بِتَحْلِيفِ الْقَاضِي كَمَا مَرَّ (وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ وَدِيعَةً لَمْ يَكْفِ أَنْ يَقُولَ) فِي الْجَوَابِ (لَا يَلْزَمُنِي الدَّفْعُ) إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُودِعَ لَا دَفْعَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ (بَلْ يَقُولُ) فِي الْجَوَابِ مَا (أَوْدَعْتنِي أَوْ تَلِفَتْ) فِي يَدِي (أَوْ رَدَدْتهَا) إلَيْك وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِهِمْ مِمَّا ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي مُؤَوَّلٌ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَلَوْ أَثْبَتَ) شَخْصٌ عَلَى آخَرَ (أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِحِفْظِ سَفِينَةٍ) لَهُ (بِدِينَارٍ وَأَثْبَتَ الْآخَرُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا) مِنْهُ (بِهِ تَعَارَضَتَا) أَيْ الْبَيِّنَتَانِ (أَوْ) شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِشَخْصٍ عَلَى آخَرَ (أَنَّهُ قَتَلَهُ فِي وَقْتٍ) مُعَيَّنٍ (وَشَهِدَتْ) الْبَيِّنَةُ (الْأُخْرَى أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ الْوَقْتَ عِنْدَنَا) وَلَمْ يَغِبْ عَنَّا (وَأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ تَعَارَضَتَا) بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّفْيَ إذَا كَانَ فِي مَحْصُورٍ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِهِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِهِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ ادَّعَى) شَخْصٌ (أَنَّ الدَّارَ مِلْكِي وَفُلَانٌ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (يَمْنَعُنِي مِنْهَا تَعَدِّيًا لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا لَهُ بِالْيَدِ) وَهَذَا طَرِيقٌ يَسْلُكُهُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدَّعِي وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقِرَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْيَدِ وَظَاهِرُ كَلَامُهُ أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي الْفَصْلِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاصِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا نَقَلَ عَنْهُ الْأُولَى فَقَطْ وَنَقَلَ مَا عَدَاهَا عَنْ الْعَبَّادِيِّ

[الباب السابع في إلحاق القائف النسب عند الاشتباه]

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي إلْحَاقِ الْقَائِفِ) النَّسَبُ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَقَالَ أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا عَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا بِهَا رُءُوسَهُمَا وَقَدْ بَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا كَانَتْ بَالِغَةً رَشِيدَةً شَهِدَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُمَا رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَا تُسْمَعُ وَلَا يُنْقَضُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ قُبِلَ وَلَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمَا وَإِنْ أَصَرَّا عَلَيْهَا كَمَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى فِسْقِهِمَا يُمْتَنَعُ الْقَضَاءُ قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ تُسْمَعَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْقَضَاءِ أَيْضًا لِغَرَضِ التَّغْرِيمِ لِلشُّهُودِ لَا لِإِبْطَالِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بَاعَ دَارًا بِحُضُورِ فَقِيهٍ ثُمَّ صَارَ قَاضِيًا فَادَّعَى الْبَائِعُ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةٍ عِنْدَهُ أَنَّ تِلْكَ الدَّارُ مِلْكُهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً مُطْلَقَةً عَلَى ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ لَهُ بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ عَلِمَ انْتِقَالَ الْمِلْكِ مِنْهُ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي الِامْتِنَاعُ عَنْ الْقَضَاءِ بِعِلْمِ نَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ انْتِقَالَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ فَتُسْمَعُ وَيَقْضِي لَهُ بِالْبَيِّنَةِ.

