لَهُ بِقِيمَتِهِ إنْ وَجَدَهُ (فِي الْمَفَازَةِ لَا فِي الْعُمْرَانِ) لِسُهُولَةِ الْبَيْعِ فِيهِ بِخِلَافِهِ فِي الْمَفَازَةِ فَقَدْ لَا يَجِدُ فِيهَا مَنْ يَشْتَرِي وَيَشُقُّ النَّقْلُ إلَى الْعُمْرَانِ، وَالْخَصْلَةُ الْأُولَى مِنْ الثَّلَاثِ عِنْدَ اسْتِوَائِهَا فِي الْأَحَظِّيَّةِ أَوْلَى مِنْ الثَّانِيَةِ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ الثَّالِثَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَا يَجِبُ التَّعْرِيفُ فِي الثَّالِثَةِ كَمَا لَا يَجِبُ فِيمَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ عَلَى الظَّاهِرِ عِنْدَ الْإِمَامِ قَالَ: لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فِي الصَّحْرَاءِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ يَقْتَضِيهِ وَكَلَامُ غَيْرِهِمْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ عَلَى أَنَّ تَعْلِيلَ الْإِمَامِ يُنَافِي ظَاهِرَ قَوْلِهِمْ لَا يَجِبُ التَّعْرِيفُ فَوْرًا وَسَيَأْتِي كَلَامُ الْإِمَامِ مَعَ زِيَادَةٍ ثُمَّ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الثَّلَاثِ لَيْسَ تَشَهِّيًا بَلْ عَلَيْهِ فِعْلُ الْأَحَظِّ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ.
(أَمَّا غَيْرُ الْمَأْكُولِ) كَالْجَحْشِ (فَلَهُ فِيهِ الْخَصْلَتَانِ الْأُولَيَانِ لَا التَّمَلُّكُ فِي الْحَالِ) فَلَا يَتَمَلَّكُهُ إلَّا بَعْدَ تَعْرِيفِهِ وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوا صِغَارَ السِّبَاعِ فَقَطْ لِكَثْرَتِهَا وَلِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ كِبَارِهَا ضَالَّةٌ.
(فَرْعٌ: لَوْ أَمْسَكَهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطُ (وَأَرَادَ الْإِنْفَاقَ) عَلَيْهِ (لِيَرْجِعَ اُشْتُرِطَ إذْنُ الْحَاكِمِ) فِيهِ إنْ وَجَدَهُ ثَمَّ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ أَشْهَدَ) كَنَظَائِرِهِ (وَلَوْ أَرَادَ بَيْعَ كُلِّهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ (فِي الْحَالِ) حَيْثُ جَازَ بِأَنْ كَانَ بَيْعُهَا أَحَظَّ مِنْ إبْقَائِهَا (وَلَمْ يَجِدْ ثَمَّ حَاكِمًا اسْتَقَلَّ بِهِ، وَإِنْ وَجَدَهُ اسْتَأْذَنَهُ) قَالَ الْإِمَامُ وَيَجُوزُ بَيْعُ جُزْءِ الْحَيَوَانِ لِنَفَقَةِ بَاقِيهِ كَبَيْعِ كُلِّهِ وَحَكَى عَنْ شَيْخِهِ احْتِمَالًا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَسْتَغْرِقَ نَفْسَهُ وَبِهِ قَطَعَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالثَّانِي هُوَ الْأَوْجَهُ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَابِ الْآتِي قُبَيْلَ الْحُكْمِ الثَّالِثِ (وَلَا يَسْتَقْرِضُ عَلَى الْمَالِكِ) لِذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ لَكِنَّهُ يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي هَرَبِ الْجِمَالِ وَنَحْوِهِ، وَفَرَّقَ النَّوَوِيُّ بِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ أَيْ تَعَسُّرِهِ ثَمَّ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُكْتَرِي بِخِلَافِهِ هُنَا فَيَمْتَنِعُ الْإِضْرَارُ بِالْمَالِكِ بِلَا ضَرُورَةٍ.
