شَعْرٍ وَقَلْمِ أَظْفَارٍ وَسَيَأْتِي فِي الضَّحَايَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ فِي شَاتَيْنِ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ، فَلَوْ (ذَبَحَهَا) أَيْ الْبَدَنَةَ (عَنْ دَمٍ) وَاجِبٍ (فَالْفَرْضُ سُبُعُهَا فَلَهُ إخْرَاجُهُ) عَنْهُ (وَأَكْلُ الْبَاقِي إلَّا فِي جَزَاءِ) الصَّيْدِ (الْمِثْلِيِّ) فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ كَالْأُضْحِيَّةِ فِي سِنِّهَا وَسَلَامَتِهَا، بَلْ يَجِبُ فِي الصَّغِيرِ صَغِيرٌ وَفِي الْكَبِيرِ كَبِيرٌ وَفِي الْمَعِيبِ مَعِيبٌ كَمَا مَرَّ (بَلْ لَا تُجْزِئُ الْبَدَنَةُ عَنْ شَاتِه) أَيْ الْمِثْلِيِّ، وَإِنْ أَجْزَأَتْ عَنْهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ رَاعَوْا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ الْمُمَاثَلَةَ أَيْ فِي الْجِنْسِ فَلَا يُشْكِلُ بِإِجْزَاءِ الْكَبِيرِ عَنْ الصَّغِيرِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْبَعِيرُ عَنْ الْبَقَرَةِ، وَلَا عَكْسُهُ، وَلَا سَبْعُ شِيَاهٍ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِجَزَاءِ الصَّيْدِ إلَى قَوْلِهِ جَزَاءِ الْمِثْلِيِّ لِيَخْرُجَ جَزَاءُ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ كَالْحَمَامِ.
(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ وُجُوبِ الدِّمَاءِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا (وَالدِّمَاءُ ثَمَانِيَةُ أَنْوَاعٍ) تَرْجِعُ بِاعْتِبَارِ حُكْمِهَا إلَى أَرْبَعَةٍ: دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَقْدِيرٍ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَعْدِيلٍ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَقْدِيرٍ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (أَحَدُهَا دَمُ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، وَكَذَا الْفَوَاتِ، وَهُوَ دَمُ تَرْتِيبٍ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الذَّبْحُ، وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِ إلَّا إذَا عَجَزَ عَنْهُ (وَتَقْدِيرٍ) بِمَعْنَى أَنَّ الشَّرْعَ قَدَّرَ مَا يَعْدِلُ إلَيْهِ بِمَا لَا يَزِيدُ، وَلَا يَنْقُصُ أَمَّا دَمُ التَّمَتُّعِ فَلِآيَةِ {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196] وَقِيسَ بِهِ دَمُ الْقِرَانِ، وَأَمَّا دَمُ الْفَوَاتِ فَلِخَبَرِ هَبَّارٍ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّ مُوجِبَ دَمِ التَّمَتُّعِ تَرْكُ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَالنُّسُكُ الْمَتْرُوكُ فِي الْفَوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ (الثَّانِي جَزَاءُ الصَّيْدِ وَالشَّجَرِ، وَهُوَ دَمُ تَخْيِيرٍ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ (وَتَعْدِيلٍ) بِمَعْنَى أَنَّ الشَّرْعَ أَمَرَ فِيهِ بِالتَّقْوِيمِ وَالْعُدُولِ إلَى غَيْرِهِ بِحَسَبِ الْقِيمَةِ وَذَلِكَ لِآيَةِ {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [المائدة: 95] وَقِيسَ بِالصَّيْدِ: الشَّجَرُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْحَشِيشُ أَيْ فِي غَيْرِ الذَّبْحِ إذْ لَا ذَبْحَ فِيهِ كَمَا مَرَّ وَأُخِذَ اسْمُ التَّعْدِيلِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: 95] .
(الثَّالِثُ - دَمُ الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ، وَهُوَ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَقْدِيرٍ فَيَتَخَيَّرُ) إذَا حَلَقَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ أَوْ قَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَظْفَارٍ بَيْنَ أُمُورٍ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (أَمَّا الدَّمُ أَوْ إطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ كُلُّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ أَوْ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: 196] فَحَلَقَ {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِك قَالَ نَعَمْ قَالَ فَاحْلِقْ رَأْسَك وَانْسُكْ شَاةً أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ تَصَدَّقَ بِفَرَقٍ مِنْ طَعَامٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ» وَالْفَرَقُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ ثَلَاثَةُ آصُعٍ، وَقِيسَ بِالْحَلْقِ الْقَلْمُ بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ وَبِالْمَعْذُورِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ كَفَّارَةٍ تَثْبُتُ فِيهَا التَّخْيِيرُ إذَا كَانَ سَبَبُهَا مُبَاحًا ثَبَتَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ سَبَبُهَا مُحَرَّمًا كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَقَتْلِ الصَّيْدِ.
(الرَّابِعُ) الدَّمُ (الْمَنُوطُ بِتَرْكِ مَأْمُورٍ كَالْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ) بِمُزْدَلِفَةُ وَبِمِنًى (وَهُوَ كَدَمِ التَّمَتُّعِ) فِي التَّرْتِيبِ وَالتَّقْدِيرِ لِاشْتِرَاكِ مُوجِبَيْهِمَا فِي تَرْكِ مَأْمُورٍ إذْ الْمُوجِبُ لِدَمِ التَّمَتُّعِ تَرْكُ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ كَمَا مَرَّ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ فَيَصُومُ إذَا عَجَزَ كَالْمُتَمَتِّعِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَصْحِيحُ كَوْنِهِ دَمَ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ (الْخَامِسُ دَمُ الِاسْتِمْتَاعِ كَالطِّيبِ) الْأَوْلَى قَوْلُهُ أَصْلُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَالْفَرْضُ سُبُعُهَا) قَالَ شَيْخُنَا: كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ مَا يُمْكِنُ الِاقْتِصَارُ فِيهِ عَلَى قَدْرِ الْوَاجِبِ لَوْ أَخْرَجَ قَدْرًا زَائِدًا وَقَعَ الزَّائِدُ نَفْلًا، وَهَذَا مِنْ الْقَبِيلِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ سَبْعَةٍ حَتَّى لَوْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ وَبَعْضُهُمْ اللَّحْمَ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ، وَلَا كَذَلِكَ بَعِيرُ الزَّكَاةِ حَيْثُ وَقَعَ كُلُّهُ فَرْضًا لِمَا مَرَّ.
ثَمَّ (قَوْلُهُ أَحَدُهَا دَمُ التَّمَتُّعِ إلَخْ) دَمُ التَّمَتُّعِ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَفَرَغَ مِنْهَا، ثُمَّ أَنْشَأَ فِي سُنَّتِهَا حَجًّا بِلَا عَوْدٍ لِلْإِحْرَامِ بِهِ أَوْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِهِ وَقَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ إلَى مِيقَاتٍ أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَةِ الْمِيقَاتِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ أَوْ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حِينَ التَّلَبُّسِ بِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ وَدَمُ الْقِرَانِ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ مَعًا أَوْ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ بِحَجٍّ فِي أَشْهُرِهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي طَوَافِهَا، وَلَمْ يَعُدْ إلَى مِيقَاتٍ قَبْلَ الْوُقُوفِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.
(قَوْلُهُ الثَّالِثُ دَمُ الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ) وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى مُحْرِمٍ مُمَيِّزٍ لَمْ يَتَحَلَّلْ أَزَالَ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ أُزِيلَ مِنْهُ بِاخْتِيَارِهِ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ أَوْ ثَلَاثَةَ أَظْفَارٍ فَصَاعِدًا أَوْ بَعْضَ كُلٍّ مِنْهَا، وَلَا فِي مَكَان وَاحِدٍ وَعَلَى مَنْ أَزَالَ مِنْ مُحْرِمٍ حَيٍّ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَا إذَا طَالَ شَعْرُ حَاجِبِهِ أَوْ رَأْسِهِ وَغَطَّى عَيْنَهُ فَقَطَعَ الْقَدْرَ الْمُغَطِّي فَقَطْ أَوْ نَبَتَتْ شَعَرَاتٌ دَاخِلَ جَفْنِهِ فَتَأَذَّى مِنْ ذَلِكَ أَوْ انْكَسَرَ ظُفُرُهُ فَقَطَعَ الْمُؤْذِي.
