سعود قاضيا وهابيا ليحل محل الحاكم الزنجي الذي كان قد عينه الشريف في مكة، ومنذ ذلك الحين ساد المدينة نظام جديد، فقد عهد إلى الشرطة الخاصة بالمحافظة على مواعيد الصلاة أن تجوب المدينة لحمل الناس على حضور الصلاة العامة خمس مرات في اليوم، وكان الصناعيون والتجار يجدون أنفسهم مضطرين إلى ترك مشاغلهم وحوانيتهم لأداء تلك الفريضة " (?) .
ويقول ر. ب. ويندر في كتابه: " العربية السعودية في القرن التاسع عشر ":
" ونحن لا نعرف إن كانت الوهابية تستطيع مواجهة عصر الذرة والفضاء، ولكن أحدا لا ينكر قيمتها وأثرها في الفكر الإسلامي الحديث، وأنها استطاعت الانتقال من " الواقعية " إلى " المثالية "، ومما كان عليه الإسلام إلى ما يجب أن يكون عليه، وبقيت محتفظة " بحيويتها " وفكرتها التحريرية.
ويقول المستشرق الفرنسي هنري لاوست بعد أن ذكر حركة الأفغاني ومحمد عبده:
" ويطلق لقب السلفية أيضا على الحركة الوهابية؛ لأنها أرادت إعادة الإسلام إلى صفائه الأول في عهد السلف الصالح، ولكن كلمة السلفية ليست خاصة بالوهابيين أو الحنابلة، ففي كل المذاهب السنية سلفيون " (?) .
وكتبت (معلمة الإسلام) في نسختها الإنكليزية، تحت عنوان " الوهابية " ما يلي:
" غاية الوهابية تطهير الإسلام، وتجريده من البدع التي أدخلت عليه بعد القرن الثالث الهجري، ولذلك نراهم يعترفون بالمذاهب الأربعة وبكتب الحديث الستة " (?) .
ويقول الكاتب الأمريكي لوثروب ستودارد في كتابه (حاضر العالم الإسلامي) :
" في القرن الثامن عشر كان العالم الإسلامي قد بلغ من التضعضع أعظم مبلغ، ومن التدني والانحطاط أعمق درجة، فاربد جوه، وطبقت الظلمة كل صقع من أصقاعه ورجا من أرجائه، وانتشر فيه فساد الأخلاق والآداب، وتلاشى ما كان باقيا من آثار التهذيب العربي، واستغرقت الأمم الإسلامية في اتباع الأهواء والشهوات، وماتت الفضيلة في الناس، وساد الجهل، وانطفأت قبسات العلم الضئيلة ".