قَذَفَهُ ثَانِيًا (وَيُحَدُّ بِقَذْفِهَا الْأَجْنَبِيُّ وَلَوْ بِمَا حُدَّتْ فِيهِ) بِمَعْنَى بِهِ أَيْ بِسَبَبِهِ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ صُورَتُهُ تَخْتَصُّ بِالزَّوْجِ فَيَقْتَصِرُ أَثَرُهُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ زِنَاهَا فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِعَانٌ مِنْ الزَّوْجِ لَمْ يَثْبُتْ بِحَالٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ فَحُدَّ، ثُمَّ قَذَفَهَا آخَرُ وَسَوَاءٌ فِي الزَّوْجِ وَالْأَجْنَبِيِّ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ فَنَفَاهُ بِاللِّعَانِ وَبَقِيَ أَوْ مَاتَ أَوْ لَمْ يَكُنْ.
(فَرْعٌ لَا يَتَكَرَّرُ الْحَدُّ بِتَكَرُّرِ الْقَذْفِ وَلَوْ صَرَّحَ) فِيهِ (بِزِنًا آخَرَ) أَوْ قَصَدَ بِهِ الِاسْتِئْنَافَ أَوْ غَايَرَ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ لِاتِّحَادِ الْمَقْذُوفِ وَالْحَدُّ الْوَاحِدُ يُظْهِرُ الْكَذِبَ وَيَدْفَعُ الْعَارَ فَلَا يَقَعُ فِي النُّفُوسِ تَصْدِيقُهُ (فَيَكْفِي الزَّوْجَ) فِي ذَلِكَ (لِعَانٌ وَاحِدٌ يَذْكُرُ فِيهِ الزَّنَيَاتِ) كُلَّهَا (وَكَذَا الزُّنَاةُ إنْ سَمَّاهُمْ) فِي الْقَذْفِ بِأَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُك بِهِ مِنْ الزَّنَيَاتِ بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ (وَمَنْ قَذَفَ شَخْصًا فَحُدَّ، ثُمَّ قَذَفَهُ) ثَانِيًا (عُزِّرَ) لِظُهُورِ كَذِبِهِ بِالْحَدِّ الْأَوَّلِ (وَالزَّوْجَةُ) فِي ذَلِكَ (كَغَيْرِهَا إنْ وَقَعَ الْقَذْفَانِ فِي) حَالِ (الزَّوْجِيَّةِ، فَإِنْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا) قَبْلَ أَنْ يُحَدَّ أَوْ بَعْدَهُ (ثُمَّ قَذَفَهَا) بِالزِّنَا (الْأَوَّلِ فَالْحَدُّ) الْوَاجِبُ عَلَيْهِ (وَاحِدٌ وَلَا لِعَانَ) لِإِسْقَاطِهِ بَلْ يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَهَا بِالْأَوَّلِ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ (أَوْ) قَذَفَهَا (بِغَيْرِهِ تَعَدَّدَ) الْحَدُّ لِاخْتِلَافِ مُوجَبِ الْقَذْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ يَسْقُطُ بِاللِّعَانِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَصَارَ الْحَدَّانِ مُخْتَلِفَيْنِ وَلَا تَدَاخُلَ مَعَ الِاخْتِلَافِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ زَنَى وَهُوَ بِكْرٌ، ثُمَّ زَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ لَا يَتَدَاخَلُ الْحَدَّانِ (فَإِنْ أَقَامَ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ بِأَحَدِ الزِّنَاءَيْنِ (بَيِّنَةً) بَعْدَ طَلَبِهَا لِحَدِّ الْقَذْفِ بِهِ (سَقَطَا) أَيْ الْحَدَّانِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهَا غَيْرُ مُحْصَنَةٍ (وَإِلَّا فَإِنْ بَدَأَتْ) بِطَلَبِ حَدِّ الْقَذْفِ (بِا) لَزِّنَا (الْأَوَّلِ حُدَّ لَهُ) مُطْلَقًا لِسَبْقِ وُجُوبِهِ مَعَ طَلَبِهَا لَهُ (ثُمَّ لِلثَّانِي إنْ لَمْ يُلَاعِنْ) وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ حَدُّهُ (وَإِنْ بَدَأَتْ بِالثَّانِي فَلَاعَنَ لَمْ يَسْقُطْ) الْحَدُّ (الْأَوَّلُ) وَسَقَطَ الثَّانِي (وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ حَدَّ الثَّانِيَ) أَيْ لِلْقَذْفِ الثَّانِي (ثُمَّ لِلْأَوَّلِ) بَعْدَ طَلَبِهَا لِحَدِّهِ (وَإِنْ طَالَبَتْهُ بِهِمَا) أَيْ بِالْحَدَّيْنِ (جَمِيعًا فَكَابْتِدَائِهَا بِالْأَوَّلِ) فَيُحَدُّ لَهُ، ثُمَّ لِلثَّانِي إنْ لَمْ يُلَاعِنْ
