مَكَانَهُمَا وَلَا يَكْتَفِي بِوَاحِدٍ اتِّبَاعًا لِرَأْيِ الْمُوصِي وَإِذَا تَعَيَّنَ اجْتِمَاعُ الِاثْنَيْنِ (فَلَا يَصْدُرُ تَصْرِفٌ إلَّا بِرَأْيِهِمَا) وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرَاهُ (فَيُوَكِّلَانِ) ثَالِثًا (أَوْ يَأْذَنُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ) فِيهِ (وَإِنْ جَعَلَ الْمَالِكُ أَحَدَهُمَا مُشْرِفًا) عَلَى الْآخَرِ (لَمْ يَتَصَرَّفْ الْآخَرُ إلَّا بِإِذْنِهِ) قَالَ الْعَبَّادِيُّ: لَوْ قَالَ الْمُوصِي: اعْمَلْ بِرَأْيِ فُلَانٍ أَوْ بِعِلْمِهِ أَوْ بِحَضْرَتِهِ جَازَ أَنْ يُخَالِفَهُ فَيَعْمَلَ بِدُونِ أَمْرِهِ فَإِنْ قَالَ لَهُ: لَا تَعْمَلْ إلَّا بِأَمْرِ فُلَانٍ أَوْ إلَّا بِعِلْمِهِ أَوْ إلَّا بِحَضْرَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ الِانْفِرَادُ؛ لِأَنَّهُمَا وَصِيَّانِ.
(فَصْلٌ) لَوْ (أَوْصَى إلَى زَيْدٍ ثُمَّ أَوْصَى إلَى عَمْرٍو لَمْ يَنْعَزِلْ زَيْدٌ إلَّا أَنْ قَالَ) أَوْصَيْتُ إلَى عَمْرٍو (فِيمَا أَوْصَيْتُ فِيهِ إلَى زَيْدٍ) فَيَنْعَزِلُ زَيْدٌ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ (ثُمَّ) إذَا لَمْ يَنْعَزِلْ زَيْدٌ (لَا يَسْتَقِلُّ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ كَذَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَنُقِلَ عَنْ الْبَغَوِيّ مُقَابِلُهُ وَضَعَّفَهُ لَكِنْ صَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ (إلَّا أَنْ انْفَرَدَ بِالْقَبُولِ) فَيَسْتَقِلُّ بِهِ حِينَئِذٍ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ (وَإِنْ قَالَ لِزَيْدٍ ضَمَمْتُ إلَيْكَ عُمْرَا أَوْ لِعَمْرٍو ضَمَمْتُكَ إلَى زَيْدٍ وَقَبْلًا اشْتَرَكَا) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ زَيْدٌ وَصِيٌّ وَعَمْرٌو مُشْرِفٌ عَلَيْهِ (وَلَوْ قَبِلَ زَيْدٌ وَحْدَهُ اسْتَقَلَّ) بِالتَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّهُ أَفْرَدَهُ بِالْوِصَايَةِ إلَيْهِ (قَالَ الرَّافِعِيُّ) وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى عَادَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ (وَفِيهِ نَظَرٌ) لِأَنَّ ضَمَّ عَمْرٍو إلَيْهِ يَمْنَعُ اسْتِقْلَالَهُ؛ لِأَنَّ الضَّمَّ كَمَا يُشْعِرُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْمَضْمُومِ يُشْعِرُ بِمِثْلِهِ فِي الْمَضْمُومِ إلَيْهِ فَلْيَصِرْ عَمْرٌو مُشْرِفًا عَلَى زَيْدٍ وَيَجُوزُ جَعْلُ قَوْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ رَاجِعًا إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ فُيُوفِي بِكَلَامِ الْأَصْلِ (أَوْ) قَبِلَ (عَمْرٌو) وَحْدَهُ (فَلَا) يَسْتَقِلَّ بِهِ (بَلْ يَضُمُّ الْقَاضِي إلَيْهِ آخَرَ) لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّدْهُ بِالْوِصَايَةِ بَلْ ضَمَّهُ إلَى غَيْرِهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي الشَّرِكَة.
