كذلك نجم عن أثر هذه الدعوة السلفية في اليمن أن أقبل الناس في بلدان مختلفة بتلك الأنحاء على تطهير معتقداتهم، والتخلص مما علق بأذهانهم من شوائب الشرك والاعتقاد في غير الله، فقد سعى صالح بن حسين أبو حيدر في أوائل النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري إلى نهي الناس عن التبرك ببعض القبور بهمدان، والاعتقاد فيها، كما أن رجالًا من غيل همدان نفسه قد خلعوا التابوت الذي كان موجودًا بمسجد عبيد ببلدتهم، إذ فتن الناس به من أهل همدان وغيرها، وكانوا ينادونه يا عبيدة (?) ونحوه، وتلك الأعمال دون شك من آثار الدعوة السلفية باليمن في مجال تطهير الاعتقاد ونبذ البدع، إذ إن بروز هذا الجانب في نشاط الدعوة السلفية بتلك الأنحاء يدل على اهتمام دعاتها والقائمين عليها بدفع هذا الباطل من أن يمس العقيدة ووحدانية الله، مما أوجد أثرًا حقيقيًّا في بقية أنواع البدع الأخرى (?) التي بدأ الناس في اليمن يهذبون أنفسهم من درنها ويتخلصون من شيوعها في مجتمعاتهم.
ومما تقدم يتجلى أثر هذه الدعوة السلفية في هذه المجتمعات الواسعة من جنوبي الجزيرة العربية. وذلك على الرغم من وفرة الاتجاهات الدينية وتعدد المعتقدات الباطلة في غير الله، فقد تفاوتت أزمان ذلك التأثير ومراحله، إذ بدأ منذ أوائل القرن الثالث عشر الهجري، ثم انحسر مده السياسي والديني فلم يبق أثره إلا في عسير وما حولها، وما لبث أن عاد مرة أخرى في غضون القرن الرابع عشر الهجري، حيث جدد الملك عبد العزيز آل سعود أمر هذه الدعوة، ودعا إلى نبذ ما يخالفها في القول والعمل، مما جعل فائدتها تعم أرجاء الجزيرة العربية، وتؤثر في مدارك الناس، فقد تخلوا عما ألفوه من البدع والمعتقدات الباطلة من قبل، وأخذوا في العمل بالكتاب والسنة "بدلًا من الأعراف والعادات وتحكيم الأشخاص" (?) » (?) .
وعن أثر الدعوة في العالم الإسلامي يقول الدكتور محمد كامل ضاهر: