بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ أَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَزِيِّ إنَّهَا تَطْلُقُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ لِأَنَّهَا هِيَ الْحُرَّةُ فَلَا تَكُونُ أَحْلَى مِنْ نَفْسِهَا وَإِلَى هَذَا مَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَفِيهِ نَظَرٌ) وَكَانَ الْأَنْسَبُ لَهُ بِكَلَامِ أَصْلِهِ أَنْ يُبَدِّلَ قَوْلَهُ لَمْ تَطْلُقْ وَفِيهِ نَظَرٌ بِقَوْلِهِ فِيهِ خِلَافٌ وَلَوْ قَالَ طَلُقَتْ كَانَ أَوْلَى بِمَا مَالَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ.
(أَوْ) قَالَ لَهَا (إنْ لَمْ تَتَغَدَّيْنَ مَعِي أَوْ) إنْ (لَمْ تُلْقِي الْمِفْتَاحَ) فَأَنْت طَالِقٌ (وَلَمْ يُرِدْ فِي الْحَالِ حُمِلَ عَلَى التَّرَاخِي) فَلَوْ تَغَدَّتْ مَعَهُ أَوْ أَلْقَتْ الْمِفْتَاحَ بَعْدَ مُدَّةٍ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ فِعْلِهَا ذَلِكَ طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْمَوْتِ فِي الْأُولَى مُطْلَقًا وَفِي الثَّانِيَةِ إنْ مَاتَتْ أَوَّلًا وَإِلَّا فَقُبَيْلَ مَوْتِهِ إذَا مَاتَتْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا تَفْعَلُ قَبْلَ مَوْتِهَا فَلَا تَطْلُقُ فَإِنْ أَرَادَ فِي الْحَالِ فَامْتَنَعَتْ مِنْ ذَلِكَ طَلُقَتْ وَرَأَى الْبَغَوِيّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْحَالِ لِلْعَادَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ.
(أَوْ) قَالَ لَهَا (إنْ لَمْ تَبِيعِي هَذِهِ الدَّجَاجَاتِ) فَأَنْت طَالِقٌ (فَقَتَلَتْ وَاحِدَةً) مِنْهَا أَوْ مَاتَتْ وَقَدْ تَمَكَّنَتْ مِنْ ذَبْحِهَا (طَلُقَتْ) لِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ وَلَوْ جَرَحَتْهَا ثُمَّ بَاعَتْهَا فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ ذُبِحَتْ لَمْ تَحِلَّ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ إنْ قَرَأْت عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ الْبَقَرَةِ) مَثَلًا (بِلَا زِيَادَةٍ) فَأَنْت طَالِقٌ (وَفِي حَدِّهَا) أَيْ الْعَشْرِ (خِلَافٌ) لِلْقُرَّاءِ (فَيَعْتَمِدُ) الْمُسْتَفْتِي عَنْ ذَلِكَ (قَوْلَ الْمُفْتِي وَإِنْ عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (بِقِرَاءَتِهَا) أَيْ الْعَشْرِ (فِي الصَّلَاةِ فَقَرَأَتْهَا) فِيهَا (ثُمَّ أَفْسَدَتْهَا) أَيْ الصَّلَاةَ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الصَّلَاةَ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ يَفْسُدُ أَوَّلُهَا بِفَسَادِ آخِرِهَا لَا يُقَالُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ مِنْ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّيَ يَحْنَثُ بِالتَّحْرِيمِ بِالصَّلَاةِ وَإِنْ أَفْسَدَهَا بَعْدُ لِأَنَّا نَقُولُ قَوْلُهُ هُنَا فِي الصَّلَاةِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَا أُصَلِّي صَلَاةً وَهُوَ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا كَمَا ذَكَرُوهُ ثَمَّ.
(أَوْ) قَالَ (إنْ قَبَّلْت ضَرَّتَك) فَأَنْت طَالِقٌ (فَقَبَّلَهَا مَيِّتَةً لَمْ يَحْنَثْ بِخِلَافِ) تَعْلِيقِهِ بِتَقْبِيلِ (أُمِّهِ) فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِتَقْبِيلِهِ لَهَا مَيِّتَةً إذْ قُبْلَةُ الزَّوْجَةِ قُبْلَةُ شَهْوَةٍ وَلَا شَهْوَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقُبْلَةُ الْأُمِّ قُبْلَةُ كَرَامَةٍ فَيَسْتَوِي فِيهَا الْحَيَاةُ وَالْمَوْتُ (أَوْ) قَالَ (إنْ غَسَلْت ثَوْبِي) فَأَنْت طَالِقٌ (فَغَسَلَهُ غَيْرُهَا ثُمَّ غَمَسَتْهُ) هِيَ فِي الْمَاءِ (تَنْظِيفًا) لَهُ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الْعُرْفَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْغَسْلُ بِالصَّابُونِ وَالْأُشْنَانِ وَنَحْوِهِمَا وَإِزَالَةُ الْوَسَخِ.
(فَصْلٌ) لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ كُنْت حَرَّمْتهَا عَلَى نَفْسِي قَبْلَ هَذَا وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ.
