نَحْوُهُ مِنْ (مَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ) شُرْبًا (فِي زَمَانٍ) ، وَإِنْ طَالَ (لَمْ يَحْنَثْ) فِي الْأَوَّلِ (وَلَمْ يَبَرَّ فِي الْحَالِ) فِي الثَّانِي بِشُرْبِ بَعْضِهِ بَلْ بِشُرْبِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مُعَرَّفٌ بِالْإِضَافَةِ فَيَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ
(أَوْ) حَلَفَ لَيَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ (غَدًا فَغَدًا) يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَعْقُودَةٌ عَلَى الصُّعُودِ فِيهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيَصْعَدَن السَّمَاءَ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ وَيَحْنَثُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ مُتَحَقِّقٌ فِيهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) حَلَفَ (لَا أَشْرَبُ مَاءَ) هَذَا (النَّهْرِ) أَوْ نَحْوَهُ (أَوْ لَا آكُلُ خُبْزَ الْكُوفَةِ) أَوْ نَحْوِهَا (لَغَا) أَيْ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَصْعَدُ السَّمَاءَ وَالْأَصْلُ إنَّمَا فَرْضُ الْكَلَامِ فِي الْحِنْثِ وَعَدَمِهِ بِتَنَاوُلِ الْبَعْضَ وَصَحَّحَ عَدَمَ الْحِنْثِ بِهِ وَنَقَلَهُ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ وَعَنْ تَصْحِيحِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا الْحُبِّ فَشَرِبَ بَعْضَهُ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْقَاضِي فِي الْأُولَى وَمِثْلِهَا الثَّانِيَةُ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَنْعَقِدَ يَمِينُهُ فَإِنْ كَانَ بَحْثُ الْقَاضِي بَيَانًا لِمُرَادِ الْأَصْحَابِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فَاخْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ مُوَفٍّ بِالْغَرَضِ وَإِلَّا فَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى بَحْثِ الْقَاضِي وَبِالْجُمْلَةِ فَالْحَالِفُ عَلَى مَا ذُكِرَ لَا يَحْنَثُ بِتَنَاوُلِ بَعْضِهِ (إلَّا إنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ شَيْئًا مِنْهُ فَيَحْنَثُ بِهِ) ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ فِي الْأُولَى.
(أَوْ) حَلَفَ (لَا أَصْعَدُ السَّمَاءَ لَغَا) أَيْ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ فِيهِ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ وَفَارَقَ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ فَعَلَ كَذَا أَمْسُ، وَهُوَ صَادِقٌ حَيْثُ تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ، وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ فِيهِ الْحِنْثُ بِأَنَّ الْحَلِفَ ثَمَّ مُحْتَمِلٌ لِلْكَذِبِ (لَوْ) حَلَفَ (لَأَشْرَبَن مَاءَ هَذَا الْكُوزِ) مَثَلًا (وَكَانَ فَارِغًا) ، وَهُوَ عَالِمٌ بِفَرَاغِهِ (أَوْ لَيَقْتُلَن زَيْدًا، وَهُوَ عَالِمٌ بِمَوْتِهِ حَنِثَ) فِيهِمَا (فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ مُتَحَقِّقٌ فِيهِ فَعُلِمَ أَنَّ يَمِينَهُ انْعَقَدَتْ، وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ فِيهِ الْبِرَّ كَمَا لَوْ قَالَ فَعَلْت كَذَا أَمْسُ، وَهُوَ كَاذِبٌ وَتَقَدَّمَ قُبَيْلَ الْبَابِ الْأَوَّلِ الْفَرْقُ بَيْنَ الِانْعِقَادِ فِيمَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْبِرِّ وَعَدَمِهِ فِيمَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْحِنْثُ أَمَّا لَوْ كَانَ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ فَكَانَ فَارِغًا أَوْ مَيِّتًا فَلَا يَحْنَثُ كَمَا لَوْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِيًا (وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَاءٌ فَانْصَبَّ) مِنْهُ (قَبْلَ إمْكَانِ شُرْبِهِ فَكَالْمَكْرَهِ) فَلَا يَحْنَثُ بِخِلَافِ انْصِبَابِهِ بَعْدَ الْإِمْكَانِ فَيَحْنَثُ فِيهِ (أَوْ) حَلَفَ (لَأَشْرَبَن مِنْهُ فَصَبَّهُ فِي مَاءٍ وَشَرِبَ) مِنْهُ (بَرَّ إنْ عَلِمَ وُصُولَهُ إلَيْهِ لَا إنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْكُوزِ فَصَبَّ فِي مَاءٍ وَشَرِبَهُ أَوْ شَرِبَ مِنْهُ لَا يَبَرُّ، وَإِنْ عَلِمَ وُصُولَهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَبْهُ مِنْ الْكُوزِ فِيهِمَا وَلَمْ يَشْرَبْهُ جَمِيعَهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْهُ فَصَبَّهُ فِي مَاءٍ وَشَرِبَ مِنْهُ حَنِثَ قَالَ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِ هَذِهِ الْبَقَرَةِ فَخَلَطَهُ بِلَبَنِ غَيْرِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ الثَّمَرَةَ فَخَلَطَهَا بِصُبْرَةٍ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْلِ جَمِيعِ الصُّبْرَةِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ.
(وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً فُرَاتًا) أَوْ مِنْ فُرَاتٍ (حَنِثَ بِالْعَذْبِ) فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ لَا بِالْمَالِحِ (أَوْ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ حُمِلَ عَلَى النَّهْرِ) الْمَعْرُوفِ (فَإِنْ شَرِبَ مِنْ كُوزٍ) مَاؤُهُ مِنْهُ (أَوْ بِئْرٍ مَاؤُهَا مِنْهُ حَنِثَ) وَلَوْ قَالَ لَا أَشْرَبُ مِنْ مَاءِ نَهْرِ كَذَا فَشَرِبَ مِنْ سَاقِيَةٍ تُخْرِجُ مِنْهُ أَوْ مِنْ بِئْرٍ مَحْفُورَةٍ بِقُرْبِ النَّهْرِ يَعْلَمُ أَنَّ مَاءَهَا مِنْهُ حَنِثَ وَلَوْ قَالَ لَا أَشْرَبُ مِنْ نَهْرِ كَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَاءَ فَشَرِبَ مِنْ سَاقِيَّةٍ تُخْرِجُ مِنْهُ حَنِثَ كَمَا لَوْ أَخَذَ الْمَاءَ فِي إنَاءٍ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ (أَوْ) لَا يَشْرَبُ (مِنْ هَذِهِ الْإِدَاوَةِ) أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا يُعْتَادُ الشُّرْبُ مِنْهُ (فَصَبَّهَا) أَيْ صَبَّ مَاءَهَا (فِي كُوزٍ) وَشَرِبَهُ (لَمْ يَحْنَثْ)
(فَرْعٌ) لَوْ (حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ) أَوْ نَحْوَهُمَا (أَوْ لَيَفْعَلَن ذَلِكَ تَعَلَّقَ الْحِنْثُ) فِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةِ (وَالْبِرُّ) فِي الْأَخِيرَةِ (بِهِمَا وَلَوْ فَرَّقَ) الْفِعْلَ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمَجْمُوعِ (وَكَذَا) لَوْ عَطَفَ بِالْوَاوِ كَأَنْ حَلَفَ (لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَعَمْرًا) أَوْ لَا آكُلُ اللَّحْمَ وَالْعِنَبَ فَيَتَعَلَّقُ الْحِنْثُ بِهِمَا؛ لِأَنَّ الْوَاوَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي إطْلَاقِ اسْمِ الْمَاءِ حَكَاهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ لَا يَحْنَثُ بِشُرْبِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِطَلْقٍ فَإِنْ قِيلَ هُوَ فِي الْعُرْفِ يُسَمَّى مَاءً قُلْنَا الْعُرْفُ الشَّرْعِيُّ مُقَدَّمٌ أَمَّا إذَا قُلْنَا أَنَّهُ مُطْلَقٌ مُنِعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ تَعَبُّدًا فَيَجِيءُ الْوَجْهَانِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا هَلْ يَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ الْمَيْتَةِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً فَشَرِبَ مَاءً قَدْ تَنَجَّسَ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ لِقِلَّتِهِ فَإِنْ قُلْنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ قُلْنَا مُطْلَقٌ مُنِعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ لُغَةً اسْمُ مَاءٍ بِلَا قَيْدٍ فَيَجِيءُ فِيهِ مَا سَبَقَ فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَ (قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ فِي الْأَوَّلِ) لَوْ شَكَّ هَلْ ذَهَبَتْ مِنْهُ قَطْرَةٌ بَعْدَ حَلِفِهِ فَفِي الْحِنْثِ بِالْمَوْجُودِ وَجْهَانِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ بَحْثُ الْقَاضِي بَيَانًا لِمُرَادِ الْأَصْحَابِ) هُوَ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي عَقَّبَهَا وَقَدْ قَاسَهُ عَلَيْهَا
