تمس واقع اللغة المتكلمة مساسا مباشرا، سواء في وضعها المستقل، أو مع مقارنتها بلغة المتعلمين.
وهذا لا يمكن عمله إلا في حالة ما إذا قدمت المعلومات بصورة واضحة، وبلغة ظاهرة يمكن أن يفهمها معلم اللغة بسهولة, وأي استعمال للمصطلحات الفنية الخاصة سوف يفوت هذا الغرض, وهذه المعلومات لا بد أن تكون متعلقة بالأمور الهامة لا التافهة، فلا تحوي إلا النقاط الرئيسية الخاصة بالتركيب الصرفي والفونيمي للغة موضوع الدراسة، ونقاط الخلاف الأساسية مع لغة المتعلمين, ومن ناحية أخرى فإن النقاط ذات الأهمية الخاصة لا يصح أن تغفل وهي كثيرا ما تغفل نتيجة الرغبة في جعل اللغتين قابلتين للصب في قالب نحوي عالمي مثالي، أو للرغبة في وضعهما على نفس المستوى اللغوي الجغرافي نتيجة لفهم خاطئ لمعنى المثلية أو التعادلية equalitarianism. وفي حالة اللغة المنقسمة اجتماعيا أو ثقافيا فإن المعلومات التي يجب أن يقدمها عالم اللغة الجغرافي هي تلك المتعلقة باللغة المشتركة التي يتكلمها المتعلمون من الناس، لأن هذا المستوى من اللغة هو في العادة موضوع تدريس معلمي اللغة، وموضوع دراسة التلاميذ، فيما عدا حالات خاصة.
وأهم من كل هذا أن يكون التحليل دقيقا، وليس مؤسسا على ملاحظات عابرة أو تعميمات سريعة. إن اللغات ظواهر معقدة جدا، وهي بعيدة كل البعد عن أن تملك التقنين المبالغ في تيسيره، كما يحاول بعض اللغويين الوصفيين أحيانا, وليس كافيا بأي حال من الأحوال أن تجمع أفرادا قليلين من أبناء اللغة الذين يتشابهون في لهجتهم لكي تصل في النهاية إلى وضع نحو وصفي للغة كبيرة ذات حضارة معاصرة، وإذا نحن فعلنا ذلك فإننا سنصل في النهاية إلى نحو وصفي لبعض اللهجات الفردية أو اللهجات العامة، ولكننا لن نصل لشيء يرضي حاجة معلم اللغة.
وإذا توافرت الظروف الملائمة يمكن أن يتحقق تعاون مثالي بين عالم اللغة