إذَا ذُبِحَتْ (يَحِلُّ أَكْلُهَا) ؛ لِأَنَّهَا مُذَكَّاةٌ كَغَيْرِهَا وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ وُجُوبَ ذَبْحِهَا إنَّمَا هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى الْفَاعِلِ لَا عَلَى عَدَمِهِ كَمَا تَوَهَّمَهُ الْمُصَنِّفُ (وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ) لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتِهَا حَيَّةً وَمُذَكَّاةً إنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ.
(وَتُحَدُّ امْرَأَةٌ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ نَائِمٍ) كَمَنْ زَنَى بِنَائِمَةٍ (لَا) خَلِيَّةٍ (حُبْلَى لَمْ تُقِرَّ) بِالزِّنَا أَوْ وَلَدَتْ، وَلَمْ تُقِرَّ بِهِ فَلَا تُحَدُّ إذْ الْحَدُّ إنَّمَا يَجِبُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ، وَحُكْمُ الْخُنْثَى هُنَا حُكْمُهُ فِي الْغُسْلِ (وَاللَّائِطُ لَا بِزَوْجَتِهِ، وَأَمَتِهِ كَالزَّانِي) فِيمَا يَلْزَمُهُ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُولِجٌ فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ مُشْتَهًى طَبْعًا.
(وَ) اللَّائِطُ (بِهِمَا) أَيْ بِزَوْجَتِهِ، وَأَمَتِهِ (يُعَزَّرُ) إنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْفِعْلُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ اسْتِمْتَاعِهِ فِي الْجُمْلَةِ؛ وَلِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي إبَاحَتِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهُ الْفِعْلُ فَلَا تَعْزِيرَ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيُّ (وَالْمُلُوطُ) بِهِ غَيْرُ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ (يُجْلَدُ وَيُغَرَّبُ كَالْبِكْرِ، وَإِنْ أُحْصِنَ) رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً إذْ لَا يُتَصَوَّرُ إدْخَالُ الذَّكَرِ فِي دُبُرِهِ عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ حَتَّى يَصِيرَ بِهِ مُحْصَنًا، وَالرَّجْمُ خَاصٌّ بِالْمُحْصَنِ كَمَا سَيَأْتِي أَمَّا الزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ فَيُعَزَّرَانِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ.
(فَإِنْ أَتَتْ امْرَأَةٌ امْرَأَةً عُزِّرَتَا) ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا، وَالتَّصْرِيحُ بِوُجُوبِ التَّعْزِيرِ عَلَيْهِمَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (، وَتَمْكِينُهَا الْقِرْدَ) مِنْ نَفْسِهَا كَوَطْئِهِ الْبَهِيمَةَ وَفِي نُسْخَةٍ كَوَطْءِ الْبَهِيمَةِ فَيَلْزَمُهَا التَّعْزِيرُ لَا الْحَدُّ (وَيَسْقُطُ) الْحَدُّ بِثَلَاثِ شُبَهٍ لِخَبَرِ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَ وَقْفَهُ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ فَيَسْقُطُ (بِالشُّبْهَةِ فِي الْمَحَلِّ كَوَطْءِ زَوْجَةٍ) لَهُ (حَائِضٍ) أَوْ صَائِمَةٍ أَوْ مُحْرِمَةٍ (وَأَمَةٍ) لَهُ (لَمْ تُسْتَبْرَأْ، وَأَمَةِ وَلَدِهِ) ، وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةً كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي خِيَارِ النِّكَاحِ (وَكَذَا أَمَةٌ) لَهُ (هِيَ مَحْرَمٌ) لَهُ (بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ) أَوْ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ كَأُمِّ مَنْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ أَوْ بِنْتِهَا (أَوْ) أَمَةٍ (مُشْتَرَكَةٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (أَوْ) أَمَةٍ لَهُ (مُزَوَّجَةٍ) أَوْ مُعْتَدَّةٍ (أَوْ وَثَنِيَّةٍ) أَوْ مَجُوسِيَّةٍ (أَوْ مُسْلِمَةٍ، وَهُوَ ذِمِّيٌّ) أَوْ مُعَاهَدٌ لِعُرُوضِ التَّحْرِيمِ فِي بَعْضِهَا وَشُبْهَةِ الْمِلْكِ فِي الْبَاقِي.
