(بَلْ يَكْفِي مِنْ كُلِّ نَوْعٍ ثَلَاثَةٌ) كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ وَقَفَ) شَيْئًا (سَنَةً بَطَلَ) كَالْهِبَةِ نَعَمْ إنْ عَقَّبَهُ بِمَصْرِفٍ آخَرَ كَأَنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ سَنَةً، ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ صَحَّ وَرُوعِيَ فِيهِ شَرْطُ الْوَاقِفِ نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْخُوَارِزْمِيَّ، ثُمَّ مَا ذَكَرَ مَحَلُّهُ فِيمَا لَا يُضَاهِي التَّحْرِيرَ أَمَّا مَا يُضَاهِيهِ كَقَوْلِهِ جَعَلْته مَسْجِدًا سَنَةً فَيَصِحُّ مُؤَبَّدًا كَمَا لَوْ ذَكَرَ فِيهِ شَرْطًا فَاسِدًا قَالَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ (وَمُنْقَطِعُ الْآخِرِ كَالْوَقْفِ عَلَى عَقِبِهِ صَحِيحٌ) وَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَقَارًا لِمُصَادَفَتِهِ مَصْرِفًا صَحِيحًا يُبْنَى عَلَيْهِ بِخِلَافِ مُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ (وَيَكُونُ بَعْدَهُمْ) وَقْفًا (لِلْأَقْرَبِ رَحِمًا إلَى الْوَاقِفِ) يَوْمَ انْقِرَاضِهِمْ وَمِثْلُهُ مَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ أَرْبَابُ الْوَقْفِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَقَارِبِ أَفْضَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعُودُ مِلْكًا؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْوَقْفِ عَلَى الدَّوَامِ، وَلِأَنَّهُ صَرَفَ مَالَهُ إلَى جِهَةِ قُرْبَةٍ فَلَا يَرْجِعُ مِلْكًا كَمَا لَوْ نَذَرَ هَدْيًا إلَى مَكَّةَ فَرَدَّهُ فُقَرَاؤُهَا (وَيَخْتَصُّ بِهِ) وُجُوبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَغَيْرُهُ (فُقَرَاؤُهُمْ) لِأَنَّ الْقَصْدَ الْقُرْبَةُ وَالثَّوَابُ (وَسَنُوَضِّحُ الْأَقْرَبَ) وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْوَصِيَّةِ لَهُ) فَإِنْ عُدِمَتْ أَقَارِبُهُ، أَوْ كَانَ الْوَاقِفُ الْإِمَامَ وَوَقَفَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ صُرِفَ الرِّيعُ إلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِ نَصُّ الْبُوَيْطِيِّ فِي الْأَوْلَى وَقَالَ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمْ فِيهَا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ وَقِيَاسُ اعْتِبَارِ بَلَدِ الْمَالِ فِي الزَّكَاةِ اعْتِبَارُ بَلَدِ الْوَقْفِ حَتَّى يَخْتَصَّ بِفُقَرَائِهِ وَمَسَاكِينِهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

[الشرط الثاني التنجيز]

