وَغَيْرُهُ وَبِنَاءَ الْأَصْلِ الْخِلَافَ فِيهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَتْلِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الِاتِّحَادُ فِي التَّصْحِيحِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ ذَلِكَ فَالتَّصْحِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (وَيَقْتَصُّ لِنَفْسِهِ فِي الطَّرَفِ) بِقَيْدٍ صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (إنْ أَفْصَحَ) بِالْإِسْلَامِ بَعْدَ بُلُوغِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ فِي الْقِصَاصِ لَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّ اللَّقِيطَ قَدْ يُرِيدُ التَّشَفِّيَ وَقَدْ يُرِيدُ الْعَفْوَ فَلَا يُفَوَّتُ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ إذَا لَمْ يُفْصِحْ بِالْإِسْلَامِ وَتَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ كَنَظِيرِهِ فِي قِصَاصِ النَّفْسِ (فَيَجْلِسُ) قَاطِعُ طَرَفِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ (لَهُ إلَى الْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ) مِنْ الْجُنُونِ إنْ كَانَ مَجْنُونًا (وَيَأْخُذُ الْوَلِيُّ) وَلَوْ حَاكِمًا (لَا وَصِيٌّ الْأَرْشَ لِمَجْنُونٍ فَقِيرٍ) لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ وَلَيْسَ لِزَوَالِ عِلَّتِهِ غَايَةٌ تُنْتَظَرُ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْخُذْهُ الْوَصِيُّ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ إسْقَاطٌ وَلَيْسَ هُوَ لِلْوَصِيِّ (لَا) لِمَجْنُونٍ (غَنِيٍّ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ (وَلَا صَبِيٍّ فَقِيرٍ) أَوْ غَنِيٍّ؛ لِأَنَّ لِزَوَالِ الصِّبَا غَايَةً مُنْتَظَرَةً وَلِعَدَمِ الْحَاجَةِ فِي الْغِنَى فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ " فَقِيرٍ " كَانَ أَوْلَى (فَلَوْ أَفَاقَ) الْمَجْنُونُ بَعْدَ أَخْذِ الْوَلِيِّ الْأَرْشَ (وَرَدَّهُ لِيَقْتَصَّ مُنِعَ) لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ أَخْذَ الْمَالِ عَفْوٌ وَكَمَا لَوْ عَفَا الْوَلِيُّ عَنْ شُفْعَةِ الصَّبِيِّ لِلْمَصْلَحَةِ فَبَلَغَ وَأَرَادَ الْأَخْذَ.
(الْحُكْمُ الثَّالِثُ النَّسَبُ) لِلَّقِيطِ وَهُوَ كَسَائِرِ الْمَجْهُولِينَ (فَمَنْ اسْتَلْحَقَ اللَّقِيطَ لَحِقَهُ) بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا قَافَةٍ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِحَقٍّ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ وَلِأَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى النَّسَبِ مِمَّا يَعْسُرُ وَلَوْ لَمْ نُثْبِتْهُ بِالِاسْتِلْحَاقِ لَضَاعَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَنْسَابِ (وَقَدْ سَبَقَتْ شُرُوطُ الِاسْتِلْحَاقِ فِي) كِتَابِ (الْإِقْرَارِ) وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُلْتَقِطِ وَغَيْرِهِ (وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَلْحِقُ) لَهُ (كَافِرًا) فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ كَالْمُسْلِمِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْجِهَاتِ الْمُثْبِتَةِ لِلنَّسَبِ (وَكَذَا عَبْدٌ أَقَرَّ وَلَوْ بِأَخٍ، أَوْ عَمٍّ) كَالْحُرِّ (وَسَوَاءٌ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ فِيمَا اسْتَلْحَقَ، أَوْ كَذَّبَهُ) فِيهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْحُرِّ فِي أَمْرِ النَّسَبِ لِإِمْكَانِ الْعُلُوقِ مِنْهُ بِنِكَاحٍ، أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَلَا عِبْرَةَ بِإِضْرَارِ السَّيِّدِ بِانْقِطَاعِ الْإِرْثِ عَنْهُ لَوْ أَعْتَقَهُ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ اسْتَلْحَقَ ابْنًا وَلَهُ أَخٌ يُقْبَلُ اسْتِلْحَاقُهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ اللُّحُوقِ بِإِقْرَارِهِ بِأَخٍ أَوْ عَمٍّ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِهِ حَيْثُ أَجْرَى فِيهِ خِلَافَ اسْتِلْحَاقِ الْعَبْدِ مَعَ تَكْذِيبِ سَيِّدِهِ لَهُ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْإِقْرَارِ وَمَا هُنَاكَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إجْرَاءِ الْخِلَافِ فِي شَيْءٍ الِاتِّحَادُ فِي التَّصْحِيحِ عَلَى أَنَّ مَا هُنَا مَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُ النَّسَبُ بِغَيْرِهِ وَشَرْطُهُ أَنْ يَصْدُرَ مِنْ وَارِثٍ جَائِزٍ قَالَ: وَلَعَلَّهُ يُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا كَانَ حَالَةَ مَوْتِ الْجَدِّ حُرًّا، ثُمَّ اُسْتُرِقَّ لِكُفْرِهِ وَحِرَابَتِهِ فَإِذَا أَقَرَّ بِهِ لَحِقَ الْمَيِّتَ (وَلَا يُسَلَّمُ) اللَّقِيطُ (إلَى الْعَبْدِ لِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَتِهِ) إذْ لَا مَالَ لَهُ (وَ) عَنْ (حَضَانَتِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَتَفَرَّغُ لَهَا (وَإِنْ كَانَ) الْمُسْتَلْحِقُ لَهُ (عَتِيقًا فَأَوْلَى) مِنْ الْعَبْدِ (بِأَنْ يَلْحَقَهُ لِاسْتِقْلَالِهِ بِالنِّكَاحِ وَالتَّسَرِّي) وَمَحَلُّهُ بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ فِي الْوَلَدِ أَمَّا فِي الْأَخِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُقْبَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْمَوْلَى وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ فَهُوَ وَالْعَبْدُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ (وَإِنْ اسْتَلْحَقَ حُرٌّ عَبْدَ غَيْرِهِ وَهُوَ بَالِغٌ) عَاقِلٌ (فَصَدَّقَهُ لَحِقَهُ) وَلَا عِبْرَةَ بِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ الْإِرْثِ الْمُتَوَهَّمِ بِالْوَلَاءِ، وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، أَوْ مَجْنُونٌ لَمْ يَلْحَقْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ (وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ) أَيْ اللَّقِيطَ (مُلْتَقِطُهُ اُسْتُحِبَّ سُؤَالُهُ عَنْ السَّبَبِ) كَأَنْ يُقَالَ لَهُ مِنْ أَيْنَ هُوَ لَك فَرُبَّمَا يَتَوَهَّمُ أَنَّ الِالْتِقَاطَ يُفِيدُ النَّسَبَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي وُجُوبُهُ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ.
