فَلْيَفْعَلْ» ؛ وَلِأَنَّهَا إرَاقَةُ دَمٍ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ، وَلَا نَذْرٍ فَلَمْ تَجِبْ كَالْأُضْحِيَّةِ وَمَعْنَى مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ قِيلَ: لَا يَنْمُو نُمُوَّ مِثْلِهِ حَتَّى يُعَقَّ عَنْهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَأَجْوَدُ مَا قِيلَ فِيهِ: مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعَقَّ عَنْهُ لَمْ يَشْفَعْ فِي وَالِدَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَنَقَلَهُ الْحَلِيمِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ عَلَى أَحْمَدَ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ.
وَالْأَخْبَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا عَقِيقَةً لَكِنْ رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلسَّائِلِ عَنْهَا: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْعُقُوقَ» فَقَالَ الرَّاوِي كَأَنَّهُ كَرِهَ الِاسْمَ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ ابْنِ أَبِي الدَّمِ قَالَ أَصْحَابُنَا يُسْتَحَبُّ تَسْمِيَتُهَا نَسِيكَةً أَوْ ذَبِيحَةً وَيُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا عَقِيقَةً كَمَا يُكْرَهُ تَسْمِيَةُ الْعِشَاءِ عَتَمَةً.
(وَيُسْتَحَبُّ ذَبْحُهَا يَوْمَ سَابِعِ الْوِلَادَةِ) فَيَدْخُلُ يَوْمُهَا فِي الْحِسَابِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ «؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ يَوْمَ السَّابِعِ وَسَمَّاهُمَا وَأَمَرَ أَنْ يُمَاطَ عَنْ رَأْسِهِمَا الْأَذَى» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (فَإِنْ وُلِدَ لَيْلًا لَمْ يُحْسَبْ) يَوْمًا بَلْ يُحْسَبْ مِنْ يَوْمِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ (وَإِنَّمَا يَجُوزُ) ذَبْحُهَا (بَعْدَ الْوِلَادَةِ) لَا قَبْلَهَا لِتَلَاعُبِهِ بِالْعِبَادَةِ بَلْ هِيَ حِينَئِذٍ شَاةُ لَحْمٍ لِعَدَمِ دُخُولِ سَبَبِهَا وَذِكْرُ عَدَمِ الْجَوَازِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَلَا تُحْسَبُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ بَلْ تَكُونُ شَاةَ لَحْمٍ (وَلَا تَفُوتُ عَلَى الْوَلِيِّ) الْمُوسِرِ بِهَا (حَتَّى يَبْلُغَ) الْوَلَدُ (فَإِنْ بَلَغَ فَحَسَنٌ أَنْ يَعُقَّ عَنْ نَفْسِهِ) تُدَارُ كَالْمَسَافَاتِ وَمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بَاطِلٌ.
(فَصْلٌ وَإِنَّمَا تُسَنُّ) الْعَقِيقَةُ (لِمَنْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ) لِلْوَلَدِ (لَا مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ) الْأَوْلَى الْوَلَدُ فَلَا يَعُقُّ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقِيقَةَ تَبَرُّعٌ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ مَالِهِ فَلَوْ عَقَّ مِنْ مَالِهِ ضَمِنَ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ فَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا قَالَهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ سَالِمَةٌ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا «عَقُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ» فَمُتَأَوَّلٌ قَالَهُ فِي الْأَصْلِ فِي الرَّوْضَةِ قُلْت تَأْوِيلُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَبَاهُمَا بِذَلِكَ أَوْ أَعْطَاهُ مَا عَقَّ بِهِ أَوْ أَنَّ أَبَوَيْهِمَا كَانَا عِنْدَ ذَلِكَ مُعْسِرَيْنِ فَيَكُونَانِ فِي نَفَقَةِ جَدِّهِمَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِطْلَاقُهُمْ اسْتِحْبَابُ الْعَقِيقَةِ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْوَلَدِ يُفْهِمُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْأُمِّ أَنْ تَعُقَّ عَنْ وَلَدِهَا مِنْ زِنًا وَفِيهِ بُعْدٌ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعَارِ وَأَنَّهُ لَوْ وَلَدَتْ أَمَتُهُ مِنْ زِنًا أَوْ زَوْجٍ مُعْسِرٍ أَوْ مَاتَ قَبْلَ عَقِّهِ اُسْتُحِبَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَعُقَّ عَنْهُ، وَلَيْسَ مُرَادًا (فَإِنْ) كَانَ الْوَلِيُّ عَاجِزًا عَنْ الْعَقِيقَةِ فِي السَّبْعَةِ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا حَتَّى لَوْ (أَيْسَرَ الْوَلِيُّ بَعْدَ) السَّابِعِ مَعَ بَقِيَّةِ (مُدَّةِ النِّفَاسِ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا) بِخِلَافِ مَاذَا أَيْسَرَ قَبْلَ تَمَامِ السَّابِعِ (وَفِيمَا) إذَا أَيْسَرَ (بَعْدَ السَّابِعِ) فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ (تَرَدُّدٌ) لِلْأَصْحَابِ لِبَقَاءِ أَثَرِ الْوِلَادَةِ.
(فَصْلٌ، وَهِيَ كَالْأُضْحِيَّةِ فِي) اسْتِحْبَابِهَا كَمَا مَرَّ وَفِي (سَائِرِ الْأَحْكَامِ) مِنْ جِنْسِهَا وَسِنِّهَا وَسَلَامَتِهَا، وَالْأَفْضَلِ مِنْهَا وَالْأَكْلِ وَالتَّصَدُّقِ وَالْإِهْدَاءِ وَالْإِدْخَارِ وَقَدْرِ الْمَأْكُولِ مِنْهَا وَامْتِنَاعِ بَيْعِهَا وَتَعْيِينِهَا إذَا عُيِّنَتْ (وَ) اعْتِبَارِ (النِّيَّةِ) وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَوْ سَكَتَ عَنْ النِّيَّةِ أَشْمَلَهَا مَا قَبْلَهَا (لَكِنْ يُسْتَحَبُّ طَبْخُهَا) كَسَائِرِ الْوَلَائِمِ (بِحُلْوٍ) تَفَاؤُلًا بِحَلَاوَةِ أَخْلَاقِ الْوَلَدِ وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحِبُّ الْحَلْوَى وَالْعَسَلَ» قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَوْ كَانَتْ مَنْذُورَةً فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِلَحْمِهَا نِيئًا كَالْأُضْحِيَّةِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَهَا بِدُونِ النَّذْرِ (وَلَا يُكْرَهُ الْحَامِضُ) أَيْ طَبْخُهَا بِهِ إذْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ نَهْيٌ مَقْصُودٌ (وَالْحَمْلُ) أَيْ حَمْلُهَا مَطْبُوخَةً مَعَ مَرَقِهَا (لِلْفُقَرَاءِ أَفْضَلُ) مِنْ نِدَائِهِمْ إلَيْهَا (وَلَا بَأْسَ بِنِدَاءِ قَوْمٍ) إلَيْهَا (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَكْسِرَ عَظْمَهَا مَا أَمْكَنَ) تَفَاؤُلًا بِسَلَامَةِ أَعْضَاءِ الْوَلَدِ (فَإِنْ كَسَّرَ لَمْ يُكْرَهْ) إذْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ نَهْيٌ مَقْصُودٌ بَلْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَوْ عَقَّ عَنْهُ بِسُبْعِ بَدَنَةٍ فَهَلْ يَتَعَلَّقُ اسْتِحْبَابُ تَرْكِ الْكَسْرِ بِعَظْمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ سَابِعِ الْوِلَادَةِ) يُقَالُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ وَتَأَلُّمِ الْمَرْأَةِ بِذَلِكَ فَفِي الْأَذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يُكْثَرَ مِنْ دُعَاءِ الْكُرَبِ، وَهُوَ مَشْهُورٌ، وَفِي كِتَابِ ابْنِ السُّنِّيِّ عَنْ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا دَنَتْ وِلَادَتُهَا أَمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ وَزَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ أَنْ يَأْتِيَاهَا فَيَقْرَآ عَلَيْهَا آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَأَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ إلَى آخِرِ الْآيَةِ وَيُعَوِّذَاهَا بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ» (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بَاطِلٌ) وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَأَحْمَدُ
إنَّهُ مُنْكَرٌ (قَوْلُهُ، وَإِنَّمَا تُسَنُّ لِمَنْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ لِلْوَلَدِ حَقِيقَةً) لِإِعْسَارِ الْوَلَدِ أَوْ بِتَقْدِيرِ إعْسَارِهِ فِيمَا إذَا كَانَ مُوسِرًا وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِمْ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ - الْأَبُ الْكَافِرُ فَيَعُقُّ عَنْ وَلَدِهِ الْمُسْلِمِ بِإِسْلَامِ أُمِّهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَصْحِيحِ الْمِنْهَاجِ وَقَالَ كَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إخْرَاجُ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذَا وَقَيَّدَ الْبُلْقِينِيُّ الْوَلَدَ بِأَنْ يَكُونَ حُرًّا نَسِيبًا إلَى أَصْلِهِ قَالَ: فَلَوْ كَانَ رَقِيقًا وَضَعَتْهُ جَارِيَةُ الْإِنْسَانِ أَوْ زَوْجَتُهُ الرَّقِيقَةُ لَمْ تَتَعَلَّقْ سُنِّيَّةُ الْعَقِيقَةِ بِوَالِدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَلَا بِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ حُرًّا إلَّا أَنَّهُ يُنْسَبُ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ لَمْ يُسَنُّ الْعَقُّ عَنْهُ نَعَمْ يُسَنُّ لِلْأُمِّ إذَا لَزِمَتْهَا نَفَقَتُهُ، وَقَوْلُهُ وَذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَصْحِيحِ الْمِنْهَاجِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَقَيَّدَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَفِيمَا بَعْدَ السَّابِعِ تَرَدُّدٌ) الْأَصَحُّ مِنْهُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِهَا وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَنْوَارِ تَرْجِيحُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا الِاخْتِيَارُ لِلْمُوسِرِ أَنْ لَا يُجَاوِزَ مُدَّةَ النِّفَاسِ، وَإِلَّا فَمُدَّةَ الرَّضَاعِ، وَإِلَّا فَسِنَّ التَّمْيِيزِ.
(قَوْلُهُ مِنْ جِنْسِهَا وَسِنِّهَا) رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ عَنْ الْحَسَنِ «عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا يَعُقُّ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ» وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لَوْ ذَبَحَ بَقَرَةً أَوْ بَدَنَةً عَنْ سَبْعَةِ أَوْلَادٍ أَوْ اشْتَرَكَ فِيهَا جَمَاعَةٌ جَازَ سَوَاءٌ أَرَادُوا كُلُّهُمْ الْعَقِيقَةَ أَوْ بَعْضُهُمْ الْعَقِيقَةَ وَبَعْضُهُمْ اللَّحْمَ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْإِهْدَاءِ) هَذَا إذَا أُهْدِيَ مِنْهَا لِلْغَنِيِّ شَيْءٌ مَلَكَهُ بِخِلَافِهِ فِي الْأُضْحِيَّةِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ ضِيَافَةٌ عَامَّةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ بِخِلَافِ الْعَقِيقَةِ ش (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) كَالْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْلُكُ بِهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ فَلَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِلَحْمِهَا نِيئًا بَلْ يَتَصَدَّقُ بِهِ مَطْبُوخًا