بِإِفْسَادِ صَوْمِهِ بِالْجِمَاعِ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْأَيَّامِ (وَمَتَى رَأَى شَوَّالًا) أَيْ هِلَالَهُ (وَحْدَهُ) لَزِمَهُ الْفِطْرُ عَمَلًا بِمُقْتَضَى رُؤْيَتِهِ وَلِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ (فَإِنْ شَهِدَ) بِرُؤْيَتِهِ (ثُمَّ أَفْطَرَ لَمْ يُعَزَّرْ) وَإِنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ حَالَ الشَّهَادَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَفْطَرَ ثُمَّ شَهِدَ بِرُؤْيَتِهِ (سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ) لِتُهْمَةِ دَفْعِ التَّعْزِيرِ عَنْهُ (وَعُزِّرَ) لِإِفْطَارِهِ فِي رَمَضَانَ فِي الظَّاهِرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ صِدْقَهُ مُحْتَمَلٌ وَالْعُقُوبَةُ تُدْرَأُ بِدُونِ هَذَا وَقَدْ يَخْفَى هَذَا عَلَى كَثِيرٍ وَلِمَ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْ يُعْلَمُ دِينَهُ وَأَمَانَتَهُ وَمَنْ يُعْلَمْ مِنْهُ ضِدُّ ذَلِكَ (وَحَقُّهُ) إذَا أَفْطَرَ (أَنْ يُخْفِيَهُ) أَيْ الْإِفْطَارَ لِئَلَّا يُتَّهَمَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ

(فَرْعٌ مَتَى) وَفِي نُسْخَةٍ مَنْ (جَامَعَ) جِمَاعًا مُفْسِدًا (ثُمَّ سَافَرَ لَمْ تَسْقُطْ) عَنْهُ (الْكَفَّارَةُ) لِأَنَّ السَّفَرَ لَا يُنَافِي الصَّوْمَ فَيَتَحَقَّقُ هَتْكُ حُرْمَتِهِ وَلِأَنَّ طُرُوَّهُ لَا يُبِيحُ الْفِطْرَ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيمَا وَجَبَ مِنْ الْكَفَّارَةِ (وَتَسْقُطُ إذَا جُنَّ أَوْ مَاتَ يَوْمَ الْجِمَاعِ) لِأَنَّهُ بَانَ بِطُرُوِّ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي صَوْمٍ لِمُنَافَاتِهِ لَهُ (لَا إنْ مَرِضَ) فِيهِ فَلَا تَسْقُطُ لِلتَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ فِي طُرُوُّ السَّفَرِ وَلَوْ ذَكَرَهُ مَعَهُ كَانَ أَنْسَبَ وَمِثْلُهُمَا طُرُوُّ الرِّدَّةِ وَحُذِفَ مِنْ أَصْلِهِ مَا لَوْ طَرَأَ الْحَيْضُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَفْطَرَتْ بِالْجِمَاعِ لَا يَلْزَمُهَا الْكَفَّارَةُ إلَّا عَلَى وَجْهٍ مَرْجُوحٍ

