الإشراك، ويمتنعون من فعل الواجبات، ويتظاهرون بأفعال الكبائر المحرمات، وغير الغالب إنما نقاتله لمناصرته من هذه حاله، ورضاه به ولتكثير سواد من ذكر، والتأليب معه فله حينئذ حكمه في قتاله، ونعتذر عمن مضى: بأنهم مخطئون معذورون؛ لعدم عصمتهم من الخطأ والإجماع في ذلك ممنوع قطعًا» (?) .
إلى أن قال: «ونحن كذلك: لا نقول بكفر من صحت ديانته، وشهر صلاحه، وعلم ورعه وزهده، وحسنت سيرته، وبلغ من نصحه الأمة، ببذل نفسه لتدريس العلوم النافعة، والتآليف فيها وإن كان مخطئًا في هذه المسألة أو غيرها، كابن حجر الهيتمي، فإنا نعرف كلامه في الدر المنظم، ولا ننكر سعة علمه ولهذا نعتني بكتبه كشرح الأربعين، والزواجر وغيرها، ونعتمد على نقله إذا نقل؛ لأنه من جملة علماء المسلمين.
هذا ما نحن عليه، مخاطبين من له عقل وعلم، وهو متصف بالإنصاف، خال عن الميل إلى التعصب والاعتساف، ينظر إلى ما يقال، لا إلى من قال» (?) .
وقال الإمام سعود بن عبد العزيز في رسالته إلى سليمان باشا والي العراق: «فنقول: نحن بحمد الله، لا نكفر أحدًا من أهل القبلة بذنب، وإنما نكفر لهم، بما نص الله ورسوله، وأجمع عليه علماء الأمة المحمدية، الذين هم لسان صدق في الأمة: أنه كفر كالشرك في عبادة الله غيره، من دعاء ونذر، وذبح وكبغض الدين وأهله، والاستهزاء به، وأما الذنوب كالزنا والسرقة وقتل النفس، وشرب الخمر والظلم، ونحو ذلك فلا نكفر من فعله، إذا كان مؤمنًا بالله ورسوله إلا من فعله مستحلاً له فما كان من ذلك فيه حد شرعي أقمناه على من فعله وإلا عزرنا الفاعل بما يردعه، وأمثاله عن ارتكاب المحرمات.
وقد: جرت المعاصي والكبائر، في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولم يكفروا بها، وهذا مما رد به أهل السنة والجماعة، على الخوارج الذين يكفرون بالذنوب، وعلى المعتزلة الذين يحكمون بتخليده في النار، وإن لم يسموه كافراً، ويقولون: ننزله منزلة بين المنزلتين، فلا نسميه كافرًا ولا مؤمناً، بل فاسقًا وينكرون شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، ويقولون: لا يخرج من النار أحد دخلها بشفاعة ولا غيرها.