المبحث السادس
قضايا أخرى مناقشة دعوى أنهم خوارج وأن سيماهم التحليق: ومن أعظم المفتريات التي أشاعها خصوم الدعوة والجاهلون بأصولها ومنهجها وواقعها - اتهام إمامها وأتباعها وولاتها بأنهم خوارج.
وألصقوا فيهم ما ورد من صفات الخوارج ونحوها، كالتكفير بالذنوب، واستحلال الدماء، والتحليق، وأنهم قرن الشيطان، وأتباع مسيلمة وقد ناوؤا هذه الدعوة ودولتها بهذه الدعاية، فأوهموا كثيرًا من المسلمين والجنود التي تقاتل في صفوفهم بأنهم يقاتلون الخوارج الذين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتالهم.
وهذه الدعوى من إحدى الكُبَر والبهتان العظيم.
فإن الناظر لحقيقة الدعوة في عقيدتها ومنهجها وأحكامها ومعاملاتها وما كتبه علماؤها من المصنفات والرسائل والمحاورات والردود، وما كتبه عنها المنصفون والمحايدون من المسلمين وغير المسلمين يجد الحقيقة بينة جلية في أن الدعوة - إمامها وعلماءها ودولتها وأتباعها بريئون من مذهب الخوارج براءة الذئب من دم يوسف.
فإن من يعيرهم الآخرون (بالوهابية) إنما هم - كما أسلفت - يمثلون أهل السنة والجماعة السلف الصالح، فهم على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين وأئمة الدين من الأئمة الأربعة، ومن كان على منهاجهم من العلماء المعتبرين.
فمصادرهم: القرآن وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقدوتهم: الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته - رضي الله عنه - والسلف الصالح.
وغايتهم: تحقيق التوحيد ومستلزماته، ونفي الشرك وذرائعه، وإقامة فرائض الدين ونشر الفضائل ومكارم الأخلاق.
وشعارهم: الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقبل أن أسوق نبذة من أقوالهم ومواقفهم من بدع الخوارج، أعرض للقارئ مقارنة موجزة بين منهجهم ومناهج الخوارج فمن ذلك: - أن الخوارج (ناصبة) يطعنون في علي - رضي الله عنه - ولا يَعْتَدُّون بإمامته، وقد خرجوا عليه وعلى جماعة المسلمين. وأهل السنة ومنهم أتباع هذه الدعوة يترضون عن علي - رضي الله عنه - ويرونه رابع الخلفاء الراشدين، ولا يرون الخروج عليه ولا على غيره من أئمة المسلمين.