فِي الْقُبُلِ وَالْآخَرُ فِي الدُّبُرِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ.
(فَصْلٌ قَوْلُهُ لَسْت ابْنَ زَيْدٍ) أَوْ لَسْت مِنْهُ (صَرِيحٌ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ) فِي قَذْفِ الْأُمِّ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ ابْنَهُ لِكَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (كِنَايَةٌ مِنْ الْأَبِ فِي قَذْفِ الْأُمِّ) سَوَاءٌ أَقَالَهُ بِالصِّيغَةِ السَّابِقَةِ وَكَانَ اسْمُهُ زَيْدًا أَمْ بِقَوْلِهِ لَسْت ابْنِي أَوْ لَسْت مِنِّي لِاحْتِيَاجِهِ إلَى تَأْدِيبِ وَلَدِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ زَجْرًا لَهُ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِنَسَبِهِ وَقَوْمِهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ فِي كُلِّ مَنْ لَهُ تَأْدِيبُهُ كَأَخِيهِ وَعَمِّهِ (فَلَهَا سُؤَالُهُ) عَنْ مُرَادِهِ.
(فَإِنْ قَالَ أَرَدْت) بِذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ زِنًا فَقَاذِفٌ لَهَا أَوْ (مُبَايَنَةَ الطَّبْعِ) بَيْنِي وَبَيْنَهُ (فَلَهَا تَحْلِيفُهُ، فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ حُدَّ) لِلْقَذْفِ (وَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ) لِإِسْقَاطِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَيْسَ لَهُ نَفْيُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ نِسْبَتَهُ (وَإِنْ قَالَ إنَّمَا أَرَدْت) أَنَّهُ (مِنْ) وَطْءِ (شُبْهَةٍ) فَلَا قَذْفَ، فَإِنْ ادَّعَتْ إرَادَتَهُ الْقَذْفَ (فَلَهَا تَحْلِيفُهُ) كَمَا مَرَّ (وَلَا يَنْتَفِي) الْوَلَدُ (عَنْهُ لَكِنْ لَوْ عَيَّنَ وَاطِئًا يَدَّعِيهِ) أَيْ الْوَلَدَ (فَكَمَا) وَفِي نُسْخَةٍ فَحُكْمُهُ (سَيَأْتِي) فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ أَنَّهُ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ (وَإِنْ قَالَ) أَرَدْت أَنَّهُ (مِنْ زَوْجٍ) كَانَ (قَبْلِي لَمْ يَكُنْ قَاذِفًا) لِلْأُمِّ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لِأُمِّهِ زَوْجٌ وَأَمَّا الْوَلَدُ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لِأُمِّهِ زَوْجٌ قَبْلَهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ بَلْ يَلْحَقُهُ (فَإِنْ عُرِفَ لَهَا زَوْجٌ) قَبْلَهُ (فَكَمَا) سَيَأْتِي (فِي الْعَدَدِ) مِنْ أَنَّ الْوَلَدَ بِمَنْ يُلْحَقُ (فَإِنْ أُلْحِقَ بِهِ فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لِنَفْيِهِ، وَإِنْ جَهِلَ مَا بَيْنَ فِرَاقِ الْأَوَّلِ وَنِكَاحِ الثَّانِي لَمْ يُلْحَقْ بِالثَّانِي) ؛ لِأَنَّ إمْكَانَ الْوِلَادَةِ مِنْهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ (إلَّا إنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً (بِإِمْكَانِهِ) أَيْ بِأَنَّهَا وَلَدَتْهُ فِي نِكَاحِهِ لِزَمَنِ الْإِمْكَانِ فَيَلْحَقُهُ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةِ النِّسَاءِ هُنَا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ (حَلَفَ) أَنَّهَا وَلَدَتْهُ لِزَمَنٍ يَسْتَحِيلُ كَوْنُهُ أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ (فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَلَحِقَهُ الْوَلَدُ، فَإِنْ قَالَ) أَرَدْت أَنَّهَا لَمْ تَلِدْهُ (بَلْ هُوَ لَقِيطٌ) أَوْ مُسْتَعَارٌ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِ الْوِلَادَةِ وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ عُرِضَ مَعَهَا عَلَى الْقَائِفِ، فَإِنْ أَلْحَقهُ بِهَا لَحِقَ الزَّوْجَ وَاحْتَاجَ فِي نَفْيِهِ إلَى اللِّعَانِ، وَإِنْ لَمْ يُلْحِقْهُ بِهَا أَوْ لَمْ يُلْحِقْهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ حَلَفَ الزَّوْجُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ وَانْتَفَى عَنْهُ وَلَا يَلْحَقُهَا (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ يَمِينِهِ (حَلَفَتْ وَلَحِقَهُ) الْوَلَدُ (فَإِنْ نَكَلَ فَهَلْ تُوقَفُ) أَيْ الْيَمِينُ (لِيَحْلِفَ الصَّبِيُّ) بَعْدَ بُلُوغِهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ أَوْ لَا لِأَنَّ يَمِينَ الرَّدِّ لَا تُرَدُّ؟ (وَجْهَانِ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحُ الثَّانِي، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَحَلَفَ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَحِقَ بِهِ، وَإِنْ نَكَلَ أَوْ قُلْنَا بِالثَّانِي انْتَفَى عَنْهُ وَلَا يَلْحَقُهَا، وَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ شَيْئًا لَمْ يَلْزَمْهُ حَدٌّ أَيْضًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَصْلِهِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِمَنْفِيٍّ بِاللِّعَانِ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ فَهُوَ كِنَايَةٌ فِي قَذْفِ أُمِّهِ) لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ (فَقَدْ يُرِيدُ لَسْت ابْنَهُ شَرْعًا) أَوْ أَنَّ الْمُلَاعِنَ نَفَاكَ أَوْ أَنَّك لَا تُشْبِهُ خَلْقًا وَخُلُقًا (وَلَهَا تَحْلِيفُهُ) أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَذْفَهَا (فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ أَنَّهُ أَرَادَ قَذْفَهَا حُدَّ، وَإِنْ حَلَفَ) أَنَّهُ لَمْ يُرِدْهُ (عُزِّرَ لِلْإِيذَاءِ وَلَوْ كَانَ) قَوْلُهُ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ (بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ فَصَرِيحٌ) كَمَا مَرَّ أَيْضًا (فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ أَرَادَ) أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ابْنَهُ (حِينَ نَفَاهُ عُزِّرَ) لِلْإِيذَاءِ وَلَا يُحَدُّ لِاحْتِمَالِ مَا أَرَادَهُ وَحَاصِلُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ قَذْفٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَيَحُدُّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلَهُ مَا أَرَادَ، فَإِنْ ادَّعَى مُحْتَمِلًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَا حَدَّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ فَإِنَّا لَا نَحُدُّهُ حَتَّى نَسْأَلَهُ أَنَّ لَفْظَهُ ثَمَّ كِنَايَةٌ فَلَا يُحَدُّ بِهِ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَهُنَا ظَاهِرُ لَفْظِهِ الْقَذْفُ فَحُدَّ بِالظَّاهِرِ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ مُحْتَمَلًا.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِعَرَبِيٍّ يَا هِنْدِيُّ أَوْ عَكَسَ وَلَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَوْ أَرَادَ الدَّارَ أَوْ اللِّسَانَ) أَيْ هِنْدِيٌّ أَحَدُهُمَا أَوْ عَرَبِيٌّ أَوْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ فِي الْأَخْلَاقِ (أَوْ) أَرَادَ (قَذْفَ إحْدَى جَدَّاتِهِ) مَثَلًا (وَلَمْ يُعَيَّنْ) هَا (فَلَا حَدَّ) وَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ (كَقَوْلِهِ أَحَدُ أَبَوَيْك زَانٍ) أَوْ فِي السِّكَّةِ زَانٍ وَلَمْ يُعَيَّنْ (فَلِلْإِمَامِ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَمْ يَقْذِفْهَا) أَيْ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ قَذْفَهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ لِكُلٍّ مِمَّنْ ذَكَرَ فِي الْمُنَظَّرِ بِهِ أَنَّهُ يَدَّعِي عَلَى الْقَاذِفِ أَنَّهُ أَرَادَهُ عَلَى قِيَاسِ مَا لَوْ قَالَ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ عَلَيَّ أَلْفٌ (فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ) أَنَّهُ أَرَادَهُ (حُدَّ لَهَا) إنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً (أَوْ عُزِّرَ) لَهَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ
(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهِ فَمَنْ قَذَفَ الْمُحْصَنَ وَهُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْعَفِيفُ عَنْ الزِّنَا حُدَّ) لِآيَةِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] (فَإِنْ اخْتَلَّ وَصْفٌ) مِنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ (فَالتَّعْزِيرُ) لَازِمُهُ لِلْإِيذَاءِ إلَّا السَّكْرَانَ فَكَالْمُكَلَّفِ (لَكِنْ مَنْ قَذَفَ مَجْنُونًا بِزِنًا قَبْلَ الْجُنُونِ حُدَّ) لِوُجُودِ الْأَوْصَافِ فِيهِ عِنْدَ الْفِعْلِ
قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا إنْ نَوَاهُ الْقَاذِفُ فَصَحِيحٌ وَإِلَّا فَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا يَنْصَرِفُ اللَّفْظُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ لَا يُمْكِنُ اسْتِحْضَاره غَالِبًا فَلَا يُحَدُّ بِهِ.
[فَصْلٌ قَوْلُهُ لَسْت ابْنَ زَيْدٍ أَوْ لَسْت مِنْهُ]
(قَوْلُهُ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ ابْنَهُ لِكَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ أَرَدْت أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ قُبِلَ وَلَا قَذْفَ، فَإِنْ ادَّعَتْ إرَادَتَهُ الْقَذْفَ فَلَهَا تَحْلِيفُهُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَتَبَ الْأُمُّ وَالْجَدُّ مُلْحَقَانِ بِالْأَبِ عَلَى أَصَحِّ الِاحْتِمَالَيْنِ، وَلَوْ قَالَ لِأَخِيهِ لَسْت أَخِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ) تَرْجِيحُ الثَّانِي هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ شَيْئًا لَمْ يَلْزَمْهُ حَدٌّ أَيْضًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ إنَّهُ قَذْفٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهِ إلَخْ) مَنْ قَذَفَ رَجُلًا بِزِنًا يَعْلَمُهُ الْمَقْذُوفُ فَجَمِيعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ طَلَبُ حَدِّ الْقَذْفِ إلَّا مَالِكًا فَإِنَّهُ قَالَ لَهُ طَلَبُهُ.