والتسامح، ويحبون العفو عند المقدرة كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل. لذا نجد أن الأمير سعود استجاب لطلب أشراف مكة وعلمائها، بل والعامة في ضمان أمنهم وحقوقهم، رغم أنهم كانوا قد عزموا على حشد الحشود لصد أهل الحق. أما ما أصاب بعض أهل البدع من الرعب آنذاك فهو من مظاهر النصر التي وعد الله بها المؤمنين الصادقين المتقين كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: « «ونصرت بالرعب مسيرة شهر» (?) . قال:
«بعد أن طلب أشراف مكة، وعلماؤها وكافة العامة من أمير الغزو [سعود] الأمان، وقد كانوا تواطئوا مع أمراء الحجيج، وأمير مكة على قتاله، أو الإقامة في الحرم، ليصدوه عن البيت، فلما زحفت أجناد الموحدين ألقى الله الرعب في قلوبهم، فتفرقوا شذر مذر، كل واحد يعد الإياب غنيمة، وبذل الأمير حينئذٍ الأمان لمن بالحرم الشريف» (?) .
دخولهم كان بملابس الإحرام والنسك: فقد دخلوا بمنتهى التواضع والتذلل لله تعالى، معلنين للتوحيد، كما أعلنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، غير متلبسين بشيء من البدع والمحدثات، ولا المنكرات التي يفعلها في هذه المواقف وغيرها كثيرون، كما أنهم لم يدخلوا بالقتال، ولم يريقوا الدماء كما يزعم كثيرون من خصومهم والجاهلين بحالهم. قال:
«ودخلنا وشعارنا التلبية، آمنين محلقين رؤوسنا ومقصرين، غير خائفين من أحد من المخلوقين، بل من مالك يوم الدين» (?) .
أدبهم وانضباطهم في مكة المكرمة: وكانوا أثناء دخولهم لمكة المكرمة على غاية السكينة، والانضباط والأدب وتعظيم شعائر الله تعالى، بخلاف ما يشيعه عنهم خصومهم والجاهلون بحقيقة أمرهم من أنهم