بِالِاخْتِبَارِ (عَلَى فَقِيرٍ) فِي مَسْأَلَةِ الْغَنِيِّ (وَ) عَلَى (مَسْتُورٍ) فِي مَسْأَلَةِ الْعَدَالَةِ احْتِيَاطًا لِلَّقِيطِ (ثُمَّ) إذَا اسْتَوَيَا فِي الصِّفَاتِ (يُقْرَعُ) بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَلَا يُهَايَأُ بَيْنَهُمَا لِلْإِضْرَارِ بِاللَّقِيطِ وَلَا يُتْرَكُ فِي يَدَيْهِمَا لِتَعَذُّرِ أَوْ تَعَسُّرِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الْحَضَانَةِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّهِمَا (وَلَا يُقَدَّمُ مُسْلِمٌ عَلَى ذِمِّيٍّ) الْأَوْلَى عَلَى كَافِرٍ (فِي) لَقِيطٍ (كَافِرٍ وَالْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ سَوَاءٌ) فِي الِالْتِقَاطِ (فَيُقْرَعُ) بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الْحَضَانَةِ تُقَدَّمُ الْأُمُّ فِيهَا عَلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْمَرْعِيَّ فِيهَا الشَّفَقَةُ وَهِيَ فِي الْأُمِّ أَتَمُّ (وَلَوْ اخْتَارَ اللَّقِيطُ أَحَدَهُمَا) فَإِنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَلَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا بِاخْتِيَارِ اللَّقِيطِ لَهُ وَلَوْ مُمَيِّزًا بِخِلَافِ تَخْيِيرِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ بَيْنَ أَبَوَيْهِ لِتَعْوِيلِهِمْ ثَمَّ عَلَى الْمَيْلِ النَّاشِئِ عَنْ الْوِلَادَةِ وَهُوَ مَعْدُومٌ هُنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْوَجْهُ تَقْدِيمُ الْبَصِيرِ عَلَى الْأَعْمَى وَالسَّلِيمِ عَلَى الْمَجْذُومِ وَالْأَبْرَصِ إنْ قِيلَ بِأَهْلِيَّتِهِمْ لِلِالْتِقَاطِ (وَلَوْ آثَرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ) أَيْ تَرَكَ حَقَّهُ لَهُ (قَبْلَ الْقُرْعَةِ لَا بَعْدُ جَازَ) فَيَنْفَرِدُ بِهِ الْآخَرُ كَالشَّفِيعَيْنِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْقُرْعَةِ لَا يَجُوزُ كَمَا لَيْسَ لِلْمُنْفَرِدِ نَقْلُ حَقِّهِ إلَى غَيْرِهِ.
(فَصْلٌ: وَأَمَّا أَحْكَامُهُ) أَيْ الِالْتِقَاطِ (فَعَلَى الْمُلْتَقِطِ) مِنْهَا (حِفْظُ اللَّقِيطِ وَرِعَايَتُهُ) أَيْ تَرْبِيَتُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَقْصُودُ الِالْتِقَاطِ (لَا نَفَقَتُهُ وَحَضَانَتُهُ) الْمُفَصَّلَةُ فِي الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا مَشَقَّةً وَمُؤْنَةً كَثِيرَةً فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ هُنَا " وَحَضَانَتُهُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ " حِفْظُهُ وَتَرْبِيَتُهُ لَا الْحَضَانَةُ الْمَذْكُورَةُ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ حِفْظِهِ وَرِعَايَتِهِ لِأَمْرٍ عَرَضَ (فَالْقَاضِي) أَيْ فَيُسَلِّمُهُ لَهُ (وَلَهُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ) لِتَبَرُّمٍ، أَوْ غَيْرِهِ (وَلَوْ قَدَرَ) عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ ذَلِكَ بِالتَّبَرُّمِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (وَيَحْرُمُ) عَلَيْهِ (نَبْذُهُ وَرَدُّهُ إلَى مَا كَانَ) بِالِاتِّفَاقِ.