(قَوْلُهُ الرَّابِعُ الْمَنُوطُ بِتَرْكِ مَأْمُورٍ بِهِ) كَالْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى مُرِيدِ نُسُكٍ تَرَكَ الْإِحْرَامَ مِنْ حَيْثُ لَزِمَهُ أَوْ مِنْ مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ عَوْدٍ لِلْإِحْرَامِ أَوْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَقَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ إلَى حَيْثُ لَزِمَهُ أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مُطْلَقًا أَوْ بِالْحَجِّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ (قَوْلُهُ وَالرَّمْيِ وَطَوَافِ) الْوَدَاعِ قَالَ الْبَارِزِيُّ لَا يُتَصَوَّرُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ فِي الْحَجِّ فِي تَرْكِ الرَّمْيِ، وَلَا فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ أَيْ فِي الْحَجِّ، فَيَجِبُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِمْكَانِ بَعْدَ الْوُجُوبِ. اهـ. وَالْفَوَاتُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْمَبِيتِ) دَمُ تَرْكِ الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَاجِبٌ عَلَى مُحْرِمٍ بِحَجِّ غَيْرِ مَعْذُورٍ لَمْ يَحْضُرْ لَحْظَةً مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي لَيْلَةَ النَّحْرِ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَدَمُ تَرْكِ الْمَبِيتِ بِمِنًى وَاجِبٌ عَلَى حَاجٍّ غَيْرِ مَعْذُورٍ تَرَكَ حُضُورَ مُعْظَمِ كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيْلَتَيْ مِنًى إنْ نَفَرَ فِي النَّفْرِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّلَاثِ إنْ نَفَرَ فِي النَّفْرِ الثَّانِي وَدَمُ تَرْكِ الرَّمْيِ وَاجِبٌ عَلَى حَاجٍّ تَرَكَ رَمْيَ ثَلَاثِ حَصَيَاتٍ فَأَكْثَرَ مِنْ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَوْ مِنْهُمَا بِغَيْرِ عُذْرِ مَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ بِهِ، وَلَمْ يَسْتَنِبْ أَوْ اسْتَنَابَ، وَلَمْ يَمْتَثِلْ النَّائِبُ مِنْ غَيْرِ تَدَارُكٍ فِي بَاقِيهَا وَدَمُ تَرْكِ طَوَافِ الْوَدَاعِ وَاجِبٌ عَلَى غَيْرِ حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَمُتَحَيِّرَةٍ عَلَى مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَخَائِفٍ مِنْ ظَالِمٍ أَوْ فَوْتِ رُفْقَةٍ أَوْ غَرِيمٍ، وَهُوَ مُعْسِرٌ وَنَحْوِ ذَلِكَ سَافَرَ مِنْ مَكَّةَ لَا لِنُسُكٍ بِعَرَفَةَ أَوْ مِنْ مِنًى، وَهُوَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا وَكَانَ حَاجًّا، وَلَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ بِقَصْدِ الْوَدَاعِ أَوْ طَافَ وَمَكَثَ لَا يَسِيرًا لِشُغْلِ السَّفَرِ وَصَلَاةٍ أُقِيمَتْ، وَلَمْ يَعُدْ لَهُ قَبْلَ مَسَافَةِ قَصْرٍ مِنْ مَكَّةَ (قَوْلُهُ لِشَبَهِهِ بِالْفَوَاتِ فِي إيجَابِ الْقَضَاءِ) ؛ وَلِأَنَّهَا كَفَّارَةٌ لِإِفْسَادِ عِبَادَةٍ