لَا يَحْنَثُ (لَوْ) دَخَلَ أَوْ (سَكَنَ دِهْلِيزًا أَوْ صُفَّةً) أَوْ صَحْنًا لِلدَّارِ إذْ يُقَالُ لَمْ يَدْخُلْ الْبَيْتَ، وَإِنَّمَا وَقَفْت فِي الدِّهْلِيزِ أَوْ الصُّفَّةِ أَوْ الصَّحْنِ
(أَوْ) حَلَفَ (لَا يَسْكُنُ دَارًا) أَوْ لَا يُقِيمُ فِيهَا (وَهُوَ فِيهَا حَنِثَ بِاللُّبْثِ) فِيهَا (بِلَا عُذْرٍ) ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ السُّكْنَى سُكْنَى كَمَا مَرَّ فَيَحْنَثُ (وَإِنْ أَخْرَجَ أَهْلَهُ) وَمَتَاعَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى سُكْنَى نَفْسِهِ لَا أَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ (فَإِنْ خَرَجَ) مِنْهَا (وَبَقَوْا) أَيْ أَهْلُهُ فِيهَا (لَمْ يَحْنَثْ) إذْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ سُكْنَاهُ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ إذَا خَرَجَ بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ لِيَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّاكِنِ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَخْرُجَ وَيَعُودَ إلَيْهِ يُومِئُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَيُخْرِجُ بَدَنَهُ مُتَحَوِّلًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكُنْت أَقُولُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا وَلَا أَحْسِبُ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا ثُمَّ رَأَيْت النَّوَوِيَّ قَدْ قَالَ فِيمَا عَلَّقَهُ عَلَى مَوَاضِعَ مِنْ الْمُهَذَّبِ ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ شَرَطَ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ أَنْ يَخْرُجَ بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ، وَقَدْ وَافَقَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ بَعْضُهُمْ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ سَكَنِهِ إلَى السُّوقِ مَثَلًا عُدَّ عُرْفًا سَاكِنًا بِهِ ثُمَّ قَالَ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ، وَهَذَا فِي الْمُتَوَطِّنِ فِيهِ قَبْلً حَلِفِهِ فَلَوْ دَخَلَهُ لِيَنْظُرَ إلَيْهِ هَلْ يَسْكُنُهُ فَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يَسْكُنُهُ وَخَرَجَ فِي الْحَالِ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةِ التَّحَوُّلِ قَطْعًا
(وَلَوْ مَكَثَ) فِيهَا (لِخَوْفٍ) عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا (أَوْ مَنْعٍ) لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ (أَوْ مَرَضٍ) لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْخُرُوجِ (وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْرِجُهُ لَمْ يَحْنَثْ) لِلْعُذْرِ فَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُخْرِجُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِإِخْرَاجِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ حَدَثَ) لَهُ (الْعَجْزُ) عَنْ الْخُرُوجِ (بَعْدَ الْحَلِفِ فَكَالْمُكْرَهِ) فَلَا يَحْنَثُ (وَإِنْ اشْتَغَلَ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ) كَأَمْرِ أَهْلِهِ بِهِ وَلُبْسِ ثَوْبِهِ (وَجَمْعِ الْمَتَاعِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ بَاتَ) فِيهَا (لِحِفْظِهِ) أَيْ الْمَتَاعِ (لَيْلًا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاكِنًا وَعَطْفُ جَمِيعِ الْمَتَاعِ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَعَدَّ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْأَعْذَارِ ضِيقُ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ بِحَيْثُ لَوْ خَرَجَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَهَا فَاتَتْهُ (وَلَا يَضُرُّ عَوْدُهُ) إلَى الدَّارِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا (لِنَقْلُ مَتَاعٍ) قَالَ الشَّاشِيُّ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِنَابَةِ
(وَعِيَادَةُ مَرِيضٍ) وَزِيَارَةُ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ فَارَقَهَا وَبِمُجَرَّدِ الْعَوْدِ لَا يَصِيرُ سَاكِنًا نَعَمْ إنْ مَكَثَ ضَرَّ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ نَقْلًا عَنْ تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ وَأَخَذَ مِنْ مَسْأَلَةِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ الْآتِيَةِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا خَرَجَ ثُمَّ عَادَ ثُمَّ لَمْ يَخْرُجْ (فَلَوْ عَادَ) الْمَرِيضَ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ لَوْ نَوَى أَحَدَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ انْصَرَفَتْ الْيَمِينُ إلَيْهِ، وَبِهِ جَزَمَ الْجَاجَرْمِيُّ فِي الْإِيضَاحِ
(قَوْلُهُ حَنِثَ بِاللَّبْثِ بِلَا عُذْرٍ) قَالَ النَّوَوِيُّ: فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ يَحْنَثُ، وَإِنْ قَلَّ مُكْثُهُ حَتَّى لَوْ وَقَفَ لِيَشْرَبَ حَنِثَ وَحَكَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ بَابِهَا وَبَقَوْا لَمْ يَحْنَثْ قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يُكَلَّفُ فِي خُرُوجِهِ عَلَى الْعَادَةِ الْعَدْوَ وَالْهَرْوَلَةَ وَلَهُ نَعَمْ لَوْ قَالَ لَأَخْرُجَن فِي لَمْحَةِ عَيْنٍ وَأَرَادَ تَحْقِيقَ الْوَفَاءِ بِهِ ثُمَّ لَمْ يَتَمَكَّنْ حَنِثَ كَمَا لَوْ قَالَ لَأَصْعَدَن السَّمَاءَ ر غ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ الْبَابِ لِإِغْلَاقِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَكَانَ يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْ السَّطْحِ أَوْ التَّسَوُّرُ مِنْ الْجِدَارِ فَلَمْ يَفْعَلْ هَلْ يَحْنَثُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْخُرُوجِ فِي الْجُمْلَةِ أَمْ لَا لَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَإِطْلَاقُهُمْ أَنَّ إغْلَاقَ الْبَابِ عُذْرٌ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ حَيْثُ لَا مَخْرَجَ لَهُ سِوَاهُ أَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ مِنْ غَيْرِهِ بِلَا ضَرَرٍ وَلَا خَطَرٍ فَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِتَرْكِهِ وَلَوْ أَطْلَقَ الْيَمِينَ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِمُدَّةٍ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت أَنْ لَا أَسْكُنَهَا شَهْرًا مَثَلًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ: إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى حُمِلَ عَلَى مَا نَوَاهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؛ لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِحَقِّ اللَّهِ الَّذِي يُحْمَلُ فِيهِ عَلَى نِيَّتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ إعْتَاقٍ حُمِلَ عَلَى التَّأْيِيدِ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ لِوُجُودِ خَصْمٍ فِيهِ دِينَ بَاطِنًا فِيمَا نَوَاهُ وَجَزَمَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ ظَاهِرًا فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى قَالَ وَكَأَنَّ إطْلَاقَ اللَّفْظِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْيِيدِ وَكَذَا قَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمُقْنِعِ.
وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ حُمِلَ عَلَى مَا نَوَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: إلَخْ) أَيْ وَالشَّاشِيُّ وَالشَّيْخُ نَصْرٌ وَصَاحِبُ الْمُسْتَظْهِرِيِّ وَصَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيُّ لَوْ أَحْدَثَ النِّيَّةَ بَعْدَ خُرُوجِهِ لَمْ تُفِدْهُ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ سَطْحِهَا إلَى غَيْرِهَا مَعَ إمْكَانِهِ مِنْ الْبَابِ حَنِثَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّهُ بِالصُّعُودِ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَابِهَا لَمْ يَحْنَثْ بِالصُّعُودِ لِلْخُرُوجِ وَلَوْ كَانَ لَهَا بَابَانِ لَمْ يَحْنَثْ بِالْخُرُوجِ مِنْ أَبْعَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ فِي الْخُرُوجِ، وَإِنْ بَعُدَ مَسْلَكُهُ وَلَوْ قَالَ أَرَدْت شَهْرًا مَثَلًا فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ قِيلَ وَإِلَّا فَلَا وَيَدِينُ (قَوْلُهُ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةِ التَّحَوُّلِ قَطْعًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَكَذَا حُكْمُ الْغَرِيبِ إذَا دَخَلَ بَلَدًا وَلَمْ يَسْتَوْطِنْهُ وَخَرَجَ فِي الْحَالِ مِنْهُ
(قَوْلُهُ أَوْ مُنِعَ لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ) مِنْ بَابِهَا وَسَطْحِهَا وَتَسَوَّرَ جِدَارَهَا (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِإِخْرَاجِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلُبْسِ ثَوْبِهِ) أَيْ وَإِغْلَاقِ أَبْوَابِهِ وَإِحْرَازِ مَالِهِ إذَا عَجَزَ عَنْ اسْتِنَابَةِ أَمِينٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ مَكَثَ لِأَكْلٍ وَشُرْبٍ حَنِثَ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَانَ فِيهَا لِحِفْظِهِ لَيْلًا) أَيْ حَيْثُ عَجَزَ عَنْ اسْتِنَابَةِ أَمِينٍ (قَوْلُهُ وَعَدَّ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْأَعْذَارِ ضِيقَ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَطَأَن زَوْجَتَهُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَوَجَدَهَا حَائِضًا (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ عَوْدُهُ لِنَقْلِ مَتَاعٍ إلَخْ) وَلَوْ عَادَ وَلَبِثَ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ مِمَّا ذَكَرَ حَنِثَ (قَوْلُهُ قَالَ الشَّاشِيُّ: وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِنَابَةِ) وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ عَادَ لِنَقْلِ عِيَالِهِ أَوْ مَالِهِ لَمْ يَحْنَثْ سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ فِي ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ بِالْعَوْدِ لِنَقْلِ رَجُلٍ أَوْ أَهْلٍ سَاكِنًا قَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ إجْرَاءُ الْخِلَافِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ يُقَيِّدُ
(قَوْلُهُ وَغَيْرِهَا) أَيْ كَعِمَارَةٍ وَلَوْ احْتَاجَ إلَى أَنْ يَبِيتَ فِيهَا لَيْلَةً لِحِفْظِ مَتَاعٍ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِابْنِ كَجٍّ وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ. اهـ. وَهُوَ الرَّاجِحُ
(قَوْلُهُ نَقْلًا عَنْ تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ) عِبَارَتُهُ وَلَوْ خَرَجَ فِي الْحَالِ ثُمَّ دَخَلَ أَوْ كَانَ خَارِجًا حِينَ حَلَفَ ثُمَّ دَخَلَ لَا يَحْنَثُ بِالدُّخُولِ مَا لَمْ يَمْكُثْ فَإِنْ مَكَثَ حَنِثَ إلَّا أَنْ يَشْتَغِلَ بِحَمْلِ مَتَاعٍ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ حَاصِلُهُ أَنَّهُ هُنَا قَطَعَ فِعْلَهُ بِخُرُوجِهِ وَثَمَّ اسْتَدَامَ الْفِعْلُ وَاسْتِدَامَةُ