(فَرْعٌ: الضَّالَّةُ) إذَا حَصَلَتْ (فِي يَدِ الْحَاكِمِ يَسِمُهَا) وَنِتَاجَهَا (بِسِمَةِ الضَّوَالِّ وَيُسَرِّحُهَا فِي الْحِمَى) إنْ كَانَ (فَلَوْ لَمْ يَكُنْ حِمًى بَاعَهَا) كُلَّهَا وَفِي بَيْعِ بَعْضِهَا مَا مَرَّ (وَيَتَأَنَّى) بِبَيْعِهَا أَيَّامًا بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ (إنْ تَوَقَّعَ وُصُولَ الْمَالِكِ) أَيْ مَجِيئِهِ فِي طَلَبِهَا (عَلَى قُرْبٍ) بِأَنْ عَرَفَ أَنَّهَا مِنْ نَعَمِ بَنِي فُلَانٍ.
(وَلَوْ الْتَقَطَ كَلْبًا) يُقْتَنَى (عَرَّفَهُ سَنَةً) أَوْ مَا يَلِيقُ بِهِ (ثُمَّ اخْتَصَّ بِهِ فَإِنْ ظَهَرَ صَاحِبُهُ أَخَذَهُ) إنْ وَجَدَهُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ (وَتُعَرَّفُ الْخَمْرُ الْمُحْتَرَمَةُ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَهُوَ مُكَرَّرٌ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ بَعْدُ.
(فَصْلٌ: لَا يُلْتَقَطُ إلَّا مَا ضَاعَ بِسُقُوطٍ أَوْ غَفْلَةٍ) عَنْهُ، أَوْ نَحْوِهِمَا (وَكَانَ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ) كَمَوَاتٍ وَشَارِعٍ وَمَسْجِدٍ (وَ) فِي (بَلَدٍ فِيهِ مُسْلِمُونَ) بِأَنْ يَكُونَ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ، أَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَفِيهَا مُسْلِمُونَ وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ مَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ أَلْقَى هَارِبٌ، أَوْ الرِّيحُ ثَوْبًا فِي حِجْرِهِ) مَثَلًا (أَوْ خَلَّفَ مُوَرِّثُهُ وَدِيعَةً وَجَهِلَ الْمَالِكُ) كَذَلِكَ (لَمْ يَتَمَلَّكْهُ بَلْ يُحْفَظُ) لِأَنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ (وَمَا وُجِدَ فِي) أَرْضٍ (مَمْلُوكَةٍ فَلِذِي الْيَدِ) فِيهَا فَلَا يُؤْخَذُ لِتَمَلُّكِهِ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ. (فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ) ذُو الْيَدِ فَلِمَنْ كَانَ ذَا يَدٍ (قَبْلَهُ) وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ (إلَى الْمُحْيِي، ثُمَّ) إذَا لَمْ يَدَّعِهِ الْمُحْيِي (يَكُونُ لُقَطَةً) كَمَا مَرَّ بِمَا فِيهِ مَعَ جَوَابِهِ فِي زَكَاةِ الرِّكَازِ وَمَا وُجِدَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَا مُسْلِمَ فِيهَا (فَغَنِيمَةٌ: الْخُمُسُ مِنْهَا لِأَهْلِهِ، وَالْبَاقِي لِلْوَاجِدِ) .
(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْقَفَّالُ: وَإِذَا وَجَدَ دِرْهَمًا فِي بَيْتِهِ لَا يَدْرِي أَهُوَ لَهُ، أَوْ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتَهُ فَعَلَيْهِ تَعْرِيفُهُ لِمَنْ يَدْخُلُ بَيْتَهُ كَاللُّقَطَةِ أَيْ الْمَوْجُودَةِ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ مِمَّا مَرَّ.
