بِأَحَدِهِمَا) وَقَدْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ (لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ الْآخَرُ) بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ (إلَّا إنْ أَنْفَقَ) عَلَيْهِ (بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَلَمْ يَدَّعِ الْوَلَدَ) فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ (فَإِنْ مَاتَ) الْوَلَدُ فِي مُدَّةِ الْإِشْكَالِ (جَهَّزَاهُ) كَمَا يُنْفِقَانِ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ لَهُ يُكَفِّنَاهُ (وَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) مِنْ تَرِكَتِهِ (فَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَوْ لَهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَدَانِ) آخَرَانِ (فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ، وَكَذَا إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا) وَلَدَانِ دُونَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ (وَيُوقَفُ) بَيْنَهُمَا (نَصِيبُ الْأَبِ) ، وَهُوَ الْبَاقِي بَعْدَ ثُلُثِ الْأُمِّ أَوْ سُدُسِهَا (حَتَّى يَصْطَلِحَا) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ فِي الْبَاقِي بَعْدَ سُدُسِ الْأُمِّ فِي صُورَتَيْهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ فِي الْأَخِيرَةِ مِنْهُمَا إنَّمَا يُوقَفُ بَيْنَهُمَا الثُّلُثَانِ وَالسُّدُسُ الْبَاقِي يُوقَفُ بَيْنَ الْأُمِّ وَمَنْ يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ (وَيَقْبَلَانِ لَهُ الْوَصِيَّةَ) الَّتِي أَوْصَى لَهُ بِهَا مُدَّةَ التَّوَقُّفِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا أَبُوهُ.
(فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَا) هَا (فَالْقَبُولُ لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ قَالَ) الْوَصِيُّ (أَوْصَيْت لِحَمْلِ زَيْدٍ هَذَا فَأَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِعُمَرَ وَبَطَلَتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهِ صَحَّتْ (فَإِنْ نَفَاهُ زَيْدٌ بِاللِّعَانِ فَوَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا بُطْلَانُهَا لِظُهُورِ خِلَافِ النِّسْبَةِ ثُمَّ رَأَيْته قَدْ جَزَمَ بِهِ تَبَعًا لِتَصْحِيحِ أَصْلِهِ لَهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْوَصَايَا.
(فَرْعٌ) لَوْ (تَزَوَّجَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيَّةً مُعْتَدَّةً مِنْ حَرْبِيٍّ) آخَرَ وَوَطِئَهَا (أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَتْ مَعَهُ) أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا بَعْدَ دُخُولِهِمَا بِأَمَانٍ (كَفَاهَا عِدَّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ وَقْتِ وَطْئِهِ لِضَعْفِ حُقُوقِهِمْ وَعَدَمِ احْتِرَامِ مَائِهِمْ فَتُرَاعَى أَصْلُ الْعِدَّةِ وَيُجْعَلُ جَمِيعُهُمْ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَقَطَعَ بِهِ جَمْعٌ، وَرَجَّحَهُ آخَرُونَ، وَقِيلَ لَا يُكْتَفَى بِهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ عِدَّتَيْنِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَقَطَعَ بِهِ جَمْعٌ وَرَجَّحَهُ آخَرُونَ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (ثُمَّ) بَقِيَّةُ الْعِدَّةِ (الْأُولَى سَقَطَتْ) لِضَعْفِ حُقُوقِهِمْ وَبُطْلَانِهَا بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِمْ، وَقِيلَ تَدْخُلُ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِهَا فِي الْمُسْلِمِينَ لِاحْتِرَامِهِمْ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ وَالْأَوَّلُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْأُمِّ حَيْثُ قَالَ وَتَدْخُلُ فِيهَا الْعِدَّةُ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ وَلِلْقَوَاعِدِ لِمَا فِيهِ مِنْ إسْقَاطِ الثَّابِتِ بِلَا دَلِيلٍ وَيُعَارِضُ كَوْنَهُ حَرْبِيًّا أَنَّ الْآخَرَ حَرْبِيٌّ وَالِاسْتِيلَاءُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الْأَمْلَاكِ وَالِاخْتِصَاصَاتِ قَالَ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا وَالْآخَرُ حَرْبِيًّا فَالْخِلَافُ جَارٍ أَيْضًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الزَّازِ. اهـ.
وَهَذَا الْأَخِيرُ ظَاهِرٌ إنْ تَأَخَّرَتْ عِدَّةُ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ دُونَ مَا إذَا تَقَدَّمَتْ (فَلَا رَجْعَةَ لِلْأَوَّلِ) فِي بَقِيَّةِ الْأُولَى (إنْ أَسْلَمَ) عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَلِلثَّانِي أَنْ يَنْكِحَهَا فِيهَا عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهَا فِي عِدَّتِهِ فَقَطْ دُونَ الْأَوَّلِ (فَإِنْ حَبِلَتْ مِنْ الْأَوَّلِ لَا) مِنْ (الثَّانِي لَمْ يَكْفِهَا عِدَّةٌ) وَاحِدَةٌ (فَتَعْتَدُّ لِلثَّانِي بَعْدَ الْوَضْعِ) بِخِلَافِ مَا إذَا حَبِلَتْ مِنْ الثَّانِي فَيَكْفِيهَا عَلَى الْأَوَّلِ وَضْعُ الْحَمْلِ وَتَسْقُطُ بَقِيَّةُ الْأُولَى وَعَلَى الثَّانِي تُتِمُّ لِأُولَى بَعْدَ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ مِنْ الْأَوَّلِ فَلَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهُ (وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ الثَّانِي مَعَهَا) وَلَمْ يَتَرَافَعَا إلَيْنَا بَعْدَ دُخُولِهِمَا بِأَمَانٍ (أَتَمَّتْ عِدَّةَ الْأَوَّلِ وَاسْتَأْنَفَتْ) عِدَّةً (لِلثَّانِي) ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ الثَّانِيَةَ لَيْسَتْ هُنَا أَقْوَى حَتَّى تَسْقُطَ بَقِيَّةُ الْأُولَى أَوْ يَدْخُلَ فِيهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ مَعَهَا أَوْ دُونَهَا.
(فَصْلٌ: وَطْؤُهُ لِمُطَلَّقَتِهِ الْبَائِنِ) مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ فِي الْعِدَّةِ (لَا يَمْنَعُ احْتِسَابَ الْعِدَّةِ) ؛ لِأَنَّهُ زِنًا لَا حُرْمَةَ لَهُ (بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ) ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَهُوَ مَشْغُولٌ بِمَا لَهُ حُرْمَةٌ (فَإِنْ لَمْ يَطَأْ الرَّجْعِيَّةَ بَلْ كَانَ يَخْلُو بِهَا) وَيُعَاشِرُهَا (كَالزَّوْجَةِ وَلَوْ اللَّيَالِيَ) أَيْ فِيهَا (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْأَيَّامِ وَفِي نُسْخَةٍ وَلَوْ لَيْلَةً مِنْ لَيَالٍ (مُنِعَ احْتِسَابُهَا) أَيْضًا بِخِلَافِهِ فِي الْبَائِنِ؛ لِأَنَّ مُخَالَطَتَهَا مُحَرَّمَةٌ بِلَا شُبْهَةٍ بِخِلَافِهَا فِي الرَّجْعِيَّةِ فَإِنَّ الشُّبْهَةَ قَائِمَةٌ، وَهُوَ بِالْمُخَالَطَةِ مُسْتَفْرِشٌ لَهَا فَلَا يُحْسَبُ زَمَنُ الِاسْتِفْرَاشِ مِنْ الْعِدَّةِ كَمَا لَوْ نَكَحَتْ فِي الْعِدَّةِ زَوْجًا جَاهِلًا بِالْحَالِ (قَالَ الْبَغَوِيّ لَكِنْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ) أَوْ أَشْهُرٍ (نَمْنَعُهُ) نَحْنُ الرَّجْعَةَ، وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ بِهَا عِدَّتُهَا (وَيَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ) إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (احْتِيَاطًا) فِي ذَلِكَ وَمَا نَقَلَهُ كَأَصْلِهِ عَنْ الْبَغَوِيّ مِنْ عَدَمِ ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ وَنَقَلَهُ فِي الْمُحَرَّرِ عَنْ الْمُتَعَرِّينَ وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَئِمَّةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْمُفْتَى بِهِ ثُبُوتُ الرَّجْعَةِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْقَاضِي وَنَقَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ الْأَصْحَابِ فَالرَّافِعِيُّ نَقَلَ اخْتِيَارَ الْبَغَوِيّ دُونَ مَنْقُولِهِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ يُعَارِضُ نَقْلَ الْبَغَوِيّ لَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ نَقْلُ الرَّافِعِيِّ مُقَابِلَهُ عَنْ الْمُعْتَبَرِينَ وَالْأَئِمَّةِ كَمَا مَرَّ (وَمُعَاشَرَةُ سَيِّدِ الْأَمَةِ) لَهَا فِي عِدَّةِ زَوْجِهَا (وَأَجْنَبِيٍّ) لِمُعْتَدَّةٍ (وَطِئَ) هَا (بِالشُّبْهَةِ يَمْنَعُ احْتِسَابَ الْعِدَّةِ) كَمَا فِي مُعَاشَرَةِ الزَّوْجِ مُطَلَّقَتَهُ (وَكَذَا مَنْ طَلَّقَ) زَوْجَتَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) وَطْؤُهُ لِمُطَلَّقَتِهِ الْبَائِنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ كَانَ يَخْلُو بِهَا كَالزَّوْجَةِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِمُعَاشَرَتِهَا الْخَلْوَةُ بِهَا وَالنَّوْمُ مَعَهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ بِهَا عِدَّتُهَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ، وَلَا الْكِسْوَةُ؛ لِأَنَّهَا بَائِنٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ رَجْعَتُهَا قَالَ وَلَا يَصِحُّ خُلْعُهَا لِبَذْلِهَا الْعِوَضَ فِي غَيْرِ فَائِدَةٍ قَالَ: وَلَيْسَ لَنَا امْرَأَةٌ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ وَلَا يُصَحَّحُ خُلْعُهَا إلَّا هَذِهِ، وَقَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ) وَصَوَّبَ ثُبُوتَ الرَّجْعَةِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَنْقُولُ الْجَارِي عَلَى الْقِيَاسِ، وَإِنَّ الْقَوْلَ بِمَنْعِ الرَّجْعَةِ احْتِمَالٌ لِلْبَغَوِيِّ لَيْسَ وَجْهًا ثَابِتًا فِي الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُعَارِضُ نَقْلَ الْبَغَوِيّ لَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّهُ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ بَقَاءِ الْعِدَّةِ وَثُبُوتِ الرَّجْعَةِ، وَهَذَا كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ إذَا قُلْنَا تَتَرَبَّصُ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ فَإِنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِدَّةِ لَا إلَى النَّفَقَةِ وَثُبُوتِ الرَّجْعَةِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ هُنَا عَلَى الزَّوْجِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ بِالطَّلَاقِ وَتَحْرِيمِ الْمُعَاشَرَةِ فَلَا نَفَقَةَ