(فَرْعٌ وَهِيَ) أَيْ هَذِهِ الْكَفَّارَةُ مُرَتَّبَةٌ (كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ) فَهِيَ (عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ وَلَوْ لِغِلْمَةٍ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا غَيْرَ أَهْلِهِ) لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ وَالْكَلَامُ عَلَى صِفَةِ الْكَفَّارَةِ مُسْتَوْفًى فِي بَابِهَا وَمِنْهَا كَوْنُ الرَّقَبَةِ مُؤْمِنَةً وَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْمَسَاكِينِ الشَّامِلِينَ لِلْفُقَرَاءِ يُعْطَى مُدًّا مِمَّا يَكُونُ فُطْرَةً وَالْغُلْمَةُ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ الْحَاجَةُ إلَى النِّكَاحِ وَوَجْهُ جَوَازِ عُدُولِهِ بِهَا إلَى الْإِطْعَامِ أَنَّ حَرَارَةَ الصَّوْمِ مَعَهَا قَدْ تَقْضِي بِهِ إلَى الْوَطْءِ وَلَوْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْ الشَّهْرَيْنِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي اسْتِئْنَافَهُمَا وَهُوَ حَرَجٌ شَدِيدٌ وَوَرَدَ فِي خَبَرِ «سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ الْمُظَاهِرِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَمَرَهُ بِالصَّوْمِ بَعْدَ وَطْئِهِ الْمُعَلَّقِ بِهِ ظِهَارَةٌ قَالَ لَهُ سَلَمَةُ وَهَلْ أَتَيْت إلَّا مِنْ الصَّوْمِ» وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ فِي الْبَابَيْنِ وَعَبَّرَ فِي الْأَصْلِ وَالْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِمَا بِشِدَّةِ الْغُلْمَةِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ لِشِدَّةِ غُلْمَةٍ لَوَافَقَ ذَلِكَ أَمَّا أَهْلُهُ فَلَا يَصْرِفُ الْمُكَفِّرُ مِنْ كَفَّارَتِهِ شَيْئًا لَهُ (وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا) كَالزَّكَوَاتِ وَسَائِرِ الْكَفَّارَاتِ وَأَمَّا قَوْلُهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَبَرِ أَطْعِمْهُ أَهْلَك» فَفِي الْأُمِّ كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَهُ بِفَقْرِهِ صَرَفَهُ لَهُ صَدَقَةً أَوْ أَنَّهُ مَلَّكَهُ إيَّاهُ وَأَمَرَهُ بِالتَّصَدُّقِ بِهِ فَلَمَّا أَخْبَرَهُ بِفَقْرِهِ أَذِنَ لَهُ فِي صَرْفِهَا لَهُمْ لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ الْكِفَايَةِ أَوْ أَنَّهُ تَطَوَّعَ بِالتَّكْفِيرِ عَنْهُ وَسَوَّغَ لَهُ صَرْفَهَا لِأَهْلِهِ لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّ لِغَيْرِ الْمُكَفِّرِ التَّطَوُّعَ بِالتَّكْفِيرِ عَنْهُ بِإِذْنِهِ وَأَنَّ لَهُ صَرْفَهَا لِأَهْلِ الْمُكَفِّرِ عَنْهُ أَيْ وَلَهُ فَيَأْكُلُ هُوَ وَهُمْ مِنْهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ وَالْقَاضِي نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ وَحَاصِلُ الِاحْتِمَالَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَنَّهُ صَرَفَ لَهُ ذَلِكَ تَطَوُّعًا قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ

(وَيَجِبُ) لِإِفْسَادِ الصَّوْمِ بِالْجِمَاعِ (الْقَضَاءُ مَعَ الْكَفَّارَةِ) وَلَوْ بِالصَّوْمِ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ عَلَى الْمَعْذُورِ فَعَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى وَلِلْأَمْرِ بِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَيَجِبُ مَعَهَا التَّعْزِيرُ أَيْضًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَحَلِّهِ وَنُقِلَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْبَغَوِيِّ وَابْنِ الصَّلَاحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (وَإِذَا عَجَزَ) عَنْ جَمِيعِ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ (ثَبَتَتْ فِي ذِمَّتِهِ وَكَذَا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ وَالْقَتْلِ وَالظِّهَارِ) لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الْأَعْرَابِيَّ بِأَنْ يُدَارَ مِمَّا دَفَعَهُ إلَيْهِ مَعَ إخْبَارِهِ بِعَجْزِهِ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا ثَابِتَةٌ فِي الذِّمَّةِ حِينَئِذٍ وَلِأَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ الْمَالِيَّةَ إذَا عَجَزَ عَنْهَا الْعَبْدُ وَقْتَ وُجُوبِهَا فَإِنْ كَانَتْ لَا بِسَبَبٍ مِنْهُ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ لَمْ تَسْتَقِرَّ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ كَانَتْ بِسَبَبٍ مِنْهُ اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَفِدْيَةِ الْحَلْقِ أَمْ لَا كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ وَالْيَمِينِ وَالْجِمَاعِ وَدَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ لَا يُقَالُ لَوْ اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ لَأَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَوَاقِعَ بِإِخْرَاجِهَا بَعْدُ لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ لَمْ يَقَعْ كَفَّارَةً عَلَى مَا مَرَّ وَلَوْ سَلَّمَ فَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ وَهُوَ وَقْتُ الْقُدْرَةِ وَمَتَى قَدَرَ عَلَى إحْدَى الْخِصَالِ فَعَلَهَا كَمَا لَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهَا حَالَ الْوُجُوبِ وَكَلَامُ التَّنْبِيهِ يَقْتَضِي أَنَّ الثَّابِتَ فِي ذِمَّتِهِ هُوَ الْخَصْلَةُ الْأَخِيرَةُ وَكَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إحْدَى الْخِصَالِ الثَّلَاثِ وَأَنَّهَا مُخْبِرَةٌ وَكَلَامُ الْجُمْهُورِ يَقْتَضِي أَنَّهُ الْكَفَّارَةُ وَأَنَّهَا مُرَتَّبَةٌ فِي الذِّمَّةِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ثُمَّ إنْ قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ فَعَلَهَا أَوْ أَكْثَرَ رَتَّبَ

