لِلْحَيَاةِ أَثَرًا بَيِّنًا فِي دَفْعِ النَّجَاسَةِ، وَلِهَذَا نَظَرَا بِزَوَالِهَا، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَوْ دُودَ كَلْبٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَخَلَّقَ مِنْ الْكَلْبِ، وَقَدْ مَنَعَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ بِأَنَّ الدُّودَ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ النَّجَاسَةِ لَا يُخَلَّقُ مِنْهَا، وَإِنَّمَا يَتَوَلَّدُ فِيهَا كَدُودِ الْخَلِّ لَا يُخَلَّقُ مِنْهُ بَلْ يَتَوَلَّدُ فِيهِ (لَا) إنْ اسْتَحَالَ (رَمَادًا، وَمِلْحًا) ، وَنَحْوَهُمَا فَلَا يَطْهُرُ.
وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ثُمَّ النَّجَاسَةُ إمَّا عَيْنِيَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي تَحُسُّ أَوْ حُكْمِيَّةٌ، وَهِيَ بِخِلَافِهَا كَبَوْلٍ جَفَّ، وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ أَثَرٌ، وَلَا رِيحٌ، وَقَدْ بَيَّنَ حُكْمَهُمَا فَقَالَ (، وَيَطْهُرُ مُتَنَجِّسٌ بِعَيْنِيَّةٍ بِغَسْلٍ مُزِيلٍ لِلطَّعْمِ) ، وَإِنْ عَسُرَ إزَالَتُهُ لِسُهُولَتِهَا غَالِبًا فَأَلْحَقَ بِهِ نَادِرُهَا، وَلِأَنَّ بَقَاءَهُ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ (وَكَذَا) مُزِيلٌ (لِلَوْنٍ وَرِيحٍ سَهْلَيْنِ فَإِنْ عَسُرَ أَوْ بَقِيَا مَعًا) بِمَحْمَلٍ، وَاحِدٍ (لَمْ يَطْهُرْ) أَيْ الْمُتَنَجِّسُ لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِمَا عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ (أَوْ) بَقِيَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ (وَلَوْ رِيحًا طَهُرَ) لِلْمَشَقَّةِ (، وَمُزِيلُ الْعَيْنِ غَسْلَةٌ) ، وَاحِدَةٌ (وَإِنْ تَعَدَّدَ) الْفِعْلُ (وَلَوْ) كَانَ الْغَسْلُ (مِنْ) نَجَاسَةٍ (كَلْبِيَّةٍ) حَتَّى لَوْ لَمْ يُزِلْهَا إلَّا سِتُّ غَسَلَاتٍ مَثَلًا حُسِبَتْ مَرَّةً، وَصُحِّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهَا تُحْسَبُ سِتًّا (، وَيَطْهُرُ بِالْغَسْلِ مَصْبُوغٌ بِمُتَنَجِّسٍ انْفَصَلَ) عَنْهُ (، وَلَمْ يَزِدْ) أَيْ الْمَصْبُوغُ (وَزْنًا بَعْدَ الْغَسْلِ) عَلَى وَزْنِهِ قَبْلَ الصَّبْغِ، وَإِنْ بَقِيَ اللَّوْنُ لِعُسْرِ زَوَالِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَادَ، وَزْنًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْغُسَالَةِ (فَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ) عَنْهُ (لِتَعَقُّدِهِ) بِهِ (لَمْ يَطْهُرْ) لِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ فِيهِ.