(فَرْعٌ: لَوْ نَقَلَهُ بِسُكْنَى، أَوْ غَيْرِهَا) كَتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ (مِنْ بَادِيَةٍ إلَى قَرْيَةٍ) وَإِنْ بَعُدَتْ (أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ) أَوْ بَادِيَةٍ (إلَى بَلَدٍ) وَإِنْ بَعُدَ (جَازَ) لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ (لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ نَقْلُهُ مِنْ قَرْيَةٍ أَوْ بَلَدٍ إلَى بَادِيَةٍ، وَإِنْ قَرُبَتْ وَلَا مِنْ بَلَدٍ إلَى قَرْيَةٍ كَذَلِكَ لِخُشُونَةِ عَيْشِهِمَا وَفَوَاتِ الْعِلْمِ بِالدِّينِ وَالصَّنْعَةِ فِيهِمَا نَعَمْ لَوْ قَرُبَتَا بِحَيْثُ يَسْهُلُ الْمُرَادُ مِنْهُمَا جَازَ النَّقْلُ إلَيْهِمَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَهُ نَقْلُهُ) مِنْ قَرْيَةٍ وَبَلَدٍ (إلَى مِثْلِهِمَا) لِتَقَارُبِهِمَا فِي الْمَعِيشَةِ وَتَعَلُّمِ الْعُلُومِ وَالصَّنَائِعِ وَمِثْلُهُ نَقْلُهُ مِنْ بَادِيَةٍ إلَى مِثْلِهَا وَمَحَلُّ جَوَازِ نَقْلِهِ عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيقِ، وَالْمَقْصِدِ، وَتَوَاصُلِ الْأَخْبَارِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ (وَإِنْ وَجَدَهُ بَدَوِيٌّ فِي حِلَّةٍ) مِنْ بَادِيَةٍ (وَأَهْلِيٌّ حِلَّتُهُ مُسْتَقِرُّونَ بِأُخْرَى أُقِرَّ فِي يَدِهِ) لِأَنَّهَا كَبَلَدٍ، أَوْ قَرْيَةٍ (وَكَذَا لَوْ تَنَقَّلُوا) أَيْ كَانُوا يَنْتَقِلُونَ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ لِلنُّجْعَةِ؛ لِأَنَّ أَطْرَافَ الْبَادِيَةِ كَمَحَالِّ الْبَلَدِ الْوَاسِعِ (وَيُقَدَّمُ) فِي الْتِقَاطِ لَقِيطِ بَلَدٍ أَوْ قَرْيَةٍ (بَلَدِيٌّ، أَوْ قَرَوِيٌّ) مُقِيمٌ بِهَا (عَلَى ظَاعِنٍ) يَظْعَنُ بِهِ مِنْهُمَا إلَى بَادِيَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ وَذِكْرُ حُكْمِ الْقَرْيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا) عَلَى ظَاعِنٍ يَظْعَنُ بِهِ (إلَى بَلْدَةٍ) أُخْرَى (بَلْ يَسْتَوِيَانِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُنْفَرِدَةِ نَقْلُهُ إلَى بَلَدِهِ (وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ تَقْدِيمَ قَرَوِيٍّ مُقِيمٍ بِهَا) أَيْ بِالْقَرْيَةِ (عَلَى بَلَدِيٍّ ظَاعِنٍ) عَنْهَا، وَإِنَّمَا يَجُوزُ نَقْلُهُ إذَا لَمْ يُعَارِضْهُ مُعَارِضٌ وَمَا قَالَهُ لَازِمٌ فِيمَا قَبْلَهَا لَا جَرَمَ جَعَلَهَا الرَّافِعِيُّ مِثْلَهَا وَمَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ كَجٍّ كَمَا نَقَلَهُ هُوَ عَنْهُ لَكِنَّ مَنْقُولَ الْأَصْحَابِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ أَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ كَمَا نَقَلَهُ هُوَ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ (وَيُقَدَّمُ حَضَرِيٌّ عَلَى بَدَوِيٍّ إنْ وَجَدَاهُ بِهَلَكَةٍ) لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نَقْلِهِ مِنْهَا وَيَسْتَوِيَانِ فِيهِ إنْ وَجَدَاهُ بِحِلَّةٍ، أَوْ قَبِيلَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْبَدَوِيُّ مُنْتَجِعًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُقَرُّ فِي يَدِهِ لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا.
