سيدي فلان حسبك أو اقض حاجتي أو أنا مستشفع بك إلى ربي؛ كما يقول بعض هؤلاء المشركين لمن يدعونهم من الموتى والغائبين. ولا أحد من الصحابة استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته ولا بغيره من الأنبياء لا عند قبورهم ولا إذا بعدوا عنها ولا كانوا يقصدون قبورهم للدعاء والصلاة عندها. ولهذا ثبت في الصحيح «أن الناس لما قحطوا في زمان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - استسقى بالعباس وتوسل بدعائه، وقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك إذا أجدبنا بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. فيسقون» (?) وكذلك معاوية - رضي الله عنه - لما استسقى بأهل الشام توسل بيزيد بن الأسود الجرشي (?) . فهذا الذي ذكره عمر - رضي الله عنه - توسُّل منهم بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعته في حياته؛ ولهذا توسل بعده بدعاء العباس، وتوسل معاوية بدعاء يزيد بن الأسود. وهذا الذي ذكره الفقهاء في كتاب الاستسقاء، وقالوا: يُستحب أن يستسقى بالصالحين وإذا كانوا من أقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أفضل.

وهذه الأمور المبتدعة عند القبور أنواع: أبعدها عن الشرع من يسأل الميت حاجته كما يفعله كثير من الناس وهؤلاء من جنس عُبَّاد الأصنام، وقد قال الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا - أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} [الإسراء: 56 - 57] [سورة الإسراء، الآيات: 56، 57] الآية. قالت طائفة من السلف كان أقوام يدعون الملائكة والمسيح وعزيرًا فقال الله لهم هؤلاء عبيدي كما أنتم عبيدي يرجون رحمتي كما ترجون رحمتي، ويخافون عذابي كما تخافون عذابي، فكل من دعا نبيًا أو وليًا أو صالحًا وجعل فيه نوعًا من الإلهية فقد تناولته هذه الآية؛ فإنها عامة في كل من دعا من دون الله مدعوا، وذلك المدعو يبتغي إلى الله الوسيلة ويرجو رحمته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015