(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الِالْتِقَاطِ الصَّحِيحِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ)
(الْأَوَّلُ فِي الْأَمَانَةِ وَالضَّمَانِ) الْأَوْلَى حَذْفُ " فِي "، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِقَصْدِ الْآخِذِ (فَإِنْ أَخَذَهَا) (لِلْحِفْظِ فَهِيَ أَمَانَةٌ) فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْفَظُهَا لِلْمَالِكِ فَأَشْبَهَ الْمُودَعَ (فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا) (عَرَّفَهَا مِنْ حِينَئِذٍ وَلَا يَعْتَدُّ بِمَا سَبَقَ) مِنْ تَعْرِيفِهِ لَهَا (فَإِنْ سَلَّمَهَا لِلْحَاكِمِ لَزِمَهُ الْقَبُولُ) وَكَذَا لَوْ أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ ثُمَّ سَلَّمَهَا لَهُ لَزِمَهُ الْقَبُولُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ بِخِلَافِهِ فِي الْوَدِيعَةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ ثَمَّ، وَمَا رُوِيَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ وَجَدَ بَعِيرًا ضَالًّا فَعَرَّفَهُ، ثُمَّ ذَكَرَهُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعَرِّفَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ لَهُ ثَابِتٌ: إنَّهُ شَغَلَنِي عَنْ صَنْعَتِي قَالَ عُمَرُ أَرْسِلْهُ حَيْثُ وَجَدْتَهُ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ضَالَّةٍ لَا يَحِلُّ الْتِقَاطُهَا (فَإِنْ الْتَقَطَهَا بِنِيَّةِ الْخِيَانَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَك يَقْتَضِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَهَا إلَيْهِ وَهِيَ تُلَائِمُ الْمِلْكَ، وَحَمْلُهُ عَلَى أَنَّهَا تَصِيرُ لَهُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ الثَّانِيَةِ) لِأَنَّ فِيهَا حِفْظَ الْعَيْنِ عَلَى مَالِكِهَا (قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ أَوْلَى مِنْ الثَّالِثَةِ) لِأَنَّ الْبَيْعَ يَتَوَقَّفُ اسْتِبَاحَةُ الثَّمَنِ فِيهِ عَلَى التَّعْرِيفِ وَفِي الْأَكْلِ تَتَعَجَّلُ الِاسْتِبَاحَةُ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: قَالَ: لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فِي الصَّحْرَاءِ) قَالَ شَيْخُنَا فَلَا يُعَرِّفُ فِيهَا فَإِذَا جَاءَ الْعُمْرَانَ عَرَّفَهَا (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ) قِيَاسًا عَلَى مَا يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ فَإِنَّ الشَّيْخَيْنِ صَرَّحَا بِاعْتِبَارِ الْغِبْطَةِ فِيهِ، وَإِنْ اعْتَبَرَا هُنَا بِالتَّخْيِيرِ وَقَالَا إنَّ الْخَصْلَةَ الْأُولَى أَوْلَى ثُمَّ الثَّانِيَةَ وَنَقَلَ غَيْرُهُ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ صَرَّحَ بِهِ فِي خَصْلَةِ الْبَيْعِ فَقَالَ يَجُوزُ إنْ كَانَ فِيهِ أَحَظُّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَقْرِضُ) قَالَ شَيْخُنَا رُبَّمَا يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ كَوْنِهِ يُنْفِقُ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ مَعَ كَوْنِهِ قَرْضًا عَلَى الْمَالِكِ بِأَنَّ هَذَا غَايَةُ مَا يُمْكِنُ حِفْظًا لِلرُّوحِ بِخِلَافِ اقْتِرَاضِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّ الْمُقْتَرِضَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ قَبْلَ إنْفَاقِهِ فَلَرُبَّمَا تَلِفَ وَيَصِيرُ دَيْنًا مَعَ عَدَمِ انْتِفَاعِهِ بِهِ وَلَا كَذَلِكَ إنْفَاقُهُ هُوَ فَلَا يَصِيرُ دَيْنًا حَتَّى يُنْفِقَهُ فَافْتَرَقَا، كَاتِبُهُ.
[فَرْعٌ الضَّالَّةُ إذَا حَصَلَتْ فِي يَدِ الْحَاكِمِ]
(قَوْلُهُ: وَلَوْ الْتَقَطَ كَلْبًا عَرَّفَهُ سَنَةً) ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ دَائِمَةٌ فَهُوَ كَكَثِيرِ الْمَالِ وَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ يُعَرِّفُهُ سَنَةً. .
[فَصْلٌ لَا يُلْتَقَطُ إلَّا مَا ضَاعَ بِسُقُوطٍ أَوْ غَفْلَةٍ عَنْهُ أَوْ نَحْوِهِمَا]
(قَوْلُهُ: وَكَانَ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ) وَإِنْ كَانَ لِلْوَاجِدِ فَسَبَّلَهُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ.
(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الِالْتِقَاطِ الصَّحِيحِ) (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَذَهَا لِلْحِفْظِ فَهِيَ أَمَانَةٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا سَبَقَ مِنْ جَوَازِ الْتِقَاطِ الْفَاسِقِ وَالصَّبِيِّ وَنَحْوِهِمَا فِي لُقَطَةِ التَّمَلُّكِ خَاصَّةً، أَمَّا لُقَطَةُ الْحِفْظِ فَمُخْتَصَّةٌ بِالثِّقَةِ الْأَمِينِ الْمُسْلِمِ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ نَصًّا وَلَكِنَّهُ ظَاهِرٌ. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