(قَوْلُهُ أَوْ لَيَقْتُلَن زَيْدًا، وَهُوَ عَالِمٌ بِمَوْتِهِ) أَوْ لَأَصْعَدَن السَّمَاءَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَبْ مِنْ الْكُوزِ فِيهِمَا) ؛ لِأَنَّ الشُّرْبَ يَكُونُ مِنْ الْكُوزِ عُرْفًا فَتَعَلَّقَتْ الْيَمِينُ بِهِ وَلَمْ يُوجَدْ (قَوْلُهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْلِ جَمِيعِ الصُّبْرَةِ) أَيْ الَّتِي اشْتَبَهَتْ التَّمْرَةُ بِهَا وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْجَنْبِ الَّذِي لَمْ تَقَعْ التَّمْرَةُ فِيهِ وَمَا لَوْ وَقَعَتْ عَلَى رَأْسِ قَوْصَرَّةٍ أَوْ جَوْلَقِ تَمْرٍ فَأَكَلَ الطَّبَقَةَ الْعُلْيَا مِنْهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَا اخْتَلَفَا بِهِ أَنْوَاعًا وَأَتَى عَلَى غَيْرِ نَوْعِهَا قَالَ الدَّارِمِيُّ وَلَوْ أَخَذَ الطَّائِرُ مِنْ الصُّبْرَةِ تَمْرَةً وَجَازَ أَنَّهَا الْمَحْلُوفُ عَلَى تَرْكِهَا فَأَكَلَ بَقِيَّةَ الصُّبْرَةِ لَمْ يَحْنَثْ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْلِ جَمِيعِ الصُّبْرَةِ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَهَا إلَّا بَعْضَ ثَمَرَةٍ لَمْ يَحْنَثْ
(فَرْعٌ) لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ التَّمْرَةَ فَاخْتَلَطَتْ بِتَمْرٍ فَأَكَلَهُ إلَّا تَمْرَةً أَيْ أَوْ بَعْضَهَا لَمْ يَحْنَثْ أَيْ إذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ هِيَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا أَوْ لَيَأْكُلَنهَا لَمْ يَبَرَّ بِالْجَمِيعِ أَيْ إذَا لَمْ يَحْصُلْ الْيَقِينُ إلَّا بِهِ (قَوْلُهُ لَا بِالْمَالِحِ) أَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ أَوْ مَاءً فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْعَذْبِ وَالْمِلْحِ، وَإِنَّمَا حَنِثَ بِالْمِلْحِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَدْ شُرْبَهُ اعْتِبَارًا بِالْإِطْلَاقِ وَالِاسْتِعْمَالِ اللُّغَوِيِّ (قَوْلُهُ فَإِنْ شَرِبَ مِنْ كُوزٍ أَوْ بِئْرٍ مَاؤُهَا مِنْهُ حَنِثَ) ؛ لِأَنَّ الشُّرْبَ مِنْهُ عُرْفًا شُرْبٌ مِنْ مَائِهِ
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمَجْمُوعِ) ؛ وَلِأَنَّ النَّفْيَ يَنُبْنِي عَلَى الْإِثْبَاتِ، وَهُوَ لَوْ حَلَفَ لَيَلْبَسَنهُمَا لَمْ يَبَرَّ بِلُبْسِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ الْفِعْلَيْنِ لَمَّا اسْتَوَيَا فِي شَرْطِ الْبِرِّ وَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي شَرْطِ الْحِنْثِ