إلَّا بِرُجُوعِ الْعَمَلِ لِلشَّارِطِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عِنْدَ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَا يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ
(فَصْلٌ مِنْ) أَنْوَاعِ (الرَّمْيِ الْحَوَابِي) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ حَابٍ (وَهُوَ أَنْ يَرْمِيَ عَلَى أَنْ يُسْقِطَ الْأَقْرَبُ) لِلْغَرَضِ (الْأَبْعَدَ) مِنْهُ (فَإِنْ عَيَّنَا حَدَّ الْقُرْبِ مِنْ ذِرَاعٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ (أَوْ) لَمْ يُعَيِّنَاهُ لَكِنْ (كَانَ هُنَاكَ) لِلرُّمَاةِ (عَادَةٌ) مُطَّرِدَةٌ (جَازَ) عَمَلًا بِالشَّرْطِ فِي الْأُولَى وَحُمِلَا عَلَى الْعَادَةِ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا تُحْمَلُ الدَّرَاهِمُ الْمُطْلَقَةُ عَلَى الْعَقْدِ (وَإِلَّا فَلَا) يَجُوزُ لِلْجَهَالَةِ (فَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ لَوْ عَقَدَا) عَلَى أَنْ يَرْمِيَا عِشْرِينَ (عَلَى أَنْ يُسْقِطَ الْأَقْرَبُ الْأَبْعَدَ وَمَنْ فَضَلَ لَهُ خَمْسَةٌ مِنْ عِشْرِينَ فَهُوَ نَاضِلٌ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ الرَّمْيِ مُعْتَادٌ لِلرُّمَاةِ (وَهُوَ نَوْعُ مُحَاطَّةٍ) وَحِينَئِذٍ (فَإِنْ تَسَاوَتْ سِهَامُهُمَا قُرْبًا وَبُعْدًا) وَكَذَا إنْ لَمْ تَتَسَاوَ لَكِنْ لَمْ يَفْضُلْ الْعَدَدُ الْمَشْرُوطُ (فَلَا نَاضِلَ) وَلَا مَنْضُولَ (فَإِنْ قَارَبَ أَحَدُهُمَا الْغَرَضَ بِسَهْمٍ) بِأَنْ وَقَعَ سَهْمُهُ قَرِيبًا مِنْ الْغَرَضِ (وَرَمَى الْآخَرُ خَمْسَةً) فَوَقَعَتْ (أَبْعَدَ مِنْهَا) الْأَوْلَى مِنْهُ أَيْ مِنْ ذَلِكَ السَّهْمِ (ثُمَّ) رَمَى (الْأَوَّلُ سَهْمًا) فَوَقَعَ (أَبْعَدَ) مِنْ الْخَمْسَةِ (أَسْقَطَتْهُ الْخَمْسَةُ وَأَسْقَطَهَا الْمُقَارِبُ، وَإِنْ رَمَى) أَحَدُهُمَا (خَمْسَةً مُتَفَاضِلَةً فِي الْقُرْبِ) إلَى الْغَرَضِ (وَرَمَى الْآخَرُ خَمْسَةً) فَوَقَعَتْ (أَبْعَدَ مِنْهَا أَسْقَطَتْهَا خَمْسَةُ الْأَوَّلِ وَحُسِبَتْ كُلُّهَا) فَلَا يَسْقُطُ مِنْهَا شَيْءٌ، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ فِي الْقُرْبِ؛ لِأَنَّ قَرِيبَ كُلٍّ مِنْهُمَا يَسْقُطُ بَعِيدًا لِآخَرَ وَلَا يَسْقُطُ بَعِيدُ نَفْسِهِ (وَلَوْ أَصَابَ) سَهْمُ الْآخَرِ (الْغَرَضَ سَقَطَ بِهِ الْأَقْرَبُ) إلَيْهِ كَمَا يُسْقِطُ الْأَقْرَبُ الْأَبْعَدَ؛ وَلِأَنَّ إصَابَةَ الْغَرَضِ تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْقُوَّةِ فَاعْتُبِرَتْ كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ شَرَطَ الْخَسْقَ فَمَرَقَ (وَلَوْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا الرُّقْعَةَ) فِي وَسَطِ الْغَرَضِ (وَالْآخَرُ خَارِجَهَا مِنْ الْغَرَضِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ: أَوْ أَصَابَا خَارِجَهَا وَأَحَدُهُمَا أَقْرَبُ إلَيْهَا (فَهُمَا سَوَاءٌ وَالْعِبْرَةُ) فِيمَا إذَا شَرَطَا احْتِسَابَ الْقَرِيبِ مِنْ الْغَرَضِ (بِمَوْضِعِ الثُّبُوتِ) لِلسَّهْمِ (لَا) بِحَالَةِ (الْمُرُورِ) حَتَّى لَوْ قَرُبَ مُرُورُهُ مِنْ الْغَرَضِ وَوَقَعَ بَعِيدًا مِنْهُ لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ إلَّا إذَا شَرَطَ اعْتِبَارَ حَالَةِ الْمُرُورِ (وَهُوَ) أَيْ الْقُرْبُ مِنْ الْغَرَضِ (مِنْ كُلِّ الْجَوَانِبِ سَوَاءٌ) لِوُقُوعِ اسْمِ الْقَرِيبِ عَلَى الْجَمِيعِ وَعَدَّ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ مِنْ أَنْوَاعِ الرَّمْيِ الْمُنَاضَلَةَ، وَهُوَ أَنْ يَشْرِطَا إصَابَةَ عَشَرَةً مِنْ عِشْرِينَ مَثَلًا عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَا جَمِيعًا فَيَرْمِيَانِ جَمِيعَ ذَلِكَ فَإِنْ أَصَابَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْعَشَرَةَ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ أَحْرَزَ أَسْبَقُهُمَا، وَإِنْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا الْعَشَرَةَ أَوْ فَوْقَهَا وَالْآخَرُ دُونَهَا فَقَدْ نَضَلَهُ
(فَصْلٌ) فِي النَّكَبَاتِ الَّتِي تَطْرَأُ عِنْدَ الرَّمْيِ وَتَشَوُّشُهُ وَالْأَصْلُ أَنَّ السَّهْمَ مَتَى وَقَعَ مُتَبَاعِدًا عَنْ الْغَرَضِ تَبَاعُدًا مُفْرِطًا إمَّا مُقَصِّرًا عَنْهُ أَوْ مُجَاوِزًا لَهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِسُوءِ الرَّمْيِ حُسِبَ عَلَى الرَّامِي وَلَا يُرَدُّ إلَيْهِ السَّهْمُ لِيَرْمِيَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لِنَكْبَةٍ عَرَضَتْ أَوْ خَلَلٍ فِي آلَةِ الرَّمْيِ بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِ فَلَوْ (حَدَثَتْ فِي يَدِهِ عِلَّةٌ) أَخَلَّتْ بِالرَّمْيِ (أَوْ اعْتَرَضَ) فِي مُرُورِ السَّهْمِ (حَيَوَانٌ) مَنَعَهُ (أَوْ تَلِفَ الْوَتَرُ أَوْ الْقَوْسُ) أَوْ السَّهْمُ (بِلَا تَقْصِيرٍ) مِنْهُ بَلْ لِضَعْفِ الْآلَةِ وَنَحْوِهِ فَلَمْ يُصِبْ (لَمْ تُحْسَبْ عَلَيْهِ) تِلْكَ الرَّمْيَةُ فَيُعِيدُهَا؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ (وَتُحْسَبُ لَهُ إنْ أَصَابَ) ؛ لِأَنَّ الْإِصَابَةَ مَعَ النَّكْبَةِ تَدُلُّ عَلَى جَوْدَةِ الرَّمْيِ فَإِنْ كَانَ بِتَقْصِيرٍ حُسِبَتْ عَلَيْهِ لِيَتَعَلَّمَ
