وَمِنْهَا: المشهد الْمَنْسُوب لأبي بن كَعْب بالجانب الشَّرْقِي من دمشق مَعَ اتِّفَاق الْعلمَاء على أَنه لم يقدمهَا فضلا عَن دَفنه فِيهَا. وَمِنْهَا:
الْمَكَان الْمَنْسُوب لِابْنِ عمر بالمعلاة بِمَكَّة لَا يَصح نسبته إِلَيْهِ من وَجه، وَإِن اتَّفقُوا على أَنه توفّي فِيهَا. وَمِنْهَا: الْمَكَان الْمَنْسُوب لعقبة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ فِي قرافة مصر، وَإِنَّمَا نسب إِلَيْهِ لمنام رَآهُ بَعضهم بعد مُدَّة طَوِيلَة. وَمِنْهَا: الْمَكَان الْمَنْسُوب لأبي هُرَيْرَة بعسقلان، فقد جزم بعض الْحفاظ الشاميين بِأَنَّهُ قبر حيدة بن خشينة، وَلَكِن جزم ابْن حبَان بِالْأولِ. وَمِنْهَا: الْمَكَان الْمَشْهُور بالمشهد الْحُسَيْنِي بِالْقَاهِرَةِ، إِذْ لَيْسَ الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ مَدْفُونا بِهِ بالِاتِّفَاقِ؛ لِأَن الْقَاهِرَة بناها عبد القاهر الفاطمي العبيدي، ودولتهم كَانَت فِي الْقرن الرَّابِع، فَلَعَلَّ الفاطميين هم الَّذِي عمروا المشهد الْحُسَيْنِي؛ لأَنهم عظموا أهل الْبَيْت ونسبوا أنفسهم إِلَى الْحُسَيْن، وهم كاذبون. أما جسم الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ، فبكربلاء من أَرض الْعرَاق مَحل قَتله، وَأما رَأسه الشريف فَقيل: فِي المشهد، وَلم يَصح لما علمت، وَقيل: حمل راسه إِلَى الشَّام، وجهزه يزِيد بن مُعَاوِيَة وأرسله إِلَى الْمَدِينَة ليدفن عِنْد أَهله فَدفن بقبة الْعَبَّاس عِنْد أمه وأخيه الْحسن، وَقيل: وضع يزِيد رَأس الْحُسَيْن فِي قبر أَبِيه مُعَاوِيَة، وَقيل: فِي الْمَسْجِد على عَمُود ستره، وَقيل: على سور الْبَلَد وستره، وَالله أعلم. وَأما قَول أهل الْبَاطِن: أَن الْمَيِّت فِي البرزخ كالحجر فِي تيار المَاء يُرِيدُونَ أَنه ينْتَقل من مَكَان إِلَى مَكَان وَأَن الْحُسَيْن نقل فِي البرزخ إِلَى الْمَكَان الْمَشْهُور، فَهَذَا لَا يثبت غلا بِحجَّة صَحِيحَة، وَلَا حجَّة بذلك، فَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ. وَمِنْهَا الْمَكَان الْمَعْرُوف بالسيدة نفيسة بنت الْحسن بن زيد بن الْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُم، فقد ذكر بعض أهل الْمعرفَة أَن خُصُوص هَذَا الْمحل الَّذِي يزار لَيْسَ هُوَ قبرها، وَلكنهَا فِي تِلْكَ الْبقْعَة، وَالله أعلم.
نقل الْقَارِي عَن الْجَزرِي أَنه لَا يَصح تعْيين قبر نَبيا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نعم السَّيِّد إِبْرَاهِيم صلوَات الله عَلَيْهِ فِي الْخَلِيل لَا بِخُصُوص تِلْكَ الْبقْعَة.
(فَائِدَة:)
قُبُور الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم مَوْجُودَة بِمَكَّة لَكِنَّهَا غير مَعْرُوفَة، كَمَا ذكره الْأَعْلَام حَتَّى قبر السيدة خَدِيجَة إِنَّمَا نسب إِلَيْهَا على مَا وَقع لبَعْضهِم فِي الْمَنَام.