أما الآن فقد قضى نظام الحكم الجديد (?) على تلك المظالم والبدع السخيفة، ووضع أولئك المطوفين تحت مراقبة شديدة، فإن أقل شكاة يرفعها أحد الحجاج ضد أحدهم تكون كافية لإبعاده عن حظيرة المطوفين.

أما مشكلة الأمن العام التي كانت هي في الواقع أم المشاكل ورأس كل الخطايا مما كان يحسب له المسلمون الراغبون في حج بيت الله الحرام أكبر حساب، فقد كانت في طليعة المشاكل التي استطاعت الحكومة الجديدة حلها على أهون سبيل، فمنذ حل حكم الشرع محل القانون المدني والجنائي، وأدرك دعاة الشر والإجرام ما هو حكم الشرع حيالهم، نزعوا عنهم ثيابهم، وغسلوا أيديهم من أوزار الماضي، ووضعوا أنفسهم رهن ما يقضي به حكم الشرع إذا ما حدثتهم نفوسهم بمخالفة ما تقضي به هاتيك الأحكام، فكان أهم ما انقطع دابره تلك الفعلة المشئومة التي كان يلجأ إليها لصوص الصحراء وقطاع الطرق الذين كانوا يستدينون الأموال من بعضهم بعضًا على أن يقوموا بسدادها من أسلاب الحجاج وما يغنمونه من أموالهم، فقد عمد الملك عبد العزيز فوق اعتماده على إنفاذ حكم الشرع إلى بسط يده بالإحسان إلى فقراء هؤلاء البدو، وبذلك أمنت القوافل التجارية على ما تحمله من بضائع وسلع مهما بلغت قيمتها، وأمن الحجاج كذلك على أرواحهم ومتاعهم، يدلك على ذلك أن رجال المحمل المصري عندما سافروا في العام الماضي أثبت سعادة أمير الحج في تقريره لولاة الأمور أن عصابات البدو التي اعتادت غزو المحمل ورجاله لم يبق لها أثر في الحجاز، وفي هذا العام سافر الحجاج المصريون وعادوا دون أن يصيبهم أقل اعتداء، حتى قال لنا أحد الحجاج: «إن امرأة مصرية تستطيع أن تبرح مصر بمفردها وتقصد إلى قلب الحجاز وتقوم بفريضة الحج ثم تعود دون أن يصيبها أقل مكدر» والظاهر أن استقرار حالة الأمن حملت أحد أعضاء مجلس الشيوخ المصري على التصريح رسميًا بأن المحمل وحرسه أصبح بدعة يجب إبطالها، وقد تألفت لجنة خاصة للنظر في هذه المسألة» (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015