(فَرْعٌ) لَوْ (قَذَفَ زَوْجَتَهُ، ثُمَّ أَبَانَهَا) بِلَا لِعَانٍ (ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا آخَرَ، ثُمَّ جَدَّدَ نِكَاحَهَا) بَلْ أَوْ لَمْ يُجَدِّدْهُ (فَإِنْ حُدَّ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ التَّجْدِيدِ) لِلنِّكَاحِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ صَوَابُهُ قَبْلَ الْقَذْفِ (عُزِّرَ لِلثَّانِي كَمَا لَوْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً فَحُدَّ، ثُمَّ قَذَفَهَا) ثَانِيًا وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُضِفْ الزِّنَا إلَى حَالَةِ الْبَيْنُونَةِ لِئَلَّا يُشْكِلَ بِمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا آخَرَ مِنْ أَنَّ الْحَدَّ يَتَعَدَّدُ (، فَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ حَدَّ) الْقَذْفِ (الْأَوَّلِ حَتَّى أَبَانَهَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ صَوَابُهُ حَتَّى قَذَفَهَا (فَإِنْ لَاعَنَ لِلْأَوَّلِ) قَبْلَ الْقَذْفِ الثَّانِي أَوْ بَعْدَهُ (عُزِّرَ) لِلثَّانِي لِلْإِيذَاءِ وَلَا يُحَدُّ إذْ بِلِعَانِهِ سَقَطَتْ حَصَانَتُهَا فِي حَقِّهِ وَقِيلَ يُحَدُّ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ فِيمَا لَوْ قَذَفَ مَنْ لَاعَنَهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ لِلْأَوَّلِ (حُدَّ حَدَّيْنِ) لِاخْتِلَافِ الْقَذْفَيْنِ فِي الْحُكْمِ وَقِيلَ يُحَدُّ حَدًّا وَاحِدًا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَضَافَ الزِّنَا إلَى حَالَةِ الْبَيْنُونَةِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَذَفَ زَوْجَتَهُ الْبِكْرَ، ثُمَّ أَبَانَهَا فَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ فَقَذَفَهَا، ثُمَّ طَالَبَتْهُمَا) بِالْحَدَّيْنِ (فَلَاعَنَا) هَا (وَامْتَنَعَتْ، فَإِنْ اتَّحَدَ جِنْسُ الْحَدَّيْنِ) جُلِدَا (بِأَنْ لَمْ يَطَأْهَا) الثَّانِي كَالْأَوَّلِ أَوْ رُجِمَا بِأَنْ وَطِئَهَا الْأَوَّلُ قَبْلَ قَذْفِهِ (تَدَاخَلَا) فَتُحَدُّ حَدًّا وَاحِدًا كَمَا لَوْ ثَبَتَ زِنَاءَانِ أَحَدُهُمَا بِبَيِّنَةٍ وَالْآخَرُ بِإِقْرَارٍ أَوْ كِلَاهُمَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ بَلْ أَوْلَى (أَوْ) لَمْ يَطَأْهَا (الْأَوَّلُ فَقَطْ) أَوْ وَطِئَهَا الثَّانِي فَقَطْ (وَكَانَ قَذْفُ الثَّانِي بَعْدَ وَطْئِهَا) أَيْ وَطْئِهِ لَهَا (حُدَّتْ) حَدَّ الزِّنَا لِلِّعَانِ الْأَوَّلِ (ثُمَّ رُجِمَتْ) لِلِّعَانِ الثَّانِي لِحَصَانَتِهَا عِنْدَ قَذْفِهِ فَلَا تَدَاخُلَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَلَوْ وَطِئَهَا
قَوْلُهُ لِاتِّحَادِ الْمَقْذُوفِ وَالْحَدُّ الْوَاحِدُ إلَخْ) وَلِأَنَّ فِعْلَ الزِّنَا أَغْلَطُ مِنْ الْقَذْفِ بِهِ، وَهُوَ لَوْ تَكَرَّرَ زِنَاهُ وَلَمْ يُحَدَّ حُدَّ حَدًّا وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَمَنْ قَذَفَ شَخْصًا فَحُدَّ، ثُمَّ قَذَفَهُ عُزِّرَ وَلَا يُحَدُّ) لِئَلَّا يَجْتَمِعَ فِي قَذْفٍ حَدَّانِ كَمَا لَا يَكُونُ فِي زِنًا حَدَّانِ وَلِأَنَّ عُمَرَ لَمَّا جَلَدَ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْمُغِيرَةِ بِالزِّنَا قَالَ أَبُو بَكْرَةَ بَعْدَ الْجَلْدِ وَاَللَّهِ لَقَدْ زَنَى فَأَرَادَ عُمَرُ جَلْدَهُ ثَانِيًا فَنَهَاهُ عَلِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُضِفْ الزِّنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَضَافَ الزِّنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ وَطِئَهَا الْأَوَّلُ قَبْلَ قَدْفِهِ) أَيْ بِأَنْ وَطِئَهَا وَهِيَ عَذْرَاءُ فَيَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا مَوْطُوءَةٌ وَهِيَ بِكْرٌ (قَوْلُهُ فَلَا تَدَاخُلَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ إلَخْ) فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا وَدَخَلَ فِيهِ حَدُّ الْبِكْرِ قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ اللِّعَانِ الِانْتِقَامُ لِتَلْطِيخِ الْفِرَاشِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ يُرِيدُ حَقَّهُ مِنْ الِانْتِقَامِ مِنْهَا فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ تُجْلَدَ لِحَقِّ الْأَوَّلِ وَتُرْجَمَ لِحَقِّ الثَّانِي وَفِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا لَيْسَ الْمَقْصُودُ حَقَّ الْآدَمِيِّ بَلْ هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَيَتَدَاخَلَانِ إذْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ. اهـ. وَهَذَا الْكَلَامُ لَا يُسَاعِدُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ اللِّعَانِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ تَشْتَبِهُ بِمَسْأَلَةٍ فِي الْحُدُودِ وَهِيَ إذَا ثَبَتَ عَلَيْهَا زِنًا وَهِيَ بِكْرٌ، ثُمَّ أُحْصِنَتْ، ثُمَّ ثَبَتَ عَلَيْهَا زِنًا وَلَيْسَتْ زَوْجَةً فِي الصُّورَتَيْنِ فَالْمَعْرُوفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الِاكْتِفَاءُ بِالرَّجْمِ كَمَا لَوْ زَنَى الرَّجُلُ وَهُوَ بِكْرٌ، ثُمَّ زَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ فَإِنَّهُ يَتَدَاخَلُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ زَوْجَةً فَقَدْ لَطَّخَتْ فِرَاشَ الزَّوْجِ وَآذَتْهُ بِإِدْخَالِ الْعَارِ عَلَيْهِ فَإِيجَابُ الْحَدِّ عَلَيْهَا فِيهِ شَائِبَةُ حَقِّ آدَمِيٍّ فَلَمْ يَتَدَاخَلْ الْحَدَّانِ كَمَا فِي حَدِّ الْقَذْفِ وَالْقِصَاصِ، وَقَدْ مَشَى فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ عَلَى الصَّوَابِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَجَزَمَ هُنَا بِوُجُوبِ الْحَدَّيْنِ كَمَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَجَزَمَ فِي بَابِ الْحُدُودِ بِالتَّدَاخُلِ فَقَالَ وَدَخَلَ فِيهِ حَدُّ الْبِكْرِ يَعْنِي الرَّجْمَ، وَقَدْ عَدَّهُ بَعْضُ النَّاسِ تَنَاقُضًا وَهُوَ خَطَأٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْحُدُودِ فِي غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ اهـ وَقَالَ الكوهكيلوني كَلَامُهُ فِي حَدِّ الزِّنَا فِيمَا إذَا كَانَ الْجَلْدُ وَالرَّجْمُ لِشَخْصٍ وَفِي بَابِ اللِّعَانِ فِيمَا إذَا تَعَلَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ بِشَخْصٍ