الْقَبُولِ قُطِعَ) فِيهِمَا.
أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْقَبُولَ لَمْ يَقْتَرِنْ بِالْوَصِيَّةِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَبِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا لَا يَحْصُلُ بِالْمَوْتِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَأَطْلَقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِبِنَاءٍ وَهُوَ أَقْرَبُ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ بِالْمَوْتِ وَالرَّافِعِيُّ تَبِعَ فِي الْبِنَاءِ الْبَغَوِيّ وَأَحْسَنَ الْخُوَارِزْمِيَّ فَصَحِيحٌ عَدَمُ الْقَطْعِ انْتَهَى، وَعَدَمُ الْقَطْعِ أَوْجَهُ وَإِلَّا أَشْكَلَ بِعَدَمِ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَا اتَّهَبَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْقَبُولَ وُجِدَ ثَمَّ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا لَا يُجْدِي (لَا) إنْ سَرَقَ الْمُوصَى بِهِ (فَقِيرٌ) بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي (وَالْوَصِيَّةُ لِلْفُقَرَاءِ) فَلَا يُقْطَعُ كَسَرِقَةِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَرَقَهُ الْغَنِيُّ (وَلَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ) أَيْ أَنَّهُ مَالِكٌ (لِمَا سَرَقَهُ أَوْ لِلْحِرْزِ أَوْ لِلْمَالِكِ) لِمَا سَرَقَهُ (وَهُوَ مَجْهُولٌ) نَسَبًا (أَوْ أَنَّهُ أَخَذَهُ) مِنْ الْحِرْزِ (بِإِذْنِهِ أَوْ) أَنَّهُ أَخَذَهُ (وَالْحِرْزُ مَفْتُوحٌ) أَوْ وَصَاحِبُهُ مُعْرِضٌ عَنْ الْمُلَاحَظَةِ (أَوْ أَنَّهُ دُونَ النِّصَابِ سَقَطَ) عَنْهُ (الْقَطْعُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ) وَإِنْ ثَبَتَتْ السَّرِقَةُ بِالْبَيِّنَةِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ فَصَارَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْقَطْعِ وَلِأَنَّهُ صَارَ خَصْمًا فِي الْمَالِ وَسُمِّيَ هَذَا السَّارِقُ الظَّرِيفَ (وَلَا يَسْتَفْصِلُ) بَعْدَ ثُبُوتِ السَّرِقَةِ عَنْ كَوْنِ الْمَسْرُوقِ مِلْكَهُ أَوْ لَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ سَعْيٌ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إغْرَاءٌ لَهُ بِادِّعَاءِ الْبَاطِلِ (وَلَا يَثْبُتُ لَهُ الْمَالُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ) لَا بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (لَمْ يَجِبْ الْقَطْعُ) لِسُقُوطِهِ بِالشُّبْهَةِ
(وَإِنْ ادَّعَى) مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ بِزِنَا امْرَأَةٍ (أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ زَوْجَتُهُ) أَوْ أَمَتُهُ (سَقَطَ) عَنْهُ (الْحَدُّ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ (وَإِنْ قَالَ أَحَدُ السَّارِقِينَ: الْمَالُ لِصَاحِبِي وَأَذِنَ لِي) فِي الْأَخْذِ مِنْهُ (لَمْ يُقْطَعْ) لِذَلِكَ (فَلَوْ أَنْكَرَ صَاحِبُهُ) أَنَّ الْمَالَ لَهُ (قُطِعَ الْمُنْكِرُ) ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِسَرِقَةِ نِصَابٍ بِلَا شُبْهَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَدَّقَهُ أَوْ سَكَتَ أَوْ قَالَ لَا أَدْرِي (وَلَوْ سَرَقَ عَبْدٌ) نِصَابًا (وَادَّعَاهُ) أَيْ أَنَّ مَا سَرَقَهُ مِلْكٌ (لِسَيِّدِهِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ كَذَّبَهُ سَيِّدُهُ) كَالْحُرِّ يَدَّعِي الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ
(فَرْعٌ) لَوْ (مَلَكَ مَا سَرَقَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ السَّرِقَةِ قُطِعَ أَوْ قَبْلَهُ) وَلَوْ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْحِرْزِ وَقَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ (تَعَذَّرَ الْقَطْعُ لِعَدَمِ الْمُطَالِبِ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْقَطْعَ يَتَوَقَّفُ عَلَى دَعْوَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَمُطَالَبَتِهِ
(الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ) الْمَسْرُوقُ (مُحْتَرَمًا فَلَا يُقْطَعُ) وَلَوْ ذِمِّيًّا (بِخَمْرٍ وَكَلْبٍ) وَلَوْ مُحْتَرَمَيْنِ (وَجِلْدُ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ) وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ وَهَذَا كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ عُلِمَ مِنْ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ مَا لَا قِيمَةَ لَهُ لَا يَكُونُ نِصَابًا عَلَى أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ أَنْ يَكُونَ مَالًا مُحْتَرَمًا لِيَخْرُجَ بِالْمَالِ مَا ذُكِرَ وَبِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ كَمَالِ الْحَرْبِيِّ (وَيُقْطَعُ بِإِنَاءِ خَمْرٍ وَلَوْ كَسَرَهُ فِي الْحِرْزِ وَأَخْرَجَهُ) مِنْهُ (وَبِآلَةِ لَهْوٍ وَبِإِنَاءِ ذَهَبٍ) أَوْ فِضَّةٍ وَلَوْ كَسَرَهُمَا فِي الْحِرْزِ وَأَخْرَجَهُمَا حَيْثُ (يَبْلُغُ مَكْسُورُهُمَا) أَيْ إنَاءِ الْخَمْرِ وَآلَةِ اللَّهْوِ وَإِنَاءِ الذَّهَبِ (نِصَابًا) ؛ لِأَنَّهُ سَرَقَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ بِلَا شُبْهَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ لَوْ كَسَرَهَا فِي الْحِرْزِ وَأَخْرَجَهَا وَأَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ ذَهَبٍ كَانَ أَوْلَى وَأَوْفَى بِمَا فِي الْأَصْلِ (لَا إنْ أَخْرَجَهَا) مِنْ الْحِرْزِ (لِيُشْهِرَهَا) بِالْكَسْرِ، وَالتَّغْيِيرِ فَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحْرَزَةٍ شَرْعًا إذْ لِكُلِّ مَنْ قَصْدَ كَسْرَهَا أَنْ يَدْخُلَ مَكَانَهَا لِيَكْسِرَهَا وَهُوَ إنَّمَا دَخَلَ بِقَصْدِ كَسْرِهَا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ بِقَصْدِ كَسْرِهَا وَأَخْرَجَهَا بِقَصْدِ سَرِقَتِهَا لَا يُقْطَعُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا قَطْعَ أَيْضًا فِي عَكْسِ هَذِهِ
(الشَّرْطُ الرَّابِعُ تَمَامُ مِلْكِ الْغَيْرِ فَإِذَا سُرِقَ مَالُهُ فِيهِ شَرِكَةٌ لَمْ يُقْطَعْ) وَإِنْ قَلَّ نَصِيبُهُ إذْ مَا مِنْ قَدْرٍ يَأْخُذُهُ إلَّا وَلَهُ فِيهِ جُزْءٌ فَكَانَ شُبْهَةً كَوَطْءِ الْمُشْتَرَكَةِ وَخَرَجَ بِمَالِهِ فِيهِ شَرِكَةٌ مَا لَوْ سَرَقَ مِنْ مَالِ شَرِيكِهِ الَّذِي لَيْسَ بِمُشْتَرَكٍ قَدْرَ نِصَابٍ فَيُقْطَعُ إنْ اخْتَلَفَ حِرْزُهُمَا وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْقَفَّالِ الْقَطْعَ (وَلَوْ) كَانَ الْمَسْرُوقُ (مَالَ بَيْتِ الْمَالِ) ، فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ وَإِنْ كَانَ السَّارِقُ غَنِيًّا؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُصْرَفُ فِي عِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ، وَالرِّبَاطَاتِ، وَالْقَنَاطِرِ فَيَنْتَفِعُ بِهَا الْغَنِيُّ، وَالْفَقِيرُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ قَبُولِهِ قَبْلَ أَخْذِهِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْقَبُولَ وُجِدَ ثَمَّ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا لَا يُجْدِي) الْفَرْقُ جَيِّدٌ وَيَنْضَمُّ إلَيْهِ إنْ أَخَذَ الْمُتَّهَبُ الْمَوْهُوبَ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِإِذْنِ الْوَاهِبِ لَهُ فِي قَبْضِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا بَلْ يُجْدِي إذْ الْعَقْدُ قَدْ تَمَّ فِي الْهِبَةِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ وَأَيْضًا فَالْمُوصَى لَهُ مُسْتَغْنٍ عَنْ سَرِقَتِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى تَحْقِيقِ مِلْكِهِ بِقَبُولِهِ قَبْلَهَا بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَيْهَا بِأَنْ يَظُنَّهَا سَبَبًا لِإِذْنِ الْوَهْبِ لَهُ فِي الْقَبْضِ لِتَحْصِيلِ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّهُ أَخَذَهُ بِإِذْنِهِ) أَوْ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِ الْحِرْزِ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّهُ دُونَ النِّصَابِ) أَيْ وَلَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ نِصَابًا (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ نِصَابٌ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ صَارَ خَصْمًا فِي الْمَالِ) فَإِنَّهُ لَوْ نَكَلَ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى السَّارِقِ فَكَيْفَ يُقْطَعُ عَلَى مَالٍ هُوَ خَصْمٌ فِيهِ وَلِأَنَّ مَا يَدَّعِيهِ مُحْتَمَلٌ فَصَارَ شُبْهَةً وَلَوْ قَالَ: ظَنَنْته مِلْكِي أَوْ مِلْكَ أَبِي أَوْ ابْنِي أَوْ أَنَّ الْحِرْزَ مِلْكِي أَوْ مِلْكُ أَبِي أَوْ ابْنِي لَمْ يُقْطَعْ
(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ) خَرَجَ بِهَذَا مَا لَوْ صَارَتْ الْخَمْرُ خَلًّا أَوْ دُبِغَ الْجِلْدُ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ (قَوْلُهُ وَبِآلَةِ لَهْوٍ) يَشْهَدُ لِقَطْعِهِ بِآلَةِ اللَّهْوِ مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فِيمَا إذَا سَرَقَ مَا لَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ الْكُتُبِ أَنَّهُ يُقْطَعُ إذَا كَانَ الْجِلْدُ وَالْقِرْطَاسُ يَبْلُغُ نِصَابًا (قَوْلُهُ وَأَوْفَى بِمَا فِي الْأَصْلِ) وَإِنْ فُهِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ بِقَصْدِ كَسْرِهَا وَأَخْرَجَهَا بِقَصْدِ سَرِقَتِهَا إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ قَصَدَهُمَا أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا أَوْ قَصَدَ أَحَدَهُمَا لَا بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ إلَخْ
(قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَنْتَفِعُ بِهَا الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) وَأَيْضًا فَالْفَقِيرُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ وَالْغَنِيُّ يُعْطَى مِنْهُ بِسَبَبِ حَمْلَةٍ تَحَمَّلَهَا لِتَسْكِينِ فِتْنَةٍ وَسَرَقَ مِنْهُ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ وَآخَرُ عَلَى زَمَنِ عَلِيٍّ فَلَمْ يَقْطَعَاهُمَا وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