والمحدثات، ومنها ما يفعله الجهلة وأهل البدع من إلقاء النفائس في الحجرة، فأخذها الإمام سعود بن عبد العزيز وعرض أمرها على العلماء، فأفتوه بصرفها في مصالح المسلمين، وهذا مما يجب أن يحمد له، لكن أهل البدع صوروا ذلك على أنه من الكبائر العظيمة.
يقول الجبرتي في ذلك: " ويذكرون أن الوهابي استولى على ما كان بالحجرة الشريفة من الذخائر والجواهر، ونقلها وأخذها، فيرون أن أخذه لذلك من الكبائر العظام ".
ثم قال الجبرتي مبينا أن أصل وجود الذخائر في الحجرة من البدع والخرافات: " وهذه الأشياء أرسلها ووضعها خساف العقول من الأغنياء والملوك والسلاطين الأعاجم وغيرهم، إما حرصا على الدنيا وكراهة أن يأخذها من يأتي بعدهم أو لنوائب الزمان، فتكون مدخرة ومحفوظة لوقت الاحتياج إليها، فيستعان بها على الجهاد ودفع الأعداء، فلما تقادمت عليها الأزمنة وتوالت عليها السنين والأعوام الكثيرة وهي في الزيادة، فارتدت معنى لا حقيقة، وارتسم في الأذهان حرمة تناولها، وأنها صارت مالا للنبي صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز لأحد أخذها ولا إنفاقها، والنبي عليه الصلاة والسلام منزه عن ذلك، ولم يدخر شيئا من عرض الدنيا في حياته، وقد أعطاه الله الشرف الأعلى، وهو الدعوة إلى الله تعالى والنبوة والكتاب، واختار أن يكون نبيا عبدا، ولم يختر أن يكون نبيا ملكا.
وثبت في الصحيحين وغيرهما أنه قال: " «اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا» " (?) وروى الترمذي بسنده عن أبي أمامة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " «عرض علي ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا، قلت: لا يا رب، ولكن أشبع يوما وأجوع يوما، أو قال ثلاثا أو نحو ذلك، فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك، وإذا شبعت شكرتك وحمدتك» " (?) ثم إن كانوا وضعوا هذه الذخائر والجواهر صدقة على الرسول ومحبة فيه فهو فاسد [فهو] (?) لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " «إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس» " (?)