والافتراق) بأن الإمام وأتباعه جاءوا ببدع من الدين، أو مذهب خامس، أو أنهم متشددون ومتزمتون، أو أنهم خوارج، ونحو ذلك من المفتريات، إنما هو من البهتان؛ لأن حقيقة الدعوة ومنهجها وواقعها (من أئمتها وعلمائها ودولتها وأتباعها، وكذلك آثارها ومؤلفاتها وجميع أحوالها) تدل على خلاف ما يزعم خصومها والجاهلون بحقيقتها، ومن أراد الحقيقة فليرجع إلى ذلك كله أو بعضه وليتأمل ويدرس وينظر إلى المسألة بتجرد وموضوعية وعدل.
وسيتوصل (إن سلم من الهوى) إلى ما توصل إليه المنصفون والباحثون المتجردون من المفكرين والعلماء وغيرهم، كما سأذكر نماذج من شهاداتهم في آخر هذا المؤلف إن شاء الله.
وبالجملة فإن أبرز معالم هذا المنهج الذي قامت عليه الدعوة ولا تزال بحمد الله:
1 - الدخول في الدين كله وتطبيق شمولية الإسلام منهاجًا للحياة في العقيدة والأحكام والعلم والعمل والتعامل في حياة الفرد والجماعة، والدولة والأمة والبشرية كلها.
2 - سلامة مصادر التلقي ومنهج الاستدلال، بالاعتماد على القرآن وصحيح السنة وآثار السلف الصالح على المنهج الشرعي السليم.
3 - الاقتداء والاتباع لمنهج السلف وسبيل المؤمنين أهل السنة والجماعة.
4 - تحقيق غايات الدين: من التوحيد والسنة والفضائل والعدل، ونفي ما يضادها من الشركيات والبدع والمنكرات والظلم، والسعي إلى كل ما يسعد الإنسان ويليق بكرامته في الدنيا والآخرة.
5 - القيام بواجب النصيحة لله تعالى ولكتابه ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ولأئمة المسلمين وعامتهم. كما أوصى بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح قال: «الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم» (?) .
6 - الاستعداد لليوم الآخر، والفوز بالجنة والنعيم الأبدي الذي لا يحصل إلا برضى الله وطاعته وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، واتباع شرعه، كما قال الله سبحانه في سورة العصر: {وَالْعَصْرِ - إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ - إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1 - 3] [سورة العصر، الآيات: 1 - 3] .
هذا وسنعرض في المباحث التالية ما يثبت التزام الإمام محمد بن عبد الوهاب وأتباعه لنهج السلف الصالح في الدين جملة وتفصيلًا. والله المستعان.