(فَرْعٌ) لَوْ (اخْتَلَفَ الْوَصِيَّانِ) فِي التَّصَرُّفِ بِأَنْ قَالَ كُلٌّ أَنَا أَتَصَرَّفُ (فَإِنْ كَانَا مُسْتَقِلَّيْنِ نَفَذَ تَصَرُّفُ السَّابِقِ) مِنْهُمَا وَقِيلَ يَتَصَرَّفُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ الْمُوصَى فِيهِ إنْ كَانَ مِمَّا يَنْقَسِمُ وَإِلَّا تَرَكَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَصَرَّفَا فِيهِ إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) كَانَا (غَيْرَ مُسْتَقِلَّيْنِ أُلْزِمَا الْعَمَلَ بِالْمَصْلَحَةِ) الَّتِي رَآهَا الْحَاكِمُ (وَإِنْ امْتَنَعَا) مِنْ ذَلِكَ (لَمْ يَنْعَزِلَا فَيُنَوَّبُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَالْمَعْرُوفُ فَيُنِيبُ مَنْ أَنَابَ (الْحَاكِمُ عَنْهُمَا اثْنَيْنِ) أَمِينَيْنِ (أَوْ) أَنَابَ (وَاحِدًا) أَمِينًا (إنْ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا) مِنْ ذَلِكَ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي تَعْيِينِ مَنْ تَصْرِفُ) الْوَصِيَّةُ (إلَيْهِ مِنْ الْفُقَرَاءِ) أَوْ غَيْرِهِمْ (عَيَّنَ الْحَاكِمُ) مَنْ يَرَاهُ (وَإِنْ اخْتَلَفَ الْوَصِيَّانِ فِي الْحِفْظِ قَسَمَهُ) الْحَاكِمُ (بَيْنَهُمَا فَإِنْ تَنَازَعَا فِي) النِّصْفِ (الْمَقْسُومِ أَقْرَعَ) بَيْنَهُمَا (وَلَوْ لَمْ يَكُونَا مُسْتَقِلَّيْنِ) بِالتَّصَرُّفِ (وَيَتَصَرَّفَانِ مَعًا فِي الْكُلِّ) بِأَنْ يَتَصَرَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَعَ صَاحِبِهِ فِيمَا بِيَدِهِ وَيَدِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَالُ بِيَدِهِمَا كَانَ النِّصْفُ بِيَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَجَازَ أَنْ يُعَيِّنَ ذَلِكَ النِّصْفَ هَذَا إذَا انْقَسَمْ الْمُوصَى فِيهِ.
(فَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ جَعَلَهُ الْحَاكِمُ تَحْتَ يَدِهِمَا) كَأَنْ يَجْعَلَاهُ فِي بَيْتٍ وَيُقْفِلَانِهِ (وَإِنْ تَرَاضَيَا بِنَائِبٍ لَهُمَا) فِي الْحِفْظِ (فَذَاكَ) وَاضِحٌ (وَإِلَّا حُفِّظَهُ الْقَاضِي هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ (فِي وَصِيِّ التَّصَرُّفِ) إذَا اخْتَلَفَا فِي الْحِفْظِ إلَى وَقْتِ التَّصَرُّفِ (أَمَّا وَصِيَّا الْحِفْظِ فَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا) بِحَالِ.
(فَصْلٌ: لِلْمُوصِي الرُّجُوعُ) عَنْ الْوَصِيَّةِ مَتَى شَاءَ (وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ) مَتَى شَاءَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ جَائِزَةٌ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَيُوَكِّلَانِ أَوْ يَأْذَنُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فِيهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إذَا كَانَ وَصِيَّانِ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَقِلٌّ بِنَصِّ الْمُوصِي فَلِكُلٍّ الشِّرَاءُ مِنْ الْآخَرِ اسْتِقْلَالَا هَكَذَا أَفْتَيْتُ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَمْ أَرَهُ نَصَّا. اهـ. قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ فِي تَحْرِيرِهِ وَلِذَلِكَ أَفْتَيْتُ فِي وَصِيَّيْنِ عَلَى يَتِيمَيْنِ شُرِطَ عَلَيْهِمَا الِاجْتِمَاعُ عَلَى التَّصَرُّفِ بِصِحَّةِ بَيْعِ عَقَارِ أَحَدِ الطِّفْلَيْنِ لِلطِّفْلِ الْآخَرِ بِشَرْطِ مُبَاشَرَةِ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ الْإِيجَابَ وَالْآخَرُ الْقَبُولَ فَإِنَّ ذَلِكَ صَادِرٌ عَنْ رَأْيِهِمَا اهـ. وَمَا أَفْتَى بِهِ الْأَذْرَعِيُّ رَجَّحَهُ غَيْرُهُ وَفِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْإِصْطَخْرِيِّ إذَا كَانَا وَصِيَّيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ قَالَ شَيْخُنَا مَا أَفْتَى بِهِ الْعِرَاقِيُّ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الْعَبَّادِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ لَا يَسْتَقِلُّ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ) لَوْ فَوَّضَ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ وَغَابَ وَبَاعَ فِي غَيْبَتِهِ بَطَلَ أَوْ أَنَابَ الْغَائِبُ عَنْهُ أَوْ الْقَاضِي وَانْضَمَّ إلَى الْحَاضِرِ جَازَ التَّصَرُّفُ.