(فَصْلٌ تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِثَلَاثَةِ طُرُقٍ الْأَوَّلُ بِالْبَدَلِيَّةِ) عَنْ الصَّوْمِ أَيْ بِفَوَاتِهِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى (فَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا أَوْ كَفَّارَةً بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ فِي تَرِكَتِهِ) سَوَاءٌ أَتَرَكَ الْأَدَاءَ بِعُذْرٍ أَمْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَالْمَيْتَةُ

[فَرْعٌ رَأَى هِلَال رَمَضَان وَحْده]

(قَوْلُهُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَنْ يَعْلَمُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا يُجَابُ بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِرَمَضَانَ مَعَ وُجُودِ قَرِينَةِ التُّهْمَةِ اقْتَضَى وُجُوبَ التَّشْدِيدِ فِيهِ وَعَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّالِحِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَرْعٌ جَامِع جِمَاعًا مُفْسِدًا لِلصِّيَامِ ثُمَّ سَافَرَ]

(قَوْلُهُ وَتَسْقُطُ إذَا جُنَّ أَوْ مَاتَ إلَخْ) لَوْ سَافَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ جُنُونٌ أَوْ مَوْتٌ فَالظَّاهِرُ أَيْضًا سُقُوطُ الْإِثْمِ قَالَ النَّاشِرِيُّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ عَنْهُ إثْمٌ قَصَدَ تَرْكَ الْجُمُعَةِ وَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ إثْمُ عَدَمِ الْإِتْيَانِ بِهَا كَمَا إذَا وَطِئَ زَوْجَتَهُ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ وَقَوْلُهُ قَالَ النَّاشِرِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِمَا وَمِثْلُهُمَا طُرُوُّ الرِّدَّةِ أَيْ مِثْلُ طُرُوُّ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ الرِّدَّةُ فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَلَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ الْجِمَاعِ فِي يَوْمِهِ لَمْ تَسْقُطْ الْكَفَّارَةُ بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَهُوَ أَصَحُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَطُرُوُّ الرِّدَّةِ لَا يُسْقِطُهَا قَطْعًا

(قَوْلُهُ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ) لِقَوْلِهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُظَاهِرِ» وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ مُرَتَّبَةٌ هَكَذَا بِالْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّ فِيهَا صَوْمًا مُتَتَابِعًا فَكَانَتْ مُرَتَّبَةً كَالْقَتْلِ وَلِأَنَّهَا كَفَّارَةٌ ذُكِرَ فِيهَا الْأَغْلَظُ أَوَّلًا وَهُوَ الْعِتْقُ فَكَانَتْ مُرَتَّبَةً كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْجُمْهُورِ يَقْتَضِي أَنَّهُ الْكَفَّارَةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَصْلٌ فِدْيَةُ الصَّوْم]

(فَصْلٌ تَجِبُ الْفِدْيَةُ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015