مَاتَ سَيِّدُهُ وَلَهُ وَرَثَةٌ لَمْ يَعْتِقْ إلَّا بِأَدَاءِ حُقُوقِهِمْ إلَيْهِمْ) كُلِّهِمْ (أَوْ إلَى وَلِيِّ الطِّفْلِ) أَوْ نَحْوِهِ (فَإِنْ كَانَ لَهُ وَصِيَّانِ لَمْ يَعْتِقْ إلَّا بِالدَّفْعِ إلَيْهِمَا إلَّا أَنْ يَثْبُتَ الِاسْتِقْلَالُ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَأَوْصَى بِوَصَايَا) فَإِنْ أَوْصَى بِتَنْفِيذِهَا (إلَى وَصِيٍّ) غَيْرِ الْوَارِثِ (لَمْ يَعْتِقْ إلَّا بِالدَّفْعِ إلَى الْوَصِيِّ وَالْوَارِثِ) فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ هُوَ الْوَصِيُّ عَتَقَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ فَالْقَاضِي) يَقُومُ مَقَامَهُ (لَا بِالدَّفْعِ إلَى الْغَرِيمِ وَلَا إلَى الْوَارِثِ إلَّا إنْ قَضَى الدَّيْنَ وَالْوَصَايَا) فَيَعْتِقُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ (وَفِي عِتْقِهِ بِالْأَدَاءِ إلَى غَرِيمٍ دَيْنُهُ مُسْتَغْرِقٌ) لِلتَّرِكَةِ (وَإِلَى الْمُوصَى لَهُ بِالنُّجُومِ خِلَافٌ) ذُكِرَ الْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ عَدَمِ التَّرْجِيحِ فِيهَا مِنْ تَصَرُّفِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ الْجَزْمُ فِيهَا بِأَنَّهُ يَعْتِقُ بِالدَّفْعِ إلَى الْمُوصَى لَهُ، وَأَمَّا الْأَوْلَى فَحَكَى الْأَصْلُ فِيهَا عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ فِيهَا بِالدَّفْعِ إلَى الْغَرِيمِ وَعَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ يَعْتِقُ بِهِ إنْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ التَّرِكَةَ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَا قَالَهُ الْقَاضِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ. قَالَ لَكِنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ اسْتِغْرَاقَ الدَّيْنِ لِلتَّرِكَةِ وَلَعَلَّهُ الْمُرَادُ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ الْإِرْثَ، وَأَنَّ غَيْرَ الْمُسْتَغْرِقِ مِنْهُ لَيْسَ كَالْمُسْتَغْرِقِ فِي الْمَنْعِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي التَّرِكَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِمُقَابِلَتِهِمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ فَالرَّاجِحُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ.

(وَإِنْ أَوْصَى بِالنُّجُومِ لِلْفُقَرَاءِ) أَوْ الْمَسَاكِينِ (أَوْ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ) مِنْهَا (تَعَيَّنَتْ لَهُ) كَمَا لَوْ أَوْصَى بِهَا لِإِنْسَانٍ (وَسَلَّمَهَا) الْمُكَاتَبُ (إلَى الْمُوصَى لَهُ) بِتَفْرِقَتِهَا أَوْ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْهَا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْقَاضِي يُسَلِّمُهَا إلَيْهِ، وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ (كَاتَبَ ابْنَ أَخِيهِ وَمَاتَ وَوَارِثُهُ أَخُوهُ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ) عَلَيْهِ. عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ وَالْمُكَاتَبُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَى الْوَارِثِ عَتَقَ عَلَيْهِ.

(وَإِنْ وَرِثَ رَجُلٌ زَوْجَتَهُ الْمُكَاتَبَةَ أَوْ وَرِثَتْ هِيَ) أَيْ امْرَأَةٌ (زَوْجَهَا الْمُكَاتَبَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَلَكَ زَوْجَهُ أَوْ بَعْضَهُ (وَلَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ زَوْجَتَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ) وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ أَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي (انْفَسَخَ النِّكَاحُ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَلَكَ زَوْجَهُ.

[كتاب أمهات الأولاد]

(كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ فَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا جَمْعُ أُمٍّ وَأَصْلُهَا أُمَّهَةٌ بِدَلِيلِ جَمْعِهَا عَلَى ذَلِكَ. قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأُمَّهَاتُ لِلنَّاسِ وَالْأُمَّاتُ لِلْبَهَائِمِ، وَقَالَ غَيْرُهُ يُقَالُ فِيهِمَا أُمَّهَاتٌ وَأُمَّاتٌ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَكْثَرُ فِي النَّاسِ، وَالثَّانِيَ أَكْثَرُ فِي غَيْرِهِمْ وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ «أَيُّمَا أَمَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهِيَ حُرَّةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَخَبَرُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي مَارِيَةَ أُمِّ إبْرَاهِيمَ لَمَّا وَلَدَتْ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» أَيْ أَثْبَتَ لَهَا حَقُّ الْحُرِّيَّةِ رَوَاهُ ابْنُ حَزْمٍ وَصَحَّحَهُ وَلَكِنْ عَلَّلَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَخَبَرُ «أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ يُبَعْنَ وَلَا يُوهَبْنَ وَلَا يُورَثْنَ يَسْتَمْتِعُ مِنْهَا سَيِّدُهَا مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَا وَقْفَهُ عَلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَخَالَفَ ابْنُ الْقَطَّانِ فَصَحَّحَ رَفْعَهُ وَحَسَّنَهُ، وَقَالَ رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَاسْتَشْهَدَ الْبَيْهَقِيُّ بِقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «لَمْ يَتْرُكْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً» وَكَانَتْ مَارِيَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُخَلَّفِ عَنْهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا أُعْتِقَتْ بِمَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَبَبُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ انْعِقَادُ الْوَلَدِ حُرًّا لِلْإِجْمَاعِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا» وَفِي رِوَايَةٍ رَبَّهَا أَيْ سَيِّدَهَا فَأَقَامَ الْوَلَدَ مَقَامَ أَبِيهِ وَأَبُوهُ حُرٌّ.