(الشَّرْطُ الثَّانِي التَّنْجِيزُ فَإِنْ عَلَّقَهُ) كَوَقَفْتُ دَارِي إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ، أَوْ قَدِمَ فُلَانٌ (بَطَلَ) كَالْهِبَةِ وَمَحَلُّهُ فِيمَا لَا يُضَاهِي التَّحْرِيرَ أَمَّا مَا يُضَاهِيهِ كَ جَعَلْتُهُ مَسْجِدًا إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَيَنْبَغِي صِحَّتُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَإِنْ وَقَفَ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ) لَهُ مَثَلًا (أَوْ) عَلَى (مَسْجِدٍ سَيُبْنَى، أَوْ عَلَى وَارِثِهِ فِي الْمَرَضِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ) وَقْفَهُ (أَوْ عَلَى زَيْدٍ، وَرَدَّهُ، ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ " عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَرَدَّهُ زَيْدٌ " (فَهُوَ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ وَهُوَ بَاطِلٌ) لِانْقِطَاعِ أَوَّلِهِ وَصَحَّحَ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ الصِّحَّةَ فِيمَا عَدَا الرَّدَّ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَالْمَعْرُوفُ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ الْأَوَّلُ (وَمُنْقَطِعُ الْوَسَطِ كَ وَقَفْتُ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى الْعَبْدِ نَفْسِهِ، ثُمَّ الْفُقَرَاءِ جَائِزٌ) كَمُنْقَطِعِ الْآخِرِ (فَيُصْرَفُ فِي الْوَسَطِ) أَيْ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْأَوَّلِ (لِأَقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ) مِثْلُ مَا مَرَّ فِي مُنْقَطِعِ الْآخِرِ (فَإِنْ قَالَ) وَقَفْته (عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ عَلَى رَجُلٍ، ثُمَّ) عَلَى (الْفُقَرَاءِ فَهُوَ بَعْدَ زَيْدٍ لِلْفُقَرَاءِ) لَا لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ أَمَدِ الِانْقِطَاعِ وَهَذَا أَخَذَهُ مِنْ تَفْرِيعِ الْأَصْلِ لَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ مُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ.

[الشرط الثالث الإلزام للوقف]

(الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْإِلْزَامُ) لِلْوَقْفِ (فَمَتَى شَرَطَ الْخِيَارَ فِيهِ) لِنَفْسِهِ، أَوْ لِغَيْرِهِ (أَوْ) شَرَطَ (عَوْدَهُ إلَيْهِ بِوَجْهٍ مَا) كَأَنْ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَهُ (بَطَلَ) كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ لَكِنْ أَفْتَى الْقَفَّالُ بِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَبْطُلُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَلَبَةِ وَالسِّرَايَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ بُطْلَانِ الْعِتْقِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ (وَكَذَا) يَبْطُلُ (لَوْ شَرَطَ) لِنَفْسِهِ (أَنْ يَزِيدَ) فِيهِ (أَوْ يَنْقُصَ) مِنْهُ (مَنْ شَاءَ، أَوْ يُقَدِّمَ وَيُؤَخِّرَ) مَنْ شَاءَ إذَا وَضَعَ الْوَقْفَ عَلَى اللُّزُومِ.

[الطرف الثاني في شروط الوقف وهي أربعة]

[الشرط الأول التأبيد]

ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الطَّرَف الثَّانِي فِي شُرُوط الْوَقْف وَهِيَ أَرْبَعَة] [الشَّرْط الْأَوَّل التَّأْبِيد]

قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عَقَّبَهُ بِمَصْرِفٍ آخَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ) عَنْ الْخُوَارِزْمِيَّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَقَالَ فِي الْبَيَانِ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ يَصِحُّ قَوْلًا وَاحِدًا وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَاعْلَمْ أَنَّ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طَوِيلِ الْمُدَّةِ وَقَصِيرِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيمَا لَوْ قَالَ وَقَفْته عَلَى الْفُقَرَاءِ أَلْفَ سَنَةٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَبْعُدُ بَقَاءُ الدُّنْيَا إلَيْهِ أَنَّهُ يَصِحُّ وَهُوَ يُوَافِقُ مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ تَأْجِيلِ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ بِذَلِكَ وَلَكِنْ يَكُونُ الْمُرَادُ حِينَئِذٍ تَأْبِيدَ الْوَقْفُ بِمُدَّةِ بَقَاءِ الدُّنْيَا فَلَا يَرِدُ عَلَى إطْلَاقِهِمْ وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا يُضَاهِيهِ) أَيْ كَالْمَسْجِدِ، وَالْمَقْبَرَةِ وَالرِّبَاطِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ بَعْدَهُمْ لِلْأَقْرَبِ رَحِمًا إلَى الْوَاقِفِ) اُسْتُشْكِلَ بِالزَّكَاةِ وَسَائِرِ الْمَصَارِفِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهَا وَلَا الصَّرْفُ مِنْهَا إلَى الْأَقَارِبِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ لَهَا مَصْرِفًا مُعَيَّنًا فَلَمْ تَتَعَيَّنْ الْأَقَارِبُ وَهُنَا لَيْسَ مَعَنَا مَصْرِفٌ، وَالْمَصْرِفُ إلَى الْأَقَارِبِ أَفْضَلُ فَعَيَّنَّاهُ.

(قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَغَيْرُهُ) وَقَالَ الرُّويَانِيِّ فِي التَّجْرِبَةِ: وَغَلِطَ مَنْ قَالَ غَيْرَهُ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي التَّوْشِيحِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْخِلَافَ مُخْتَصٌّ بِمَا إذَا كَانَ لَهُ أَقَارِبُ فُقَرَاءُ وَأَغْنِيَاءُ أَمَّا إذَا تَمَحَّضَ أَقَارِبُهُ أَغْنِيَاءَ تَعَيَّنَ الصَّرْفُ إلَيْهِمْ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدِي هَذَا فِي الْمُحَاكَمَاتِ وَحَكَمْت بِهِ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَمَا قَالَهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ فَقَدْ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ لَوْ كَانَ الْكُلُّ أَغْنِيَاءَ فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانُوا فُقَرَاءَ وَانْقَرَضُوا وَقَدْ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي ذَلِكَ إنَّهُ يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّ الْإِمَامَ يَجْعَلُهَا حَبْسًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ تُصْرَفُ غَلَّتُهَا فِي مَصَالِحِهِمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ إذَا رَجَعَ الْوَقْفُ إلَى أَقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ بِسَبَبِ الِانْقِطَاعِ وَلَهُ أَقْرِبَاءُ فُقَرَاءُ فِي دَرَجَةٍ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُفَضَّلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ قَالَ وَالِدِي الْإِمَامُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فِي الْمَحْصُورِينَ كَالْإِضَافَةِ مِنْ جِهَةِ الْآدَمِيِّينَ فِي اقْتِضَاءِ التَّسْوِيَةِ.

وَالثَّانِي يَجُوزُ لِأَنَّ الصَّرْفَ إلَيْهِمْ بِاجْتِهَادٍ وَهُوَ أَنَّهُ أَوْلَى الْقُرُبَاتِ (قَوْلُهُ: يَخْتَصُّ بِفُقَرَائِهِ) قَالَ شَيْخُنَا صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ بِعَدَمِ اخْتِصَاصِهِ بِهِمْ.

[الشَّرْط الثَّانِي التَّنْجِيز]

(قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[الشَّرْط الثَّالِث الْإِلْزَام لِلْوُقْفِ]

(قَوْلُهُ: لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ) أَمَّا إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَلَا يَبْطُلُ (قَوْلُهُ: أَوْ شَرَطَ عَوْدَهُ إلَيْهِ إلَخْ) مُقْتَضَى كَلَامِ الدَّارِمِيِّ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَا لَوْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ فَإِنَّهُ قَالَ إنْ شَرَطَ أَنَّ لَهُ بَيْعَهُ، أَوْ نَقْضَهُ، أَوْ الِاسْتِبْدَالَ بِهِ وَمَا شَاءَ مِنْهُ بَطَلَ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِهِ حَاكِمٌ يَجُوزُ حُكْمُهُ وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ لَوْ شَرَطَ فِي الْوَقْفِ شَرْطًا لَا يَصِحُّ مَعَهُ الْوَقْفُ فَحُكِيَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ أَنَّهُ قَالَ الشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَالْوَقْفُ صَحِيحٌ وَعِنْدَ أَصْحَابِنَا الْوَقْفُ بَاطِلٌ فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ الْكِتَابِ إنَّهُ قَدْ رُفِعَ إلَى حَاكِمٍ فَأَمْضَى ذَلِكَ عَلَيْهِ وَصَحَّحَهُ وَأَلْزَمَهُ ذَلِكَ صَحَّ الْوَقْفُ وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ سَبِيلٌ إلَى نَقْضِ الْوَقْفِ اهـ وَقَالَ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ إنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا (قَوْلُهُ: لَكِنْ أَفْتَى الْقَفَّالُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْإِمَامِ) وَغَيْرِهِ الْقَطْعَ بِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015