اُكْتُبْ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ قَالَتْ سَمِعْتهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» إذْ الْعَطْفُ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ (قَالَ النَّوَوِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْحَاوِي) الْكَبِيرِ (صَحَّتْ الْأَحَادِيثُ أَنَّهَا الْعَصْرُ) كَخَبَرِ «شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ» (وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ الْحَدِيثُ) أَيْ اتِّبَاعُهُ (فَصَارَ هَذَا مَذْهَبُهُ وَلَا يُقَالُ فِيهِ قَوْلَانِ) كَمَا وَهَمَ فِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْأَصَحُّ أَنَّهَا الْعَصْرُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَالْأَوْلَى أَنْ تُسَمَّى) الصُّبْحُ (صُبْحًا وَفَجْرًا) لِأَنَّ الْقُرْآنَ جَاءَ بِالثَّانِي وَالسُّنَّةَ بِهِمَا مَعًا (لَا غَدَاةً) وَلَا يُقَالُ تَسْمِيَتُهَا غَدَاةً مَكْرُوهَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ
(وَتُكْرَهُ تَسْمِيَةُ الْمَغْرِبِ عِشَاءً وَالْعِشَاءِ عَتَمَةً) لِلنَّهْيِ عَنْ الْأَوَّلِ فِي خَبَرِ الْبُخَارِيِّ «لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ الْمَغْرِبِ وَتَقُولُ الْأَعْرَابُ هِيَ الْعِشَاءُ» وَعَنْ الثَّانِي فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ أَلَا إنَّهَا الْعِشَاءُ وَهُمْ يَعْتِمُونَ بِالْإِبِلِ» بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّهِ وَفِي رِوَايَةٍ «بِحِلَابِ الْإِبِلِ» قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مَعْنَاهُ إنَّهُمْ يُسَمُّونَهَا الْعَتَمَةَ لِكَوْنِهِمْ يُعْتِمُونَ بِحِلَابِ الْإِبِلِ أَيْ يُؤَخِّرُونَهُ إلَى شِدَّةِ الظَّلَامِ وَاَللَّهُ تَعَالَى إنَّمَا سَمَّاهَا فِي كِتَابِهِ الْعِشَاءَ فَإِنْ قُلْت قَدْ سُمِّيَتْ فِي الْحَدِيثِ عَتَمَةً كَقَوْلِهِ «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِي الصُّبْحِ وَالْعَتَمَةِ» قُلْنَا اسْتَعْمَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَأَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ أَوْ أَنَّهُ خَاطَبَ بِالْعَتَمَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْعِشَاءَ وَمَا ذُكِرَ مِنْ كَرَاهَةِ تَسْمِيَتِهَا عَتَمَةً هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَالتَّحْقِيقِ وَالْمِنْهَاجِ لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُسَمَّى بِذَلِكَ وَذَهَبَ إلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ تُكْرَهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَظَهَرَ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ
(وَيُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَكْرَهُهُمَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ وَعَلَّلَ فِي الْمَجْمُوعِ الثَّانِيَ بِأَنَّ نَوْمَهُ يَتَأَخَّرُ فَيُخَافُ مَعَهُ فَوَاتُ الصُّبْحِ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ عَنْ أَوَّلِهِ أَوْ فَوَاتُ صَلَاةِ اللَّيْلِ إنْ اعْتَادَهَا وَعَلَّلَهُ غَيْرُهُ بِوُقُوعِ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ خَاتِمَةَ عَمَلِهِ وَرُبَّمَا مَاتَ فِي نَوْمِهِ وَبِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَهَذَا يُخْرِجُهُ عَنْ ذَلِكَ (لَا فِي خَيْرٍ أَوْ لِعُذْرٍ) كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَحَدِيثٍ وَمُذَاكَرَةِ فِقْهٍ وَإِينَاسِ ضَيْفٍ وَتَكَلُّمٍ بِمَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ كَحِسَابٍ فَلَا كَرَاهَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ نَاجِزٌ فَلَا يُتْرَكُ لِمَفْسَدَةٍ مُتَوَهَّمَةٍ وَكَرَاهَةُ النَّوْمِ قَبْلَهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ تَعُمُّ سَائِرَ الْأَوْقَاتِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ قَالَ وَإِطْلَاقُ الرَّافِعِيِّ كَرَاهَةَ الْحَدِيثِ بَعْدَهَا يَشْمَلُ مَا إذَا جَمَعَهَا تَقْدِيمًا وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ النَّوْمِ قَبْلَهَا إذَا ظَنَّ تَيَقُّظَهُ فِي الْوَقْتِ وَالْإِحْرَامِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ
(فَصْلٌ تَجِبُ الصَّلَاةُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا وَ)
مَعْنَاهُ أَنَّهُ (لَا يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِهَا) إلَى آخِرِهِ بِقَيْدٍ زَادَهُ تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ (إنْ عَزَمَ فِي أَوَّلِهِ) عَلَى فِعْلِهَا فِيهِ (وَ) لَوْ (مَاتَ قَبْلَ فَوَاتِهَا) بِأَنْ مَاتَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا
(وَالْحَجُّ مُوَسَّعٌ وَ) لَكِنَّهُ (يَأْثَمُ بِالْمَوْتِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ) مِنْ فِعْلِهِ وَلَمْ يَفْعَلْهُ لِأَنَّ آخِرَ وَقْتِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَأُبِيحَ لَهُ تَأْخِيرُهُ بِشَرْطِ أَنْ يُبَادِرَ الْمَوْتَ فَإِذَا لَمْ يُبَادِرْهُ كَانَ مُقَصِّرًا بِخِلَافِ آخِرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ
(فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَمُوتُ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ) كَأَنْ لَزِمَهُ قَوْدٌ فَطَالَبَهُ وَلِيُّ الدَّمِ بِاسْتِيفَائِهِ فَأَمَرَ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ (تَعَيَّنَتْ) أَيْ الصَّلَاةُ (فِيهِ) أَيْ فِي أَوَّلِهِ فَيَعْصِي بِتَأْخِيرِهِ عَنْهُ لِأَنَّ الْوَقْتَ تَضَيَّقَ عَلَيْهِ بِظَنِّهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتُقْصَرَانِ وَهِيَ لَا تُجْمَعُ وَلَا تُقْصَرُ (قَوْلُهُ اُكْتُبْ وَالصَّلَاةَ الْوُسْطَى إلَخْ) اخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى عَلَى سِتَّةِ أَقْوَالٍ أَوَّلِهَا أَنَّهَا الصُّبْحُ ثَانِيهَا أَنَّهَا الظُّهْرُ ثَالِثِهَا أَنَّهَا الْعَصْرُ رَابِعِهَا أَنَّهَا الْمَغْرِبُ خَامِسِهَا أَنَّهَا الْعِشَاءُ سَادِسِهَا أَنَّهَا إحْدَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لَا بِعَيْنِهَا وَأَصَحُّ الْأَقْوَالِ فِيهَا أَنَّهَا الْعَصْرُ انْتَهَى أَوْ أَنَّهَا صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَوْ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَإِعَادَةُ الْأَمْرِ تَأْكِيدًا أَوْ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ أَوْ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ أَوْ صَلَاةُ الْخَوْفِ أَوْ الْجُمُعَةُ أَوْ الْعِيدِ أَوْ الضُّحَى أَوْ التَّرَاوِيحِ (قَوْلُهُ كَخَبَرِ «شَغَلُونَا» إلَخْ) وَخَبَرِ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَلِأَنَّهَا تَوَسَّطَتْ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ نَهَارِيَّتَيْنِ وَصَلَاتَيْنِ لَيْلِيَّتَيْنِ.
(قَوْلُهُ عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ) فَإِنْ قِيلَ الْعَصْرُ يُطْلَقُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى الصُّبْحِ فَتُحْمَلُ فِي الْحَدِيثِ عَلَيْهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ شُغْلُهُمْ إيَّاهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَأَنَّ إطْلَاقَ الْعَصْرِ عَلَى الصُّبْحِ مَجَازٌ (قَوْلُهُ أَيْ اتِّبَاعَهُ) قَالَ قُولُوا بِالسُّنَّةِ وَدَعُوا قَوْلِي انْتَهَى وَإِنَّمَا يُعْمَلُ بِوَصِيَّتِهِ إذَا عُرِفَ أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا عُرِفَ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَرَدَّهُ أَوْ تَأَوَّلَهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَلَا
(قَوْلُهُ أَوْ أَنَّهُ خَاطَبَ بِالْعَتَمَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْعِشَاءَ) أَوْ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ (قَوْلُهُ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَالتَّحْقِيقِ إلَخْ) وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ت (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ نَصَّ فِي الْأُمِّ إلَخْ) لَيْسَ بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ إذْ لَيْسَ فِي النَّصِّ حُكْمُ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ وَقَدْ سَكَتَ عَنْهُ الْمُحَقِّقُونَ وَصَرَّحَتْ الطَّائِفَةُ بِكَرَاهَتِهَا وَهِيَ الْوَجْهُ لِوُرُودِ النَّهْيِ الْخَاصِّ فِيهَا
(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَهَا) وَالْمَعْنَى فِيهِ مَخَافَةِ اسْتِمْرَارِهِ إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ.
(تَنْبِيهٌ) سِيَاقُ كَلَامِهِمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ يَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ أَيْضًا قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ فِعْلِ الْمَغْرِبِ لِلْمَعْنَى السَّابِقِ ج (قَوْلُهُ وَهَذَا يُخْرِجُهُ عَنْ ذَلِكَ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَأَظْهَرُ الْمَعَانِي الْأَوَّلُ (قَبْلَهُ وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ جَزَمَ بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِيهِ
(فَصْلٌ) تَجِبُ الصَّلَاةُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ إلَخْ (قَوْلُهُ إنْ عَزَمَ فِي أَوَّلِهِ عَلَى فِعْلِهَا فِيهِ) يَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ وَاجِبٍ مُوَسَّعٍ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْمَوَاضِعَ الَّتِي يُطْلَبُ فِيهَا التَّأْخِيرُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهَذَا لَا يُنَافِي اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ مِنْ أَحْكَامِ الْإِيمَانِ الْعَزْمُ عَلَى فِعْلِ الْوَاجِبَاتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّ مَحَلَّ الِاتِّفَاقِ فِي الْعَزْمِ الْعَامِّ فِي جَمِيعِ التَّكَالِيفِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْخَاصِّ بِالْفَرْضِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ فَمَنْ لَمْ يُوجِبْهُ اكْتَفَى بِالْعَامِّ وَمَنْ أَوْجَبَ فَلِتَعَلُّقِ الْفَرْضِ بِالْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ فَيَكُونُ وُجُوبُهُ رَاجِعًا إلَى إيقَاعِهِ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ
(قَوْلُهُ لِأَنَّ آخِرَ وَقْتِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ إلَخْ) وَلِأَنَّا لَوْ لَمْ نَحْكُمْ بِعِصْيَانِهِ فِيهِ لَأَدَّى إلَى فَوَاتِ مَعْنَى الْوُجُوبِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ لَهَا حَالَةً أُخْرَى يَعْصِي فِيهَا وَهُوَ إخْرَاجُهَا عَنْ الْوَقْتِ ح