عَلَى الْأَوَّلِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الصِّحَّةَ مَعَ الْإِبْهَامِ ثَمَّ لَا تُمْكِنُ، فَتَعَيُّنُ التَّنْزِيلِ عَلَى الْمُعَيَّنِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ لَمْ يَتَعَيَّنْ إلَى آخِرِهِ اسْتَقَرَّ بِأَوَّلِهَا، وَلَمْ يَتَعَيَّنْ (وَاسْتُحِبَّ) فِيمَا ذُكِرَ (تَعْجِيلُهُ) أَيْ الصَّوْمِ.
(فَإِنْ عَيَّنَ لِلصَّلَاةِ أَوْ لِلصَّوْمِ لَا لِلصَّدَقَةِ وَقْتًا تَعَيَّنَ) وَفَاءً بِالْمُلْتَزَمِ فَلَا يَجُوزُ فِعْلُهُمَا قَبْلَهُ (فَإِنْ فَاتَ) الْوَقْتُ، وَلَوْ بِعُذْرٍ (قَضَى) هُمَا (وَأَثِمَ) بِتَأْخِيرِهِ (إنْ قَصَّرَ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُقَصِّرْ كَأَنْ أَخَّرَ بِعُذْرِ سَفَرٍ أَمَّا وَقْتُ الصَّدَقَةِ فَلَا يَتَعَيَّنُ اعْتِبَارًا بِمَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ مِنْ جِنْسِهَا، وَهُوَ الزَّكَاةُ فَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ جَوَازُ تَأْخِيرِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ بَعِيدٌ بَلْ الْوَجْهُ عَدَمُ جَوَازِهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَالزَّكَاةِ.
(وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ) مُعَيَّنٍ (مِنْ كُلِّ أُسْبُوعٍ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ مِنْ أُسْبُوعٍ (وَنَسِيَهُ جَعَلَهُ الْجُمُعَةَ) فَيَصُومُ يَوْمَهَا (لِأَنَّهَا آخِرُهُ) أَيْ الْأُسْبُوعِ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُعَيَّنُ فَذَاكَ، وَإِلَّا كَانَ قَضَاءً قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ آخِرُ الْأُسْبُوعِ وَيَوْمَ السَّبْتِ أَوَّلُهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِي فَقَالَ خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَخَلَقَ فِيهَا الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَخَلَقَ آدَمَ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي آخِرِ الْخَلْقِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ النَّهَارِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ وَاللَّيْلِ» وَخَالَفَ ذَلِكَ فِي تَهْذِيبِهِ وَفِي مَجْمُوعِهِ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ فَقَالَ سُمِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ ثَانِي الْأَيَّامِ وَالْخَمِيسِ؛ لِأَنَّهُ خَامِسُ الْأُسْبُوعِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَوَّلَهُ الْأَحَدُ فَيَكُونُ آخِرَهُ السَّبْتُ، وَبِهِ جَزَمَ الْقَفَّالُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ وَلِخَبَرِ «مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سَبْتًا» أَيْ جُمُعَةً فَعَبَّرَ عَنْ الْأُسْبُوعِ بِأَوَّلِ أَيَّامِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ الْخِلَافَ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ لَا تَبْرَأَ ذِمَّتُهُ بِيَقِينٍ حَتَّى يَصُومَ الْجُمُعَةَ وَالسَّبْتَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ.
(وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ عَنْ قَضَائِهِ) الَّذِي عَلَيْهِ (أَوْ إعْطَاءَ مِسْكِينٍ زَكَاتَهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ) كُلٌّ مِنْ الْيَوْمِ وَالْمِسْكِينِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ إنْ وَجَبَ فَوْرًا لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ، وَإِلَّا فَكَذَلِكَ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْغَرَضِ إلَّا أَنْ يَنْذُرَ تَعْجِيلَهُ فَيَصِحُّ، وَالْمِسْكِينُ لَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ غَالِبًا فَإِنْ اخْتَلَفَ بِهِ كَقَرِيبٍ وَجَارٍ فَيَنْبَغِي صِحَّةُ النَّذْرِ، وَالْمَسْأَلَتَانِ مِنْ زِيَادَتِهِ.