(فَرْعٌ) لَوْ اتَّفَقَ وَكِيلَانِ أَوْ وَصِيَّانِ بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ أَوْ وَقْفِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا مَثَلًا: هَذَا وَيَقُولُ الْآخَرُ حُرٌّ لَا أَسْتَحْضِرُ فِيهَا نَقْلًا قَالَهُ فِي الْكَوَاكِبِ الدُّرِّيَّةِ بَعْدَ إيرَادِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ صُدُورُ الْكَلَامِ مِنْ نَاطِقٍ وَاحِدٍ عَلَى الصَّحِيحِ. قَالَ ابْنُ مَالِكٍ فِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُصْطَلَحَيْنِ إنَّمَا اُقْتُصِرَ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ اتِّكَالًا عَلَى نُطْقِ الْآخَرِ بِالْأُخْرَى فَمَعْنَاهَا مُسْتَحْضَرٌ فِي ذِهْنِهِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُصْطَلَحَيْنِ مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامِ، كَمَا يَكُونُ قَوْلُ الْقَائِلِ لِقَوْمٍ رَأَوْا شَبَحًا: زَيْدٌ أَيْ الْمَرْئِيُّ زَيْدٌ. اهـ. وَقَالَ الْمُرَادِيُّ إنَّ صُدُورَ الْكَلَامِ مِنْ نَاطِقَيْنِ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْإِسْنَادِ وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا مِنْ وَاحِدٍ وَكُلُّ وَاحِدِ مِنْ الْمُصْطَلَحَيْنِ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ كَمَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ مَالِكٍ قَالَ شَيْخُنَا الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِيمَا تَقَدَّمَ نُطْقُ أَحَدِهِمَا بِهَذَا وَالْآخَرُ بِحُرٍّ أَوْ نَحْوِهِ وَإِنْ كَانَ اصْطِلَاحُ النَّجَاةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَلَامٌ فَاصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ لَا يُلَازِمُ اصْطِلَاحَ النَّجَاةِ دَائِمًا كَاتِبُهُ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَيْلَ زَيْدٌ وَحْدَهُ اسْتَقَلَّ) قَالَ شَيْخُنَا الظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ وَالنَّظَرُ لَا يَدْفَعُهُ وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّ الْمَضْمُومَ إلَيْهِ هُوَ الْوَصِيُّ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ أَقَامَ الْحَاكِمُ غَيْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمَضْمُومَ الَّذِي هُوَ الْمُشْرِفُ اسْتَقَلَّ هُوَ وَكَأَنَّهُ بِعَدَمِ قَبُولِهِ تَبَيَّنَ أَنْ ضَمَّهُ كُلًّا ضَمٌّ.
(فَرْعٌ) أَوْصَى إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى زَيْدٍ أَوْ لِلَّهِ وَلِزَيْدِ أَوْ لِلَّهِ ثُمَّ لِزَيْدٍ فَالصَّوَابُ أَنَّ الْوِصَايَةَ إلَى زَيْدٍ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَذِكْرُ - اللَّهِ تَعَالَى - لِلتَّبَرُّكِ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَعَانُ فِي كُلِّ شَيْءٍ
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ إلَخْ) يَأْتِي مِثْلُهُ فِي رُجُوعِ الْمُوصِي وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْوَكِيلِ وَالشَّرِيكِ وَالْمُقَارَضِ