وكذلك أمراء الحجاز وهم خصومٌ أَلِدَّاء للدعوة وأتباعها كانوا يملكون من الوسائل ما لا تملكه الدعوة في أول عهدها. وكانت دعايتهم المضادة للدعوة تنطلق من مكة التي يؤمها المسلمون من كل مكان.
ومن وراء أولئك وهؤلاء شيوخ الفرق والطرق وأتباعها، وأصحاب المطامع والشهوات والأهواء، وأعداء الإسلام من الكافرين والمنافقين، الذي يرهبونه، ويكيدون للدين وأهله، الذين قال الله فيهم وهو سبحانه العليم الخبير {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران: 118] [سورة آل عمران، الآية: 118] .
فالدولة التركية، وأمراء الأقاليم المجاورة وأصحاب الطرق والفرق، وأعداء الإسلام كانوا كلهم يملكون من القوى السياسية والاقتصادية والعسكرية، ووسائل النشر والإعلام الشيء الكثير، في حين أن الدعوة ودولتها لا تملك من ذلك إلا القليل (كما أسلفت) .
فمن مكة (مثلا) في عهد الأشراف والأتراك كانت تنطلق الشائعات الكاذبة، والمفتريات شفاهًا وبالكتب والرسائل وغيرها ضد الدعوة، إلى كل مكان وبسرعة مذهلة، ثم كانت وسائل الإعلام تنشر هذه المفتريات وكأنها حقائق في كل بقاع الدنيا، وكون هذه الشائعات والمفتريات تصدُر من مكة والمدينة، ومن أشراف، وتؤيدها السلطة التركية، هذه الأمور كافية عند عامة المسلمين البسطاء؛ لأن تُصَدَّق دون مناقشة.
ووسائل الإعلام والنشر خارج العالم الإسلامي كثيرًا ما تعتمد ذلك دون تثبُّت ولا روَّية.
بل كان أمراء الحجاز وأمراء الأحساء ومن شاكلهم حريصين على كل ما يقضي على الدعوة ودولتها الفتية الناشئة في مهدها بما في ذلك استعمال القوة العسكرية، والحرب الإعلامية، واستثارة عواطف الجهلة والغوغاء، وأصحاب المطامع، والمحجوبين عن الحقائق من العلماء والمفكرين وغيرهم.
يقول الدكتور عبد الله الصالح العثيمين تحت عنوان: «موقف القوى المحيطة بنجد من الدولة السعودية الأولى» : «كان متوقعًا أن تهتم جهات متعددة بالتطورات