فِيمَا لَوْ ادَّعَى رَاكِبُ الدَّابَّةِ إعَارَتَهَا وَالْمَالِكُ إجَارَتَهَا وَعَلَى التَّشْبِيهِ اقْتَصَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَقَضِيَّتُهُ الْأَخْذُ بِتَرْجِيحِ الِاسْتِحْقَاقِ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ وَالتَّشْبِيهُ أَقْرَبُ مِنْ الْبِنَاءِ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ مَعَ أَنَّ الْأُجْرَةَ فِي مَسْأَلَتِنَا مَفْرُوضَةٌ بِخِلَافِهَا فِي الْمُنَظَّرِ بِهَا عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَبْنِ عَلَى تِلْكَ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ، وَإِنَّمَا بَنَى عَلَيْهَا تَوْجِيهَ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَقَالَ عَقِبَهُ، وَهَذَا يُلْتَفَتُ إلَى أَنَّ مَنْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ إلَخْ ثُمَّ ذَكَرَ الْوَجْهَ الثَّانِي
(فَرْعٌ لَوْ ادَّعَى) شَخْصٌ (عَلَى قَاضٍ) بَاقٍ عَلَى قَضَائِهِ مُعَامَلَةً أَوْ غَيْرَهَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْحُكْمِ (حَكَمَ بَيْنَهُمَا خَلِيفَتُهُ أَوْ قَاضٍ آخَرُ) فَصْلًا لِلْخُصُومَةِ (أَوْ) ادَّعَى عَلَيْهِ (أَنَّهُ جَارَ عَلَيْهِ) فِي حُكْمِهِ (أَوْ عَلَى الشَّاهِدِ أَنَّهُ شَهِدَ عَلَيْهِ زُورًا لَمْ يَحْلِفْ) وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا أَمِينَانِ شَرْعًا وَلَوْ فُتِحَ بَابُ تَحْلِيفِهِمَا لَتَعَطَّلَ الْقَضَاءُ وَأَدَاءُ الشَّهَادَةِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ (وَلَمْ يُفِدْ) فِي ذَلِكَ (إلَّا الْبَيِّنَةُ) فَحِينَئِذٍ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ إنَابَةِ الشَّرْعِ وَمَحَلُّ عَدَمِ سَمَاعِهَا عَلَيْهِ إذَا كَانَ مَوْثُوقًا بِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
(الْبَابُ الثَّانِي فِي جَامِعِ آدَابِ الْقَضَاءِ) وَغَيْرِهَا (وَفِيهِ أَطْرَافٌ) أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ فِي آدَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ مِنْهَا أَنْ يَكْتُبَ لَهُ الْإِمَامُ) إذَا وَلَّاهُ الْقَضَاءَ فِي بَلَدٍ كِتَابَ الْعَهْدِ (بِالْوِلَايَةِ وَيَعِظُهُ) فِيهِ وَيَذْكُرُ فِيهِ مَا يَحْتَاجُ إلَى الْقِيَامِ بِهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لِأَنَسٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْبَحْرَيْنِ وَخَتَمَهُ بِخَاتَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
(وَيُشْهِدُ) وُجُوبًا (عَلَيْهَا) أَيْ الْوِلَايَةِ (لِلْبَعِيدِ) مِنْ مَحَلِّهَا عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَ يَبْعَثُهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا لَا يَنْتَشِرُ الْخَبَرُ إلَيْهِ فَلْيُشْهِدْ (شَاهِدَيْنِ يَخْرُجَانِ مَعَهُ) يُخْبِرَانِ بِهَا وَعِنْدَ إشْهَادِهِمَا يَقْرَآنِ الْكِتَابَ أَوْ يَقْرَؤُهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِمَا فَإِنْ قَرَأَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ فَالْأَحْوَطُ أَنْ يَنْظُرَ الشَّاهِدَانِ فِيهِ وَلَوْ أَشْهَدَ وَلَمْ يَكْتُبْ كَفَى فَإِنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الشُّهُودِ (وَلَوْ اسْتَفَاضَ) الْخَبَرُ (كَفَى) عَنْ الْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِفَاضَةَ آكَدُ مِنْهُ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ الْخُلَفَاءِ الْإِشْهَادُ فَلَا يَقْبَلُ فِي الْوِلَايَةِ قَوْلَ مُدَّعِيهَا فَلَوْ صَدَّقَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ فَفِي وُجُوبِ طَاعَتِهِ وَجْهَانِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ عَدَمُ وُجُوبِهَا لِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ أَنْكَرَ تَوْلِيَتَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَعَلَّ وُجُوبَهَا أَشْبَهُ وَفِي الْآثَارِ وَالْأَخْبَارِ مَا يُعَضِّدُهُ (وَلَا يَعْتَمِدُ الْكِتَابَ وَحْدَهُ) أَيْ بِلَا إشْهَادٍ وَاسْتِفَاضَةٍ لِإِمْكَانِ تَحْرِيفِهِ
(وَ) مِنْهَا (أَنْ يَسْأَلَ قَبْلَ الدُّخُولِ) لِلْبَلَدِ الَّذِي لَا يَعْرِفُ مَنْ فِيهِ (عَنْ) حَالِ (مَنْ فِي الْبَلَدِ مِنْ الْعُدُولِ وَالْعُلَمَاءِ) لِيَدْخُلَ عَلَى بَصِيرَةٍ بِحَالِ مَنْ فِيهِ فَيَسْأَلَ عَنْ ذَلِكَ قَبْلَ الْخُرُوجِ فَإِنْ تَعَسَّرَ فَفِي الطَّرِيقِ فَإِنْ تَعَسَّرَ فَحِينَ يَدْخُلُ
(وَ) أَنْ (يَدْخُلَ) يَوْمَ (الِاثْنَيْنِ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْمَدِينَةَ فِيهِ» (فَإِنْ تَعَسَّرَ فَالْخَمِيسُ أَوْ السَّبْتُ) كَذَا عَبَّرَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَإِلَّا فَالسَّبْتُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْخُلَ صَبِيحَةَ الْيَوْمِ
(وَ) أَنْ يَدْخُلَ (فِي عِمَامَةٍ سَوْدَاءَ) فَفِي مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ بِهَا» وَلِأَنَّهَا أَهْيَبُ لَهُ
(وَ) أَنْ (يَنْزِلَ وَسَطَ الْبَلَدِ) لِيَتَسَاوَى أَهْلُهُ فِي الْقُرْبِ مِنْهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَأَنَّهُ حَيْثُ اتَّسَعَتْ خُطَّتُهُ وَالْإِنْزَالُ حَيْثُ تَيَسَّرَ قَالَ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَوْضِعٌ يَعْتَادُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَالتَّشْبِيهُ أَقْرَبُ مِنْ الْبِنَاءِ) الْمَذْهَبُ مَا اقْتَضَاهُ الْبِنَاءُ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ ظَاهِرٌ قَالَ شَيْخُنَا، وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُشَبَّهِ بِهَا الْأَصْلُ فِي وَضْعِ يَدِ الشَّخْصِ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ الضَّمَانُ وَقَدْ اعْتَرَفَ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَى الدَّابَّةِ وَادَّعَى إعَارَتَهَا حَتَّى لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ وَادَّعَى الْمَالِكُ الْإِجَارَةَ فَصُدِّقَ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ قَدْ اشْتَغَلَتْ ظَاهِرًا بِمُقْتَضَى وَضْعِ الْيَدِ وَيُرِيدُ بَرَاءَةَ ذِمَّةِ نَفْسِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَلَا كَذَلِكَ مَسْأَلَتُنَا فَلَمْ يَحْصُلْ هُنَا مَا يَقْتَضِي شُغْلَ ذِمَّةٍ بَلْ الْأَصْلُ فِي فِعْلِ الشَّخْصِ بِبَدَنِهِ لِغَيْرِهِ التَّبَرُّعُ حَتَّى يُعْلَمَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ أَنَّ الْأُجْرَةَ فِي مَسْأَلَتِنَا مَفْرُوضَةٌ) مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحِلَّ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَسْمِيَتِهَا
(قَوْلُهُ أَنَّهُ جَارَ عَلَيْهِ فِي حُكْمِهِ إلَخْ) قَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِأَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ يَدَّعِي أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ عَدَاوَةً دُنْيَوِيَّةً تَمْنَعُ نُفُوذَ حُكْمِهِ عَلَيْهِ وَأَنَّ لَهُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْفَتْوَى قَبُولُ دَعْوَاهُ وَسَمَاعُ بَيِّنَتِهِ غ
(قَوْلُهُ لِتَعَطُّلِ الْقَضَاءِ إلَخْ) عَلَّلَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْقَاضِيَ نَائِبُ الشَّرْعِ وَالدَّعْوَى عَلَى النَّائِبِ كَالدَّعْوَى عَلَى الْمُسْتَنِيبِ وَالدَّعْوَى عَلَى الشَّرْعِ لَا تُسْمَعُ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[الْبَابُ الثَّانِي فِي جَامِعِ آدَابِ الْقَضَاءِ]
(الْبَابُ الثَّانِي فِي جَامِعِ آدَابِ الْقَضَاءِ) (قَوْلُهُ مِنْهَا أَنْ يَكْتُبَ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ الْإِمَامُ) مِثْلُ الْإِمَامِ قَاضِي الْإِقْلِيمِ إذَا وَلَّى نَائِبًا مِنْ عَمَلٍ مِنْ إقْلِيمِهِ
(قَوْلُهُ بِالْوِلَايَةِ) قَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَّخِذَ لِنَفْسِهِ نُسْخَةً حَتَّى يَتَذَكَّرَ بِهَا إنْ نَسِيَ أَنَّهُ وَلَّاهُ عَمَلَ كَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَنْ يَتَذَكَّرَ بِهِ مَا اخْتَلَّ عَلَيْهِ مِنْ شَرْطٍ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ إلَخْ) وَعُمَرَ لِابْنِ مَسْعُودٍ لَمَّا بَعَثَهُ قَاضِيًا إلَى الْكُوفَةِ
(قَوْلُهُ شَاهِدَيْنِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: عِنْدِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَدَارُ عَلَى الْأَخْبَارِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِوَاحِدٍ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ اهـ وَيُؤَيِّدُهُ الْوَجْهُ الْآتِي أَنَّهُمْ إذَا صَدَّقُوهُ لَزِمَهُمْ طَاعَتُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَفَاضَ الْخَبَرُ كَفَى عَنْ الْإِشْهَادِ) وَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ بَعِيدًا (قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) : أَيْ وَغَيْرُهُ لَعَلَّ وُجُوبَهَا أَشْبَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمْ اعْتَرَفُوا بِحَقٍّ عَلَيْهِمْ وَلَا نَعْدَمُ لَهُ مِنْ الْآثَارِ وَالْأَخْبَارِ دَلِيلًا
(قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَإِلَّا فَالسَّبْتُ) فَبَيَّنَ تَقْدِيمَ الْخَمِيسِ عَلَى السَّبْتِ فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْخُلَ صَبِيحَةَ الْيَوْمِ) لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ» قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاسْتَدَلُّوا لَهُ بِمَا يُذْكَرُ مَرْفُوعًا «بِوَرِكِ لِأُمَّتِي فِي سَبْتِهَا وَخَمِيسِهَا» وَهَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَقَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ: لَا أَصْلَ لَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا» حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَصْحَابِ السُّنَنِ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْحُفَّاظِ إنَّهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
(قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَأَنَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