عَلَيْهِ بِمَا اقْتَرَضَاهُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ (فَوَجْهَانِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ أَنْ يَتَمَكَّنَا مِنْ الْإِشْهَادِ أَوْ لَا كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ هَرَبِ الْجَمَّالِ.
(وَلَوْ أَنْفَقَتْ) الْأُمُّ (عَلَى طِفْلِهَا الْمُوسِرِ مِنْ مَالِهِ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْأَبِ، وَالْقَاضِي (جَازَ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَدَّى مَصْلَحَتُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لَهَا ذَلِكَ إلَّا إذَا امْتَنَعَ الْأَبُ أَوْ غَابَ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ (أَوْ) أَنْفَقَتْ عَلَيْهِ (مِنْ مَالِهَا لِتَرْجِعَ) عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَبِيهِ إنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ (رَجَعَتْ إنْ أَشْهَدَتْ بِذَلِكَ) عِنْدَ عَجْزِهَا عَنْ الْقَاضِي (وَإِلَّا فَوَجْهَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: قَضِيَّةُ مَا رَجَّحُوهُ فِي الْمُسَاقَاةِ الْمَنْعُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ أَنْ تَتَمَكَّنَ مِنْ الْإِشْهَادِ أَوْ لَا (وَلَوْ غَابَ الْأَبُ لَمْ يَسْتَقِلَّ الْجَدُّ بِالِاقْتِرَاضِ عَلَيْهِ) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْقَاضِي لَهُ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَالْإِشْهَادُ.
(فَصْلٌ: لِلْأَبِ وَالْجَدِّ أَخْذُ النَّفَقَةِ) الْوَاجِبَةِ لَهُمَا عَلَى فَرْعِهِمَا (مِنْ مَالٍ فَرْعِهِمَا الصَّغِيرِ) أَوْ الْمَجْنُونِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ (وَ) لَهُمَا (تَأْجِيرُهُ) أَيْ إيجَارُهُ (لَهَا) لِمَا يُطِيقُهُ مِنْ الْأَعْمَالِ (وَلَا تَأْخُذُهَا الْأُمُّ) مِنْ مَالِهِ إذَا وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ (وَ) لَا (الِابْنُ) مِنْ مَالِ أَبِيهِ الْمَجْنُونِ إذَا وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ (إلَّا بِالْحَاكِمِ) لِعَدَمِ وِلَايَتِهِمَا (فَيُوَلِّي الْقَاضِي الِابْنَ الزَّمِنَ إجَارَةَ أَبِيهِ الْمَجْنُونِ) إذَا صَلُحَ لِصَنْعَةٍ (لِنَفَقَتِهِ) .
(فَصْلٌ: عَلَى الْأُمِّ إرْضَاعُ وَلَدِهَا اللِّبَأَ) ، وَإِنْ وَجَدَتْ مُرْضِعَةً أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ أَوْ لَا يَقْوَى غَالِبًا إلَّا بِهِ وَهُوَ اللَّبَنُ النَّازِلُ أَوَّلَ الْوِلَادَةِ وَمُدَّتُهُ يَسِيرَةٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَإِنْ قَالُوا يَكْفِيهِ مَرَّةً بِلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ كَفَتْ، وَإِلَّا عُمِلَ بِقَوْلِهِمْ (وَكَذَا اللَّبَنُ) يَجِبُ عَلَيْهَا إرْضَاعُهُ لَهُ (إنْ عَدِمَتْ الْمُرْضِعَاتِ) فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا أَجْنَبِيَّةٌ وَجَبَ عَلَيْهَا أَيْضًا إبْقَاءً عَلَى الْوَلَدِ.