وَلَوْ (قَالَ إنْ ابْتَلَعْت شَيْئًا فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِابْتِلَاعِ رِيقِهَا إلَّا إنْ أَرَادَ شَيْئًا غَيْرَهُ) فَلَا تَطْلُقُ بِذَلِكَ عَمَلًا بِإِرَادَتِهِ (أَوْ) إنْ ابْتَلَعَتْ (الرِّيقَ طَلُقَتْ بِكُلِّ رِيقٍ) أَيْ رِيقِهَا أَوْ رِيقِ غَيْرِهَا (فَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ رِيقِهَا) أَيْ رِيقِ غَيْرِهَا (دُيِّنَ) وَلَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرٌ أَوْ أَرَادَ رِيقَهَا قُبِلَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِضَرْبِهَا فَضَرَبَ غَيْرَهَا) وَلَمْ يَعْلَمْ قَصْدَهُ (فَأَصَابَهَا) ضَرْبُهُ (طَلُقَتْ وَلَا يُصَدَّقُ) فِي (أَنَّهُ قَصَدَ غَيْرَهَا) لِأَنَّ الضَّرْبَ يَقِينٌ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إظْهَارِ قَصْدِهِ قَبْلَ الضَّرْبِ نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى تَصْدِيقِهِ كَأَنْ رَجَمَ ابْنَهُ أَوْ عَبْدَهُ بِحَجَرٍ وَهِيَ غَائِبَةٍ فَبَرَزَتْ مِنْ بَابِ الْبَيْتِ مَثَلًا فَأَصَابَهَا صُدِّقَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَمَّا إذَا عَلِمْنَا أَنَّهُ قَصَدَ ضَرْبَ غَيْرِهَا فَلَا تَطْلُقُ كَالْمُكْرَهِ.
(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِالدُّخُولِ) أَيْ بِدُخُولِهِ (عَلَى فُلَانٍ فَدَخَلَ) هُوَ (مَعَهُ) أَوْ وَحْدَهُ ثُمَّ دَخَلَ بَعْدَهُ فُلَانٌ (لَمْ تَطْلُقْ) لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ وَإِنْ دَخَلَ فُلَانٌ وَحْدَهُ ثُمَّ دَخَلَ هُوَ عَلَيْهِ طَلُقَتْ لِوُجُودِهَا (أَوْ) حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ (لَا يَخْرُجُ) مِنْ الْبَلَدِ (حَتَّى يَقْضِيَهُ دَيْنَهُ بِالْعَمَلِ فَعَمِلَ) لَهُ (بِبَعْضٍ) مِنْ الدَّيْنِ (وَقَضَى بَعْضَهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ الْعَمَلِ (ثُمَّ خَرَجَ طَلُقَتْ فَإِنْ أَرَادَ قَضَاءَهُ) لَهُ (مُطْلَقًا قُبِلَ فِي الْحُكْمِ) كَذَا فِي الْأَصْلِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ غَلَطٌ فَإِنَّ الْمَجْزُومَ بِهِ فِيهَا إنَّمَا هُوَ الْعَكْسُ فَقَالَ قَبْلَ قَوْلِهِ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ تَتَبَّعْت فَتَاوَى الْبَغَوِيّ فَرَأَيْت فِي بَعْضِهَا قُبِلَ ظَاهِرًا وَمِنْهَا أَخَذَ الرَّافِعِيُّ وَرَأَيْت فِي أَكْثَرِهَا قُبِلَ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا وَهَذَا هُوَ صَوَابُ النَّقْلِ فَاعْتَمِدْهُ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ فَأَخَذَ مِنْهُ عِوَضًا حَنِثَ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ حَقَّهُ بَلْ عَوَّضَهُ وَهَذَا لَمْ يُوَفِّهِ دَيْنَهُ بِالْعَمَلِ بَلْ بِغَيْرِهِ.
(وَإِنْ سُئِلَ الْمُطَلِّقُ) لِزَوْجَتِهِ (أَطَلَّقْت ثَلَاثًا فَقَالَ طَلَّقْت وَقَالَ أَرَدْت وَاحِدَةً قُبِلَ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ (لِأَنَّ) قَوْلَهُ (طَلَّقْت لَيْسَ مُتَعَيِّنًا لِلْجَوَابِ فَقَدْ يُرِيدُ الْإِنْشَاءَ) أَيْ إنْشَاءَ الْإِخْبَارِ أَوْ الطَّلَاقِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ لِأَنَّ قَوْلَهُ طَلَّقْتهَا صَالِحٌ لِلِابْتِدَاءِ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِلْجَوَابِ وَذِكْرُ ثَلَاثًا مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ حَسَنٌ.
(وَلَوْ عَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِسَرِقَةِ ذَهَبٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ) بَلْ هُوَ الْأَصَحُّ
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إنَّهَا بَاعَتْ أَيْضًا مَا عَدَا الْمَجْرُوحَةَ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْفَتَى. قَوْلُهُ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَوْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ جَرْحَهَا هَذَا كَالْعَدَمِ وَإِنَّمَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِبَيْعِهِنَّ جَمِيعِهِنَّ إذَا الْحِنْثُ مُمْكِنٌ مَا بَقِيَ وَاحِدَةٌ إذْ لَعَلَّهَا تَمُوتُ فَيَحْنَثُ فَصَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ وَالْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَوَقَعَ فِي الْأَصْفُونِيِّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ الْإِسْنَوِيُّ لِهَذَا وَقَدْ نَبَّهْت عَلَيْهَا فِي مُهِمَّاتِ الْمُهِمَّاتِ فَسَلَّمَ الْمُصَنِّفُ بِحَذْفِهَا مِنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ
(قَوْلُهُ لَا يَصْدُقُ فِي أَنَّهُ قَصَدَ غَيْرَهَا) أَيْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ صَوَابُ النَّقْلِ فَاعْتَمِدْهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