وكل شعوب العالم ودوله لها خصوصياتها ومناهجها في قوانينها وأنظمتها الخاصة في قانون الجزاء والعقوبات وغيرها.
ويبقى النظر في المصالح المتحققة من جراء القانون ومدى إعطائه أثره ونتيجته كحافظ للأمن ومثبت لاستقرار الناس في معاشهم وتنقلاتهم وأخلاقهم. وقد أثبت نظام العقوبات والحدود في الإسلام (والذي تعتز به المملكة) أنه الأنفع والأجدى في حفظ الضرورات الخمس (الدين والعقل والنفس والمال والنسب) وفي الردع والعدل، وليس من الإنصاف انتزاع مادة من قانون أو حكم من شريعة وإبرازه وكأنه مثلبة في هذا القانون أو ذاك. ولكن نظرة الإنصاف تقتضي النظر إلى النظام كله، شروط الجريمة وتحققها وشروط إيقاع الجزاء وأسباب ذلك.
على سبيل المثال: من أشهر العقوبات قطع يد السارق وقتل المفسد في الأرض وقتل المرتد.
أما عن قطع يد السارق، وقتل المفسدين في الأرض فإنك تجد في تاريخ الإسلام الطويل أن تنفيذها كان في حالات يسيرة، ليس لأنها غير عملية، وإنما من أجل الأمان الذي تحققه الشريعة في صرامة العقوبة، ثم الشروط الموضوعة لتطبيقها، حيث تدرأ الحدود بالشبهات، ثم إن قطع يد واحدة أو قتل مجرم تكون فيه حماية للملايين من الأجيال بهذا الرادع الفردي.
وقبل ذلك كله أن الله تعالى هو الذي حكم في كتابه الكريم بقطع يد السارق فقال: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38] [سورة المائدة، آية: 38] وحتى يكون الأمر أكثر واقعية نستشهد بالواقع المعاصر بقوانينه ونظمه.
إن الأمم المعاصرة وبخاصة دول الغرب قد ملكت أسلحة فتاكة وأجهزة نفاذة وتقنيات متقدمة ووسائل دقيقة واستكشافات باهرة وبخاصة في مجال مكافحة الجريمة، وبحوثًا ودراسات وطرقًا في الملاحقات وتتبع المجرمين، إضافة إلى التوعية الإعلامية الواسعة للجمهور والاستنارة بالثقافة والتقدم العلمي والوعي المعرفي للأفراد والجماعات، وعلى الرغم من كل ذلك فإن الجريمة تستفحل ويزداد المجرمون عتوًا وطغيانًا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن تركيزهم منصب على استصلاح المجرمين وتهذيب الأشرار، وقد أرادوا أن يجعلوا من السجون أماكن تهذيب وعنابر إصلاح، واعتبروا المجرمين مرضى أحق بالعلاج منهم