(فَرْعٌ: لَوْ اسْتَلْحَقَتْهُ امْرَأَةٌ بِلَا بَيِّنَةٍ لَمْ يَلْحَقْهَا) وَإِنْ كَانَتْ خَلِيَّةً لِإِمْكَانِهَا إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ بِالْوِلَادَةِ مِنْ طَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ (أَوْ بِبَيِّنَةٍ لَحِقَهَا وَكَذَا) يَلْحَقُ (زَوْجَهَا إنْ شَهِدَتْ) بَيِّنَتُهَا (بِوَضْعِهِ عَلَى فِرَاشِهِ وَأَمْكَنَ) الْعُلُوقُ مِنْهُ وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ إلَّا بِلِعَانٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ بِذَلِكَ، أَوْ شَهِدَتْ بِهِ لَكِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْعُلُوقُ مِنْهُ (فَلَا) يَلْحَقُهُ أَمَّا الْخُنْثَى فَيَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي الْفَرَجِ الزَّازِ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَهُ (وَالْأَمَةُ) فِي الِاسْتِلْحَاقِ (كَالْحُرَّةِ) فَيَصِحُّ بِالْبَيِّنَةِ (لَكِنْ لَا يُحْكَمُ بِرِقِّ الْوَلَدِ لِمَوْلَاهَا بِاسْتِلْحَاقِهَا) لِاحْتِمَالِ انْعِقَادِهِ حُرًّا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ.
(فَصْلٌ: وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ أَوْ حُرٌّ وَعَبْدٌ تَسَاوَيَا)
لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَهْلٌ لِلِاسْتِلْحَاقِ لَوْ انْفَرَدَ فَلَا مَزِيَّةَ (وَلَا تَقْدِيمَ لِبَيِّنَةٍ بِيَدٍ) لِأَنَّ الْيَدَ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ لَا عَلَى النَّسَبِ (فَإِنْ اسْتَلْحَقَ اللَّقِيطَ ذُو يَدٍ، ثُمَّ) اسْتَلْحَقَهُ (آخَرُ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ) لِثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْ الْأَوَّلِ مُعْتَضِدًا بِالْيَدِ (إلَّا إنْ كَانَ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُلْتَقِطَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبَنَى الْأَصْلُ الْخِلَافَ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ وَإِنْ قُتِلَ بَعْدَ الْبُلُوغِ قَبْلَ الْإِفْصَاحِ فَعَلَى الْخِلَافِ وَقِيلَ لَا يَجِبُ قَطْعًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: مُقْتَضَاهُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ وَهُوَ غَلَطٌ عَجِيبٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ إذَا قُتِلَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَالتَّبَعِيَّةُ فِيهِ أَقْوَى مِنْ تَبَعِيَّةِ الدَّارِ اهـ وَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِاللَّقِيطِ الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ فَشَمِلَ أَقْسَامَهُ الثَّلَاثَةَ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا عَبْدٌ أَقَرَّ وَلَوْ بِأَخٍ، أَوْ عَمٍّ) كَالْحُرِّ لَوْ أَقَرَّ مَنْ عَلَيْهِ وَلَاءٌ بِأَخٍ، أَوْ أَبٍ لَمْ يُقْبَلْ فِي الْأَظْهَرِ بِخِلَافِ الِابْنِ (قَوْلُهُ: مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْإِقْرَارِ) هُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ يُتَصَوَّرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْوَلِيِّ) وَلِأَنَّ بِهِ حَاجَةً إلَى اسْتِلْحَاقِ الِابْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُ نَسَبِهِ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْأَخِ فَإِنَّهُ يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُهُ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِمَا وَلِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إنْشَاءِ الِاسْتِيلَادِ فَصَحَّ إقْرَارُهُ بِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي وُجُوبُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: تَسَاوَيَا) كَمَا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: هُوَ ابْنِي وَقَالَ الْآخَرُ: بِنْتِي فَخَرَجَتْ أُنْثَى