(وَبِالشُّبْهَةِ فِي الْفَاعِلِ كَمَنْ) أَيْ كَوَطْءِ مَنْ (ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ وَيَصْدُقُ) فِي أَنَّهُ ظَنَّ ذَلِكَ (بِيَمِينِهِ) سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ فِي لَيْلَةِ الزِّفَافِ أَمْ غَيْرِهَا (لَا إنْ ظَنَّهَا مُشْتَرَكَةً) فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ التَّحْرِيمَ فَكَانَ مِنْ حَقِّهِ الِامْتِنَاعُ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ احْتِمَالَيْنِ نَقَلَهُمَا تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ عَنْ الْإِمَامِ، وَجَزَمَ الْمِيمِيُّ كَالتَّعْلِيقَةِ بِسُقُوطِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ النِّهَايَةِ كَمَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْمَنْقُولَ تَرْجِيحُهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مُخْتَصَرِهَا أَنَّهُ أَظْهَرُ الِاحْتِمَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ ظَنَّ مَا لَوْ تَحَقَّقَ دُفِعَ عَنْهُ الْحَدُّ، وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ كَمَا لَوْ سَرَقَ مَالَ غَيْرِهِ يَظُنُّ أَنَّهُ لِأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ أَنَّ الْحِرْزَ مِلْكُهُ فَإِنَّ الْأَصَحَّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِيهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَبَيْنَ مَا إذَا عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَاعْتَقَدَ عَدَمَ الْحَدِّ أَوْ سَرَقَ دَنَانِيرَ يَظُنُّهَا فُلُوسًا أَنَّهُ هُنَا اعْتَقَدَ أَمْرًا نَعْتَقِدُهُ نَحْنُ مُسْقِطٌ وَثَمَّ نَعْتَقِدُهُ مُوجِبًا، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ ظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ يَشْهَدُ لِذَلِكَ.
(وَبِالشُّبْهَةِ فِي الْجِهَةِ) أَيْ الطَّرِيقِ (وَهِيَ إبَاحَةُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ) الْوَطْءَ بِجِهَةٍ (كَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ) كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ (أَوْ بِلَا شُهُودٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَاللَّائِطُ لَا بِزَوْجَتِهِ، وَأَمَتِهِ) شَمَلَ دُبُرَ عَبْدِهِ (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إلَخْ) بِدَلِيلِ قَوْلِهِ {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} [الإسراء: 32] ، وَقَالَ {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} [الأعراف: 80] .
(قَوْلُهُ: إنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْفِعْلُ) بِأَنْ عَادَ بَعْدَ مَا مَنَعَهُ الْحَاكِمُ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا أَمَةٌ هِيَ مَحْرَمٌ لَهُ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ) دُبُرُ الْمَمْلُوكَةِ مِنْ الْمَحَارِمِ يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَدْ يُنَازَعُ فِيهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُقْرِي الظَّاهِرُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ بِالْوَطْءِ فِي قُبُلِهَا شُبْهَةُ الْمِلْكِ الْمُبِيحِ فِي الْجُمْلَةِ، وَهِيَ فِي الْجُمْلَةِ لَمْ تُبَحْ دُبُرًا قَطُّ، وَأَمَّا الزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ فَسَائِرُ جَسَدِهَا يُبَاحُ لِلْوَطْءِ فَانْتَهَضَ شُبْهَةً فِي الدُّبُرِ، وَالْوَثَنِيَّةُ كَالْمَحْرَمِ، وَلَا يُعْتَرَضُ بِالْمُزَوَّجَةِ فَإِنَّ تَحْرِيمَهَا لِعَارِضٍ كَالْحَيْضِ. اهـ. وَالْمَذْهَبُ مَا أَطْلَقُوهُ لِمَا عَلَّلُوا بِهِ مِنْ شُبْهَةِ الْمِلْكِ (تَنْبِيهٌ) لَمْ يُفَرِّقُوا فِي الْمَمْلُوكَةِ الْمَحْرَمِ بَيْنَ مَنْ هِيَ عَلَى حَوَاشِي النَّسَبِ وَغَيْرِهَا كَالْأُمِّ وَالْبِنْتِ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي حُرٍّ مُعْسِرٍ وَرِثَ أَمَةً أَوْ بِنْتَهُ، وَهِيَ مَرْهُونَةٌ أَوْ جَانِيَةٌ، وَفِي مُكَاتَبٍ مَلَكَهَا ثُمَّ وَطِئَ (قَوْلُهُ: وَتَمْكِينُهَا الْقِرْدَ مِنْ نَفْسِهَا) أَيْ، وَإِيلَاجُهَا فِي قُبُلِهَا ذَكَرًا مُبَانًا أَوْ زَائِدًا غَيْرَ عَامِلٍ أَوْ ذَكَرَ مَيِّتٍ.
(قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الْمَسَائِلِ إلَخْ) ، قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَهَذَا الْفَرْقُ ضَعِيفٌ، وَكَيْفَ يَصِحُّ الْفَرْقُ بِاعْتِقَادِ الْوُجُوبِ وَاعْتِقَادُ الْوُجُوبِ فَرْعُ الْوُجُوبِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بِنَفْسِ الْحُكْمِ كَذَلِكَ لَا يُفَرَّقُ بِاعْتِقَادِ الْحُكْمِ، وَالصَّوَابُ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَالْفَرْقُ أَنَّ اعْتِقَادَ كَوْنِ الْجَارِيَةِ مُشْتَرَكَةً لَا يُبِيحُ الْوَطْءَ وَاعْتِقَادُ كَوْنِ الْحِرْزِ لَهُ يُبِيحُ لَهُ هَتْكُهُ وَنَقْبُهُ فِي الْجُمْلَةِ وَاعْتِقَادُ كَوْنِهِ لِلِابْنِ أَوْ الْأَبِ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ مَا اعْتَقَدَ مِلْكَهُ فَجَرَى فِيهِ حُكْمُهُ لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ وُجُوبُ الْقَطْعِ عَلَى مَنْ سَرَقَ دَنَانِيرَ ظَنَّهَا فُلُوسًا؛ لِأَنَّ اعْتِقَادَ كَوْنِهَا فُلُوسًا لَا يُبِيحُ لَهُ الْأَخْذَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَاسَ عَلَيْهَا أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكُهُ مُؤَجَّرًا، وَلَا مُسْتَعَارًا فَإِنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ يَظُنُّهُ مِلْكَهُ الْمُؤَجَّرَ أَوْ الْمُعَارَ قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ نَقْبُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ وَالرُّجُوعِ فِي الْعَارِيَّةِ وَلِهَذَا، قَالَ الرَّافِعِيُّ لَوْ اشْتَرَى حِرْزًا وَنَقَبَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَسَرَقَ مِنْهُ مَالَ الْبَائِعِ نُظِرَ إنْ نُقِبَ بَعْدَ دَفْعِ الثَّمَنِ لَمْ يُقْطَعْ، وَإِلَّا قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّقْبُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: وَبِالشُّبْهَةِ فِي الْجِهَةِ إلَخْ) شَمَلَ مَا لَوْ شَهِدَ شَاهِدَا زُورٍ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ فَحَكَمَ حَاكِمٌ بِالْفُرْقَةِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا وَوَطِئَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ بِلَا شُهُودٍ) عِبَارَةُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَدُونَ وَلِيٍّ وَشُهُودٍ، وَعِبَارَةُ مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ أَوْ وَطِيءَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ، وَلَا شُهُودٍ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّوَابُ وُجُوبُ الْحَدِّ فِيمَا إذَا وَطِئَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ، وَلَا شُهُودٍ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي بُطْلَانِهِ إنَّمَا الْخِلَافُ عِنْدَ فَقْدِ أَحَدِهِمَا فَأَبُو حَنِيفَةَ جَوَّزَهُ بِلَا وَلِيٍّ وَمَالِكٌ بِلَا شُهُودٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ عِيسَى مُطَيْرٌ لَا تَصِحُّ دَعْوَى الْإِسْنَوِيِّ نَفَى الْخِلَافُ ذَلِكَ بَلْ عِنْدَ دَاوُد يَصِحُّ نِكَاحُ الثَّيِّبِ مَعَ عَدَمِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ جَمِيعًا حَكَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَالشَّامِلِ