وإما عنصرية، فهي1 إما جمادات، فهي خالية عن جميع القوى النفسانية، فالظلمات فيها خالصة، والأنوار عنها زائلة، وهو المراد من قوله: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} "الفلق: 3".
وإما نبات، والقوة العادلة هي التي تزيد في الطول والعمق معًا، فهذه القوة النباتية كأنها تنفث في العقد2.
وإما حيوان، وهو محل القوى التي تمنع الروح الإنسانية عن الانصباب إلى عالم الغيب، والاشتغال بقدس جلال الله، وهو المراد بقوله: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} "الفلق: 5".
ثم إنه لم يبقَ من السفليات بعد هذه المرتبة سوى النفس الإنسانية، وهى المستعيذة3، فلا يكون مستعاذًا4 منها فلا جرم قطع هذه السورة، وذكر بعدها في سورة "الناس" مراتب ودرجات النفس الإنسانية. انتهى5.
ولم يبين المراتب المشار إليها، وقد بيَّنها ابن الزملكاني في أسراره6 فقال: إضافة "رب" إلى "الناس" تُؤْذِنُ بأن المراد بالناس: الأطفال؛ لأن الرب من ربَّه يربُّه، وهم إلى التربية أحوج، وإضافة "ملك" إلى "الناس" تؤذن بإرادة الشباب به؛ إذ لفظ "ملك" يؤذن بالسياسة والعزة [والقوة] 7، والشبان إليها أحوج، وإضافة "إله" إلى "الناس"