مَا قُبِضَ) مِنْ النُّجُومِ (نَاقِصٌ وُزِنَ) فِي الْمَوْزُونِ (أَوْ كِيلَ) فِي الْمَكِيلِ (فَلَا عِتْقَ) سَوَاءٌ أَبَقِيَ بِيَدِهِ أَمْ تَلِفَ لِخَبَرِ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» (وَإِنْ رَضِيَ) بِهِ (عَتَقَ بِالْإِبْرَاءِ عَنْ الْبَاقِي) .
فَرْعٌ لَوْ (اُسْتُحِقَّ بَعْضُ النُّجُومِ، وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ بَانَ أَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا) ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ لَمْ يَصِحَّ (وَتَرِكَتُهُ لِلسَّيِّدِ لَا لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ قَالَ لَهُ حِينَ أَدَّى) النُّجُومَ (اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ) أَوْ فَقَدْ عَتَقْت (لِأَنَّهُ بَنِي عَلَى الظَّاهِرِ) وَهُوَ صِحَّةُ الْأَدَاءِ فَهُوَ (كَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا فَاسْتُحِقَّ فَقَالَ فِي الْمُخَاصَمَةِ) مَعَ الْمُدَّعِي (هُوَ مِلْكُ بَائِعِي) إلَى أَنْ اشْتَرَيْته مِنْهُ (لَمْ يَضُرَّهُ) فِي رُجُوعِهِ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ (فَيَرْجِعُ) عَلَيْهِ بِهِ (فَلَوْ قَالَ) الْمُكَاتَبُ لِسَيِّدِهِ (أَعْتَقْتنِي بِقَوْلِك أَنْت حُرٌّ) أَوْ فَقَدْ عَتَقْت (وَقَالَ) السَّيِّدُ إنَّمَا (أَرَدْت) أَنَّك حُرٌّ (بِمَا أَدَّيْت) وَبَانَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ الْأَدَاءُ (صُدِّقَ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ لِلْقَرِينَةِ) أَيْ عِنْدَهَا كَقَبْضِ النُّجُومِ عِنْدَ إطْلَاقِ الْحُرِّيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا فُقِدَتْ.
(وَلَوْ قِيلَ لَهُ طَلَّقْت امْرَأَتَك فَقَالَ نَعَمْ طَلَّقْتهَا ثُمَّ قَالَ ظَنَنْت أَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي جَرَى بَيْنَنَا طَلَاقٌ وَقَدْ أَفْتَانِي بِخِلَافِهِ الْفُقَهَاءُ، وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ بَلْ طَلَّقْتنِي لَمْ يُقْبَلْ مِنْ الزَّوْجِ) مَا قَالَهُ (إلَّا بِقَرِينَةٍ) كَأَنْ تَخَاصَمَا فِي لَفْظَةٍ أَطْلَقَهَا فَقَالَ ذَلِكَ ثُمَّ إذَا ذَكَرَ التَّأْوِيلَ يُقْبَلُ قَالَ فِي الْوَسِيطِ وَهَذَا فِي الصُّورَتَيْنِ تَفْصِيلٌ لِلْإِمَامِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْهُ، وَقَالَ إنَّهُ قَوِيمٌ لَا بَأْسَ بِالْأَخْذِ بِهِ لَكِنْ قَالَ فِي الْوَسِيطِ فِي الْأُولَى إنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ سَوَاءٌ أَقَالَهُ جَوَابًا عَنْ سُؤَالِ حُرِّيَّتِهِ أَمْ ابْتِدَاءً اتَّصَلَ بِقَبْضِ النُّجُومِ أَوْ لَا، وَأَطْلَقَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ فِيهِمَا أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا فِي الْوَسِيطِ قَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِيهِمَا وَكَلَامُ الْإِمَامِ بَحْثٌ لَهُ قَائِلًا فِيهِ وَتَصْدِيقُهُ بِلَا قَرِينَةٍ عِنْدِي غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ جَرَى بِالتَّصْرِيحِ فَقَبُولُ قَوْلِهِ فِي دَفْعِهِ مُحَالٌ وَقَدْ يُؤَيِّدُ كَلَامَهُ بِمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ، ثُمَّ قَالَ كَانَ فَاسِدًا وَأَقْرَرْت لِظَنِّي الصِّحَّةَ لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الصَّحِيحِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ لَمْ يُعَيِّنْ مُسْتَنَدَ ظَنِّهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى كَلَامِ الصَّيْدَلَانِيِّ بِجَعْلِ الْقَرِينَةِ شَامِلَةً لِلْحَالِ وَالْمَاضِي.
