المبحث الثاني المؤسسة القضائية

المبحث الثاني

المؤسسة القضائية

ولى الخلافة أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه، واقترنت توليته التي نجمت عن قتل عثمان وما تبعها من أحداث شقت صف المسلمين وفرقت كلمتهم، وأصبحت مواجهة تلك الأحداث لرأب الصدع شغله الشاغل، ولم يكن هذا الصراع الدامي في عهد على رضي الله عنه مانعًا له من أن يعطى للقضاء نصيبًا من الاهتمام به وتنظيمه، ويدل على هذا رسالته (?) التي أرسلها إلى الأشتر النخعي واليه على مصر حين كانت تابعة لحكمه، وفيها يقول: ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الأمور، ولا تمحكه الخصوم، ولا يتمادى في الزلة، ولا يحصر في الفئ إلى الحق إذا عرفه، ولا تستشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، وأوقفهم في الشبهات، وآخذهم بالحجج، وأقلهم تبرمًا بمراجعة الخصوم، وأصبرهم على كشف الأمور، وأصرمهم على اتضاح الحكم، ممن لا يزدهيه إطراء، ولا يستميله إغراء، وأولئك قليل، ثم أكثر من تعاهد قضائه، وأفسح له في البذل ما يزيل علته، وتقل معه حاجته إلى الناس، وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك، ليأمن بذلك اغتيال الرجال عندك (?).

وفي هذه الرسالة أيضًا: أنصف الله، وأنصف الناس من نفسك، ومن خاصة أهلك، ومن لك فيه هوى من رعيتّك، فإنك إلا تفعل تَظْلم، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجته، وكان لله حربًا، حتى ينزع أو يتوب. وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله، وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم، فإن الله سميع دعوة المضطهدين، وهو للظالمين بالمرصاد (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015