(وَلَوْ انْكَسَرَ السَّهْمُ) نِصْفَيْنِ (بِلَا تَقْصِيرٍ فَأَصَابَ إصَابَةً شَدِيدَةً) بِالنِّصْفِ (الَّذِي فِيهِ النَّصْلُ لَا غَيْرُهُ حُسِبَ لَهُ) ؛ لِأَنَّ اشْتِدَادَهُ مَعَ الِانْكِسَارِ يَدُلُّ عَلَى جَوْدَةِ الرَّمْيِ وَغَايَةِ الْحِذْقِ فِيهِ بِخِلَافِ إصَابَتِهِ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ لَا تُحْسَبُ لَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ انْكِسَارٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْإِصَابَةَ الضَّعِيفَةَ لَا تُحْسَبُ لَهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ (وَإِنْ أَصَابَ بِالنِّصْفَيْنِ حُسِبَ) ذَلِكَ إصَابَةً (وَاحِدَةً كَالرَّمْيِ دَفْعَةً بِسَهْمَيْنِ) إذَا أَصَابَ بِهِمَا
(وَلَوْ رَمَى) السَّهْمَ (مَائِلًا عَنْ السَّمْتِ) أَوْ مُسَامِتًا (وَالرِّيحُ لَيِّنَةٌ فَرَدَّتْهُ) إلَى الْغَرَضِ (أَوْ صَرَفَتْهُ) عَنْهُ فَأَصَابَ بِرَدِّهَا وَأَخْطَأَ بِصَرْفِهَا (حُسِبَ لَهُ) فِي الْأُولَى (وَعَلَيْهِ) فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْجَوَّ لَا يَخْلُو عَنْ الرِّيحِ اللَّيِّنَةِ غَالِبًا وَيَضْعُفُ تَأْثِيرُهَا فِي السَّهْمِ مَعَ سُرْعَةِ مُرُورِهِ فَلَا اعْتِدَادَ بِهَا وَلَوْ رَمَى رَمْيًا ضَعِيفًا فَقَوَّتْهُ الرِّيحُ اللَّيِّنَةُ فَأَصَابَ حُسِبَ لَهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَا) إنْ رَمَى كَذَلِكَ (فِي) رِيحٍ (عَاصِفَةٍ قَارَنَتْ) ابْتِدَاءَ الرَّمْيِ فَلَا يُحْسَبُ لَهُ إنْ أَصَابَ وَلَا عَلَيْهِ إنْ أَخْطَأَ لِقُوَّةِ تَأْثِيرِهَا وَلِهَذَا يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ تَرْكُ الرَّمْيِ إلَى أَنْ تَرْكُدَ بِخِلَافِ اللَّيِّنَةِ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ هَجَمَتْ) فِي مُرُورِ السَّهْمِ (نَعَمْ لَوْ أَصَابَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَوْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا الرُّقْعَةَ إلَخْ) لَوْ رَمَى وَاحِدٌ سَهْمَيْنِ وَالْآخَرُ سَهْمًا وَاسْتَوَتْ الثَّلَاثَةُ فِي الْقُرْبِ وَاسْتَوَتْ بَقِيَّةُ سِهَامِهِمَا فِي الْبُعْدِ فَهَلْ صَاحِبُ السَّهْمَيْنِ نَاضِلٌ وَيُجْعَلُ السَّهْمُ الزَّائِدُ كَزِيَادَةِ الْقُرْبِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا
[فَصْلٌ فِي النَّكَبَاتِ الَّتِي تَطْرَأُ عِنْدَ الرَّمْيِ وَتَشَوُّشُهُ]
(قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ لَا إنْ رَمَى فِي رِيحٍ عَاصِفَةٍ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ وَصُورَتُهَا أَنَّ الرِّيحَ عَاصِفَةٌ فَالْإِصَابَةُ وَعَدَمُهَا مُحَالَةٌ عَلَيْهَا لَا عَلَى الرَّامِي وَلَا كَذَلِكَ مَا سَيَأْتِي كَاتِبُهُ