المبحث الرابع
أ - منهجهم في التلقي (مصادر الدين ومنهج الاستدلال)
هو منهج أهل السنة يتميز المنهج الذي عليه الإمام محمد بن عبد الوهاب وأتباعه وعامة أهل السنة والجماعة قديمًا وحديثًا في مصادر الدين ومنهج التلقي والاستدلال بالأصالة والسلامة والثبات واليقين.
فقد التزموا المنهج الشرعي السليم الذي عليه علماء الأمة من أهل الحديث والفقه والأصول، من سلامة مصادر التلقي ومراعاة قواعد الاستدلال، فهم يعتمدون في تلقي الدين وتقريره والعمل به على الدليل من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الصحيحة (الوحي) .
وإجماع السلف معتبر عندهم؛ لأن الإجماع لا يكون إلا على ما له دليل من الكتاب والسنة، كما يعتمدون أقوال علماء الأمة المعتبرين من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وأتباعهم وغيرهم ...
ويعتمدون في الاستدلال على المنهج الشرعي السليم، منهج السلف الصالح، على ما يأتي بيانه في قواعد الاستدلال عندهم.
وهم يستخدمون ما أنعم الله به على عباده من الفطرة النقية والعقل السليم في فهم كلام الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واستنباط الدلالات والأحكام منهما، والاجتهاد والفقه في دين الله تعالى.
ويستخدمون العقل في التفكر في خلق الله وآلائه ونعمه، والتوصل بذلك إلى عبادة الله تعالى وذكره وشكره بما شرع.
كما يستخدمون العقل وسائر المواهب التي منحها الله للإنسان في الاجتهاديات والعلوم الطبيعية في عمارة الأرض والاستخلاف فيها وبذل الأسباب؛ أسباب الرزق والقوة والعزة والتمكين، وأسباب النجاح والفلاح وسعادة البشرية في الدنيا والآخرة على ما شرعه الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لكنهم يتجنبون مسالك أهل الأهواء من الفلاسفة والعقلانيين والمتكلمين، ومن سلك سبيلهم من تقديس العقل القاصر المحدود الفاني، المعرض لعوارض النقص وتقديمه على الوحي المعصوم الكامل (كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) .