وَهُوَ لَا يُوجِبُ عِوَضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ بِهِ (بَلْ بِالتَّمْكِينِ) يَوْمًا فَيَوْمًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَلَوْ حَصَلَ الْعَقْدُ وَالتَّمْكِينُ وَقْتَ الْغُرُوبِ فَالْقِيَاسُ وُجُوبُهَا بِالْغُرُوبِ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ وُجُوبُهَا بِالْقِسْطِ فَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ وَقْتَ الظُّهْرِ فَيَنْبَغِي وُجُوبُهَا كَذَلِكَ مِنْ حِينَئِذٍ (وَالْقَوْلُ) فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّمْكِينِ فَقَالَتْ مَكَّنْت مِنْ وَقْتِ كَذَا، وَأَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ (قَوْلُهُ فِيهِ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (لَا فِي الْإِنْفَاقِ) عَلَيْهَا (وَ) لَا فِي (النُّشُوزِ) مِنْهَا بَلْ الْقَوْلُ فِيهِمَا قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا عِنْدَهَا أَوْ غَائِبًا عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُمَا فِيهِمَا وَبَقَاءُ التَّمْكِينِ فِي الثَّانِيَةِ (فَلَا تَجِبُ) النَّفَقَةُ (لَهَا وَلَا لِنَاشِزَةٍ أَطَاعَتْ حَتَّى تَعْرِضَ) ، وَهِيَ مُكَلَّفَةٌ (نَفْسَهَا عَلَى الزَّوْجِ) وَلَوْ بِأَنْ تَبْعَثَ إلَيْهِ أَنِّي مُسَلِّمَةٌ نَفْسِي إلَيْك (أَوْ يَعْرِضَ الْوَلِيُّ الْمُرَاهِقَةَ أَوْ الْمَجْنُونَةَ عَلَيْهِ) وَلَوْ بِالْبَعْثِ إلَيْهِ لِحُصُولِ التَّمْكِينِ بِذَلِكَ نَعَمْ لَوْ قَالَ أُصَدِّقُ الْمُخْبِرَ، وَكَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ.
فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُ (فَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْهَا فَحَتَّى) أَيْ فَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا حَتَّى (يُعْلِمَهُ الْقَاضِي) بِأَنْ تَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى قَاضِي بَلَدِهَا وَتُظْهِرَ لَهُ التَّسْلِيمَ لِيُرْسِلَ إلَى قَاضِي بَلَدِ الزَّوْجِ فَيُحْضِرَهُ وَيُعْلِمَهُ بِالْحَالِ (وَيَمْضِيَ زَمَنُ وُصُولِهِ لِلتَّسْلِيمِ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ إذْ بِذَلِكَ يَحْصُلُ التَّمْكِينُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، وَمَضَى زَمَنُ الْوُصُولِ إلَيْهَا فَرَضَ الْقَاضِي نَفَقَتَهَا فِي مَالِهِ وَجُعِلَ كَالْمُتَسَلِّمِ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ وَفَارَقَتْ الْمُرْتَدَّةَ حَيْثُ تَعُودَ نَفَقَتُهَا بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهَا، وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا غَائِبًا بِأَنَّ نَفَقَتَهَا سَقَطَتْ لِرِدَّتِهَا فَإِذَا أَسْلَمَتْ ارْتَفَعَ الْمُسْقِطُ فَعَمِلَ الْمُوجِبُ عَمَلَهُ وَالنَّاشِزَةُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ قَبْضَةِ الزَّوْجِ وَطَاعَتِهِ، وَإِنَّمَا تَعُودُ إذَا عَادَتْ إلَى قَبْضَتِهِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ فِي غَيْبَتِهِ إلَّا بِمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْفَرْقُ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا لَوْ نَشَزَتْ فِي الْمَنْزِلِ وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْهُ بَلْ مَنَعَتْهُ نَفْسَهَا فَغَابَ ثُمَّ عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ عَادَتْ نَفَقَتُهَا مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى رَفْعِ الْأَمْرِ إلَى الْقَاضِي، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ وَحَاصِلُ ذَلِكَ الْفَرْقُ بَيْنَ النُّشُوزِ الْجَلِيِّ وَالنُّشُوزِ الْخَفِيِّ (فَإِنْ جُهِلَ مَوْضِعُهُ كَتَبَ الْحَاكِمُ إلَى الْحُكَّامِ الَّتِي) الْأَنْسَبُ الَّذِينَ (تَرِدُ عَلَيْهِمْ الْقَوَافِلُ مِنْ بَلَدِهِ) عَادَةً (لِيُنَادِيَ بِاسْمِهِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِي الْحَالَيْنِ) أَيْ حَالَيْ عِلْمِ مَوْضِعِهِ وَجَهْلِهِ (أَنْفَقَهَا) الْقَاضِي أَيْ أَعْطَاهَا نَفَقَتَهَا (مِنْ مَالِهِ الْحَاضِرِ، وَكَفَلَتْ) أَيْ أَخَذَ مِنْهَا كَفِيلٌ بِمَا يُصْرَفُ إلَيْهَا (إنْ جُهِلَ مَوْضِعُهُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ) أَوْ طَلَاقِهِ (وَتَسْلِيمُ الْمُرَاهِقَةِ) نَفْسَهَا إلَى الزَّوْجِ (وَتَسَلُّمُهَا) أَيْ تَسَلُّمُ الزَّوْجِ لَهَا وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا كَافٍ لِحُصُولِ التَّمْكِينِ (لَا عَرْضُ نَفْسِهَا) فَلَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ عَرْضِ وَلِيِّهَا كَمَا مَرَّ (وَتَسَلُّمُ الْمُرَاهِقِ) زَوْجَتَهُ (كَافٍ، وَإِنْ كَرِهَ الْوَلِيُّ بِخِلَافِ) تَسَلُّمِهِ الْمَبِيعَ فِي (الْبَيْعِ) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ أَنْ تَصِيرَ الْيَدُ لِلْمُشْتَرِي، وَهِيَ لِلْوَلِيِّ فِيمَا اشْتَرَاهُ لِلْمُرَاهِقِ لَا لَهُ.
(فَصْلٌ: وَتَسْقُطُ النَّفَقَةُ بِنُشُوزِ عَاقِلَةٍ، وَمَجْنُونَةٍ) بَعْدَ التَّمْكِينِ (وَلَوْ نَهَارًا دُونَ اللَّيْلِ أَوْ بَعْضَ أَحَدِهِمَا) أَوْ قَدَرَ الزَّوْجُ عَلَى رَدِّهَا إلَى الطَّاعَةِ قَهْرًا؛ لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهَا حَقَّ الْحَبْسِ فِي مُقَابَلَةِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ فَإِذَا نَشَزَتْ عَلَيْهِ سَقَطَ وُجُوبُ النَّفَقَةِ، وَإِنَّمَا سَقَطَتْ كُلُّهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَجَزَّأْ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُسَلَّمُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَلَا تُفَرَّقُ غَدْوَةً وَعَشِيَّةً، وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ نُشُوزِهَا فِي بَعْضِ اللَّيْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَ) تَسْقُطُ (بِالِامْتِنَاعِ مِنْ التَّمْكِينِ) وَلَوْ (فِي مَكَان
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ لَمْ تَسْقُطْ بِالنُّشُوزِ، وَلَوْ وَجَبَتْ بِمُجَرَّدِ التَّمْكِينِ لَوَجَبَتْ لِلْمَوْطُوءَةِ بِالشُّبْهَةِ إذَا مَكَّنَتْ، وَهِيَ لَا تَجِبُ اتِّفَاقًا فَدُلَّ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ بِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ بِالتَّمْكِينِ) قَيَّدَهُ فِي التَّنْبِيهِ بِالتَّمْكِينِ التَّامِّ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا سَلَّمَ الْأَمَةَ لَيْلًا لَا نَهَارًا أَوْ لِلْحُرَّةِ نَفْسَهَا لَيْلًا لَا نَهَارًا أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ أَوْ الْمَنْزِلِ الْفُلَانِيِّ أَوْ الْبَيْتِ الْفُلَانِيِّ لَا غَيْرُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْقَيْدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى تَمْكِينًا، وَهَلْ يُحْتَاجُ لِذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى الْبَائِنِ الْحَامِلِ أَمْ يَسْتَمِرُّ الْوُجُوبُ اسْتِصْحَابًا لِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَوْ لَمْ تُسَلِّمْ نَفْسَهَا، وَلَا سَلَّمَهَا الْوَلِيُّ بَلْ قَهَرَهَا وَعَاشَرَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ وَتَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا لَزِمَتْهُ النَّفَقَةُ قَطْعًا، قَالَ الْإِمَامُ: وَالتَّمْكِينُ أَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ أَوْ أَهْلُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا مَتَى أَدَّيْت الصَّدَاقَ دَفَعْنَاهَا إلَيْهِ وَحُكِيَ نَحْوُهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَهَلْ لَهُ إسْكَانُهَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَجَوَازُ امْتِنَاعِهَا تَسْلِيمَ نَفْسِهَا، وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَا يُسْقِطُ عَنْهَا مَا لِلزَّوْجِ مِنْ حَقِّ حَبْسِ الْمَسْكَنِ (قَوْلُهُ:، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ وُجُوبُهَا بِالْقِسْطِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَحَتَّى يُعْلِمَهُ الْقَاضِي) قَالَ الْإِمَامُ: نَفَقَتُهَا وَلَسْت أَرَى الْإِعْلَامَ مَقْصُورًا عَلَى الْقَاضِي، وَلَوْ حَصَلَ الْإِعْلَامُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكْفِيَ، وَلَكِنَّ فَحَوَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِعَوْدِهَا إلَى الطَّاعَةِ، وَهَذَا يَبْعُدُ اشْتِرَاطُهُ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِ التَّهْذِيبِ مَا أَبْدَاهُ الْإِمَامُ أَوْ نَحْوُهُ فَإِنَّهُ عَلَّقَ الْحُكْمَ بِوُصُولِ الْخَبَرِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِقَاضٍ وَلَا حُكْمٍ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْلُغَهُ الْخَبَرُ مِنْ مَقْبُولِ الْخَبَرِ، وَهَلْ يَكْفِي بُلُوغُهُ ذَلِكَ مِمَّنْ يُصَدِّقُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا فِيهِ نَظَرٌ وَسَبَقَ فِي الشُّفْعَةِ وَغَيْرِهَا كَلَامٌ يُحْتَمَلُ مَجِيئَةُ هُنَا. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا مِنْ كِتَابِ الْقَاضِي لَمْ يُصَرِّحُوا فِيهِ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي كِتَابِ قَاضٍ إلَى قَاضٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءَ مِنْهُمْ بِالْمُرَاسَلَةِ حَتَّى لَوْ بَعَثَ إلَيْهِ مُشَافَهَةً مَعَ عَدْلٍ أَوْ عَدْلَيْنِ كَفَى إذْ الْغَرَضُ إطْلَاعُ الزَّوْجِ عَلَى طَاعَتِهَا، وَقَالَ أَبُو شُكَيْلٍ الْمَقْصُودُ إيصَالُ الْعِلْمِ بِزَوْجِهَا وَعَوْدِهَا إلَى الطَّاعَةِ سَوَاءٌ حَصَلَ بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَيْهِ أَوْ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّنْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ لَكِنَّهُ بِكِتَابِ الْقَاضِي آكَدُ، وَأَثْبَتُ هَكَذَا ظَهَرَ ثُمَّ وَجَدْته مُصَرَّحًا بِهِ فِي كِتَابِ الْغَايَةِ فِي اخْتِصَارِ النِّهَايَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحُكْمِ، وَهُوَ بَعِيدٌ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، وَمَضَى زَمَنُ الْوُصُولِ إلَيْهِ فَرَضَ الْقَاضِي إلَخْ) ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَجِيءِ، وَالتَّوْكِيلِ لَمْ يَفْرِضْهَا الْقَاضِي كَمَا نُقِلَ عَنْ جَمْعٍ. (قَوْلُهُ: الْأَنْسَبُ الَّذِينَ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ.
النَّفَقَةُ بِنُشُوزِ عَاقِلَةٍ وَمَجْنُونَةٍ (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: وَتَسْقُطُ النَّفَقَةُ إلَخْ) بِمَعْنَى لَمْ تَجِبْ إذْ السُّقُوطُ حَقِيقَةً إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَبِالِامْتِنَاعِ مِنْ التَّمْكِينِ) أَيْ اللَّازِمِ كَالْوَطْءِ وَسَائِرِ التَّمَتُّعَاتِ