وَقَوْلُهُ، وَيَطْهُرُ بِالْغَسْلِ إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ إلَّا صَدَّرَهُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمَا مَرَّ فَفِي الرَّوْضَةِ فِي الْبَيْعِ (وَيَطْهُرُ) الْمُتَنَجِّسُ (فِي الْحُكْمِيَّةِ بِجَرَيَانِ الْمَاءِ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يُعْصَرْ) لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ (وَالصَّقِيلُ) مِنْ سَيْفٍ، وَسِكِّينٍ، وَنَحْوِهِمَا (كَغَيْرِهِ) فِي أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِغَسْلِهِ فَلَا يَطْهُرُ بِمَسْحِهِ (وَيُبَادِرُ) وُجُوبًا (بِهِ) أَيْ بِغَسْلِ الْمُتَنَجِّسِ (عَاصٍ بِالتَّنْجِيسِ) كَأَنْ اسْتَعْمَلَ النَّجَاسَةَ فِي بَدَنِهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ خُرُوجًا مِنْ الْمَعْصِيَةِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَعْصِ بِهِ (فَلِلصَّلَاةِ) أَيْ فَلْيُبَادِرْ بِذَلِكَ وُجُوبًا لِلصَّلَاةِ، وَنَحْوِهَا فَقَطْ (وَنُدِبَ تَعْجِيلٌ) بِهِ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ نَعَمْ إنْ كَانَتْ مُغَلَّظَةً فَيَنْبَغِي وُجُوبُ تَعْجِيلِ إزَالَتِهَا مُطْلَقًا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَالْعَاصِي بِالْجَنَابَةِ يُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِالْعَاصِي بِالتَّنْجِيسِ قَالَ، وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الَّذِي عَصَى بِهِ هُنَا مُتَلَبِّسٌ بِهِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ (وَ) نُدِبَ (حَتٌّ) بِالْمُثَنَّاةِ (وَقَرْصٌ) بِالْمُهْمَلَةِ إذَا (لَمْ يَجِبَا) بِأَنْ لَمْ تَتَوَقَّفْ الْإِزَالَةُ عَلَيْهِمَا فَإِنْ تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِمَا، وَجَبَا، وَقَوْلُهُ (لِنَحْوِ دَمٍ) مُتَعَلِّقٌ بِهِمَا، وَتَقْيِيدُ نَدْبِهِمَا بِمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِهِ جَمَعَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ بَيْنَ إطْلَاقِ قَوْلَيْ الْوُجُوبِ، وَالنَّدْبِ (وَ) نُدِبَ (التَّثْلِيثُ) بَعْدَ الْإِزَالَةِ اسْتِظْهَارًا كَطُهْرِ الْحَدَثِ (و) نُدِبَ (لِنَحْوِ ثَوْبٍ) أَيْ لِغَسْلِهِ مِنْ نَجَاسَةٍ (عَصْرٌ) لَهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِنَدْبِ الْعَصْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ أَوْرَدَ) إنْسَانٌ أَوْ غَيْرُهُ كَرِيحٍ (مُتَنَجِّسًا عَلَى مَاءٍ قَلِيلٍ نَجَّسَهُ) لِمَا مَرَّ فِي الْبَابِ السَّابِقِ (، وَالْمَاءُ الْوَارِدُ عَلَى الْمُتَنَجِّسِ طَهُورٌ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ أَوْ يَنْفَصِلْ عَنْهُ) لِقُوَّتِهِ لِكَوْنِهِ فَاعِلًا فَإِنْ تَغَيَّرَ فَنَجِسٌ كَمَا مَرَّ أَوْ انْفَصَلَ عَنْهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْقَيْدِ الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِهِ، وَإِذَا كَانَ طَهُورًا فِيمَا ذُكِرَ (فَلْيُدِرْهُ فِي الْإِنَاءِ يَطْهُرُ، وَلَا يَطْهُرُ مَائِعٌ، وَلَوْ) كَانَ (دُهْنًا) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد، وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَوْ بَقِيَ أَحَدُهُمَا وَلَوْ رِيحًا طَهُرَ) وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْعُسْرَ مِنْ لَوْنِ الْمُغَلَّظَةِ أَوْ رِيحِهَا لَا يَضُرُّ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ وَلِهَذَا لَا يَلْتَحِقُ جِلْدُ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ بِجِلْدِ مَيْتَةِ مَا سِوَاهُمَا فِي جَوَازِ تَجْلِيلِ الدَّابَّةِ وَمَا قَالَهُ قَدْ يُؤَيَّدُ بِعَدَمِ الْعَفْوِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ دَمِ الْكَلْبِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الدَّمَ يَسْهُلُ إزَالَةُ جُرْمِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا ش (قَوْلُهُ لِقُوَّةِ دَلَالَتِهَا عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ) وَالتَّعْلِيلُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا بَقِيَا مَعًا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَإِنْ بَقِيَا مُتَفَرِّقَيْنِ لَمْ يَضُرَّ وَالْمَسْأَلَةُ شَبِيهَةٌ بِمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دِمَاءٌ مُتَفَرِّقَةٌ كُلٌّ مِنْهَا قَلِيلٌ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ لَكَثُرَتْ، وَفِيهَا احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ وَمَيْلُهُ إلَى الْعَفْوِ وَكَلَامُ التَّتِمَّةِ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِخِلَافِهِ ج.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلِلصَّلَاةِ) هَلْ الْمُوجِبُ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ هُوَ مُلَابَسَتُهَا أَوْ دُخُولُ الْوَقْتِ أَوْ هُمَا مَعًا أَوْ الْمُلَابَسَةُ وَالْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ مَعًا يُتَّجَهُ إلْحَاقُهَا فِي ذَلِكَ بِالْحَدَثِ ج. (قَوْلُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَشَارَ إلَى تَضْعِيفِهِ. (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ بِأَنْ تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِمَا وَجَبَا) وَإِنْ تَوَقَّفَتْ إزَالَتُهُ عَلَى أُشْنَانٍ وَنَحْوِهِ وَجَبَ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَنَقَلَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي تَحْقِيقِهِ وَصَحَّحَهُ فِي تَنْقِيحِهِ، لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ خِلَافُ النَّصِّ وَرَأْيِ الْجُمْهُورِ فَفِي الْبَحْرِ إذَا بَقِيَ لَوْنٌ لَا يُخْرِجُهُ الْمَاءُ يُحْكَمُ بِالطَّهَارَةِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَوْجَبَ الِاسْتِعَانَةَ بِغَيْرِ الْمَاءِ مِنْ صَابُونٍ وَأُشْنَانٍ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، قَالَ وَمَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ هُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ يُعْتَمَدْ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلِلدَّلِيلِ إذْ لَمْ يَذْكُرْ فِي خَبَرِ أَسْمَاءَ غَيْرَ الْمَاءِ وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ، قَالَ وَمَا فِي التَّحْقِيقِ لَعَلَّهُ جَرَى فِيهِ عَلَى رَأْيِ الْمُتَوَلِّي وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى بَقَاءِ الرِّيحِ وَاللَّوْنِ مَعًا أَوْ الطَّعْمِ أَيْ فَيَجِبُ حِينَئِذٍ مَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ لَا يَطْهُرُ مَعَ بَقَاءِ ذَلِكَ ش وَقَوْلُهُ وَجَبَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ وَجَزَمَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ وَنُدِبَ التَّثْلِيثُ بَعْدَ الْإِزَالَةِ إلَخْ) ، قَالَ الْجِيلِيُّ وَنُدِبَ التَّثْلِيثُ لَا فِي الْمُغَلَّظَةِ حَتَّى يَغْسِلَهُ إحْدَى وَعِشْرِينَ مَرَّةً وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ صَرَّحَ فِي الشَّامِلِ الصَّغِيرِ وَمُذَاكَرَةُ أَهْلِ الْيَمَنِ بِخِلَافِهِ، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى عُجَيْلُ وَالْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْفَقِيهُ تَقِيُّ الدِّينِ الْأَسَدِيُّ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ وَقَالَ ابْنُ النَّحْوِيِّ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ انْتَهَى إذْ الْمُكَبِّرُ لَا يُكَبِّرُ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِمْ الشَّيْءُ إذَا انْتَهَى نِهَايَتُهُ فِي التَّغْلِيظِ لَا يَقْبَلُ التَّغْلِيظَ كَالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ وَكَقَتْلِ الْعَمْدِ وَشِبْهِهِ لَا تُغَلَّظُ فِيهِ الدِّيَةُ وَإِنْ غَلُظَتْ فِي الْخَطَأِ وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الْقَوَاعِدِ وَيَقْرُبُ مِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ حَيْثُ تَضَعَّفَ أَنَّ الْجُبْرَانَ لَا يُضَعَّفُ فِي الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ لِنَحْوِ ثَوْبٍ عُصِرَ) ، قَالَ الْغَزِّيِّ وَيَجِبُ الْعَصْرُ اتِّفَاقًا فِيمَا لَهُ خَمْلَةٌ كَالْبِسَاطِ وَنَحْوِهِ انْتَهَى، قَالَ وَالِدِي وَكَلَامُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِيمَا لَوْ طُبِخَ لَحْمٌ بِمَاءٍ نَجِسٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَصْرَ فِي الْبِسَاطِ مَحَلُّ وِفَاقٍ، قَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْعَصْرِ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ فَلْيُدِرْهُ فِي الْإِنَاءِ يَطْهُرُ) لَا إنْ بَقِيَتْ عَيْنُ