بِلِعَانِهَا (وَلَا بُدَّ) فِي نُفُوذِ اللِّعَانِ (مِنْ إتْمَامِ كَلِمَاتِهِ) الْخَمْسِ (فَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِالْفُرْقَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا لَمْ يَنْفُذْ) حُكْمُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ بِالْإِجْمَاعِ فَكَانَ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ الْبَاطِلَةِ
(فَرْعٌ لَوْ أَبْدَلَ) الْمُلَاعِنُ (لَفْظَ أَشْهَدُ بِأَحْلِفُ وَنَحْوِهَا) كَأُقْسِمُ أَوْ أُولِي (أَوْ) لَفْظَ (اللَّعْنِ بِالْغَضَبِ) أَوْ غَيْرِهِ كَالْإِبْعَادِ (أَوْ عَكْسِهِ) أَوْ لَفْظَ اللَّهِ بِالرَّحْمَنِ وَنَحْوِهِ (لَمْ يَصِحَّ) اتِّبَاعًا لِلنَّصِّ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ (وَيُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ) بِأَنْ يُؤَخِّرَ لَفْظَيْ اللَّعْنِ وَالْغَضَبِ عَنْ الْكَلِمَاتِ الْأَرْبَعِ لِذَلِكَ وَلِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ فِي الشَّهَادَاتِ الْأَرْبَعِ فَوَجَبَ تَقَدُّمُهَا (وَالْمُوَالَاةُ) بَيْنَ الْكَلِمَاتِ الْخَمْسِ فَيُوَثِّرُ الْفَصْلُ الطَّوِيلُ، أَمَّا الْمُوَالَاةُ بَيْنَ لِعَانَيْ الزَّوْجَيْنِ فَلَا يُشْتَرَطُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يُلَقِّنَهُ) أَيْ كُلًّا مِنْ الزَّوْجَيْنِ (إيَّاهُ) أَيْ اللِّعَانَ أَيْ كَلِمَاتِهِ (الْحَاكِمُ) فَيَقُولُ لَهُ فِي كُلٍّ مِنْ الْخَمْسِ قُلْ كَذَا أَوْ قُولِي كَذَا (وَكَذَا مَنْ حَكَمَاهُ حَيْثُ لَا وَلَدُ) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْحَاكِمِ فَلَوْ لَاعَنَ بِلَا تَلْقِينٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَيْمَانِ، وَإِنْ غَلَبَ مَعْنَى الشَّهَادَةِ فَالشَّهَادَةُ تُؤَدَّى عِنْدً الْقَاضِي، أَمَّا إذَا كَانَ وَلَدٌ فَلَا يَصِحُّ التَّحْكِيمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا وَيَرْضَى بِحُكْمِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي النَّسَبِ فَلَا يُؤَثِّرُ رِضَاهُمَا فِي حَقِّهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّيِّدَ فِي ذَلِكَ كَالْحَاكِمِ لَا كَالْمُحَكَّمِ بِنَاءً عَلَى مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يَتَوَلَّى لِعَانَ رَقِيقَتِهِ (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَتَأَخَّرَ لِعَانُهَا) عَنْ لِعَانِهِ؛ لِأَنَّ لِعَانَهَا لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ أَوَّلًا فَلَا حَاجَةَ بِهَا إلَى أَنْ تَلْتَعِنَ قَبْلَهُ فَلَوْ حَكَمَ بِتَقْدِيمِهِ نُقِضَ حُكْمُهُ
(فَرْعٌ يَصِحُّ لِعَانُ الْأَخْرَسِ وَقَذْفُهُ وَتَصَرُّفَاتُهُ إنْ أَفْهَمَ) غَيْرَهُ مَا عِنْدَهُ (بِالْإِشَارَةِ أَوْ الْكِتَابَةِ) ؛ لِأَنَّهُمَا فِي حَقِّهِ كَالنُّطْقِ مِنْ النَّاطِقِ وَلَيْسَ كَالشَّهَادَةِ مِنْهُ لِضَرُورَتِهِ إلَيْهِ دُونَهَا؛ لِأَنَّ النَّاطِقِينَ يَقُومُونَ بِهَا وَلِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي اللِّعَانِ مَعْنَى الْيَمِينِ دُونَ الشَّهَادَةِ (وَتُجْزِئُ إحْدَاهُمَا) وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْأُخْرَى وَيُكَرِّرُ كَتْبَ كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ أَرْبَعًا وَلَوْ كَتَبَهَا مَرَّةً وَأَشَارَ إلَيْهَا أَرْبَعًا جَازَ وَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ الْإِشَارَةِ وَالْكِتَابَةِ (فَإِنْ انْطَلَقَ لِسَانُهُ) بَعْدَ قَذْفِهِ وَلِعَانِهِ بِالْإِشَارَةِ (وَقَالَ لَمْ أُرِدْ الْقَذْفَ بِإِشَارَتِي لَمْ تُقْبَلْ) مِنْهُ؛ لِأَنَّ إشَارَتَهُ أَثْبَتَتْ حَقًّا لِغَيْرِهِ (أَوْ قَالَ لَمْ أُرِدْ اللِّعَانَ) بِهَا (قُبِلَ) مِنْهُ (فِيمَا عَلَيْهِ لَا فِيمَا لَهُ فَيَلْزَمُهُ الْحَدُّ وَالنَّسَبُ فَيُلَاعِنُ) إنْ شَاءَ (لِلْحَدِّ) أَيْ لِإِسْقَاطِهِ (وَكَذَا) يُلَاعِنُ (لِنَفْيِ) الْوَلَدِ (لَمْ يَفُتْ زَمَنُهُ) وَلَا تَرْتَفِعُ الْفُرْقَةُ وَالتَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ (وَلَوْ قَذَفَ) نَاطِقٌ (ثُمَّ خَرِسَ وَرُجِيَ نُطْقُهُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اُنْتُظِرَ) نُطْقُهُ فِيهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُرْجَ نُطْقُهُ أَوْ رُجِيَ إلَى أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (لَاعَنَ بِالْإِشَارَةِ) وَلَا يُنْتَظَرُ نُطْقُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْمَقْذُوفَةِ
(فَرْعٌ يَصِحُّ اللِّعَانُ بِالْعَجَمِيَّةِ وَلَوْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ) لِأَنَّ اللِّعَانَ يَمِينٌ أَوْ شَهَادَةٌ وَهُمَا بِاللُّغَاتِ سَوَاءٌ (فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا الْقَاضِي وَجَبَ مُتَرْجِمَانِ) لَا أَرْبَعَةٌ وَلَوْ فِي لِعَانِ الزَّوْجِ الْمُثَبِّتِ لِلزِّنَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَقْلُ قَوْلٍ إلَى الْقَاضِي كَسَائِرِ الْأَقْوَالِ، وَإِنْ عَرَفَهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى مُتَرْجِمٍ
(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي التَّغْلِيظَاتِ) الْمَسْنُونَةِ فِي اللِّعَانِ لِحَقِّ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ (وَيُلَاعِنُ بَعْدَ) صَلَاةِ (الْعَصْرِ) فِي أَيِّ يَوْمٍ كَانَ إنْ لَمْ يُمْهَلْ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ أَغْلَظُ عُقُوبَةً لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ حَلَفَ يَمِينًا عَلَى مَالِ مُسْلِمٍ فَاقْتَطَعَهُ وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ لَقَدْ أَعْطَى بِسِلْعَتِهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ الْمَاءِ» وَقَدْ فُسِّرَتْ الصَّلَاةُ فِي قَوْله تَعَالَى {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ} [المائدة: 106] بِصَلَاةِ الْعَصْرِ (وَ) بَعْدَ صَلَاةِ (عَصْرِ) يَوْمِ (الْجُمُعَةِ أَوْلَى إنْ أُمْهِلَ) لِأَنَّ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ فِيهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَهُمَا يَدْعُوَانِ فِي الْخَامِسَةِ بِاللَّعْنِ وَالْغَضَبِ (وَعِنْدَ الْمِنْبَرِ) مِنْ جِهَةِ الْمِحْرَابِ (فِي الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا) مِنْ سَائِرِ الْبُلْدَانِ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ أَشْرَفُ بِقَاعِهَا (وَبَيْنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَالْمَقَامِ فِي مَكَّة) أَوْلَى لِذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ أَشْرَفُ بِقَاعِ مَكَّةَ مَرْدُودٌ إذْ لَا شَيْءَ فِيهَا أَشْرَفُ مِنْ الْبَيْتِ فَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ أَنَّهُ يَكُونُ فِي الْحِجْرِ؛ لِأَنَّهُ يَعْنِي بَعْضَهُ مِنْ الْبَيْتِ وَكَانَ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي التَّحْلِيفَ فِي الْبَيْتِ لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُصَانُ الْبَيْتُ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ حَلَّفَ عُمَرُ أَهْلَ الْقَسَامَةِ فِيهِ وَلَوْ صِينَ عَنْهُ كَانَ أَوْلَى انْتَهَى وَلَعَلَّ عُدُولَهُمْ
قَوْلُهُ وَالْمُوَالَاةُ إلَخْ) فَيَقْطَعُهَا كُلُّ مَا يَقْطَعُ مُوَالَاةَ الْفَاتِحَةِ (قَوْلُهُ أَمَّا الْمُوَالَاةُ بَيْنَ لِعَانِ الزَّوْجَيْنِ فَلَا تُشْتَرَطُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَيْمَانِ) أَيْ فِي أَنَّهَا لَا يُعْتَدُّ بِهَا قَبْلَ أَمْرِ الْقَاضِي بِهَا لَا أَنَّهَا يُعْتَبَرُ فِيهَا تَلْقِينُهُ إيَّاهَا (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّيِّدَ فِي ذَلِكَ كَالْحَاكِمِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(فَرْعٌ) لَوْ كَانَ أَحَدُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ كَاذِبًا لَزِمَهُ أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ (قَوْلُهُ فَرْعٌ يَصِحُّ لِعَانِ الْأَخْرَسِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى.
(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي التَّغْلِيظَاتِ) (قَوْلُهُ وَيُلَاعِنُ بَعْدَ الْعَصْرِ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَصَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَكِنْ فِي حَاوِي الْمَاوَرْدِيِّ وَفِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ مَا مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْكُفَّارَ يُغَلَّظُ عَلَيْهِمْ فِي وَقْتِ أَشْرَفِ صَبَوَاتِهِمْ وَأَعْظَمِ أَوْقَاتِهِمْ فِي اعْتِقَادِهِمْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَوْجَهُ وَإِلَّا لَمَا حَلَّفْنَاهُمْ فِي بِيَعِهِمْ وَكَنَائِسِهِمْ وَنَحْوِهَا وَقَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَبَعْدَ عَصْرِ الْجُمُعَةِ أَوْلَى) هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْجُمُعَةِ بَلْ يَوْمِ الْعِيدَيْنِ وَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَرَجَبٍ وَشَهْرِ رَمَضَانَ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَوْقَاتِ الشَّرِيفَةِ كَذَلِكَ قَالَهُ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ، وَقَضِيَّةُ التَّغْلِيظِ بِدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ، لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَإِقَامَةِ جَمَاعَتِهَا وَلَا يَلْتَعِنَانِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا قَبْلَ فِعْلِهَا وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَهُوَ مَا حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ إنَّمَا يُغَلَّظُ عَلَى (7) بِالزَّمَانِ عِنْدَنَا لَا عِنْدَهُمْ لَكِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي بَابِ مَوْضِعِ الْيَمِينِ بِخِلَافِهِ وَكَذَا قَيَّدَهُ الصَّيْمَرِيُّ هُنَا بِالزَّوْجَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ وَقَوْلُهُ لَكِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.