وقوله:
إن لم تكن في معادي آخذًا بيدي ... فضلًا وإلا فقل يا زلة القدم
فإن هذا القول مجازفة وغلو، وفيه مخالفة صريحة لنصوص القرآن والأحاديث الصحيحة؛ وهم - فوق هذا - يعتقدون أن من اعتقد هذا على ظاهره فهو مشرك كافر.
فاتهمهم خصومهم بكراهية النبي. ونسبوا إليهم أقوالًا هم أبرياء منها، نسبوا إليهم القول بأن العصا خير من النبي، إلى غير ذلك من التُّهَم الباطلة. ولقد سمعت في نجد أن حكاية نجد الشمالية أثناء خصومتهم مع آل سعود كانوا يكتبون إلى الأتراك أن آل سعود اتخذوا راية شعارها: لا إله إلا الله مَحَدّ رسول (بحذف ميم محمد) أي لا أحد رسول الله، وهذا كله تنفير للأتراك من خصومهم، وهم يعلمون حق العلم أن هذا كذب.
ولقد حضر إلى مكة أثناء الحرب الحجازية النجدية في سنة 1925م بعض أفاضل السنغاليين وَتِطْوَان، وكانوا أثناء حديثهم يبكون لشدة تأثرهم؛ لقد أخبرونا أنهم سمعوا في الإسكندرية أشياء كثيرة تنسب إلى النجديين، لم يجدوا لها أثرًا في الحجاز، لقد سمعوا من بعض الناس: أن الوهابيين هدموا الكعبة؛ لأنها حجر، وسمعوا أنهم في الأذان يقولون: «أشهد أن لا إله إلا الله» فقط ولا يقولون: «أشهد أن محمدًا رسول الله» .
إن النجديين أحرص الناس على محبة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنهم يكرهون الغلو، ويقاومون البدع مهما كان نوعها، ومهما كان الدافع لها، ويقولون: إن المحبة للرسول صلى الله عليه وسلم هي الاهتداء بهدى الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه، أما الابتداع وتعطيل الشريعة وتقديم الأهواء فهو كراهة لا محبة. وفي القرآن الكريم: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران: 31] [سورة آل عمران، آية: 31] .
ومما ينسب إلى أهل نجد: تكفيرهم من عداهم؛ وهو بلا شك تزوير من خصومهم، وإن وقعت بعض أشياء من بعض جفاة الأعراب والجهال فليس من الإنصاف أن ينسب ذلك إلى أهل نجد.
أما الشيخ ابن عبد الوهاب وتلاميذه: فإنهم لا يكفرون من صحت ديانته، واشتهر صلاحه، وحسنت سيرته، وإن أخطأ في بعض المسائل. ولكنهم يكفرون من بلغته دعوة الحق ووضحت له الحجة وقامت عليه وأصر مستكبراً، هذا في الأفراد» (?) .