(فَرْعٌ لَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ فَخَالَفَ وَصَامَ فِيهِ غَيْرَهُ) مِنْ قَضَاءٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ تَطَوُّعٍ (انْعَقَدَ) أَيْ صَحَّ؛ لِأَنَّ تَعَيُّنَهُ لِلصَّوْمِ عَرَضِيٌّ بِخِلَافِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ
(وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَجْزَأَتْهُ مُتَتَابِعَةً وَمُتَفَرِّقَةً) عَمَلًا بِمُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ لَكِنَّ التَّتَابُعَ أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ (فَإِنْ شَرَطَ التَّتَابُعَ لَمْ يَجُزْ التَّفْرِيقُ) كَمَا فِي صَوْمِ الشَّهْرَيْنِ الْمُتَتَابِعَيْنِ (وَلَوْ نَذَرَهَا مُتَفَرِّقَةً فَصَامَهَا مُتَتَابِعَةً حُسِبَتْ) لَهُ مِنْهَا (خَمْسَةٌ) وَيُلْغَى بَعْدَ كُلِّ يَوْمٍ يَوْمٌ فَعُلِمَ أَنَّ تَفْرِيقَهُمَا لَازِمٌ، وَهُوَ الْمُصَحَّحُ فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ مَرْعِيٌّ فِي صَوْمِ التَّمَتُّعِ شَرْعًا فَلَا يُجْزِئُ عَنْهُ التَّتَابُعُ، وَبِهَذَا فَارَقَ إجْزَاءَ الْمُتَتَابِعِ عَنْ الْمُتَفَرِّقِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الِاعْتِكَافِ.
(فَرْعٌ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ) كَشَهْرِ رَجَبٍ (أَوْ شَهْرٍ مِنْ الْآنَ أُوقِعَ) وَفِي نُسْخَةٍ وَقَعَ أَيْ الصَّوْمُ (مُتَتَابِعًا) لِتَعَيُّنِ أَيَّامِ الشَّهْرِ، وَلَيْسَ التَّتَابُعُ مُسْتَحَقًّا فِي نَفْسِهِ (لَكِنْ لَا يُسْتَأْنَفُ) الصَّوْمُ أَيْ لَا يَلْزَمُهُ اسْتِئْنَافُهُ (إنْ أَفْطَرَ فِيهِ، وَلَهُ تَفْرِيقُ قَضَاءِ مَا فَاتَهُ مِنْهُ) كَمَا فِي قَضَاءِ صَوْمِ رَمَضَانَ (فَلَوْ شَرَطَ فِيهِ التَّتَابُعَ فَأَفْطَرَ فِيهِ اسْتَأْنَفَ) الصَّوْمَ وُجُوبًا (وَيَقْضِيهِ مُتَتَابِعًا) ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ التَّتَابُعِ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ مَقْصُودًا (وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الشَّهْرَ) بِأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ شَهْرًا (أَجْزَأَهُ هِلَالِيٌّ) ، وَإِنْ خَرَجَ نَاقِصًا لِصِدْقِ اسْمِ الشَّهْرِ عَلَيْهِ (وَإِنْ انْكَسَرَ) الشَّهْرُ بِأَنْ ابْتَدَأَ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْهِلَالِ (فَثَلَاثُونَ) يَوْمًا يَصُومُهَا (وَتُجْزِئُ) مُتَفَرِّقَةً
فَرْعٌ، (وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ) كَسَنَةِ ثَمَانِينَ أَوْ سَنَةٍ أَوَّلُهَا مِنْ غَدٍ (لَمْ يَقْضِ رَمَضَانَ وَ) لَا (الْعِيدَيْنِ وَ) لَا (أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَلَا أَيَّامَ الْحَيْضِ) وَالنِّفَاسِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْأَصْلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الصِّحَّةَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَاسْتُحِبَّ تَعْجِيلُهُ إلَخْ) هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَا مُعَارِضَ أَمْ لَوْ كَانَ مُجَاهِدًا وَالصَّوْمُ يُضْعِفُهُ عَنْهُ أَوْ مُسَافِرًا وَتَلْحَقُهُ بِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ أَوْ أَجِيرًا، وَالصَّوْمُ يُضْعِفُهُ عَنْ الْعَمَلِ أَوْ يَضُرُّ بِالرَّضِيعِ إذَا كَانَتْ مُرْضِعَةً وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّأْخِيرَ إلَى مَا بَعْدَ ذَلِكَ أَفْضَلُ إنْ لَمْ يُخْشَ الْفَوْتُ لِطُولِ زَمَنِ مَا هُوَ فِيهِ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً أَوْ مَمْلُوكَةً وَالزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ يَمْنَعُ مِنْ تَعْجِيلِهِ وَقَدْ يَجِبُ التَّعْجِيلُ بِأَنْ يَخْشَى النَّاذِرُ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ الصَّوْمَ عَجَزَ عَنْهُ مُطْلَقًا إمَّا لِزِيَادَةِ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوْ لِهَرَمٍ كَمَا سَبَقَ فِي الْحَجِّ قَوْلُهُ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ سَبَقَتْ النَّذْرَ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى التَّرَاخِي نُدِبَ تَعْجِيلُهَا، وَإِلَّا وَجَبَ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّأْخِيرَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ بَلْ الْوَجْهُ عَدَمُ جَوَازِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ أُسْبُوعٍ) بِمَعْنَى جُمُعَةٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُعَيَّنُ فَذَاكَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ نَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُنْفَرِدًا، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِصَوْمِ النَّفْلِ لَا الْفَرْضِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَوَافَقَ يَوْمَ فِطْرٍ أَفْطَرَ وَقَضَاهُ انْتَهَى، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِصَوْمِ النَّذْرِ وَقَالَ شَيْخُنَا مِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ خَاصَّةٌ بِالنَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ فِي بَابِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُقَالُ لَيْسَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ صَرِيحًا فِي الْإِفْرَادِ إذْ هُوَ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يُضَمَّ إلَيْهِ السَّبْتُ مَثَلًا فَيَنْتَفِي الْإِفْرَادُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْأَصْلُ عَدَمُ الضَّمِّ وَنَظِيرُ أَنَّ الْوَاجِبَ يَدْفَعُ مَا كَانَ مَكْرُوهًا الْمَاءُ الْمُشَمَّسُ لَوْ تَعَيَّنَ لِلطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ فِي تَهْذِيبِهِ) وَتَحْرِيرِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْقَفَّالُ) وَفِي الرَّوْضِ الْأَنِفِ أَنَّهُ خِلَافُ الصَّوَابِ وَقَوْلِ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً لَا ابْنُ جَرِيرٍ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْجُرْجَانِيُّ فِي الْمُعَايَاةِ مَنْ لَزِمَهُ صَوْمُ يَوْمٍ بِالنَّذْرِ فَأَفْطَرَ فِيهِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ إلَّا فِي نَذْرِ صَوْمِ الدَّهْرِ.
(قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي صِحَّةُ النَّذْرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ، وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَجْزَأَتْهُ مُتَتَابِعَةً وَمُتَفَرِّقَةً) شَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ مَطْلُوبًا مَعَهُ تَتَابُعُهَا كَصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ وَعَشَرَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ
(قَوْلُهُ، وَلَا أَيَّامِ الْحَيْضِ، وَلَا أَيَّامِ الْجُنُونِ) ؛ لِأَنَّ