(فَرْعٌ:) (وَيُحْكَمُ بِمِلْكِهِ) أَيْ اللَّقِيطِ (لِلِبَاسِهِ وَمِهَادِهِ) الْمَفْرُوشِ تَحْتَهُ (وَدِثَارِهِ) الْمُغَطَّى بِهِ مِنْ لِحَافٍ وَغَيْرِهِ (وَ) لِمَالٍ (مَرْبُوطٍ فِيهَا) كَحُلِيٍّ وَدَرَاهِمَ (أَوْ) مَرْبُوطٍ (عَلَيْهِ) كَكِيسٍ مَرْبُوطٍ بِوَسَطِهِ (وَالدَّنَانِيرِ الْمَنْثُورَةِ عَلَيْهِ وَفَوْقَ فِرَاشِهِ وَتَحْتَهُ) أَيْ تَحْتَ بَدَنِهِ، أَوْ فِرَاشِهِ (وَدَارٍ) أَوْ خَيْمَةٍ وُجِدَ (هُوَ فِيهَا وَحْدَهُ) وَلَا يُعْرَفُ لَهَا مُسْتَحِقٌّ وَسَائِرِ مَا يُوجَدُ تَحْتَ يَدِهِ وَاخْتِصَاصِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ يَدًا وَاخْتِصَاصًا كَالْبَالِغِ، وَالْأَصْلُ الْحُرِّيَّةُ مَا لَمْ يُعْرَفْ غَيْرُهَا، وَخَرَجَ بِوَحْدِهِ مَا لَوْ كَانَ فِي الدَّارِ لَقِيطَانِ، أَوْ لَقِيطٌ وَغَيْرُهُ فَتَكُونُ لَهُمَا (وَفِي) الْحُكْمِ لَهُ بِمِلْكِ (الْبُسْتَانِ) الَّذِي وُجِدَ فِيهِ (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ كَالدَّارِ وَثَانِيهِمَا لَا؛ لِأَنَّ سُكْنَى الدَّارِ تَصَرُّفٌ، وَالْحُصُولُ فِي الْبُسْتَانِ لَيْسَ تَصَرُّفًا، وَلَا سُكْنَى، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يُسْكَنُ عَادَةً يَكُونُ كَالدَّارِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعَلَى مَسْتُورٍ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ الْعَدْلُ فَقِيرًا وَالْمَسْتُورُ غَنِيًّا (قَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ سَوَاءٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرْضِعَةَ تُقَدَّمُ عَلَى الرَّجُلِ فِي الرَّضِيعِ وَهِيَ عِنْدِي أَوْلَى مِنْ تَقْدِيمِ الْغَنِيِّ عَلَى الْفَقِيرِ بَلْ يَتَعَيَّنُ تَقْدِيمُهَا إذَا كَانَ ظَاعِنًا وَلَمْ يَجِدْ مُرْضِعًا غَيْرَهَا وَلَوْ ازْدَحَمَ امْرَأَتَانِ فَيُشْبِهُ أَنْ تُقَدَّمَ الْخَلِيَّةُ عَلَى الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُرْضِعُ عَلَى غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَالْوَجْهُ تَقْدِيمُ الْبَصِيرِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: وَتَوَاصُلِ الْأَخْبَارِ) نَعَمْ إنْ كَانَ الْبَلَدُ بَعِيدًا وَأَخْبَارُهُ مُنْقَطِعَةً كَالْعِرَاقِيِّ يُرِيدُ نَقْلَهُ إلَى الْمَشْرِقِ، أَوْ الْمَغْرِبِ مُنِعَ مِنْهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: لَا جَرَمَ جَعَلَهَا الرَّافِعِيُّ مِثْلَهَا) وَهُوَ الرَّاجِحُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ خَيْمَةٍ) أَوْ حَانُوتٍ (قَوْلُهُ: هُوَ فِيهَا وَحْدَهُ) أَمَّا إذَا كَانَ مَعَهُ فِيهَا غَيْرُهُ فَهِيَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ قَالَا لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ مَشْدُودَةً بِاللَّقِيطِ وَعَلَيْهَا رَاكِبٌ قَالَ ابْنُ كَجٍّ هِيَ بَيْنَهُمَا وَأَقَرَّاهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُرَادُ بِالرَّاكِبِ الْآخَرِ لَقِيطٌ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ فِي الصُّلْحِ فِي الْقَائِدِ لِلدَّابَّةِ وَعَلَيْهَا رَاكِبٌ أَنَّ الْيَدَ لِلرَّاكِبِ عَلَى الصَّحِيحِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ بِخَطِّ شَيْخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: وَثَانِيهِمَا لَا) قَطَعَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِأَنَّهُ إلَخْ