(وَلَهَا الِامْتِنَاعُ) مِنْ الْإِرْضَاعِ (إنْ وُجِدْنَ) أَيْ الْمُرْضِعَاتُ، وَلَوْ وَاحِدَةً سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي نِكَاحِ أَبِيهِ أَمْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] (فَإِنْ طَالَبَتْ بِالْأُجْرَةِ، وَلَوْ لِلِّبَأِ إنْ كَانَ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ أُجِيبَتْ، وَلَوْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً بِأَبِيهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] ؛ وَلِأَنَّهَا أَشْفَقُ عَلَى وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهَا، وَلَبَنُهَا لَهُ أَصْلَحُ وَأَوْفَقُ وَتَعَيُّنُ الْإِرْضَاعِ عَلَيْهَا لَا يُوجِبُ التَّبَرُّعَ بِهِ كَمَا يَلْزَمُ مَالِكَ الطَّعَامِ بَذْلُهُ لِلْمُضْطَرِّ بِبَدَلِهِ (فَلَوْ وَجَدَ مُتَبَرِّعَةً) بِإِرْضَاعِهِ (نَزَعَهُ) مِنْ أُمِّهِ وَدَفَعَهُ إلَى الْمُتَبَرِّعَةِ لِتُرْضِعَهُ (إنْ لَمْ تَتَبَرَّعْ) أُمُّهُ بِإِرْضَاعِهِ؛ لِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِ الْأُجْرَةَ مَعَ الْمُتَبَرِّعَةِ إضْرَارًا بِهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} [البقرة: 233] ، وَكَالْمُتَبَرِّعَةِ الرَّاضِيَةُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ تَرْضَ الْأُمُّ إلَّا بِهَا، وَالرَّاضِيَةُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ تَرْضَ الْأُمُّ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْهَا ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ وَيُمْكِنُ إدْرَاجُهُمَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (وَلَوْ ادَّعَى وُجُودَهَا) أَيْ الْمُتَبَرِّعَةِ أَوْ الرَّاضِيَةِ بِمَا ذَكَرَ وَأَنْكَرَتْ هِيَ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي عَلَيْهِ أُجْرَةً، وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا؛ وَلِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ (وَالْأُجْرَةُ) تَجِبُ (فِي مَالِ الطِّفْلِ ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَتَجِبُ (عَلَى الْأَبِ) كَالنَّفَقَةِ (وَلَا يُزَادُ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ لِلْإِرْضَاعِ) ، وَإِنْ احْتَاجَتْ فِيهِ إلَى زِيَادَةِ الْغِذَاءِ؛ لِأَنَّ قَدْرَ النَّفَقَةِ لَا يَخْتَلِفُ بِحَالِ الْمَرْأَةِ وَحَاجَتِهَا (وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُمَا مِنْهُ) أَيْ مِنْ إرْضَاعِهِ حَيْثُ اخْتَارَتْهُ (وَلَوْ أَخَذَتْ الْأُجْرَةَ) ؛ لِأَنَّهَا أَشْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهَا وَلَبَنُهَا لَهُ أَصْلَحُ، وَأَوْفَقُ وَلِمَا فِي مَنْعِهَا مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا هَذَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَأْجَرَةً لِلْإِرْضَاعِ قَبْلَ نِكَاحِهَا، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ تَخَيَّرَ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ، وَإِنْ رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالتَّمَتُّعِ وَتَبِعَ فِي تَخْيِيرِهِ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ الْمَاوَرْدِيُّ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ بِمَا فِيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا تَقَرَّرَ مَحَلُّهُ فِي الزَّوْجَةِ، وَالْوَلَدِ الْحُرَّيْنِ أَمَّا لَوْ كَانَ رَقِيقًا، وَالْأُمُّ حُرَّةٌ فَلَهُ مَنْعُهَا كَمَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَتْ رَقِيقَةً الْوَلَدُ حُرٌّ أَوْ رَقِيقٌ فَقَدْ يُقَالُ مَنْ وَافَقَهُ السَّيِّدُ مِنْهُمَا فَهُوَ الْمُجَابُ وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهُ (لَكِنْ إنْ أَخَذَتْهَا) أَيْ الْأُجْرَةَ (سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا إنْ نَقَصَ الِاسْتِمْتَاعُ) بِإِرْضَاعِهَا، وَإِلَّا فَلَا.
(الطَّرَفُ الثَّانِي: فِي اجْتِمَاعِ الْأَقَارِبِ) مِنْ جَانِبِ الْمُنْفِقِ وَمِنْ جَانِبِ الْمُحْتَاجِ (فَإِنْ اجْتَمَعَ لِلْمُحْتَاجِ فَرْعَانِ، وَاسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ وَالْإِرْثِ) أَوْ عَدَمِهِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الذُّكُورَةِ وَعَدَمِهَا) كَابْنَيْنِ أَوْ بِنْتَيْنِ أَوْ ابْنٍ وَبِنْتٍ (أَنْفَقَا) عَلَيْهِ (بِالسَّوَاءِ) ، وَإِنْ تَفَاوَتَا يَسَارًا وَإِرْثًا أَوْ يُسْرُ أَحَدِهِمَا بِالْمَالِ، وَالْآخَرِ بِالْكَسْبِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ إيجَابِ النَّفَقَةِ تَشْمَلُهُمَا (وَلَا تُوَزَّعُ) النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا (عَلَى قَدْرِ الْإِرْثِ) هَذَا النَّفْيُ مُقَابِلٌ لِإِنْفَاقِهِمَا بِالسَّوَاءِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ الثَّانِي لِإِشْعَارِ زِيَادَةِ الْإِرْثِ
قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُمَا لَا يَرْجِعَانِ، وَلَوْ عَدَمَا الشُّهُودَ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ أَنْ يَتَمَسَّكَا إلَخْ) نَقَلَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ فِي الْمُسَاقَاةِ أَنَّهُ إذَا أَنْفَقَ الْمَالِكُ عِنْدَ هَرَبِ الْعَامِلِ، وَلَمْ يَشْهَدْ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ إمْكَانِ الْإِشْهَادِ وَعَدَمِ إمْكَانِهِ، وَقَالَ فِيهَا: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهُ أَنَّ عَدَمَ إمْكَانِ الْإِشْهَادِ نَادِرٌ وَجَزَمَ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ وَالْبَارِزِيُّ وَابْنُ السِّرَاجِ وَجَمَاعَةٌ بِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ وَجَزَمَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي اقْتِرَاضِ الْغَرِيبِ نَفَقَةَ نَفْسِهِ وَفِي اقْتِرَاضِ الْجَدِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَتَعَدَّى مَصْلَحَتَهُ) وَهُوَ قَلِيلٌ فَسُومِحَ فِيهِ (قَوْلُهُ: قَضِيَّةُ مَا رَجَّحُوهُ فِي الْمُسَاقَاةِ الْمَنْعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَصْلٌ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ أَخْذُ النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ لَهُمَا عَلَى فَرْعِهِمَا]
(قَوْلُهُ: وَمُدَّتُهُ يَسِيرَةٌ) وَقَالَ بَعْضُهُمْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَآخَرُونَ سَبْعَةُ أَيَّامٍ نَقَلَهُمَا ابْنُ كَبْنٍ فِي نُكَتِهِ وَعِبَارَةُ الْبَيَانِ وَعَلَيْهَا أَنْ تَسْقِيَهُ اللِّبَأَ حَتَّى يُرْوَى وَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِمَرَّةٍ (قَوْلُهُ فَلَوْ وَجَدْنَا مُتَبَرِّعَةً بِإِرْضَاعِهِ) أَوْ بِحَضَانَتِهِ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ إدْرَاجُهُمَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: هَذَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهَا قَالَهُ الْإِمَامُ) هَذَا غَيْرُ دَاخِلٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ لَيْسَ لَهُ رَاجِعٌ إلَى أَبِيهِ الْمُصَرِّحِ بِهِ فِي قَوْلِهِ بِأَبِيهِ وَفِي قَوْلِهِ ثُمَّ عَلَى الْأَبِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ يُقَالُ مَنْ وَافَقَهُ السَّيِّدُ مِنْهُمَا فَهُوَ الْمُجَابُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي اجْتِمَاعِ الْأَقَارِبِ]
(قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَقَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