقِلُ لَا يَخْتَارُ إتْلَافَ مَالِهِ فَكَانَ كَمَا لَوْ شَرَطَ بَيْعَهُ وَجَعَلَ ثَمَنَهُ رَهْنًا بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَقَدْ لَا يُرِيدُ بَيْعَهُ طَلَبًا لِلثَّوَابِ وَبِأَنَّهُ هُنَاكَ يَفُوتُ الْحَقُّ بِالْكُلِّيَّةِ لِفَوَاتِ الرَّقَبَةِ بِالْعِتْقِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْمَالِيَّةَ لَا تَبْطُلُ وَبِأَنَّا لَوْ صَحَّحْنَا ذَلِكَ فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ لَأَدَّى إلَى إبْطَالِ قُرْبَةٍ مَقْصُودَةٍ وَحَقٍّ لِلْعَبْدِ وَهُنَا لَمْ يُؤَدِّ إلَّا إلَى إبْطَالِ مِلْكِ الْمَالِكِ وَقَدْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَيْهِ بِالرَّهْنِ (قَوْلُهُ يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ) أَوْ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ بِزَمَنٍ لَا يَسَعُ الْبَيْعَ (قَوْلُهُ وَلَا فِيمَا لَوْ لَمْ يَشْرِطْ شَيْئًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِنَقْلِ الرَّافِعِيِّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ قَالَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّ مُطْلَقَ الْإِذْنِ بِالْبَيْعِ لَا يَقْتَضِي رَهْنَ الثَّمَنِ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