وَكَذَا لَوْ ادَّعَى وَارِثُهُ عَلَى هَذَا الْمُشْتَرِي رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ يَسْكُنَانِ دَارًا فَادَّعَى أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَالدَّارُ دَارِهِ وَهِيَ أَنَّهُ عَبْدُهَا وَالدَّارُ دَارُهَا قَالَ يَحْلِفُ الرَّجُلُ عَلَى نَفْيِ الرِّقِّ وَهِيَ عَلَى نَفْيِ الزَّوْجِيَّةِ وَيَحْلِفَانِ عَلَى الدَّارِ وَتَبْقَى بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُضِيَ لَهُ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَبَيِّنَتُهَا أَنَّ الرَّجُلَ عَبْدُهَا أَوْلَى لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ كَانَ رَقِيقًا وَإِذَا حَكَمْنَا لَهَا بِمِلْكِيَّةِ الرَّجُلِ كَانَتْ الدَّارُ لَهَا قُلْت وَعَنْ رِوَايَةِ شُرَيْحٍ أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ مُتَعَارِضَتَانِ وَقِيلَ يُحْكَمُ بِبَيِّنَةٍ لِرَجُلٍ فَحَصَلَ ثَلَاثَةُ آرَاءٍ غ وَكَتَبَ أَيْضًا مَدْرَسَةٌ مَوْقُوفَةٌ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ النَّظَرَ لَهُ فِيهَا وَلَمْ يُسَنِّدْ النَّظَرَ إلَى الْوَاقِفِ وَلَا أَنَّهُ تَلَقَّاهُ مِنْ جِهَتِهِ وَكَتَبَ مَحْضَرًا فَشَهِدَ لَهُ جَمَاعَةٌ عُدُولٌ بِأَنَّ لَهُ النَّظَرَ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَفِي أَوْقَافِهَا وَلَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ شَهِدَ عَلَى الْوَاقِفِ وَلَا عَلَى شَهَادَةِ مِنْ شَهِدَ عَلَى الْوَاقِفِ فَسَأَلَهُمْ الْحَاكِمُ الْمُتَنَازَعُ لَدَيْهِ عَنْ مُسْتَنِدِ شَهَادَتِهِمْ هَلْ عَلَى الْوَاقِفِ وَإِقْرَارِهِ أَوْ بِالِاسْتِفَاضَةِ فَلَمْ يُسْنِدُوا ذَلِكَ وَصَمَّمُوا وَقَالُوا نَعْلَمُ ذَلِكَ فَهَلْ تَنْزِلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ مَنْزِلَةَ الشَّهَادَةِ بِالِاسْتِفَاضَةِ أَمْ لَا وَإِذَا كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ بِالِاسْتِفَاضَةِ فَهَلْ تُسْمَعُ شَهَادَتُهُمْ وَيَثْبُتُ بِهَا النَّظَرُ أَمْ لَا وَهَلْ يَلْزَمُهُمْ بَيَانُ سَبَبِ الشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ أَجَابَ الْعِمَادُ بْنُ الشِّيرَازِيِّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ الْوَاقِفِ أَوْ مِمَّنْ فَوَّضَ إلَيْهِ ذَلِكَ الْوَاقِفِ النَّظَرَ وَشَرْطٌ لَهُ أَنْ يُفَوِّضَ إلَى غَيْرِهِ بِحَيْثُ يُسَنِّدُ ذَلِكَ الْوَاقِفَ بِشَرْطِهِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ فِي كِتَابِ الْوَاقِفِ وَلَا فَتَكُونُ شَهَادَةٌ بِالِاسْتِفَاضَةِ بِذَلِكَ وَلَا يَثْبُتُ مِثْلُ هَذَا النَّظَرِ بِالِاسْتِفَاضَةِ.

وَأَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِمَا مِثَالُهُ إذَا كَانَتْ الْحَالُ فِي ذَلِكَ تَأْبَى تَلْقَيْنَهُ ذَلِكَ مِنْ السَّمَاعِ مِنْ الْوَاقِفِ وَمَنْ لَهُ التَّفْوِيضُ فَذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مُسْتَنِدِ الِاسْتِفَاضَةِ وَلَيْسَ يَظْهَرُ ثُبُوتُ ذَلِكَ بِشَهَادَةِ الِاسْتِفَاضَةِ كَتَبَ أَيْضًا لَهُ دَيْنٌ وَبِهِ رَهْنٌ فَأَقَرَّ بِالدَّيْنِ لِزَوْجَتِهِ وَابْنِهِ الَّذِي تَحْتَ حِجْرِهِ فَهَلْ يَنْفَكُّ الرَّهْنُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ أَجَابَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ الْفَزَارِيّ بِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ وَالْجَوَابُ غَلَطٌ صَرِيحٌ فَإِنَّ الرَّهْنَ لِلْأَوَّلِ بِرِضَا صَاحِبِهِ بِيَدِهِ وَلَمْ يَرْضَ بِغَيْرِهِ فَإِذَا انْتَقَلَ الَّذِي إلَى غَيْرِهِ لَمْ يَنْتَقِلْ الرَّهْنُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِيَدِ ذَلِكَ الْآخَرِ وَصُورَةُ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ قَالَ صَارَ الدَّيْنُ لِوَالِدِهِ وَزَوْجَتِهِ بِوَجْهِ حَقٍّ صَحِيحٍ وَإِنَّمَا يَصِيرُ الدَّيْنُ لَهُمَا بِذَلِكَ بِالْحَوَالَةِ وَإِلَّا فَالدَّيْنُ لَا يَصِيرُ لَهُمَا بِوَجْهٍ لَازِمٍ بِغَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ لَوْ قَالَ هَذَا الْمُقِرُّ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا صَحِيحًا لِأَنَّهُمَا لَا حَقَّ لَهُمَا عَلَيَّ وَإِنَّمَا قَصَدْت بِذَلِكَ تَخْصِيصِهِمَا بِهَذَا الدَّيْنِ دُونَ الْوَرَثَةِ وَالْحَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ كَانَ مَرِيضًا حِينَ أَقَرَّ قَالَ الشَّيْخُ وَذَكَرَ أَنَّهُ قَصَدَ ذَلِكَ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ وَاعْتِيَادِ النَّاسِ ذَلِكَ يَشْهَدُ لَهُ فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ يَبْقَى الرَّهْنُ كَمَا كَانَ قَالَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ بَعْدَ اعْتِذَارٍ مِنْهُ الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَعُودُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ الْأَوَّلَ أَوْجَبَ فَكَّ الرَّهْنِ وَذَلِكَ حَقٌّ لِآدَمِيِّ فَلَا يُقْبَلُ الرُّجُوعِ قَالَ الشَّيْخُ وَسَمِعْت الْقَاضِيَ نَجْمَ الدِّينِ بْنَ سُنِّيِّ الدَّوْلَةِ أَيْ الْفَقِيهُ الْعَلَّامَةُ يَقُولُ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَسْطُورَةٌ إذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ وَبِهِ رَهْنٌ فَأَقَرَّ بِالدَّيْنِ لِآخَرِ انْتَقَلَ الدَّيْنُ بِالرَّهْنِ مَعَهُ. اهـ.

قُلْت إنْ أَقَرَّ بِأَنَّ اسْمَهُ فِي الْوَثِيقَةِ كَانَ عَارِيَّةَ وَأَنَّ الْمُدَايِنَةَ وَالِارْتِهَانَ كَانَ لَهُمَا فَلَا شَكَّ فِي بَقَاءِ الرَّهْنِ وَإِنْ أَطْلَقَ أَنَّ الرَّهْنَ كَانَ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْحَالِ فَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى احْتِمَالٍ فِيهِ وَإِنْ دَلَّ كَلَامُهُ عَلَى انْتِقَالِهِ إلَيْهِمَا بِحَوَالَةٍ أَوْ بَيْعٍ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فَالِانْفِكَاكُ هُوَ الظَّاهِرُ وَالِاعْتِرَاضُ صَحِيحٌ وَعَجِيبٌ قَوْلُهُ فَإِنَّ الرَّهْنَ ثَبَتَ لِلْأَوَّلِ إلَخْ فَإِنَّ هَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ تَوْجِيهًا لِعَدَمِ إقْرَارِ يَدِهِمَا لَا لِانْفِكَاكِ الرَّهْنِ وَأَمَّا قَبُولُ قَوْلُ الْمُقِرِّ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ قَصَدَ التَّخْصِيصَ فَظَاهِرٌ فِي حَقِّ الْوَلَدِ بَعِيدٌ فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ لَا يَجِيءُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَصْلًا وَأَمَّا كَوْنُ الرَّهْنِ لَا يَعُودُ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَ فَصَحِيحٌ

[الْبَابُ السَّابِعُ فِي إلْحَاقِ الْقَائِفِ النَّسَبُ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ]

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي إلْحَاقِ الْقَائِفِ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015