«ولا يخفى عليك أن لفظًا من ألفاظ هذا الحديث، لا يقتضي أن كل من يولد في المشرق يكون مصداقًا لهذا الحديث حتى يثبت ما ادعاه المؤلف» .
ثم قال: «ومجرد وقوع الفتنة لا يستلزم ذم كل من يسكنه، بدليل ما رواه الشيخان عن أسامة بن زيد قال: أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم من آطام المدينة، فقال: « «هل ترون ما أرى؟» قالوا: لا قال: «فإني لأرى الفتن تقع من خلال بيتكم كوقع المطر» » (?) (?) .
وذكر المؤلف أحاديث أخرى، ثم قال: «وهذه الأحاديث وغيرها مما ورد في هذا الباب دالة على وقوع الفتن في المدينة النبوية، فلو كان وقوع الفتن في موضع مستلزمًا لذم ساكنيه لزم ذم سكان المدينة كلهم أجمعين، وهذا لا يقول به أحد، على أن مكة والمدينة كانتا في زمن موضع الشرك والكفر، وأي فتنة أكبر منهما؟ بل وما من بلدٍ أو قريةٍ إلا وقد كانت في زمن أو ستصير في زمان موضع الفتنة، فكيف يجترئ مؤمن على ذم جميع مسلمي الدنيا؟ وإنما مناط ذم شخص معين كونه مصدرًا للفتن من الكفر والشرك والبدع» .
ثم ذكر السهسواني الروايات التي تثبت أن العراق هو المراد في أحاديث الفتن في نجد، وأنه المشرق بالنسبة للمدينة المنورة (?) .
ويقول محمود شكري الآلوسي عن بلده العراق- والتي هي في الحقيقة نجد قرن الشيطان -: «ولا بدع فبلاد العراق معدن كل محنة وبليّة، ولم يزل أهل الإسلام منها في رزية بعد رزيّة، فأهل الحروراء وما جرى منهم على الإسلام لا يخفى، وفتنة الجهمية الذين أخرجهم كثير من السلف من الإسلام إنما خرجت ونبغت بالعراق، والمعتزلة وما قالوه