فَكَذَا هُوَ (إذَا أَحْبَلَ) رَجُلٌ حُرٌّ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ (أَمَتَهُ) بِأَنْ عَلَقَتْ مِنْهُ، وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ بِاسْتِدْخَالِ مَائِهِ أَوْ ذَكَرِهِ وَهُوَ نَائِمٌ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ كَمَا فِي مَحَلِّهِ (فَوَلَدَتْ) وَلَدًا حَيًّا أَوْ مَيِّتًا (وَلَوْ) مُضْغَةً

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَفِي عِتْقِهِ بِالْأَدَاءِ إلَى غَرِيمٍ دَيْنُهُ مُسْتَغْرِقٌ إلَخْ) الرَّاجِحُ عِتْقُهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَحَكَى الْأَصْلُ فِيهَا عَنْ الْبَغَوِيّ إلَخْ) هَذَا إذَا دَفَعَهُ إلَى الْغَرِيمِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَارِثِ فَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ بِإِذْنِهِ فَلَا شَكَّ فِي الْإِعْتَاقِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ يُقَالُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَبْضُ الْوَارِثُ صَحِيحًا فِي الِابْتِدَاءِ فَكَيْفَ قَالَ آخَرُ أَلَا يَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ وَإِنْ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ غَيْرَ صَحِيحٍ فَإِذَا قَضَى الْوَارِثُ الدَّيْنَ وَالْوَصَايَا لِمَ قُلْت يَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ بِقَبْضٍ غَيْرِ صَحِيحٍ وَجَوَابُهُ أَنَّا نَقُولُ هُوَ صَحِيحٌ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَيْسَ كَبَيْعِ الْوَارِثِ مَعَ وُجُودِ الدَّيْنِ الْمُقَارِنِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ تَفْوِيتٌ وَلَكِنَّهُ إذَا لَمْ يَقْضِ الدَّيْنَ بَانَ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ كَانَ مَرْهُونًا عِنْدَ أَصْحَابِ الدَّيْنِ رَهْنًا بِالشَّرْعِ نَظَرًا لِلْمَيِّتِ فَلَمَّا قَبَضَ الْوَارِثُ كَانَ قَدْ قَبَضَ بِالْمِلْكِ فَلَمَّا لَمْ يَحْصُلْ الْمَقْصُودُ لَمْ يَعْتِقْ الْمُكَاتَبُ كَمَا لَوْ بِيعَ الْمَرْهُونُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ لِلْوَفَاءِ فَتَلِفَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ الْقَبْضِ يَعُودُ الرَّهْنُ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ زَوْجَتَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) الرَّاجِحُ فِي الثَّانِيَةِ عَدَمُ انْفِسَاخِهِ قَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ فِي الثَّانِيَةِ خِلَافُهُ

[كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

(كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اُخْتُلِفَ أَيُّهُمَا أَقْوَى الْعِتْقُ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالِاسْتِيلَادِ فَقِيلَ الْعِتْقُ أَقْوَى لِتَرَتُّبِ مُسَبَّبِهِ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَتَأَخُّرِهِ فِي الِاسْتِيلَادِ وَلِحُصُولِ الْمُسَبَّبِ فِي الْعِتْقِ قَطْعًا بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ لِجَوَازِ مَوْتِ الْمُسْتَوْلَدَةِ أَوْ وَلِأَنَّ الْعِتْقَ بِالْقَوْلِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ وَقِيلَ الِاسْتِيلَادُ أَقْوَى لِنُفُوذِهِ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَدَلَّ عَلَى زِيَادَةِ اهْتِمَامِ الشَّرْعِ بِالِاسْتِيلَادِ فَيَكُونُ أَقْوَى. اهـ. قَالَ بَعْضُهُمْ وَالظَّاهِرُ هُوَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ) أَيْ وَأَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ (قَوْلُهُ رَوَاهُ ابْنُ حَزْمٍ وَصَحَّحَهُ) وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهُ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْهَدَ الْبَيْهَقِيُّ بِقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَمْ يَتْرُكْ رَسُولُ اللَّهِ إلَخْ) رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَانَتْ مَارِيَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُخَلَّفِ عَنْهُ) وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا فِي حَيَاتِهِ وَلَا عَلَّقَ عِتْقَهَا بِوَفَاتِهِ (قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ إلَخْ) وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَأْتِي السَّبَايَا وَنُحِبُّ أَثْمَانَهُنَّ فَمَا تَرَى فِي الْعَزْلِ فَقَالَ مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ» (قَوْلُهُ حُرٌّ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ) بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ أَوْ بِاسْتِدْخَالِ مَائِهِ) أَيْ الْمُحْتَرَمِ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ إلَخْ) فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لَمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015