(الْحُكْمُ الثَّانِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ الْإِيتَاءُ) لِلْمُكَاتَبِ (فِي صَحِيحِ الْكِتَابَةِ) دُونَ فَاسِدِهَا قَالَ تَعَالَى {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] وَفُسِّرَ الْإِيتَاءُ بِأَنْ يَحُطَّ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ النُّجُومِ أَوْ يَبْذُلَهُ وَيَأْخُذَ النُّجُومَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْإِعَانَةُ عَلَى الْعِتْقِ (وَالْحَطُّ) عَنْهُ (أَفْضَلُ مِنْ إعْطَائِهِ وَهُوَ الْأَصْلُ وَالْإِعْطَاءُ بَدَلٌ عَنْهُ) لِأَنَّ الْإِعَانَةَ فِيهِ مُحَقَّقَةٌ وَفِي الْإِعْطَاءِ مَوْهُومَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُنْفِقُ الْمَالَ فِي جِهَةٍ أُخْرَى (وَإِنْ أَبْرَأَهُ) عَنْ النُّجُومِ (أَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ، وَلَوْ بِعِوَضٍ فَلَا إيتَاءَ) عَلَيْهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ يَأْتِي فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ أَيْضًا بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِهِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِيهِ خَاصَّةً وَالْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهَا الْهِبَةُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الصَّدَاقِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ، ثُمَّ إنَّهُ يَجِبُ الْإِيتَاءُ إنْ كَانَ السَّيِّدُ قَبَضَ النُّجُومَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ إبْرَاءٌ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَاسْتَثْنَى أَيْضًا الْمَحَامِلِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ مَا لَوْ كَاتَبَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَالثُّلُثُ لَا يَحْتَمِلُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَمَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَنْفَعَتِهِ.
(وَوَقْتُ الْوُجُوبِ) لِلْإِيتَاءِ (قَبْلَ الْعِتْقِ) لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى تَحْصِيلِهِ كَمَا يَدْفَعُ إلَيْهِ سَهْمَ الْمُكَاتَبِينَ قَبْلَ الْعِتْقِ، فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ أَثِمَ وَكَانَ قَبْضًا، فَقَوْلُ الْأَصْلِ وَيَجُوزُ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَالْعِتْقِ لَكِنْ يَكُونُ قَضَاءً فِيهِ تَمَسُّحٌ (وَيَجُوزُ) الْإِيتَاءُ (مِنْ) وَقْتِ (الْعَقْدِ) لِلْكِتَابَةِ (وَيَتَعَيَّنُ فِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ فِي غَيْرِهِ) فَلَا يَتَعَيَّنُ فِي الْأَخِيرِ عَيْنًا لَكِنَّهُ أَلْيَقُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعِتْقِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ النُّجُومِ) أَيْ بِبَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَإِلْزَامِ الْحَاكِمِ لَا بِإِقْرَارٍ وَيَمِينٍ مَرْدُودَةٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بَنَى عَلَى الظَّاهِرِ) فَمُطْلَقُ قَوْلِ السَّيِّدِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بِمَا أَدَّى وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ إرَادَتَهُ قَالَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ دَالَّةٌ عَلَى ذَلِكَ فَيُسْتَغْنَى عَنْ النِّيَّةِ، وَكَتَبَ أَيْضًا نَظِيرَ ذَلِكَ مَا إذَا قَالَ السَّيِّدُ إنَّ عَبْدَهُ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ إنَّمَا قُلْت ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْإِخْبَارِ لِظَنِّيِّ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ أَوْ نَحْوِهَا ثُمَّ أَفْتَانِي الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ، وَقَالَ الْعَبْدُ إنَّمَا أَرَدْت الْإِنْشَاءَ فَالْمُصَدَّقُ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ أَعْتَقْتنِي بِقَوْلِك أَنْتَ حُرٌّ) أَيْ قَصَدْت إنْشَاءَ عِتْقِي (قَوْلُهُ كَقَبْضِ النُّجُومِ عِنْدَ إطْلَاقِ الْحُرِّيَّةِ) إذْ السِّيَاقُ يَقْتَضِي أَنَّ مُطْلَقَ قَوْلِ السَّيِّدِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بِمَا أَدَّى وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ إرَادَتَهُ، وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ دَالَّةٌ عَلَى ذَلِكَ فَيُسْتَغْنَى بِهَا عَنْ النِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَقَالَهُ جَوَابًا عَنْ سُؤَالِ حُرِّيَّتِهِ أَمْ ابْتِدَاءً) اتَّصَلَ بِقَبْضِ النُّجُومِ أَمْ لَا لِشُمُولِ الْعُذْرِ (قَوْلُهُ فَقَبُولُ قَوْلِهِ فِي دَفْعِهِ مُحَالٌ) وَلَوْ فُتِحَ هَذَا الْبَابُ لَمَا اسْتَقَرَّ إقْرَارٌ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى كَلَامِ الصَّيْدَلَانِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ. قَيَّدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَسْأَلَةَ الْكِتَابَةِ بِمَا إذَا قَصَدَ الْإِخْبَارَ قَالَ فَإِنْ قَصَدَ الْإِنْشَاءَ بَرِئَ الْمُكَاتَبُ وَعَتَقَ، فَلَوْ قَالَ أَرَدْت الْأَوَّلَ، وَقَالَ الْمُكَاتَبُ بَلْ الثَّانِي صُدِّقَ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ جَزَمَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْبَغَوِيُّ وَقَيَّدَهَا الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا بِقَصْدِ الْإِخْبَارِ، فَلَوْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْشَاءِ أَوْ أَطْلَقَ عَتَقَ عَنْ الْكِتَابَةِ وَتَبِعَهُ كَسْبُهُ وَأَوْلَادُهُ وَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى مَا يَقْتَضِيه فَقَالَ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا أَرَادَ إحْدَاثَ عِتْقٍ لَهُ عَلَى غَيْرِ الْكِتَابَةِ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ لَيْسَ هَذَا النَّصُّ إلَّا حَالَةَ إرَادَةِ الْإِنْشَاءِ وَالْأَمْرُ فِيهَا بَيِّنٌ وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِحَالَةِ الْإِطْلَاقِ.
(قَوْلُهُ الْحُكْمُ الثَّانِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ الْإِيتَاءُ) فِي صَحِيحِ الْكِتَابَةِ قَالَ الْخَفَّافُ فِي الْخِصَالِ وَلَيْسَ لَنَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَجِبُ حَطُّ شَيْءٍ مِنْهُ إلَّا فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِهِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِيهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ وَالْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ) قَالَ الْفَتِيّ لَا مَعْنَى لَهُ فَإِنَّهُ إذَا أَبْرَأَهُ عَنْ مُتَمَوَّلٍ حَصَلَ الْإِيتَاءُ فَكَيْفَ يَقُولُ إنَّهُ إذَا أَبْرَأَهُ مِنْ جَمِيعِ النُّجُومِ فَلَا إيتَاءَ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى أَيْضًا الْمَحَامِلِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ لَكِنَّهُ أَلْيَقُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعِتْقِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَإِنَّمَا يَتَرَجَّحُ النَّجْمُ الْأَخِيرُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّفْعِ أَوَّلًا مَا يُعِينُ عَلَى الْكَسْبِ وَحِينَئِذٍ فَيَتَرَجَّحُ هَذَا وَيَنْضَمُّ إلَى ذَلِكَ التَّعْجِيلِ بِأَدَاءِ الْوَاجِبِ